طالب بالاستفادة من تجارب الآخرين، مؤتمر النقل الجوي العربي يختتم أعماله بالتأكيد على أهمية تحرير الأجواء

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 18 شعبان 1423 هـ الموافق 24 أكتوبر 2002 اختتم مؤتمر تحرير النقل الجوي المنعقد بدبي أعماله أمس بالتأكيد على أهمية التوجيه نحو تحرير الأجواء العربية تدريجياً وبشكل انتقائي والعمل على تهيئة البنية التحتية التي يحتاجها هذا التحرير والمتمثلة في توفير التشريعات والمناخ المناسب الذي يؤدي إلى نجاح هذه السياسة الجديدة مع الاخذ في الاعتبار الاستفادة من تجارب الدول التي سبقت في هذا الاتجاه مثل الامارات ولبنان. وقد عبر المشاركون في المؤتمر في بيان لهم يحمل اسم «بيان دبي» عن عزمهم على القيام بايجاد تعاون وطيد والتنسيق فيما بينهم لتفعيل قرار قمة بيروت في مارس 2002 الذي وافق على اطلاق حريات النقل الجوي بين الدول العربية وفق البرنامج الذي اعتمده مجلس وزراء النقل العرب والهيئة العربية للطيران المدني وتطبيقه بالشكل الذي يستجيب وتوجيهات الارادة السياسية العليا ويخدم المصالح العربية، كما أكد المؤتمر على أهمية العمل المشترك لتعزيز هذا الاختيار وترسيخ المفاهيم والآليات والنظم المساندة التي يقتضيها تحرير النقل الجوي العربي وتمليها مصالح الفاعلين والمستفيدين من هذا القطاع. وقد شهدت جلسات اليوم الأخير للمؤتمر مناقشة تحرير النقل الجوي من خلال مشروع الايكاو حول الاتفاق النموذجي للخطوط الجوية واثر التحرير على السياحة العربية واستعراض التجربة الاميركية في التحرير وأيضاً الاطار التشريعي ودوره في مواكبة تحرير النقل الجوي العربي وأخيراً الجلسة الختامية التي خصصت لقراءة ما توصل إليه المؤتمر من استنتاجات. وفي الجلسة الأولى من جلسات اليوم الأخير للمؤتمر قال بن ابراهيم الاندلسي مدير العلاقات الدولية والاستراتيجية بالخطوط الملكية المغربية ان الحوار تركز خلال العقدين الأخيرين على موضع أساسي واحد فقط، وهو موضوع التحرير الذي غير جذرياً شبكة النقل الجوي الدولي. ونتيجة لذلك كان على صانعي القرارات في مجال الطيران المدني والنقل الجوي الدولي طوال هذه الفترة ان يستعرضوا كيفية تعديل اللوائح التنظيمية لتتكيف مع البيئة السائدة والشركات لكي تتواءم مع الاطار التنظيمي الذي تتحد ملامحه العامة. وأضاف ان الحوار يتواصل اليوم على أساس تشخيص اكثر دقة لأوجه القوة والضعف الكامنة في النظام الثنائي ووصل الأمر إلى درجة التحديث عن عدم قدرته على مواكبة العصر في ظل النظام الجديد ومفهوم العولمة. وأشار إلى انه ما زالت هناك مسائل لم ينته الحديث عنها بعد عن قطاع النقل الجوي مثل قدرة الاطار التنظيمي الحالي على الاستمرار على المدى الطويل، حتى مع ادخال بعض التعديلات عليه الاقل تقييداً، فضلاً عن ان فكرة التحرير أو عدم التحرير وإلى أي مدى هي من مواضيع الساعة حتى اليوم. ومع زيادة الطابع الدولي للأنشطة الاقتصادية وتعرض النقل الجوي لقوى السوق نتيجة للمنافسة، أصبحت شركات الطيران تتوجه نحو المجتمع داخل الصناعة، وتبحث عن التكامل من خلال توسيع نطاق