طالب بمركز معلومات وتوجيه المخرجات العلمية

بالحصا: أنا مع التوطين الإلزامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الدكتور احمد سيف بالحصا رئيس جمعية المقاولين بالدولة ان غياب مركز معلومات على مستوى الدولة يفاقم من مشكلة التوطين ويعترض الجهود التي تبذل لتحقيق ذلك الهدف الوطني.

وثمن في حوار مع »البيان« مبادرة سمو الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع ووصفها بـ»الحكيمة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.

وتساهم في الارتقاء بمكانة الإمارات ودبي وموقعها على الخارطة العالمية بالاعتماد على عقول الشباب المواطن من أصحاب الكفاءات العلمية والمؤهلات العالية الذين حصدوا نتائج باهرة في مسيرتهم الأكاديمية«.

لكن الدكتور بالحصا لفت إلى ان نجاح التوطين في قطاع البنوك جاء على خلفية الدعم الذي وفره الإلزام الحكومي على هذا الصعيد إلى جانب انه لم يستثن بنكا أو مصرفا من قرار التوطين المذكور، على عكس ما يحصل على باقي الفعاليات في القطاع الخاص«.

ورهن بالحصا نجاح الجهود الرامية إلى توطين القطاع الخاص بمجموعة عوامل نأتي عليها في تفاصيل الحوار:

* كيف تقيمون مبادرة التوطين التي أطلقها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم؟

ـ مبادرة سموه جريئة ومباشرة وستغير خارطة تعامل القطاع الخاص مع قضية التوطين، إلى جانب انها توفر برنامجا متكاملا لإعادة تأهيل وتدريب المواطنين من أصحاب المؤهلات والكفاءة المهنية والأكاديمية .

وهذا بالطبع سيكون عاملا مهما في مساعدة أصحاب القرار في كشف العيوب والتناقضات التي تعرقل عملية إيجاد الفرص الوظيفية للمواطنين في مختلف الفعاليات الاقتصادية العاملة في القطاع الخاص بهدف تصحيحها ومعالجتها، عبر إصلاح ذلك الخلل وردم الفجوة على صعيد الأرقام المحزنة التي تعكس تراجعا كبيرا في توظيف المواطنين في القطاع الخاص.

وتنبع أهمية مبادرة سموه من انطلاقها لتنمية وتطوير الكوادر الوطنية والمساهمة في تشجيعها على العمل في كل القطاعات.

سعيا من سموه لتحقيق احد الأهداف الرئيسية التي نقلت دبي إلى مصاف المدن العالمية في فترة وجيزة عقب نجاحها الملموس في استقطاب الخبرات والكفاءات التي لا تستغني عن مجموعة من الكوادر الوطنية للعمل في فعالياتها الاقتصادية المتنوعة لترسخ التحول العصري الذي تعيشه دبي على وجه الخصوص والإمارات عموما.

وبالطبع فان المبادرة الحكيمة من سموه تأتي تجسيدا عمليا وحيا لاهتمام القيادة السياسية في دولة الإمارات في السنوات الماضية وتوفير العناية الكبيرة والخاصة كون قضية توظيف الشباب المواطن وتأهيله وتدريبه مسالة غاية في الأهمية.

وتصب في المصلحة العليا للدولة، لذا جاءت المبادرة لتعكس اهتماماً بالغاً بموضوع توطين الوظائف بالقطاع الخاص وبإشراك العنصر المواطن في مختلف القطاعات والمجالات.

وبالطبع نضع أيدينا بيد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع، لإيماننا العميق في القطاع الخاص بحجم مسؤوليتنا والدور المترتب على العاملين في القطاع لاستثمار طاقات المواطنين بدلا من تركها فريسة سهلة للبطالة.

والقطاع الخاص بكل أنشطته وفعالياته قادر تماما على تدريب وتأهيل المواطنين، لكن يبقى ان هناك معوقات كثيرة تقف بوجه التوطين وعلى الجهات الحكومية جميعها وبالذات وزارة التخطيط والعمل والجوازات .

ومن ثم القطاع الخاص والمواطنين أنفسهم التعاون لتفادي تكرار الأخطاء الماضية مما يجعل التوطين هدفا قابلا للتحقيق وفقا للآليات والوسائل والرؤية الحكيمة لمبادرة سموه«.

