30 عاماً في 13 دقيقة

«القفص» غربة يتسلل منها الصوت والصورة نحو الحرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثلاث عشرة دقيقة تكفي السينمائي الليبي محمد مخلوف ليصور 30 عاماً من الغربة والقهر والوجع والألم في فيلمه القصير، الذي اختار له عنوان «القفص»، في دلالة تحمل المعنى العميق للهجرة بعيداً عن الوطن والأهل والذات التائهة بين عالمين، الأول أساسي وثابت يقبع في جذور النفس، والثاني ضبابي هلامي واقعي وغير حقيقي.

والمسافة بين هذا وذاك في مساحة الروح الممزقة على إيقاع جرس الهاتف الذي يستمر طوال الفيلم يقرع حتى تفتح له العلبة الصوتية كفيها فيستعيدها مخرج سيرته مخلوف من شريط الآلة التسجيلي إلى شريط الذاكرة الفردية، التي هي هنا بالضرورة إنسانية تواقة إلى كسر «القفص»، والعودة إلى العالم الأول أي الحرية، كما ينظر إليها محمد مخلوف بوعيه وباللاوعي.

من العلبة التسجيلية تتسلل الأصوات، هذا صديق يسأل، وهذه صديقة تشكي، وتلك حبيبة لم يبق منها إلا صرخة الندم، وهذا صاحب البيت يهدد ويتوعد.

والمصرف لا ينسى أن يطالب بحقوقه، ومخلوف يضع قبعته ويسير ولا يجيب، يتبادل عبارات بسيطة مع تائهة خلف فنجان قهوة، وعينه خلف الكاميرا في مقدمة القطار يشق بها عتمات النهار والظلام الكثيف المتراكم في دواخله. والصورة تسبق الأذن أحياناً والعكس صحيح في أحيان أخرى.أنتج وأخرج محمد مخلوف عدة أفلام قصيرة، وهو ناشط سينمائي ومؤسس لمهرجان الشاشة العربية

وعضو مبرمج في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وله عدة مشاركات نقدية حول أوضاع السينما العربية وسبل تطورها وتشجيع الشباب الجدد على تقديم سينما معبرة عن البيئة العربية التي يفاخر محمد مخلوف بالانتماء إليها، ولم تثنها سنوات الغربة الطويلة عن البحث دائماً للعودة إلى تراب يعشق رائحته.

حسين قطايا

Email