"مجموعة الطاقة الدولية" تقود ثورة المحرّكات النظيفة من الإمارات.. للعالم

دبي تأخذ دور ألمانيا في تصنيع اسطوانات الوقود البديل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لنتخيّل المشهد: مئات آلاف المركبات في دبي والإمارات تدور محرّكاتها بطاقة الهيدروجين بدل النفط. المكيّفات يديرها الغاز الطبيعي. الإنارة التي تظهر جمالية المباني والأبراج والفلل، تولّدها طاقة شمسية مخزّنة.

طواحين الهواء تدور في المناطق الجبلية وتنتج الذبذبات التي تنير منازلنا.. لنتخيّل المشهد: دبي، التي تعد اليوم من أنظف مدن العالم بيئياً، كما تقول التقارير الرسمية، ستظلّ كذلك في المستقبل.

بالرغم من ضخامة المشاريع العمرانية والإنشائية والصناعية المنفذة والتي سيتم تنفيذها، والكفيلة، بحسب المنطق، من إحداث سلبية على المناخ. الكلام الذي قيل، ويقال كل يوم، عن الطاقة البديلة واستخداماتها، وأحلامها الوردية أو »الخضراء«، كثير لدرجة أنّ حبره يملأ آلاف المجلّدات.

في سبتمبر الماضي، سمعنا لأول مرّة باسم »مجموعة الطاقة الدولية«، من خلال مؤتمر دغدغ فيه عشرات خبراء الطاقة أمنياتنا بعالم أنظف. وبدا الأمر، للوهلة الأولى، وكأنه دوران لعجلة التنظير ذاتها.

كان علينا أن ننتظر ثلاثة أشهر فقط، كي تتبدّى لنا الحقائق، نحن بصدد نشاط حقيقي تقوده شركة إماراتية لها خبرتها في مجال الطاقة محليا وعالميا، وتعمل في إطاره أهم الشركات العالمية في هذا القطاع، مركزه دبي ويريد في ظرف شهور قليلة، أن يجعل الناس في المدينة قادرين على قيادة سياراتهم من دون أن ينبعث من عوادمها أي دخان أسود أو روائح خانقة!

خطوات متسارعة ومثيرة وضعت اسم المجموعة، في فترة وجيزة، في ذاكرة واهتمام الكثير من القطاعات الخاصة والحكومية والشركات المحلية والعالمية. ومع إعلانها، منذ أيام، عن مذكرة تفاهم مع شركة »برنز« العالمية، من اجل تصنيع واستخدام أنظمة متقدمة لتحويل المركبات للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط، انتبه الجميع أن لا أحد يلعب هنا.

وأن هناك »بيزنس« حقيقياً تبلغ قيمته مليارات الدولارات، »بدأت مجموعة الطاقة الدولية« بضخه في قطاع ظلّ زمنا طويلا مرتبطا بصورة نمطية ومضجرة، مؤيدو بيئة متحمسون في مواجهة المد الشرير للتلوّث ومسببيه.

يقول المهندس يحيى بن سعيد آل لوتاه، وهو الرئيس والمدير التنفيذي للمجموعة، إنّ قيمة المشاريع الفعلية التي وقّع على أوراقها حال الإعلان عن مجموعته في سبتمبر الماضي بلغت ملياري دولار.

ووصلت إلى ثمانية مليارات اليوم، وقد تصل إلى الضعف في أقل من عام: »نبني في دبي أكبر قاعدة بيانات في المنطقة والعالم تنظر في تطبيقات استخدامات الطاقة النظيفة، وتعمل تحت مظلة المجموعة شركات عالمية أصبحت تدير نشاطها العالمي من هنا«، يقول متفاخرا باحتضان دبي للتجرية: »نعم، هنا، والآن«.

كنز الألمنيوم

لكنّ الأمر لا يقتصر على صفقة »برنز« التي يعتبرها لوتاه، »خطة بسيطة في إطار سلسلة من الخطوات تتضمن تنفيذ مشاريع تصنيع الوقود النظيف في دبي، وتخزينه.

وربطه بشبكات الوقود التقليدي (النفط والكهرباء المولّدة من الماء)، وتحويل محرّكات السيارات واستطلاع الفرص كافة لإنتاج الطاقة من النفايات والرياح والمياه والشمس وغيرها من الموارد الطبيعية أو الصناعية«. ويكشف المهندس أنّ المجموعة قد بنت في دبي مصنعا ضخما لإنتاج خزّانات الوقود النظيف.

