تقدم وعوداً وتضع عراقيل، جشع الدول المتقدمة يعرقل التنمية بالدول النامية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 27 رجب 1423 هـ الموافق 4 أكتوبر 2002 رغم الوعود الوردية التى قطعتها الدول المتقدمة ومؤسسات التمويل الدولية لمساعدة التنمية بالدول الأقل فقرا مازالت برامج التنمية فى تلك الدول تتعثر نتيجة للديون التى تثقل كاهلها والفساد والبيروقراطية اضافة الى الحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسى. وترى الدول الأقل فقرا أن الدول الصناعية الكبرى تضع شروطا صعبة للوفاء بتعهداتها تجاه تلك الدول كمحاربة الفساد والبيروقراطية وتنفيذ برامج للاصلاحات الاقتصادية. وفى الوقت نفسه تضع الدول المتقدمة العراقيل أمام وصول منتجات الدول الفقيرة الى أسواقها من خلال سياسات الحماية والدعم الزراعى للمنتجين المحليين فى الوقت الذى تقوم الشركات متعددة الجنسيات بأغراق الدول الفقيرة بمنتجاتها والتى تهدد الصناعة الوطنية فى الدول الفقيرة التى لا تقوى على المنافسة. وترفض الدول الصناعية الزام نفسها بتعهدات جديدة تجاه عمليات التنمية فى الدول الفقيرة وتتهم تلك الدول بعدم تنفيذ الشروط اللازمة لاسقاط جزء من مديونيتها والحصول على المزيد من المعونات والتورط فى قضايا الفساد مشيرة الى أن سياسة المعونات التى تتبعها تجاه الدول الفقيرة فشلت فى تحقيق أهداف التنمية خلال العقود الثلاثين الماضية نتيجة لعدم كفاءة الحكومات والفساد والبيروقراطية. وترى الدول الفقيرة أن الدول الغنية لا تقدم لها سوى القدر اليسير رغم استفادتها منهم طوال الحقبة الاستعمارية وما بعدها حيث تواصل تلك الدول ضغوطها لضمان فتح اسواق الدول النامية على مصراعيها أمام منتجاتها فى الوقت الذى ترفض دول الشمال الغنى مطالب دول الجنوب الفقير بالسماح لمنتجاتها للوصول الى أسواقها أو حجب المساعدات المقررة لقطاعاتها الزراعية والصناعية. ويرى خبراء اقتصاديون بصندوق النقد الدولى أن اسقاط الديون عن الدول الأقل فقرا لا تعتبر الحل المثالى نظرا لغياب الشفافية والاستقرار فى تلك الدول ولاسيما الافريقية. وفى الوقت الذى يعانى الملايين من الاشخاص بالدول الأفريقية الفقيرة من الأمراض المزمنة والمجاعة تطالبها الدول الغنية والشركات متعددة الجنسيات بدفع ديون مستحقة تبلغ قيمتها 150 مليار دولار. وتقول دول افريقية أن مخصصات خدمة الديون تفوق الأموال التى تنفقها حكوماتها على التعليم والرعاية الصحية ومكافحة الفقر مشيرة الى أن الدول الغنية ينبغى عليها اسقاط الديون بدلا من الاستمرار فى منح المعونات. ويرى مسئولون بصندوق النقد الدولى أن الصندوق والبنك الدولى يسعيان الى مكافحة الفقر ودعم معدلات النمو فى الدول الأقل فقرا عن طريق مبادرة تخفيف الديون بالدول الأكثر فقرا والتى تركز على اسقاط ثلثى المديونية للدول الأكثر فقرا فى العالم خلال الأعوام القليلة المقبلة. ويرى خبراء صندوق النقد الدولى أن الدول الغنية ينبغى عليها مبادرة تخفيف الديون بالدول الأقل فقرا ألا أنه فى الوقت نفسه ينبغى على الدول الفقيرة الاستجابة للاصلاحات التى يطالب بها الصندوق للوفاء بالشروط المطلوبة لاسقاط الديون. ويقول خبراء بالبنك الدولى أن ست دول فقط من الدول الأقل فقرا استجابت للشروط والاصلاحات التى طالب بها البنك وصندوق النقد الدولى وهى بوليفيا وتنزانيا وموريتانيا وبوركينا فاسو وموزمبيق وأوغندا. وأضاف الخبراء أن اجمالى الديون التى أسقطت من على كاهل تلك الدول الستة تبلغ قيمتها 12.2 مليار دولار منها 