تعديلات قانون الشركات كما تراها الفعاليات الاقتصادية (2) ، زيادة المساهمة الأجنبية تجتذب رؤوس الأموال الضخمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبرت فعاليات اقتصادية ومالية التعديلات المقترحة على قانون الشركات الاتحادي والتي تسمح بزيادة نسبة المساهمة الاجنبية لأكثر من 49% خطوة جيدة هدفها الأساسي جذب استثمارات من الخارج وخبرات وتكنولوجيا متطورة. وأبدت بعض هذه الفعاليات عدم الممانعة من وصول نسبة الاستثمار الاجنبي في مشاريع ذات طبيعة خاصة الى 100%, مشيرة الى ان ذلك سيساهم في تدفق رؤوس أموال أجنبية كبيرة الى الدولة وخلق قاعدة اقتصادية متنوعة لكنها أكدت على ضـرورة توجيــه هـذه الشـركات الى استخدام نسـبة من العمـالة الوطنيـة وتدريبها في مجالات فنية وتخــصصات نـادرة حتى لــو تطلــب الأمر تقديم حوافز حكومية لهذه الشركات. كما لفتت الى ضرورة وضع نظام شبيه بـ (الأوفست) يلزم الشركات الاجنبية المستثمرة أو المنفذة للمشاريع الاستراتيجية باعادة استثمار جزء من ارباحها في الامارات أو الدخول في شراكة معها. ورأت بعض هذه الفعاليات ان مساهمة المستثمر الأجنبي مهمة جداً ووجود قوانين تساهم في دخول هذه الاستثمارات من الأمور التي ينبغي دراستها والوصول الى صيغة مناسبة لها, الا انها دعت في الوقت نفسه الى تفعيل الاستثمار الداخلي بهدف الحد من هجرة الاموال الى الخارج. وفي هذا الاطار أكد رجل الاعمال محمد سالم المشرخ ان دول العالم على اختلاف نظمها الاقتصادية تعمل على جذب الاستثمارات الاجنبية في المجالات المختلفة الصناعية والزراعية والعقارية وغيرها وفي قطاع الخدمات, كما ان التطورات والتقدم التكنولوجي فتح الحدود وجعل العالم قرية واحدة. واشار الى أن دخول الاستثمارات الاجنبية وتواجدها وعوامل جذبها تتطلب ظروفاً ملائمة للعمل والتواجد, وقد سارعت العديد من الدول الخليجية في السنوات الأخيرة الى وضع التشريعات وتقديم التسهيلات للمستثمرين لتوظيف استثماراتهم في القطاعات المختلفة واستعداداً لمرحلة فتح الحدود امام هذه الاستثمارات وفقاً لاتفاقية الجات. وأضاف ان دولة الامارات كانت من أولى الدول التي فتحت أبوابها امام الاستثمارات الاجنبية وبها قواعد قانونية وتشريعات تحدد قنوات هذه الاستثمارات, ولكن المطلوب الان هو تعديل بعض هذه التشريعات وبما يتناسب مع طبيعة المرحلة المقبلة والتي ستشهد تحولات كبيرة في اتجاهات الاستثمارات الأجنبية مشيراً الى ان دولة الامارات لاتعاني من نقص السيولة المالية لإقامة المشروعات, ولذلك فاننا نحتاج الى استثمارات لجذب الخبرة الأجنبية في المجالات الصناعية والتقنية والتكنولوجية وذلك اما بالمساهمة في مشروعات قائمة بالفعل, أو اقامة مشروعات مشتركة. وقال ان تعديل قانون الشركات بما يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية قد يكون ضرورياً في هذه المرحلة, ولكن بشرط ان يفتح المجال لزيادة الاستثمارات بالقطاعات التي تحتاج الى تنمية وخبرة أجنبية وليس فتح الباب على مصراعية امام كل من يرغب في توظيف واستثمار أمواله في قطاعات قد يراها ذات مردود سريع. وتساءل هل يمكن فتح المجال للأجانب للاستثمار في الشركات العقارية مثلاً, مؤكداً ماذا يعود على الاقتصاد الوطني من فتح الباب امام الأجانب للاستثمار بهذا القطاع. ورأى ان يكون التعديل بنسبة السماح للأجانب بالشركات في قطاعات محددة يحتاجها الاقتصاد الوطني وليس الأمر على اطلاقه وان يتم التشاور مع رجال الاعمال وغرف التجارة وغيرها من الجهات المعنية قبل اجراء أية