شبكاتها بأقل تكلفة ممكنة والاستفادة من اقتصاد الموفورات. وتأتي هذه المجموعة من العناصر في سياق دولي يشهد ابتعاد الدول عن مثل هذه الأنشطة والغاء الدعم الحكومي الذي كان يتمثل في الماضي سمة واضحة في قطاعنا والذي أصبح ينظر إليه حالياً كأي نشاط اقتصادي آخر. وأضاف ان مثل هذا الأمر ينطوي على اعتماد هيكل تنظيمي أكثر مرونة ليتيح قدراً أكبر من الحرية في تحديد ما يلزم من طاقات استيعابية اضافية وتشكيل التحالفات اللازمة لضمان استمرارية مؤسساتنا. وأكد الاندلسي ان المستقبل سيكون للشركات القادرة على التكيف مع التغييرات وللأعضاء في التحالفات الكبيرة الآخذة في التكوين، وهي ستستفيد بالتالي من تأثير مفهوم الكتلة الحرجة وتحسين امكانيات دخول الاسواق وانخفاض التكاليف في أجزاء صغيرة ومحددة من السوق وتمتعها بنطاق واسع من المنتجات والخدمات فضلاً عن القدرة على توزيعها مقارنة بالمؤسسات التقليدية. وكشف الاندلسي عن التزام المغرب تطبيق الجدول الزمني التدريجي الذي وضع بموجب اتفاق مشترك بين الهيئة العربية للطيران المدني والاتحاد العربي للنقل الجوي، والذي يسمح في نهاية المطاف ومن خلال تعزيز العلاقات الثنائية بتحرير النقل الجوي في العالم العربي. وبالنسبة للعلاقات مع مجموعة البلدان الشريكة في المنطقة ووفقاً للجدول الزمني الذي وضعته الهيئة العربية للطيران المدني للتنفيذ التدريجي، لا تفرض المغرب أي قيود للحريتين الثالثة والرابعة، فإن المغرب تعدل طاقاتها الاستيعابية وفقاً لامكانياتها والفرص المتاحة أمامها. وقال انه وفي ضوء هذه التطورات في عالم النقل الجوي ليس أمام منطقتنا أي خيار آخر سوى الانخراط في هذا التوجه الذي يسمح بتكثيف المبادرات وتعزيز الاقتصاد، حيث انه في مثل هذه الظروف وأمام هذه العملية التي لا يمكن عكس اتجاهها، يلوح ايضاً في الافق شبح العزلة عن العالم. وبالنسبة للمغرب فإن عملية التحرير قد بدأت بالفعل وهي تأتي مع الانفتاح على فكر التكامل في التكتلات الاقتصادية القوية، وذلك من خلال طلب الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي مع الحصول على المعاملة التي يتمتع بها أعضاء الاتفاق الأوروبي للتجارة الحرة، وتوقيع اتفاق الاجواء المفتوحة مع الولايات المتحدة، وتحرير مجمل انشطة الطيران العارض وانشاء ثلاث شركات خاصة جديدة في قطاع السياحة. وقد جاء هذا الانفتاح نتيجة لرغبة المغرب في تطوير قطاعها السياحي وتحديد هدف طموح يتمثل في وجود 10 ملايين سائح بحلول عام 2010. تحرير أم حماية وفي الجلسة ذاتها قدم محمد الخشمان مدير عام الأردنية للطيران استعراضاً لعملية التحرير والتحديات التي تواجهها من خلال عرض موجز لواقع النقل الجوي العربي الحالي وما يعانيه الاقتصاد الوطني لكل دولة نتيجة اتباع مبدأ الحماية والناقل الوطني الوحيد وسلبيات الاجواء المغلقة ومبدأ الحماية وانعكاسات ذلك على السياحة. وقال ان قطاع النقل الجوي يعد من أهم القطاعات الخدمية التي تؤثر على المردود الاقتصادي في كل بلد وضرورة أخذ قطاع النقل الجوي والسماح للقطاع الخاص بدخول الاسواق في مجال النقل الجوي