بعد مرور أكثر من عام على أحداث سبتمبر، قطاع التقنية في طريقه لتجاوز التأثيرات.. والشرق الأوسط الأقل تأثراً

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 9 شعبان 1423 هـ الموافق 15 أكتوبر 2002 أكد خبراء ومسئولون في تقنية المعلومات شاركوا في معرض جيتكس دبي 2002 ان قطاع الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات قد بدأ يتعافى من التأثر بأحداث الحادي عشر من سبتمبر وربما تجاوز هذه التأثيرات الى حد كبير في الوقت الحالي ليعود الى سابق عهده، وأشاروا الى ان تأثير هذه الاحداث لم يكن مباشراً على كثير من مجالات هذا القطاع الحيوي، كما انه كان تأثيراً وقتياً. في الوقت نفسه فان خبراء الكمبيوتر وتقنية المعلومات يؤكدون ان التراجع الذي شهده هذا القطاع عالميا خلال الأشهر الماضية لايعود فقط لأحداث واشنطن ونيويورك بل ربما ان نسبة هذا التأثر كانت ضعيفة بالمقارنة بعوامل اخرى، اذ ان هذا التراجع يعود الى عام 2000 وكجزء من منظومة مرتبطة ومتكاملة حينما بدأ العالم يشهد ظروفاً اقتصادية صعبة تراجعت فيها معظم الاقتصاديات الكبرى وعلى وجه الخصوص الاقتصاد الأميركي وبعض الاقتصاديات الغربية. ومثل غيره فان قطاع التقنية كان جزءاً من هذا التراجع ومن ثم جاءت أحداث سبتمبر «لتزيد الطين بلة» ولتضيف عاملاً آخر للتدهور الاقتصادي الذي ظهر في هبوط أسعار الاسهم في البورصات العالمية وانخفاض آدائها الى حد كبير وايضا عدم الثقة في البورصات وأسهم شركات كبرى مدرجة بالأسواق المالية وايضا انخفاض عائدات شركات كبرى عالمية. إلا ان منطقة الشرق الأوسط ـ كما يقول الخبراء ـ كانت أقل مناطق العالم تأثراً لان الاحداث لم تقع فيها، كما ان أوضاع شركات واستثمارات التقنية فيها غير مرتبطة بحالات البورصة. كما يؤكد الخبراء انه في الوقت الذي تأثرت فيه بعض شركات التقنية وتلك المصنعة للكمبيوتر بأحداث سبتمبر الا انها على الجانب الآخر لفتت الانظار الى الحلول الامنية وانظمة تخزين البيانات والمراكز الاحتياطية التي تقدمها شركات تقنية متخصصة، الامر الذي زاد من حجم عملياتها أو كما يقولون فان «مصائب قوم عند قوم فوائد»، حيث زاد الطلب على هذه المنتجات والخدمات وصارت معظم المؤسسات والشركات تطلب اقامة مراكز تخزين احتياطية لمعلوماتها وبياناتها، كما زاد الطلب على الحلول الأمنية الأمر الذي زاد من حجم عمليات وعائدات الشركات التي تقوم بتقديم هذه الخدمات. يقول فريد متولي ـ المدير العام لشركة اي بي ام في الشرق الأوسط ومصر وباكستان ان تفجيرات نيويورك واشنطن اثرت سلباً بالفعل على الاقتصاديات العالمية بصفة عامة وبدرجات مختلفة ولم ينفصل قطاع التقنية عن بقية القطاعات الاقتصادية بالطبع، الا ان الاقتصاد العالمي كان يعاني من كساد قبل هذه الاحداث وخاصة قطاع التكنولوجيا والاتصالات التي شهدت بعض شركاتها تدهوراً كبيراً وذلك منذ اوائل عام 2001 ثم وقعت احداث سبتمبر ليتضاعف الكساد بصفة عامة ومنها قطاع التكنولوجيا فهبطت أسعار اسهم شركات كبرى في أسواق الاسهم الشهيرة مثل ناسداك وداوجونز لدرجة ان هناك شركات قد انخفضت اسهمها بنسبة تصل الى 70 ـ 80 ـ 90% وتتعلق بشركات كبرى ربما اسهمها اليوم تباع بأقل من دولار في الأسواق العالمية. أي ان أحداث سبتمبر كان لها تأثير أعتبره كبيراً ـ يضيف فريد متولي ـ لكن هذه الاحداث اضطرت عملاء شركات كبرى يفكرون في حلول تقنية لم يكن هناك تركيز أو طلب كبير عليها مثل الحلول الأمنية وتوفير مراكز احتياطية للبيانات والمعلومات حتى تحتفظ بها