تعديلات أو تغييرات تشريعية مؤكداً انه مع الاستثمارات الأجنبية ولكن بما لايؤثر على هوية المشروعات الوطنية. وأكد المشرخ ايضا انه مع ضرورة مراجعة التشريعات المتعلقة بالاستثمار والأداء الاقتصادي من وقت لآخر لتواكب المتغيرات الدولية المتلاحقة. وأشاد حمدي عثمان المدير العام لشركة فيدكس بالشرق الأوسط وافريقيا والهند بهذه التعديلات في قانون الشركات واعتبرها خطوة جريئة وهامة وكانت مطلوبة بالفعل وتعكس الرؤية لحكومة ودولة الامارات وقال ان ما حدث في الدولة من طفرة اقتصادية وتقنية يشير الى انها تسير في الاتجاه الصحيح نحو مواكبة الثورة العالمية والتغيرات الاقتصادية بالاضافة الى استعداد الدولة لعصر الجات. وقال حمدي عثمان: لدي شعور بأن الفترة القليلة المقبلة في الامارات ستشهد تغيرات كبيرة ستنعكس بالتأكيد على الدولة وايضا المستثمرين, وأشار الى ان المشروعات التقنية العملاقة التي أطلقتها الدولة خلال السنوات القليلة الماضية والتي تجيء هذه التعديلات التشريعية مكملة لها. وقال ان الدولة بهذه التعديلات تكون قد حذت حذو بعض الدول المجاورة فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية وهي في صالحها بالتأكيد وستفيدها بشكل مباشر وغير مباشر, فرفع نسبة المساهمة الاجنبية في الشركات لأكثر من 49% سيعطي للمستثمر الاجنبي حرية أكبر في ممارسته لعمله ويضمن له حقوقا افضل وحرية في الرأي واتخاذ القرار المتعلق بادارته لعمله وكذلك عدم تحكم الشريك في كل شيء. وقال حمدي عثمان ان آخر ما تفكر فيه الشركات الكبرى المعروفة عالميا هو البحث عن شريك محلي, فكل هذه الشركات حلمها في أي بلد تستثمر فيه هو ان تكون استثماراتها وادارتها كاملة دون تدخل خارجي, وأكد ان هذا لا يضر البلد اطلاقا لأنه سيكون بالطبع من خلال ضوابط, واذا نظرنا الى بلدان مثل هونج كونج والدول الاوروبية نجد انه مهما صغرت الدولة وازدادت فيها حرية الاستثمار فإن مكانتها عالميا تزداد ولا خوف عليها من الشركات الكبيرة بالذات. وأضاف المدير العام لشركة فيديكس ان الشركات الكبرى خاصة شركات التصنيع والتجميع من الممكن ان تستخدم الامارات كمركز تجميعي أو تصنيعي لها ويستفيد البلد بالتالي, فماذا يمنع ان تفتتح شركة مثل جنرال موتورز فرعا صناعيا لها هنا؟ لقد حان الوقت بالفعل لهذه التعديلات التشريعية. وهذا بالطبع سيكون استعدادا لما سيحدث عام 2005 وتطبيق اتفاقيات الجات. وأكد عثمان ان الثورة الاقتصادية المتوقع حدوثها خلال الاعوام المقبلة بعد عام 2005 تتطلب من البلدان العربية ان تبدأ بثورة داخلية في تطبيق حرية الاستثمار لمواكبة هذا العصر لتتمكن من المنافسة على الصعيد العالمي. ويؤكد رجل الأعمال احمد حسن بن الشيخ انه كانت هناك حاجة ملحة لهذه التعديلات واعادة النظر في القوانين المنظمة للشركات والاستثمار حتى تتواكب مع ما شهدته الدولة من تطور اقتصادي وتقني كبير وبصورة اختلفت عما كانت عليه في بداية السبعينيات وقت قيام الدولة وهي الفترة التي وضعت فيها القوانين بالاضافة الى ملاءمتها للمرحلة المقبلة وتطبيق اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. وأضاف ابن الشيخ ان هناك حاجة ضرورية بالفعل الى فتح الباب بشكل أوسع أمام الاستثمار الاجنبي في بعض القطاعات الانتاجية كالصناعة والسياحة ــ بضوابط ــ على ان يتم التركيز على استقطاب وجذب تلك النوعية من الاستثمارات الضخمة التي من شأنها إحداث طفرة أكبر في التنمية الاقتصادية وفي المقابل فمن المهم ان تمنح هذه الشركات ذات السمعة العالية أو تلك التي