دول الاتحاد ستستورد نحو ثلث احتياجاتها من الطاقة بحلول 2020

أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا تدق نواقيس الخطر في أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالرغم من تأكيدات المسؤولين الروس أنه لم يحدث قط أن أوقفت روسيا إمدادات الغاز لأوروبا منذ زمن الاتحاد السوفييتي السابق وبالتالي فليس لديها أدنى رغبة لإلحاق أضرار بالدول الأوروبية المستوردة للغاز الروسي.

إلا أن روسيا ربما فشلت في إخماد القلق الأوروبي الشديد والمتزايد من جراء أزمة الغاز والتي اشتعلت مؤخراً مع أوكرانيا بالرغم من التوصل إلى اتفاق بشأنها، فأوروبا تعتمد بشكل أساسي على استيراد الغاز الطبيعي لتغطية احتياجاتها المتزايدة.

والنزاع الذي نشب مؤخراً ما بين روسيا وأوكرانيا بشأن الغاز أدى إلى تناقص إمدادات الغاز لأوروبا وخاصة أن روسيا توفر لدول أوروبا الغربية نحو ربع احتياجاتها من الغاز في ظل توقعات برفع مستوى تلك الحصص مستقبلاً.

فيما تشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن دول الاتحاد الأوروبي ستستورد نحو ثلث احتياجاتها من الطاقة و 75% من احتياجاتها من الغاز بحلول عام 2020.

وقد جاء قرار روسيا وقف إمداداتها من الغاز إلى أوكرانيا بعد أن رفضت الأخيرة دفع سعر جديد حددته موسكو وهو 230 دولاراً لكل ألف متر مكعب من الغاز بدلاً من 50 دولاراً.

وتتلخص وجهة النظر الروسية أنه إذا ما اختارت أوكرانيا المنهج الغربي القائم على اقتصاديات السوق فعليها أن تحصل على سعر الغاز الروسي مدعوماً أسوة بالدول الحليفة لموسكو كروسيا البيضاء على سبيل المثال.

ولكن الإعلان الروسي بوقف إمداداته من الغاز لأوكرانيا لرفضها دفع سعر اعلى للغاز الروسي أحدث ضجة واسعة وربما دقت كلمات الإعلان الروسي نواقيس الخطر لدى الغرب وخاصة دول الاتحاد الأوروبي.

والذي ارتأت فيه نوعاً من الابتزاز الروسي لدول الغرب إذا ما نجح مرة فربما سيبشر بحرب باردة ثانية لكنها اقتصادية هذه المرة وهو آخر ما يحتاج إليه الغرب، بعض المحللين ربما لم يروا في الموقف الروسي سوى ثأر اقتصادي تجاه جمهورية سوفييتية سابقة تجرأت على إعلان استقلالها الدبلوماسي عن روسيا والتطلع إلى أوروبا الغربية ولكن في نهاية الأمر .

ومهما كانت طبيعة الدوافع الروسية ربما وجب علينا الاعتراف بأن الغاز هو السلاح السياسي الذي اتبعته موسكو في إطار حربها الباردة الجديدة، في حين يجمع الخبراء على أهمية تلك الأزمة في إفاقة الأوروبيين وتوجيه رسالة واضحة لهم بضرورة عدم اقتصار مواردهم في مجال الطاقة عند روسيا فقط.

في حين دفعت تلك الأزمة بالكثير من الأوروبيين للتساؤل بسخرية عن توقيت الإعلان الروسي عن قطع إمداداته من الغاز لأوكرانيا والذي يتزامن مع ترؤس روسيا بقيادة فلاديمير بوتين لمجموعة الثماني هذا العام حيث يتصدر ملف تأمين مصادر الطاقة قمة أجندتها الاقتصادية خلال توليها فترة رئاسة المجموعة.

فيما بدأت الشكوك تساور زعامات دول الاتحاد الأوروبي بحيث أضحى هناك تساؤلاً يؤرق مضاجعهم وهو إذا ما كان يمكن بالفعل اعتبار بوتين شريكاً يمكن الوثوق به.

مؤكدين على ضرورة تبني الاتحاد الأوروبي لسياسة أكثر تكاملاً في مجال الطاقة، فروسيا في نظر الكثيرين لم تعد بالتأكيد عملاقاً عسكرياً لكنها بالتأكيد أصبحت قوة عظمى في مجال الطاقة، فالتوقعات تشير إلى أن حجم الغاز المستخرج من روسيا يبلغ 740 مليار متر مكعب، فيما يصل إجمالي تصديرها للغاز إلى أكثر من 290 مليار متر مكعب.

في حين يشهد استخراج الغاز في روسيا نمواً متزايداً بفضل استخراج الحقول الجديدة، مع وجود إمكانية بزيادة تصدير مواد الطاقة الروسية إلى بلدان في منطقة آسيا والمحيط الهادي بمقدار ست مرات.

وتشير الاحصاءات إلى أن حصص المنتجات البترولية الروسية في أسواق أميركا الشمالية ازدادت خلال العام الحالي بأكثر من مرتين في حين تمتلك روسيا احتياطاً فريداً من نوعه لتوفير الطاقة قد يتراوح ما بين 35 ـ 40% من إجمالي حجم الطاقة المستهلك سنوياً.

فيما يتوقع أن يتمكن الاقتصاد الروسي من توفير حوالي 100 مليون طن من الوقود المتكافئ بحلول عام 2015.

وخاصة أن روسيا تسعى إلى زيادة استخراجها للنفط حتى عام 2015 للوصول به إلى 530 مليون طن سنوياً، وأيضاً إلى رفع صادراتها النفطية إلى 310 ملايين طن، في حين يتوقع أن تبقى غرب سيبيريا القاعدة الرئيسية لاستخراج النفط في روسيا.

وفي نهاية الأمر الخلاف الذي كان قائماً ما بين روسيا وأوكرانيا حول أسعار الغاز أظهر نوعاً من التداخل بين عنصرين أحدهما اقتصادي متعلق بأسعار الطاقة والثاني سياسي متمثل في رغبة روسيا في ممارسة نفوذ أكبر على الدول الواقعة في ساحتها الخلفية.

متابعة: كفاية أولير

Email