آفي مغربي يقارن بين معاناة الفلسطينيين ومقاومة اليهود للاحتلال الروماني

آفي مغربي يقارن بين معاناة الفلسطينيين ومقاومة اليهود للاحتلال الروماني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقيم المخرج الإسرائيلي آفي مغربي في فيلمه التسجيلي الجديد »لأجل إحدى عيني« الذي خرج إلى الصالات الفرنسية الأسبوع الماضي مقابلة غير مباشرة بين ما يعيشه الفلسطينيون من معاناة تحت الاحتلال وما عاشه اليهود جراء الاحتلال الروماني قبل الميلاد.

ويقول مغربي لوكالة فرانس برس ان فكرة فيلمه الذي يراجع الاساطير المؤسسة للتاريخ اليهودي وخاصة أساطير شمشون اليهودي و»قلعة مسادا« ولدت خلال نقاش مع صديقة له عن »ثقافة الموت في الاسلام« فاراد ان يبين لها ان الانتحار موجود في الثقافة اليهودية أيضاً.

ويظهر الفيلم في عملية تقاطع ومقارنة غير مباشرة ذلك الماضي مرويا وبجانبه الواقع الفلسطيني اليوم والإنسان الفلسطيني الذي يتعرض لعمليات اهانة وإذلال يومية على الحواجز الإسرائيلية وعند جدار العزل الذي يفصل مدارس الأطفال عن بيوتهم ويمنعهم من العودة إليها لساعات.

ويظهر فيلم »لأجل إحدى عيني« المعاناة على الحواجز ومنع سيارات الاسعاف حتى من العبور ومنع الفلاحين من حرث حقولهم ويقول المخرج »صورت مئة يوم في الأراضي الفلسطينية ورأيت كيف انه لا توجد قوانين ولا قواعد لفتح وإغلاق البوابات او جعل الناس يمرون. الأمر مرهون بمزاج الجندي«.

هذه الصور المتقابلة بين ماضي اليهود وشمشون وبين اليوم لا يمكن ان تحسم إلا لمصلحة الفلسطينيين لكن المخرج الذي يرفض ان يقارن بالمخرج الأميركي مايكل مور لا يبت بهذه النتيجة بل يتركها للمشاهد الذي يعرض عليه ما صوره ويقارب ما بين الزمنين، ما بين أسطورة الأمس وواقع اليوم.

واذا كان المخرج يعتبر ان »شمشون هو اول كاميكاز (انتحاري) في التاريخ« فهو خلال الفيلم يشكك في صحة ما يروى ويدرس عن بطولات شمشون وأتباعه من سكان مسادا ويقول:

»لست على يقين بان المدرسين الذين يدرسون للأطفال والمراهقين تاريخ قلعة مسادا يعرفون القصة الحقيقية تماما«. ويشير المخرج إلى ان هؤلاء يستندون إلى كتاب لم يقرأوه بالمرة موضحا ان عملية أحياء الأسطورة بدأت عام 1940 »حين غزا رومل وقواته شمال افريقيا ما اثار الخشية لدى يهود فلسطين من وصول الألمان، ولرفع المعنويات بدأوا يصيغون من جديد حكاية ماسادا«.

ويضيف آفي مغربي في مراجعته ان »القادة الإسرائيليين عقب قيام إسرائيل وعلى رأسهم بن غوريون عارضوا استخدام هذه الثنائية بين الحرية والموت لكنهم قبلوها وجعلوا منها لاحقا أسطورة مؤسسة لتاريخنا المعاصر«.

ويبين المخرج في فيلمه كيف ان الطلبة الإسرائيليين يخضعون لنوع من غسيل الدماغ في القلعة حيث يتعلمون ان الموت افضل من الخضوع للاحتلال.ويقول »الفيلم ولد من مقاربتي لقلعة مسادا من منظور جديد مع إسقاط الأسطورة على الواقع المباشر الذي نعيشه علمونا نحن الإسرائيليين ان ننظر إلى أتباع شمشون وكأنهم ابطال ينشدون الحرية ودعونا لنتمثل بهم«.

ويضيف المخرج شارحا ما تعلمه »كان علينا ان نعلم ان قيمة الحرية اهم من قيمة الحياة، وحين قرأت »حرب اليهود« للمؤرخ فلافيوس جوزيف اكتشفت انه اسبغ على من كانوا في نظرنا أبطالاً أوصاف القتلة واللصوص والقوميين المتطرفين غير الجديرين باحترامنا«.

ويدخل المخرج في سياق الفيلم اضاءة خاصة مصدرها محادثات هاتفية تمت بينه وبين صديق فلسطيني سجلت في ابريل عام 2002 في ذروة الانتفاضة الثانية وتدور فيها نقاشات حول الأوضاع تتناول أيضاً معنى الحياة والموت.

يشرح له الفلسطيني كيف انه يفهم من يذهبون للموت بدلا من حياة كالتي يعيشها هو »حين سجلت هذه المحادثات لم اكن ادري انها ستكون في صلب الفيلم لكن مع تقدم عملي على المشروع انتبهت إلى أهميتها وأدخلتها في السياق« يقول مغربي. يبقى ان التحضير لفيلم جديد يستغرق فترة طويلة عند آفي مغربي من هنا فليس بجعبته أي مشروع جديد.

وسيعرض »لأجل إحدى عيني« في كل من بلجيكا وايطاليا وسويسرا وكندا. وكان هذا الفيلم لاقى نقدا جيدا لدى عرضه الصيف الماضي في إسرائيل، لكن باعتراف المخرج »لم يشاهده الكثير من الناس«.

Email