4.3 مليارات دولار لموزمبيق و 3 مليارات دولار لتنزانيا و 2.1 مليار لبوليفيا و 1.9 مليار دولار لأوغندا و 1.1 مليار دولار لموريتانيا و730 مليون دولار لبوركينا فاسو. واستطاعت الدول الست زيادة الانفاق على الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات التنموية الا أنها فى الوقت نفسه وقعت فى مستنقع الديون مرة أخرى نتيجة لجوئها الى الاستدانة من الخارخ وضعف صادراتها . وتعانى 20 دولة من الدول الأقل نموا فى العالم من مشكلة الديون رغم حصولها على وعود من الدول الغنية ومؤسسات التمويل الدولية بشأن اسقاط الديون فى حالة تنفيذها الاصلاحات التى يطلبها صندوق النقد والبنك الدوليين. وتعتبر الدول الافريقية التى تعانى من حروب أهلية وتفشى الأمراض كالصومال وليبيريا حالة فريدة حيث تعانى من توقف عمليات التنمية والديون المتزايدة. ويرى خبراء بصندوق النقد الدولى أن غالبية الدول الأكثر فقرا تعانى من سوء ادارة الموارد الطبيعية والفساد ولذلك ينبغى عليها الاستجابة بدون تردد لمطالب الصندوق. يطالب عدد من الخبراء الاقتصاديون والمنظمات غير الحكومية بالغاء ديون الدول الفقيرة فورا دون فرض أى شروط جديدة عليهم للاسهام فى عمليات التنمية فى تلك الدول التى تعانى من مشاكل كبيرة. وقال مارا فاندرسليز أن ديون الدول الأقل فقرا ينبغى اسقاطها بدون قيد أو شرط لأن مطالبة صندوق النقد الدولى لتلك الدول بتنفيذ اصلاحات جوهرية يعتبر أمرا لاأخلاقى. ومن ناحية أخرى طالب خبراء دوليون فى مكافحة الفقر صندوق النقد الدولى بالتخفيف من شروط مبادرة خفض الديون بالدول الأقل نموا لدعم التنمية فى تلك الدول. وقالت نانسى بيردسال رئيس مركز واشنطن للتنمية الدولية أن سياسات صندوق النقد الدولى بشأن الاصلاحات التى ينبغى عليها الدول الأقل نمو أتباعها ينبغى اعادة النظر فيها فى ظل الظروف القاسية التى تمر بها تلك الدول مشيرة الى أن الصندوق والبنك الدولى ينبغى عليهما اتباع سياسة تستهدف تعزيز النمو الاقتصادى على المدى الطويل بالدول الأقل فقرا بدلا من فرض شروط جديدة عليها. وينبغي على صندوق النقد والبنك الدوليين عدم تجاهل مطالب وظروف الدول الفقيرة.. فهندوراس على سبيل المثال تطالب بزيادة مرتبات العاملين بالحكومة بمعدل أكبر من الذى يسمح به صندوق النقد الدولى. وتعثرت برامج تخفيض الديون فى جواتيمالا ونيكارجوا نتيجة أصرار صندوق النقد الدولى على خصخصة شركات السكر والطيران والمرافق التابعة للدولة. يعتبر تدهور أسعار عدد من السلع الرئيسية بالأسواق العالمية عقبة جديدة أمام الدول النامية.. فأوغندا تحتاج حاليا الى المزيد من المساعدات نتيجة الانخفاض الحاد فى أسعار البن بنحو 53% بالسوق العالمية خلال السنوات الثلاثة الماضية. ويرى خبراء بصندوق النقد والبنك الدوليين أن الدول التى تنفذ سياسات اقتصادية وفق مبادرة تخفيض الديون بلغ عددها 26 دولة مشيرين الى أنه سوف يتم اسقاط حوالى 40% من ديون تلك الدول الفقيرة فى حالة تنفيذها التزاماتها حتى عام 2004 وهو ما يعنى زيادة انفاقها على التعليم والصحة بنحو 9% مقارنة بـ 6% عام 1998. وقال فيكرام نهرو مدير مبادرة تخفيض ديون الدول الأقل نموا بالبنك الدولى أن المجتمع الدولى يرغب فى تقديم العون للدول التى تساعد نفسها. ورغم الجهود التى يبذلها البنك والصندوق الدوليين للتخفيف من مشكلة الديون تبقى الدول الأكثر فقرا أسيرة جشع الدول الصناعية الكبرى ومؤسسات التمويل الدولية التى تتجاهل مشاكلها المزمنه وتطالبها بتجرع الاصلاحات المريرة. أ.ش.أ

Email