تنفذ مشروعات كبرى بالدولة تسهيلات ومزايا واعفاءات خاصة وان تكون لها الاولوية في التركيز عليها. وقال احمد بن الشيخ ان الاستثمار الاجنبي بنسبة 100% أفضل من نظام الكفيل الموجود حاليا والذي أفرز ما يمكن ان نطلق عليه (الاستثمار المبطن), مشيرا الى ان حوالي 70% من المشروعات التجارية بالدولة تندرج تحت هذا النوع من الاستثمار حيث يمارس المستثمر الاجنبي نشاطه من خلال شريك مواطن ــ نظام الكفيل ــ وقال ان هذا النوع من الاستثمار أفرز مشاكل عديدة سواء للمستثمر الاجنبي أو الكفيل المواطن وأضر احيانا باقتصاد الدولة, حيث يكون الشكل الظاهري للمشروع لشخص اماراتي وهو الذي يحصل على ترخيص اقامة المشروع, لكن أموال هذا المشروع واستثماراته من الناحية الفعلية اجنبية والادارة اليومية بيد المستثمر الاجنبي, بينما المشروع اماراتي شكلا وقانونا. ويرى ابن الشيخ ان من الافضل ان يكون الاستثمار الاجنبي في هذا المجال مباشرا ودون كفيل, والسبب في هذا ان هناك قضايا عديدة قد نشبت من جراء ذلك, فقد حمّل الكثير من المستثمرين الاجانب أصحاب التراخيص الاماراتيين ديونا بنكية عجز هذا المستثمر الاجنبي عن سدادها. وفي المقابل تحمل المستثمر الاجنبي تبعات تصرفات معينة للكفيل سواء بالحصول على قروض بنكية وحجز البنك على الشركة او في حالة الوفاة فالابناء قد يظنون ان هذه الشركة كانت ملكا لوالدهم فقاموا بسحب كافة الاستثمارات من الاجنبي. لذلك فنحن نطالب بفتح الباب أمام هؤلاء الاشخاص من الموجودين على ارض الدولة بالحصول علي تراخيص بالعمل المباشر لكن ـ بضوابط قانونية لان تواجدهم بشكل رسمي افضل للطرفين ومن الافضل ان يتعامل المستثمر الاجنبي بشكل مباشر مع الجهات الرسمية والدوائر الحكومية. وأكد بن الشيخ ان الاستثمار الاجنبي الذي ننادي به هنا والذي يجب ان نستقطبه هو الاستثمار كبير الحجم والحديث هنا لا يتعلق باستثمارات قيمتها 100 أو 500 الف درهم لكن الهدف يجب ان يكون المشاريع العملاقة التي تحدث اثرا ايجابيا في مجال التنمية الشاملة وخاصة تلك التي تقوم بدور فعال في التنمية الصناعية لان الصناعة هي الاساس في تحريك اي اقتصاد عالمي حاليا. وهذه الشركات هي التي يجب ان نركز عليها ونعمل على ان يكون لها تواجد على ارض الدولة. وهذا بالفعل يتطلب هذه التعديلات التشريعية فقد وضعت التشريعات الحالية قبل ان تحدث الطفرة التي يشهدها اقتصاد الدولة حاليا والتي نزهو بها ونتطلع الى دفعها الى الامام بالاضافة الى الطفرة التكنولوجية التي تشيد بها جميع المنتديات الاقتصادية العالمية. ومنذ بداية السبعينيات وحتى الآن فقد تعددت هذه الطفرات حدثت بكثرة في السبعينيات والثمانينيات وحدثت مرتين في التسعينيات. ومن الناحية التكنولوجية فنحن نلمس فارقا شاسعا بين ما كان عليه الوضع في بداية السبعينيات وما نشهده الآن فالعلم اصبح يدير كل شيء حركة الانتاج, وبالنظر الى التشريعات التي وضعت في بداية السبعينيات نجد انها كانت مناسبة جدا لتلك الظروف لكنها حاليا في حاجة الى ان تواكب حركة التطور الاقتصادي والتكنولوجي على المستوى العالمي والذي تمكنت الامارات العربية المتحدة من مكواكبته واللحاق به. أمر آخر وهو ان الامارات قد وقعت على اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وبالتالي يجب اعادة النظر فيما يتواءم مع قوانينها ومتطلباتها ومنها تشجيع تملك الاجانب للمشاريع التي يستثمرون فيها لكن ـ كما قلت بضوابط ووجود ضمانات بنكية والالتزام بتشغيل نسبة من العمالة الوطنية وان يكون هناك وضوح تام عند البنوك