عراقيل ومقترحات

* مالذي يعترض قضية التوطين من وجهة نظركم؟

ـ هناك عوامل عديدة تعرقل كل الجهود المبذولة لتوطين القطاعات في الدولة وليس في دبي وحدها وفي مقدمة تلك العراقيل تأتي قضية غياب المعلومات الدقيقة عن حاجة القطاع الخاص ومن ضمنها قطاع الإنشاءات من الكفاءات المواطنة، فأنت عندما تتحدث عن التوطين لا يجب ان تتمنى.

وتحلم دون ان تكون لديك المعلومات الكافية عن عدد المواطنين الراغبين بالعمل ومؤهلاتهم العلمية والاهم ان تكون لديك معلومات حول حاجة القطاع الخاص لنوع المؤهلات المطلوبة.

هذا مشروع وطني يجب ان يتوفر له مركز معلومات تشارك في دعمه بالمعلومة الدقيقة كل الوزارات والدوائر ذات العلاقة...

هذه احد العراقيل ولو جئنا إلى المعوقات الأخرى فسنجد ان في مقدمتها غياب السياسة التعليمية التي تقوم على توجيه مخرجات التعليم بحيث تأتي في النهاية لتقول انك تحتاج إلى 1000 مهندس على سبيل المثال وهو ما سيتم تخريجه على شكل دفعات من الكليات في هذا العام. هذا الكلام غير موجود على الإطلاق.

* لماذا برأيك؟

ـ العراقيل مترابطة والواحدة تلد أخرى فأنت لا تستطيع توجيه مخرجات التعليم حسب حاجة القطاع الخاص من المهن لأنك لا تعرف مسبقا ما هي حاجة القطاع الخاص أصلاً لذا لن تتمكن من توجيه مخرجات التعليم نحو تخصصات معينة.

* أفهم منكم ان تأسيس مركز معلومات وتوجيه مخرجات التعليم نهاية المشكلة؟

ـ لا بالتأكيد لان توفر مركز المعلومات وتوجيه مخرجات التعليم لا يكفيان بل يقطعان الشوط الأكبر لكن هناك مشكلة أخرى تعيق التوطين في القطاع الخاص وهي انك عندما تقوم بالتوطين فانك على سبيل المثال تفرض على القطاع الخاص زيادة في إنفاقه على صعيد الرواتب لان راتب المواطن أعلى من غيره.

وهذا من حقه ولا يعترض عليه احد لكنك هنا ترفع على القطاع الخاص تكلفة الإنتاج مما سيرفع لاحقا من سعر المنتج هذا من ناحية أما من الناحية الأخرى فانك لن تستطيع منع احد المستثمرين في القطاع الخاص ان يذهب إلى إمارة أخرى لكي يمارس نشاطه الاستثماري في إطار القطاع الخاص لان تلك المدينة لا تلزمه بنسب معينة لتوطين وظائف الشركة التي يديرها أي بمعنى آخر يمكنك القول ان هذه المبادرة يجب تعميمها على كل إمارات الدولة .

وبنسبة معينة ومدروسة طبقا لما لديك من كفاءات مواطنة أولاً وحاجة القطاع إليها ثانيا لتتمكن لاحقا من تقويض مشكلة التوطين وصولا إلى تحقيقها بالكامل.

حتى انك عندما تريد وضع المبادرة موضع التنفيذ فانك سترى نتائج كبيرة لها لو وضعت في إطار البيت الإماراتي كله وفي رأيي يمكن تعميم المبادرة السامية على كل المدن لتشكل ابرز ملامح .

وبوادر النجاح لسياسة التوطين في البيت الاقتصادي على أسس علمية مبنية على جذب الكفاءات وأصحاب المؤهلات العلمية والمهنية المطلوبة في القطاع الخاص على اختلاف وتنوع أعماله، مع مراعاة حاجة القطاع وإلزامه بنسبة معينة.

* ما الذي تقصده بإلزام القطاع الخاص بنسبة معينة؟

ـ لا يمكن ان تقول للقطاع الخاص عليك ان تقوم بالتوطين بنسبة 100% هذا مستحيل طبعا كما لا يمكنك ان تقول لشركة عليك التوطين بنسبة 10% وتقول لأخرى عليك التوطين بنسبة 50% يجب ان تكون النسبة عادلة .