لا ان تبقى الشركات الحكومية عبئاً على الاقتصاد الوطني وبالتالي على المواطن. نتطرق للحديث عن ان السماح بانشاء شركات طيران مملوكة للقطاع الخاص سيكون له مردود اقتصادي كبير على الاقتصاد الوطني وعلى قطاعات السياحة والصناعة والتجارة وكذلك ستكون تلك الشركات الخاصة داعماً ورافداً للناقل الوطني. وأضاف ان تقدم مرفق الطيران المدني والنقل الجوي لن يتطور ويتمكن من تلبية الاحتياجات المتزايدة والطلب المتزايد على النقل الجوي الذي أكدت عليه اتفاقية شيكاغو 1944 بأن يكون هنالك نقل جوي آمن وبيسر وسهولة لتنقل المواطنين إلا بانتهاج سياسة الاجواء المفتوحة والسماح للقطاع الخاص بالدخول في هذا المجال دون أية قيود حصرية كما ان مبدأ الاتفاقية ثنائية والحقوق الحصرية لم يعد معمولاً به في معظم دول العالم بهدف تفعيل وتطوير حركة النقل الجوي العالمية وبحيث يتم تأمين حركة نقل جوي آمنة وسريعة لسهولة الاتصال بين الشعوب. القطاع الخاص وأوضح الخشمان ان هناك تجارب حديثة أثبت فيها ان القطاع الخاص قادر على ادارة وتولي عملية النقل الجوي على أسس تجارية بعيداً عن مبدأ الحماية إذا ما توفر للقطاع الخاص أجواء من التحرر واتباع سياسة الاجواء المفتوحة والتخلي عن مبدأ الناقل الوطني الجوي الوحيد. وأضاف ان بعض الحكومات أدركت انه لن يكون هنالك تقدم اقتصادي وتطور في قطاع التجارة والسياحة إلا بالتخلي عن مبدأ الحماية والاجواء المغلقة والناقل الوطني الوحيد ولجأت إلى خصخصة شركات الطيران وتشغيلها على أسس تجارية وحاولت اشراك القطاع الخاص، بعض التجارب في عدد من الدول نجحت لأنها اعتمدت على مبدأ التشغيل على أسس تجارية مع السماح للقطاع الخاص بدخول الأسواق من خلاله، أما المشاركة في ادارة شركات الطيران الوطنية أو انشاء شركات طيران جديدة حيث ان المنافسة تخلق الجودة والأفضل، كما انها انتهجت سياسة مرنة في مجال النقل الجوي من حيث تحرير النقل الجوي من الحكرية والحصرية على الناقل الوطني وبعض الدول لجأت إلى مبدأ التشغيل على أسس تجارية مع المحافظة على مبدأ الحماية وإغلاق السو ق وعدم مشاركة القطاع الخاص. تجارب ناجحة وقال الخشمان ان الدول التي انتهجت سياسة التحرر والاجواء المفتوحة نجحت بفتح أسواق جديدة من خلال ترتيبات الاجواء المفتوحة ولم تعد حماية مصالح الناقل الوطني تتعارض مع المزايا الاقتصادية التي يمكن الحصول عليها من خلال توسيع السياحة والتجارة وهذا ما يدعو إلى نمط جديد من التفكير بسياسات النقل الجوي المحلي والدولي وان القبول الواسع لسياسات الفصل الاقتصادي أو سياسات السوق قد حدا بكثير من الدول إلى تطبيق الاجواء المفتوحة والتحرر واعادة تنظيم الخدمات الجوية المقدمة للشركات من قبل الحكومات. التحرر الاقليمي وأوضح الخشمان ان هناك تغيرات كبيرة قد تمت باتجاه اتفاقيات اقليمية والتي تسمى بالحزمة الثالثة من أدوات التحرر في قطاع النقل الجوي في أوروبا والتي بموجبها تمت ازالة كافة القيود على الخدمات الجوية، وفي بعض الحالات فإن تحرير النقل الجوي في أوروبا تختلف عما تم انجازه في كل من الولايات المتحدة وكندا، حيث