عرسان أفريقيا يدفعون ثمن الفقر غالياً

عرسان أفريقيا يدفعون ثمن الفقر غالياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت هموم »مابيندا سيمبي« مطلع العام الماضي، عندما قوّضت التلال المحاذية للحدود الشمالية لتنزانيا، جهوده لزراعة نبات المنيهون، أصعب المحاصيل الزراعية قاطبة، ولإطعام زوجته وأبنائه الخمسة.طرق باب جاره، اندرسون كالابو راجياً إيّاه إقراضه مبلغ 2000 كواشا، أو ما يعادل 16 دولاراً.

لم يخيب الجار ظنه وتمكن سيمبي من سد رمق العائلة التي عضها الجوع بأنيابه، غير أن البلايا تخبط خبط عشواء، فقد خرج من مصيبة، ليقع في أخرى، فأنّى لسيمبي، ذلك القروي المعدم أن يرد »دكالابو« دينه بعد أن سُدّت أبواب الرزق في وجهه؟

الطامة الكبرى أن الجواب سيدخل الروع في قلوب الكثيرين، لكن ما باليد حيلة، فذلك هو العرف السائد في المناطق الريفية القبلية من شبه الصحراء الأفريقية، فقد حمل سيمبي ابنته »مواكا« ابنته، ذات الأحد عشر ربيعاً على راحتيه إلى كوخ جاره، كي تصبح أمة لزوجته الأولى، وكما قالت شريكة كالابا الجديدة في الفراش.

قالت مواكا، التي بلغت الثانية عشرة من عمرها، ان أبويها لم يخبراها قط انها ستكون الزوجة الثانية لرجل يكبرها بثلاثة عقود. بل أوهماها بأنها ستطرد الطيور من حديقة الأرز، وتجربة التربة خارج كوخها المبني من الطوب الطيني. وتضيف بحرقة »كنت لا أعرف شيئاً عن الزواج«.

فرّت مواكا من كوخ الزوجية، وهي والهة حيرانة، إلى أن اعادها أبواها كبيرة النفس بعد ستة أشهر، وقد أيقنت في قرارة نفسها أن أبواب النجاة سدت في وجهها. ففي فيافي مالاوي النائية، حيث المجتمع الذكوري، يفضل الابن على البنت ويحلم العجوز بالزواج من الصبية ويتخلى الأب عن ابنته لقاء دريهمات قليلة، كل ذلك والام تقف عاجزة مكتوفة اليدين.

وقد هب عدد من الأساتذة ومسؤولي الصحة والمشرعين إلى التنادي، لإيقاف تلك المهزلة وتحريم مثل تلك الزيجات، ففي أثيوبيا أظهرت دراسة ان البنات في ثلث الولايات يتزوجن في سن الخامسة عشرة، ويقول مسؤولون أنهم أبطلوا زواج 56 فتاة تتراوح أعمارهن بين سن الثانية عشرة، والخامسة عشرة، وطالبوا بالقصاص من الأهالي، لإجبارهن على الزواج،

وتشير الدراسات الى ان معدل سن الزواج في ملاوي يظل الأكثر انخفاضاً في العالم، ومازال المجتمع يتشبث بثقافة الصبيان، وينظر إلى البنات باعتبارهن ادوات للمقايضة، ففي الشمال تقايض الفتيات حتى سن العاشرة تحقيقاً لمصلحة العائلة، والنتيجة ان المرأة تتحول إلى جارية، مسلوبة الإرادة في قرية زوجها.

بباتريس كيتامالو، 19 عاماً أجبرت على الزواج من جارها الثري الذي بلغ من العمر عتيا، لمجرد ان أباها يدين ببقرة لرجل آخر وتقول: »كنت الضحية« ويقول مسؤولون في حكومة مالاوي، إنهم يبذلون جهوداً مضنية لحماية أولئك الفتيات،

وقد طرح أمام البرلمان تشريع يحدد سن الزواج بثمانية عشر عاماً، ولقي الاقتراح ترحيباً في أوساط المعنيين بحقوق المرأة بالرغم من محدودية آثاره، لان كثيراً من الزيجات تجري وفق الأعراف السائدة، لا بموجب القانون المدني ومن جهتها دربت الحكومة، العام الماضي، 230 متطوعاً، في سعي منها لحماية الأطفال، خصوصاً البنات، كما تحاول لجان حقوق الإنسان،

ووحدات حماية الضحايا التابعة للشرطة، وعمال الكنيسة الرومانية الكاثوليكية التدخل ويقول مسؤولو مالي ان ازدياد حدة الفقر، والذي زاد الطين بلة انتشار مرض الايدز والجفاف الذي دمر المحاصيل كل هذه الأسباب عرضت المزيد من الفتيات للزواج القسري.

أما »مواكا« فقد جاءها الفرج من أهل قريتها، الذين هبوا لنصرتها وساهموا بعودتها إلى ذويها، بعد رحلة العذاب في كوخ زوجها وقال والدها الذي وفى دينه البالغ 16 دولاراً انه استردها بعد ان ايقن ان الشرطة سوف تلاحقه،

مضيفاً بأنه بخسها حق قدرها، فهي تساوي أكثر من 2000 »كواشا« ومضى قائلاً والحرة بادية على محياه: فعلت ذلك بدافع الجهل، فلدي خمسة أبناء ولا أملك شيئاً، لقد طالب »كالابو« باسترداد نقوده، ففكرت ببيع ابنتي، غير دار بأنني كنت أسيء اليها.

ترجمة وائل ابراهيم الخطيب

Email