الشركات اذا ما فقدت مراكزها الاصلية لأي سبب وبالتالي أصبح هناك طلب كبير على هذه الانظمة فظهرت فرص جديدة لزيادة الاعمال نتيجة تنبه المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة ـ على حد سواء ـ لأهمية الأمن والمراكز الاحتياطية في التشغيل. ويرى ان التأثر بأحداث سبتمبر بصفة عامة مازال قائماً بعد ان كانت الأمور بدأت في التحسن بسبب التهديدات الحالية بضرب العراق، فأسعار الاسهم في أميركا والغرب حاليا تشهد انخفاضاً أكثر من الانخفاض الذي طرأ عليها بعد احداث سبتمبر لان السوق يعاني من التذبذب وعدم الاستقرار نتيجة لضبابية الرؤية فيما سيحدث في الأيام المقبلة فالأسواق تحتاج لاستقرار لان هذا يعطي نوعاً من الأمان للمستثمرين والمساهمين. وفيما يتعلق بنصيب الشرق الأوسط من هذا التأثير يقول المدير الاقليمي لشركة اي بي ام: كانت المنطقة قد طالها التأثر في الربع الأخير من العام الماضي وان كان بدرجة أقل مما حدث في الغرب، لكن هذا التأثير انخفض في العام الحالي، بل هناك طلب على حلول جديدة مثل المراكز الاحتياطية وانظمة منع غسيل الاموال. ويشير فريد متولي الى ان التوسع الذي شهده معرض جيتكس هذا العام سواء في عدد العارضين أو الزوار يعكس التحسن في المنطقة وتراجع التأثر بها من جراء احداث سبتمبر. ويتفق ياسر زين الدين ـ مدير تطوير الاعمال في مايكروسوفت الشرق الأوسط ـ مع فريد متولي في ان الهبوط الذي تعاني منه القطاعات الاقتصادية ـ ومنها قطاع التكنولوجيا ـ كانت مظاهره قد بدأت قبل احداث سبتمبر ـ أي ان المرض كان موجوداً بالاساس ومن ملامحه هبوط حركة الطيران والسياحة ثم وقعت احداث سبتمبر وبعدها الفضائح والتجاوزات المالية التي ظهرت لدى شركات اقتصادية كبرى في أميركا فأوجدت نوعاً من عدم الثقة في اداء البورصات العالمية. ولم يكن هناك تجاوزات في شركات تقنية المعلومات بشكل عام ـ يضيف ياسر زين الدين ـ مثل شركات البرمجيات أو شركات «الهارد وير»، لكن حدث هذا في بعض شركات الاتصالات. ورغم تأثير الاحداث في آداء وحجم أعمال وأوضاع شركات التقنية الا انه كان أقل مقارنة بالتأثر الذي عانت منه قطاعات اخرى منها على سبيل المثال السياحة والطيران ومعروف ان الاقتصاد العالمي عبارة عن سلسلة حلقات مترابطة أي تأثير في احداها يؤثر على بقية القطاعات. لكننا في مايكروسوفت لم نعتمد على قطاع بعينه فقط كالطيران أو السياحة بل لنا انشطة عديدة مع كافة القطاعات الاقتصادية وبالتالي نعوض التأثر في قطاع معين بأعمال أفضل في قطاعات اخرى. صحيح حدث تأثر لبعض شركات التقنية ومازالت تعاني من تراجع في الاداء لكن لأسباب متعددة خاصة الشركات التي لم تقم على أساس قوي من العمل والتنوع في الانشطة. ويؤكد ياسر زين الدين ان الخليج كان أكثر المناطق استقراراً ولم يتأثر بنفس التأثر الذي حدث في الغرب، وعلى سبيل المثال فان حجم العمل في الامارات سار بشكل طبيعي بعد احداث سبتمبر وعقد جيتكس دبي العام الماضي عقب الاحداث وشهد زيادة المساحات والعارضين والزوار ايضا افتتحنا مقر مايكروسوفت في مدينة دبي للانترنت في أكتوبر من العام الماضي ونؤكد التزامنا بتلبية وتغطية احتياجات الشرق الأوسط. ويعرب عبداللطيف الملا مدير عام مايكروسوفت الامارات وعمان واليمن وباكستان عن تفاؤله بشأن تعافي وتحسن أحوال قطاع التكنولوجيا عالميا من التأثر بالاحداث، ويقول: اعرض كان موجوداً والخطورة لم تكن في أحداث سبتمبر بل في توابعها، في عدم الثقة والتجاوزات التي وقعت، حدثت اختلاسات وتلاعبات في الميزانيات