ان شركات النقل الجوي الأوروبية تملك حرية العمل داخل أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي ولكن أيضاً تنشئ مراكز تشغيل وتحكم داخل أي دولة من دول الاتحاد وهنالك حالياً حالات عديدة لامتلاك شركات طيران بالكامل من قبل اجانب في الدول الأوروبية. الخبرة الاميركية وخلال الجلسة الاخيرة للمؤتمر استعرض دافيد ب. موديست رئيس شعبة أوروبا بمكتب مفاوضات الطيران التابع لوزارة النقل الاميركية التجربة الاميركية في مجال التحرير للاجواء الذي نتج عنه تغيير قواعد لعبة الطيران في الولايات المتحدة بازالة الحواجز أمام دخول السوق واستحداث حرية التسعير واجبار الشركات الاميركية على تشغيل خطوطها الداخلية استجابة لقوى السوق التنافسية. وأضاف ان هذه السياسة أدت إلى ان تبدأ الولايات المتحدة في مبادلات واسعة لمجموعات من الفرص الاكثر اتساعاً مع الشركاء الدوليين. وتضمنت هذه المبادلات ليس حقوق الطيران في الطرق الجوية فحسب، بل أيضاً حقوق تشغيل الرحلات العارضة وغيرها من العمليات التجارية. واختتم بالقول ان هذه السياسة التي بدأت في 1978 إلى ما يزيد على 20 اتفاقية ثنائية تحررية، وبينما كان تحرير الطيران في أواخر السبعينيات حيث شهد تحسناً مهماً في ذلك الوقت، فقد تبين بعد ذلك ان سياسة الطيران الدولي في فترة 1978 لم تكن سوى سياسة انتقالية، وبحلول أواخر الثمانينيات تباطأ التقدم، فقد تحققت المصالح الأساسية لشركائنا التجاريين الرئيسيين، ولم يجدوا سبباً وجيهاً في السماح للمزيد من المنافسة من جانب الشركات الاميركية في مقابل تلبية مصالحهم الثانوية وبالنسبة للبلدان الصغيرة والنظر إلى ضآلة ما يقدموه لنا لم نكن بعد على استعداد لتزويدهم بحق تشغيل رحلات جوية إلى جميع النقاط الرئيسية في الولايات المتحدة. ومع سياسة الطيران الدولية الاميركية الجديدة تم اعتماد الاتفاق النموذجي للأجواء المفتوحة باعتباره نموذجاً للتحرير الثنائي، وبدأت أميركا السعي إلى ايجاد شركاء جدد لعقد اتفاقات الاجواء المفتوحة معهم، على أساس مبادرات اقليمية، وفي عام 1995 أدت مبادرتنا الاقليمية في أوروبا إلى عقد تسعة اتفاقات للأجواء المفتوحة. وكانت المبادرات الاقليمية اللاحقة ناجحة هي الأخرى، وعلى المستوى العالمي أصبح لدى أميركا ما مجموعه زهاء 60 اتفاقاً للأجواء المفتوحة، واستمرت المبادرة في أوروبا تصادف النجاح بعد عام 1995، اليوم يوجد 21 اتفاقاً للأجواء المفتوحة في أوروبا و9 اتفاقات للأجواء المفتوحة في اميركا الوسطى والجنوبية و8 اتفاقات في آسيا و12 في افريقيا، و3 في منطقة الكاريبي، و6 اتفاقات للأجواء المفتوحة مع أعضاء الهيئة العربية للطيران المدني، بما فيها أول اتفاق لنا للاجواء المفتوحة في هذه المنطقة مع الأردن في عام 1996، والواقع ان اتفاق الاجواء المفتوحة مع الاردن كان أول اتفاق لنا خارج المنطقة الأوروبية، ومع الاعضاء الآخرين في الهيئة العربية للطيران المدني، عقد اتفاقات للاجواء المفتوحة مع دولة الامارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب وقطر وعمان. تغطية: مصطفى عبدالعظيم

Email