وفي الفترة الماضية، تكتمت على هذا الخبر، إلا أنّ المصنع، الذي يعلن عن افتتاحه الرسمي قريبا، بات في جهوزية تامة تقريبا للبدء بإنتاج الاسطوانات المستخدمة لتخزين مواد الطاقة النظيفة مثل الغاز الطبيعي أو الهيدروجين. ويتم تعبئة المواد في هذه الاسطوانات (الخزانات) ومن ثم تزويد المحركات بمحتواها.

وهناك أحجام صغيرة من هذه الاسطوانات سيتم تركيبها مباشرة داخل السيارات التي تعمل بالطاقة النظيفة. ويعتبر إنشاء مصنع في دبي من أجل هذه الغاية انجازا يسجّل لمجموعة الطاقة، كون المصنع الوحيد الذي ينتج تلك الأسطوانات موجود حاليا في ألمانيا. كما أن هناك ميزة تنافسية أساسية يعتمد عليها المصنع في إنتاجه.

وهي مادة الألومنيوم التي ستصنع منها الخزانات والمتوافرة في الإمارات بقوّة. وفي الوقت الذي يستخدم الألمان مادة الحديد الصلب لصناعة الأسطوانات، فإنّ مصنع دبي سوف يصنعها من الألومنيوم مما يتيح لها أن تكون ذات وزن أخف وقدرة استيعابية مضاعفة بنسبة خمس مرات عن الاسطوانات التقليدية.

ويبدو أنّ حجم إنتاج المصنع سيكون كبيرا: »بوسعنا أن نغطي احتياجات مشاريعنا داخل الدول، وكذلك احتياجات نصف القارة الأوروبية«. ويكشف لوتاه أنه لم يواجه أي صعوبة في إقناع شركائه الألمان بأن ينقلوا مصنعهم من ألمانيا إلى دبي، إذ إنّ »اسم المدينة مقدّر جدا هناك، وفي كل مكان.

والجميع يعرف عن فوائد الاستثمار وتنفيذ المشاريع في بلادنا«.

إضافة إلى ذلك، فإنّ الفترة المقبلة سوف تشهد حملات دعائية كبيرة لمجموعة الطاقة تجعل من نشاطها ومشاريعها متداولة أكثر في الأوساط الحكومية والشركات المهتمة وكذلك الشارع الاستهلاكي:

»قريباً سوف تحمل شعارنا سيارات تطوف في دبي مجسّدة عيّنات واقعية عن استخدامات الطاقة النظيفة«. غير أنها لن تكون المرة الأولى التي يتم اللجوء فيها إلى تنفيذ مشاريع واقعية.

وإن بشكل مصغر، لما تطمح إليه مشاريع المجموعة، إذ »ننفذ حاليا عدة مشاريع في الإمارات في مجال الطاقة، وإحداها، وأقربها إلى قلبي، مشروع تحويل السيارات لتعمل بالغاز الطبيعي في أبوظبي.

وقد قمنا بالفعل بتحويل 50 سيارة إلى هذا النظام، تتزوّد بحاجتها من الغاز من محطات خاصة على الطريق. وهذا المشروع هو ثمرة تعاون بيننا وبين شركات أدنوك وأدجاز وجاسكو ويعتبر خطوة هامة في طريق تعميم فكرة استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات في الإمارات«. أما على المستوى الإقليمي.

فقد سبق للمجموعة إضافة توسعات جديدة في مشروع الغاز الطبيعي الذي تنفذه شركة »لوتاه بي سي غاز« في تنزانيا بقيمة المشروع 27 مليون درهم وتضمنّ مد أكثر من 20 كيلومتراً من خطوط الأنابيب إلى جانب أعمال البنية التحتية والاختبار والتشغيل وسوف يتم الانتهاء من التوسعات الإضافية في فبراير من العام المقبل.

كذلك يتم حاليا دراسة إضافة توسعات جديدة العام المقبل تتضمن مد خطوط أنابيب وإنشاء محطة تخفيض ضغط الغاز بقيمة تصل إلى 10 ملايين درهم إضافية: »بعد نجاحنا في تنفيذ مشروع الغاز الطبيعي في دار السلام، ستبدأ مجموعة الطاقة الدولية قريباً العمل في مشروع جديد بتنزانيا«.

طواحين في الإمارات

وتطمح »مجموعة الطاقة الدولية« إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية كلها لإنتاج الطاقة البديلة. وتقوم حاليا بدراسات واسعة لاكتشاف »حقول الهواء« في مناطق مرتفعات في الدولة، كذلك يتم البحث في أنجع الطرق لتخزين الطاقة الشمسية.

»غير أن اعتمادنا الكبير حاليا سيكون على استخدامات الغاز الطبيعي، وهو أفضل ما يمكن أن يحلّ محل النفط كمصدر للطاقة في الوقت الحالي، ولدينا في الإمارات ومنطقة الخليج مخزون هائل منه،.