وكذلك وقعت احداث افغانستان ونحن في مايكروسوفت متفائلون بعودة الأمور لطبيعتها. وفي مايكروسوفت لم تتأثر مبيعاتنا وتجاوزنا تأثيرات أحداث سبتمبر. وكان تأثر اسهمنا الأقل في التأثر بهذه الاحداث في قطاع التكنولوجيا فأسس مايكرووسوفت قوية من ناحية المنتجات والربحية والانتشار في الاسواق العالمية وهذه الأسس تعطي ثقة للمستثمر. ويقول ايمن أبو يوسف مدير التسويق في شركة أوراكل لمناطق الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق ووسط أوروبا: يخطيء من يقول ان قطاع التقنية لم يتأثر بأحداث سبتمبر وفي رأيي فان هذه التأثيرات لاتزال موجودة ويبدو هذا واضحاً من نتائج الشركات المدرجة بأسواق المال والبورصات العالمية وتراجع اسهمها ايضا وبالتالي ضعف ثقة المستثمرين فيها. لكن ايمن أبو يوسف لا يرجع هذا التباطؤ أو كما يسميه التراجع في أعمال شركات التقنية العالمية الى أحداث سبتمبر وحدها ويتفق في هذا مع فريد متولي وياسر زين الدين، بقوله ان التدهور الذي شهدته القطاعات الاقتصادية المختلفة وخاصة التي يتعامل معها قطاع تكنولوجيا المعلومات قبل احداث سبتمبر هو الذي أثر بشكل مباشر في أعمال قطاع التقنية. فقطاعات مثل الطيران والسياحة والشركات والمؤسسات الاقتصادية حينما تتراجع اعمالها فانها تأخذ وقتا طويلاً قبل اتخاذها قرار بالشراء ومنها عمليات شراء البرامج والانظمة التقنية وهذا بدوره يؤثر على أعمال شركات هذا القطاع الحيوي ـ اي ان التأثر في القطاع بأحداث سبتمبر كان غير مباشر ـ وعدنا للوضع الذي كنا عليه قبل 4 سنوات تقريبا حينما شهد العالم أزمة اقتصادية وكانت الشركات تتروى كثيراً في عمليات الشراء. ويرى غازي عطاالله المدير العام لشركة سيسكو سيستمز ان الأمور عادت لطبيعتها حاليا في قطاع التقنية واستطاع هذا القطاع تجاوز التأثر بأحداث سبتمبر، لكن حجم العمل بهذا القطاع بصفة عامة اقل مما كان عليه قبل الاحداث حيث بدأ يعاني من متابعا بعد بداية عام 2000 بسبب ركود الاقتصاد العالمي وخاصة الركود الذي شهده السوق الأميركي الذي شهد انخفاض أسعار الاسهم وضعف آداء البورصات، وهذا الركود طبيعي ان يؤثر على اداء مختلف القطاعات ومنها التكنولوجيا والتقنية حيث انخفضت قيمة الميزانيات المخصصة للتقنية في الشركات والمؤسسات الاقتصادية والحكومية التي تتعامل مع منتجات التقنية. ويضرب غازي عطاالله مثالاً بالتراجع الذي شهدته قطاعات مثل الطيران والصناعة، ويقول كنا في سيسكو سيستمز من الشركات التقنية التي تأثرت بهذا التراجع الذي أصاب الاقتصاد العالمي في عام 2000، لكننا كنا ضمن أقل الشركات التي تأثرت ففي بداية الهبوط عام 2000 ظلت عائداتنا مستقرة عكس نتائج الشركات المنافسة لنا والتي حدث فيها هبوط بنسب تراوحت بين 40 ـ 60% أما نحن فلم تنخفض عائداتنا كما انها لم تنم ايضا. وحول التأثيرات المتوقعة على القطاع اذا ما هاجمت أميركا العراق قال غازي عطاالله انه أحد يمكنه ان يتوقع كم سيكون التأثر فهذا سيعتمد على مدى مشاركة دول اخرى. كما يرى دارميندرا لالاي مدير التسويق في الشرق الأوسط والخليج بشركة سوني ان الشرق الأوسط لم يتأثر كثيراً بأحداث سبتمبر بل ان الطلب على تكنولوجيا المعلومات بدأ يرتفع في الأونة الاخيرة مشيراً ايضا الى ان الانخفاض في هذا القطاع كان قد بدأ في عام 2000 أي قبل وقوع الاحداث، لكن نسبة التأثر في سوني ـ على حد قوله ـ كانت أقل بكثير من غيرها، مشيراً الى ان معدل الزيادة في المبيعات كان قد شهد انخفاضاً بعض الشيء. تحقيق: وجيه عبدالعاطي

Email