وتطبق على الجميع ويفضل ان تبدأ بنسب محدودة في البداية ومن ثم رفعها سنويا وهكذا وصولا إلى اليوم الذي لا نجد فيه مواطنا عاطلا لان ذلك يحزننا ولا يرضينا جميعا على الإطلاق.

* انتم تديرون شركات عديدة في القطاع الخاص فكم نسبة التوطين لديكم؟

ـ لا أدير كل الشركات بل أبنائي هم من يتولون إدارتها وقمنا منذ فترة بالاتصال بهيئة الموارد البشرية » تنمية« بغية توفير عناصر بمؤهلات معينة لتعيينها في إحدى الشركات وكانت النتيجة اننا لم نحصل على كل الذين طلبناهم لان الهيئة لا تملك كل ما يريده القطاع الخاص.

وهذا ما جعلني أقول وأدعو وأطالب بضرورة ان يكون هناك مركز معلومات له أولوية رسمية يتولى توفير المعلومات المتعلقة بحاجة القطاع الخاص من الكوادر والكفاءات من جهة ويكون المصدر المعتمد لتتمكن الجهات التعليمية من توجيه مخرجات التعليم بحسب تلك الاحتياجات.

* ماذا عن نسبة التوطين في قطاع الإنشاءات؟

ـ لا يمكن لأي جهة مهما بلغت معلوماتها من الدقة ان تخبرنا عن عدد المواطنين في قطاع الإنشاءات، ودعني استبق سؤالك اللاحق الذي افترض انه سيكون »ما هي معوقات توطين قطاع الإنشاءات« لأجيبك عليه بالقول بأننا لا نملك أدنى معلومة عن حاجة قطاع الإنشاءات من المهندسين أو الفنيين أو العمال.

ولو كنا ندري لتمكنا من توجيه مخرجات التعليم إلى تلك التخصصات وبالأعداد التي نحتاجها وبالطبع فنحن نتحدث عن الحاجة الآنية التي لا نعلم حجمها فكيف الحال عندما يدور الحديث عن حاجة القطاع الإنشائي أو الهندسي بعد عام أو عامين أو خمسة أعوام .

ونحن على علم بان المسيرة العمرانية مستمرة وهناك مشاريع كبرى طرحت وأخرى يتم الاستعداد لإطلاقها بينما تجري دراسة العشرات منها حاليا.

* سبقتني بالإجابة عن سؤالي عن العراقيل فدعني أسألك عن الحلول!

ـ لو أردنا ان نقول ما هي الأسباب التي تعرقل التوطين في قطاع الإنشاءات على سبيل المثال فلنأتي إلى الطريقة السليمة من وجهة نظرنا لكيفية إنجاح التوطين في هذا القطاع الذي يعد اكبر مشغل للعمالة بعد قطاع التجزئة في الدولة.

وهي ان تعطى صلاحية لجمعية المقاولين لتلزم شركات المقاولات بالتوطين بنسبة معينة تتصاعد سنويا بعد ان تقوم الجمعية بدراسة حاجة القطاع من خلال الشركات وقربها حسب تخصصها الفني.

لكن السؤال المطروح كيف تستطيع جمعية المقاولين ان تلزم الشركات بالتوطين وبنسبة معينة وهي لا تضم في عضويتها غير 600 أو 700 من شركات المقاولات التي يتجاوز عددها الألوف؟ إذن نحن لدينا القنوات التي يمكن ان تسهل عملية التوطين ولكننا ربما لم نحسن تسخيرها لهذه القضية الوطنية.

أو ربما نتكاسل في استغلالها لنقصر الطريق ونغلق هذا الملف للأبد... وعندما طالبنا بضرورة إلزام شركات المقاولات بعضوية الجمعية لتحقيق مجموعة أهداف وطنية غير ربحية في إطار جمعيات النفع العام، تحقق لنا موافقة مجلس الوزراء على تشكيل المجلس الأعلى للبناء .

والتشييد الذي يلزم تلك الشركات بعضوية الجمعية على غرار إلزام المهندس بعضوية جمعية المهندسين ولكن مرت أعوام والمجلس لم ير النور.

* إلى أي مدى يمكن ان يتفاعل القطاع الخاص مع التوطين؟

ـ القطاع الخاص مع المبادرة قلبا وقالبا« حيث سيكون لها تأثيرات جيدة على صعيد التقليل من الآثار السلبية لمشكلة الخلل في التركيب السكاني. والمبادرة الأخيرة تضمنت عنصرا مهما للغاية وهو المتابعة المستمرة لعملية توطين القطاع الخاص .