وهو أقل بنسبة تتعدى 75% تلويثا للهواء من وقود السيارات الحالي الذي يشتق من النفط«، يقول المهندس ويضيف: »أما الهيدروجين، فهو بلا شك مصدر هام من مصادر الطاقة ونحن نأخذ بكل جدية وكل حرص الفرص التجارية الممكنة في الوقت الحاضر«.

ويقول الخبراء أنّه كما قامت الكيانات الاقتصادية العملاقة ونشأت المجتمعات العمرانية الحديثة في القرن العشرين على النفط، بشكل أساسي، كأهم مصدر من مصادر الطاقة، فإن القرن الواحد والعشرين يشهد تحولا نحو اقتصاد الهيدروجين. ويعود تاريخ خلايا الوقود الهيدروجينية إلى القرن التاسع عشر.

وتمّ اختراعها على يد السير وليام روبرت جروف ونظراً لعدم جدوى الاختراع لاقتصاديات ذلك الوقت، لم ير النور عمليا حتى الستينات من القرن الماضي، عندما قمت شركة جنرال الكتريك بتطوير خلايا الوقود التي تمد سفينتي الفضاء أبولو وجميني بالطاقة الكهربائية والمياه النقية الصالحة للشرب.

الطاقة من النفايات

وقد وقّعت مجموعة الطاقة الدولية، أوّل أمس، مذكرة تفاهم مع مجموعة »ساكري- ديفي« الكندية وهي مجموعة متنوعة النشاط في مجال الاستشارات الهندسية وإدارة المشروعات.

وذلك من أجل تقديم تقنيات متطورة في مجال تنقية و تعبئة و نقل الغاز المستخرج من النفايات. كذلك طرح تقنية جديدة لإعادة استخدام الهيدروجين الناتج عن العمليات الصناعية كوقود نظيف.

وتعمل مجموعة الطاقة الدولية من خلال تحالفها مع »ساكري- ديفي« على تقديم حلول اقتصادية للطاقة النظيفة و المتجددة تستخدم أحدث التقنيات المتقدمة.

ويغطي مجال التعاون منطقة الشرق الأوسط ويقوم على أساس تبادل الخبرات الفنية التي تجعل من دبي مركزا للمعلومات والخبرات يقدم الخدمات الفنية والاستشارية .

وكذلك تطوير وإدارة المشروعات في عدد من الأسواق المهمة في كل من أوروبا وإفريقيا وآسيا: »يوجد في العالم ما يقارب الألف مصدر لغاز الهيدروجين الناتج عن العمليات الصناعية و لدينا الآن تقنية متطورة سوف تمكننا من الاستفادة به .

حيث يكفي لتشغيل آلاف السيارات التي تعمل بخلية الوقود.. سوف تصبح دبي مركزاً عالمياً للطاقة وخاصة في مجال تقنيات الطاقة المتقدمة الذي يشهد نموا متزايدا في الطلب على مستوى العالم وسنعرض قريبا عدداً من تلك التقنيات الاقتصادية والتي نسعى إلى تطبيقها قريبا إن شاء الله«.

الدعم

ولكن هل تحتاج مشاريع الطاقة البديلة إلى احتضان حكومي، وما دور الحكومة الإماراتية في دعم مشاريع القطاع الخاص، إذا كانت بالحجم الذي تقوده »مجموعة الطاقة الدولية«؟ يقول لوتاه إنّ البعد الوطني لمشاريع المجموعة هو الأساس، »نهدف إلى ترشيد استخدام الطاقة التقليدية بنسبة .

وفورات عالية تصل إلى 60% من الطاقة التي تصرف حاليا. ودبي علمتنا أنّ جدية التجارب مرتبطة بالمردود المعنوي والتجاري الذي للمشاريع التي تأخذ مسارها الطبيعي من دون أن تحتاج إلى جهات تبرهن عن جديتها«.

ويركّز على كون القطاع الخاص الإماراتي كان على الدوام رائدا في قيادة النهضات الوطنية الاقتصادية، لكنني أدعو إلى سن تشريعات وقوانين لدعم استخدام الطاقة النظيفة والبديلة كخيار استراتيجي يؤمن لنا تنوّع مصادر الطاقة من ناحية، ويساهم في مشروع التنمية المستديمة لتحقيق التوازن الاستراتيجي في إدارة مواردنا، من جهة أخرى.

