المناطق التجارية الحرة.. النشأة والأهداف

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 11 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 12 مايو 2003 ظهرت منطقة التجارة الحرة كصورة من صور التكامل بعد ان غابت الصورة الفردية في التعاملات الاقتصادية الدولية، وحلت محلها الصورة الجماعية أو الكيانات الكبرى، وتعرف منطقة التجارة الحرة بأنها صورة من صور التكتل بين دولتين أو أكثر، وتهدف الى ازالة كافة القيود الجمركية وغير الجمركية على التجارة في السلع والخدمات فيما بينها، لزيادة حجم التبادل التجاري ورفع معدلات النمو الاقتصادي. ويصف البعض منطقة التجارة الحرة بأنها المدخل التجاري للتكامل الاقتصادي الذي يعبر بدوره عن مصالح واضحة وفورية لكافة الاطراف، ويمكن النظر اليها على انها نقطة البداية لتحريك المدخل الانتاجي للتكامل الذي يرتكز على سوق كبيرة من أجل الاستفادة من المزايا المباشرة وغير المباشرة للتكامل الاقتصادي، وفي ظل آليات السوق الحرة وباعتبار ان زيادة التجارة تعني في النهاية زيادة الانتاج، وعادة ما يتم تحديد فترة زمنية لتنفيذ منطقة التجارة، يتم خلالها ازالة العقبات كما هو الحال في منطقة التجارة الاوروبية الحرة، وقد تبلغ 15 عاما كما هو الحال في تكتل «النافتا». وأوضحت الدراسات القياسية ان هذه المناطق ترتب عليها زيادة ملموسة في انتاجية عناصر الانتاج وحجم الاستثمار والتجارة البينية فضلا عن تنوع النشاط الاقتصادي وزيادة معدل نمو الدخل القومي، ويرى البعض انه اذا كان لهذه المناطق أثر ايجابي على حجم التجارة فإن لها أثرا سلبيا على تنوع التجارة، إلا انه تبين من دراسات أخرى ان هذا الشكل من التكامل أدى الى تنوع التجارة في حالة دول أميركا الجنوبية والوسطى وشرق افريقيا، أما تأثيرها على التجارة العالمية، فلا يوجد عليه دليل قاطع حتى الآن نظرا لضآلة حجم التجارة النسبي لهذه الدول مقارنة بحجم التجارة العالمية، وفيما يتعلق بأثرها على الرفاهية أوضحت الدراسات انه يتراوح في حالة المجموعة الأوروبية بين 0.2% من الناتج المحلي الاجمالي في ألمانيا، و2.9% في دول المجموعة الاوروبية الجنوبية في الاجل الطويل. تختلف منطقة التجارة الحرة عن الاتحاد الجمركي، فالمنطقة الحرة كما سبق تعريفها تتوحد فيها المعاملة الجمركية بين الدول الاعضاء فقط ومثال ذلك منطقة التجارة الحرة لدول مجلس التعاون الخليجي. أما الاتحاد الجمركي فتتوحد فيه المعاملة للدول الاعضاء عند تعاملها مع الدول الاخرى غير الاعضاء، وتختلف كذلك منطقة التجارة الحرة عن المنطقة الحرة متعددة الاغراض (Free Zone) التي تقوم بوظائف التخزين والتصنيع والتجهيز والتصدير واعادة التصدير وغيرها من الانشطة التي تزيد الاستثمار والصادرات وتجلب التكنولوجيا المتقدمة وعندما تأخذ المنطقة الحرة شكل اقامة مشروعات مشتركة متعددة الاغراض ويشترك في اقامتها عدة دول فانها تسمى في هذه الحالة بمنطقة حرة اقليمية. وهناك بعض مناطق التجارة الحرة الأحادية التي تقتصر على نوع معين من السلع كالسلع الزراعية بحيث يسري عليها الاعفاء أو التخفيض الجمركي دون غيرها من السلع والخدمات، وعادة ما يطلق عليها اتفاقيات تنمية وتيسير التبادل التجاري، وخير مثال على ذلك الاتفاقية الموقعة بين الدول العربية عام 1981، والتي تضمنت التحرير الفوري والمباشر لتبادل المنتجات الزراعية والحيوانية. ومن بين المقومات للمناطق الحرة رفع المستوى الاقتصادي للدول الأقل تقدما لمواجهة الضرر المترتب على تحرير التجارة العالمية نتيجة اعادة تقسيم العمل، وذلك عن طريق اتخاذ اجراءات تصحيحية لاعادة تأهيل العمال والنهوض بالمناطق الأقل تقدما وهو ما حدث بالفعل في منطقة «الافتا» الاوروبية بالنسبة لكل من ايرلندا والبرتغال وجنوب ايطاليا واسبانيا، ويضيف الاقتصاديون مقومات اخرى من بينها تحرير التنقل وترتيب وتطوير الموانئ والمطارات، لتسهيل حركة السلع والخدمات ووجود آلية للتمويل والمقاصة وتسوية المدفوعات وخلق برنامج تمويل التجارة البينية مثلما فعلت دول أميركا اللاتينية عندما أنشأت بنك «بلادكس»، وكذلك ترشيد العلاقات السياسية بين الدول الأعضاء، بحيث يكون القرار السياسي في صندوق المصالح الاقتصادية، وان تكون التجارة البينية بعيدة عن الصراعات السياسية وتقلب انظمة الحكم وأخيرا توافر شبكة معلومات اقليمية تجمع وتخزن وتوفر المعلومات التجارية، وتسهل الاتصال بين العملاء.

Email