وهذه مسالة مهمة تضمن الوقوف على نتائج المبادرة من جهة والتعرف على مكامن القوة في الآليات التي سيتبعها القطاع الخاص وتفادي نقاط الضعف بالإضافة إلى الوقوف على المستوى النوعي الذي وصل إليه العنصر المواطن بعد تعيينه .

والتأكد من انه حصل على التدريب الكافي والتأهيل الذي يمكنه من مواصلة أدائه بحيث ينافس باقي الموظفين من باقي الجنسيات، ثم ان التدريب والتطوير يعدان السبيل لتحقيق عملية توطين ناجحة، كما يشكلان القناة لبناء شراكة حقيقة بين الدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص.

ويجب ألا نغفل الدور الذي قد يلعبه ذوو الاحتياجات الخاصة من خلال إدماجهم في مجتمعهم، وليس الأصحاء فقط اذ توجد العديد من القطاعات الحيوية التي تستقطب الكوادر المدربة والمؤهلة منها على سبيل المثال قطاع تكنولوجيا المعلومات وبقية المجالات المتصلة بها.

* هناك من يعتقد ان الخلل ربما يكمن في العنصر المواطن الذي تبدأ طلباته ولا تنتهي؟

ـ هناك اعتقاد راسخ بأن المواطنين أكثر كلفة من غيرهم، لكن علينا أيضا ان لا ننسى ان ما لا يختلف اثنان هو ان إجراءات جلب العمالة الأجنبية وما تتضمنه من تأمين مسكن ووسائل نقل، والتأشيرات وغيرها جميعها تشكل عبئا على ميزانية مؤسسة ما، وقد ضربت هونغ كونغ مثالاً يحتذى به في هذا الصدد.

إذ حصرت الوظائف والمناصب التنفيذية العليا في مؤسساتها في أهالي هونغ كونغ الأصليين، نظراً لأنهم أكثر الماما بعادات وتقاليد مجتمعهم، وبالتالي هم أكثر دراية بكيفية التعامل بمرونة تامة مع المتغيرات المختلفة.

وهناك العديد من المفاهيم الخاطئة ترسخت في أذهان المسؤولين في القطاع الخاص، كما في أذهان الشباب المواطن على حد سواء، أدت إلى عزوف هؤلاء عن العمل في القطاع الخاص، على الرغم من المزايا الاقتصادية العديدة المترتبة على توطين القطاع الخاص، وخصوصاً في قطاعي المصارف والتأمين الحيويين.

نذكر من بينها توجه مواطني الدولة للبنوك التجارية في حفظ مدخراتهم التي تقوم البنوك من جانبها باستثمارها في المشاريع المختلفة بعد ضخ السيولة فيها.

وبالتالي تعتمد المؤسسات وشركات القطاع الخاص على تلك البنوك في عمليات التمويل لتوسعاتها وتطوير عملياتها عبر التسليف والاقتراض من البنوك ما يعزز وينشط عجلة ودورة الاقتصاد في البلد.

بالأرقام

ولا تتجاوز نسبة مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة العاملين في شركات ومؤسسات القطاع الخاص 1% وتعد النسبة ضئيلة جداً مقارنة بحجم متطلبات السوق المحلية المتنامية بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من جهة.

ومقارنة بالأعداد المتزايدة من خريجي وخريجات الجامعات والمعاهد المختلفة من المواطنين سنوياً من جهة ثانية.وتقول احدث الإحصاءات الصادرة من الجهات الرسمية ان 13 الفاً من خريجي التعليم الجامعي في نهاية العام الحالي في حاجة للانضمام إلى سوق العمل والمشاركة الفاعلة فيه.

بينما يرتفع عدد الدفعات الجديدة إلى 16 ألفاً في العام 2006، و19 ألف خريج جديد في العام 2010، ومن المتوقع أن تزداد أعداد الخريجين إلى 115 ألف خريج خلال السنوات الست المقبلة، مما يستدعي تكثيف الجهود الجبارة لمواجهة مجموعة من التحديات التي تقف حجر عثرة في سبيل عملية التوطين، وتفاعلهم البناء مع مجتمعهم.

أجرى الحوار: مشرق علي حيدر

Email