ويضيف انّ المجموعة، التي تركّز جهودها بالدرجة الأولى على البحث العلمي والتطبيق الفعّال في مجال الطاقة المتجددة، توجّه دعوة مفتوحة إلى كل جهة رسمية أو خاصة في الدولة ترغب بشبك جهودها مع جهودنا: »كل جهة تفيدنا في أي مكان في العالم، سوف نصل إليها«.

ولم يستبعد لوتاه مشاركة جهات حكومية في الدورة الثانية من المؤتمر السنوي الذي يحمل اسم »الطاقة المتقدمة«، والتي جرت دورته الأولى في سبتمبر الماضي: »سوف يرفرف علم الإمارات في معارض الطاقة المتخصصة في ألمانيا وبريطانيا ابتداء من أول العام المقبل، عبر مشاركات للمجموعة في هذه المعارض«.

كادر(1) برسم الحذر!

ــ التجربة اليابانية: تملك اليابان 45% من إجمالي الطاقة الشمسية المتولدة حول العالم، رغم ذلك تمثل الطاقة البديلة( رياح وطاقة) 1% من إجمالي إمداداتها.

ــ كوريا الجنوبية: تستورد 97% من إجمالي احتياجاتها الطاقة. المصادر البديلة تساهم بنسبة 1.03% (90% منها تدوير نفايات، ثم طاقة عضوية، ثم طاقة شمسية).

ــ نيوزلندا قد تؤمن 35% من طلبها على الكهرباء عبر مصادر الطاقة البديلة.

ــ الفلبين فشلت بإقناع شركات السيارات بخلط زيت جوز الهند مع زيت الديزل (زيت جوز الهند أكبر صادراتها).

ــ سنغافورة صنعت مولدات تعمل بمزيج بترولي كهربائي لم يحظ بشعبية.

ــ استراليا تريد أن تحرق الموز لإنتاج الكهرباء.

ــ لوس انجلوس صنعت سيارات تعمل بخلايا الوقود والأمر يحتاج إلى سنوات لكي يكون له جدوى تجارية.

ــ في العالم، وبالنسبة إلى توليد الكهرباء، تراجع الاعتماد على الطاقة التقليدية من 90% في بداية الستينيات إلى 18% اليوم، بحسب وحدة الطاقة المتجددة، وتراجعت التكلفة بمقدار 50%.

ــ الطاقة الهيدروجينية ارتبطت لدى أذهان الناس ومنذ زمن بعيد بسمعة غير طيبة نظراً لبعض الإخفاقات التي حدثت على فترات متقطعة عبر التاريخ، ومن هذه الكوارث ذلك الحريق الهائل الذي اندلع بالمنطاد الألماني »هندنبيرغ« عام 1937م وأودى بحياة 36 شخصاً ألمانياً.

كادر (2)مجموعة »س. س. لوتاه« في سطور

»مجموعة الطاقة الدولية« هي شركة إدارية مستقلة، ولكن تعمل تحت مظلة مجموعة س.س. لوتاه التي أسسها ويرأس مجلس إدارتها الحاج سعيد بن أحمد آل لوتاه وذلك عام 1956 بمدينة دبي. ويعمل بالمجموعة حاليا َحوالي 6000 موظف وعامل بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وتواصل المجموعة نشاطها الاقتصادي والاجتماعي بمشروعاتها المتعددة في قطاعات تجارية متنوعة وكذلك مؤسساتها التعليمية التي لا تهدف للربح مع الالتزام بقيم الإخاء و التعاون والاقتصاد والأمانة وخدمة المجتمع والعمل الدؤوب من أجل تحقيق التنمية المستدامة.

وتتنوع أعمال مجموعة س.س.لوتاه لتضم علامات تجارية استهلاكية مثل : »التعاون الإسلامي«، إلى جانب شركات رائدة في قطاع الأعمال في مجال البناء والمقاولات ومواد البناء والخرسانة الجاهزة إلى جانب العقارات والاستشارات الهندسية والتجارة العامة وغيرها.

تكرّس المجموعة جهودها اليوم لدعم وتطوير بعض أكبر المشروعات في مجال البناء وشبكات الغاز الطبيعي والاتصالات والطاقة البديلة وبحوث البيئة والتنمية المستدامة والتعليم، تأكيداً على التزام المجموعة بتقاليدها العريقة، حيث تأخذ بزمام المبادرة دوما لتقدم كل ما هو جديد من معرفة وتقنيات.

وتعمل مجموعة س.س. لوتاه اليوم على تحقيق رؤيتها الاستراتيجية عن طريق تفعيل وخلق المناخ الثقافي والفكري والبيئي في المنطقة عن طريق مبادرات ومشروعات رائدة تخدم الإنسان والاقتصاد وتحافظ على الموارد الطبيعية من أجل المستقبل.

كتب إبراهيم توتونجي

Email