لهذه المشروعات ومراكزها المالية. ويضيف بن الشيخ انه في مقابل هذه الضمانات التي تؤخذ على هذه الشركات ذات الاستثمارات الكبيرة التي تقدر بعشرات الملايين من الدراهم فإنه يجب ان تتمتع بمزايا وتسهيلات افضل. ونشير الى ان اهم المجالات التي يجب التركيز عليها هي المجالات الصناعية والسياحية وتقنية المعلومات وفيما يتعلق بالقطاع التجاري والذي يشير الى ان 70% من مشروعاته هي استثمارات مبطنة فيجب تقنين الظاهرة وتملك الاجنبي لمشروعه وتعامله مباشرة مع الجهات الرسمية ومن ناحية اخرى فقد بدأت الشركات العالمية الكبرى في الاندماج مع بعضها وتسعى لممارسة اعمالها في دول عديدة. واذا لم يكن نظامنا يسمح لها بالتواجد الفعلي بشكل مباشر فلن تجيء الى هنا تحت مظلة الكفيل او الشريك المواطن فهي لا تعمل من فراغ او بشكل عشوائي بل لها محامون ومستشارون على درجة عالية من الكفاءة وهؤلاء لا يقبلون ان تضع اموالهم في يد شخص آخر يتصرف فيها كيفما يشاء او يكون بامكانه ـ بجرة قلم ـ ان يخرج المستثمر من مشروعه. وعما اذا كان من شأن هذه جلب عمالة اجنبية واستمرار الخلل في التركيبة السكانية قال احمد حسن بن الشيخ ان الاستثمار الاجنبي يجب ان يتم تحديده حسب حاجة الدولة من الاستثمار في كل قطاع. وهذه المشاريع ستوجد فرص عمل بعضها للايدي العاملة منخفضة التكاليف والبعض الآخر للادارة العليا والمتوسطة وهذا سيكون احد الروافد التي سيتجه اليها شباب الدولة للعمل بها مستقبلا. ويضيف بن الشيخ ان المميزات التي يمكن اعطاؤها للشركات الاستثمارية الكبري يتمثل بعضها في الاعفاء من التراخيص اواعطائها اراضي غير مؤجرة مثلا وكذلك توفير الخدمات اللازمة لتواجدها في مناطق عملها وقال انه اذا جاءت 10 شركات من هذه الشركات ذات السمعة العالمية او تلك التي تستثمر مبالغ ضخمة فإنها ستحرك القاعدة الصناعية بشكل كبير. وهنا يؤكد احمد بن الشيخ ان الامارات قد انتهجت سياسة انفتاح اقتصادي افضل بكثير من أية دولة عربية اخرى وهذا واقع ملموس في مختلف القطاعات واستطاعت احداث تنمية اقتصادية كبيرة وهيأت بيئة اساسية مشجعة للغاية. لكن الامر يحتاج لتعديل بعض التشريعات فقط. ويتفق عارف العبار ـ رئيس مجلس ادارة شركة انماء لتنظيم المعارض والمؤتمرات ـ مع رأي احمد حسن بن الشيخ بقوله ان هذا التعديل في قانون الشركات بالاضافة الى استقطابه المزيد من الاستثمارات الاجنبية فإنه سيحمي المواطن من الكثير من المشاكل التي يعاني منها من جراء شراكته بنسبة 51% للمستثمر الاجنبي مشيرا الى ان هذا المستثمر فعليا يستثمر بنسبة 100% لكن نسبته ظاهرياً 49% والنسبة الباقية للمواطن بينما هناك عقود في الباطن تقر بأنه ليس للمواطن اية علاقة مالية بالمشروع وان هذه العلاقة لا تتجاوز كونه شريكاً او وكيلاً خدمات او كفيلاً لهذا الاجنبي وقال ان هذا الامر شائع في كل القطاعات الاقتصادية والتجارية عامة. وقال ان هذا الواقع ترتب عليه مشاكل عديدة خاصة عندما يهرب الاجنبي فلا يكون بامكان المواطن ملاحقته او الوفاء بالتزاماته المالية حين انه هو مسئول عنها قانونا أمام البنوك او الجهات الحكومية او المتعاملين مع الشركة وبالتالي فإن تعديل قانون الشركات خطوة مهمة ومطلوبة. لكنه يؤكد ان المستثمر الاجنبي ذا المركز المالي القوي لا يبحث عن شريك مواطن لكن يبحث عن وكيل خدمات له. ويقترح العبار ان يشتمل هذا التعديل على قواعد من شأنها احداث توازن بين الجنسيات الراغبة في اقامة مشاريع استثمارية بأن تحدد لكل منها وفي قطاعات معنية نسب معينة وذلك على غرار المناداة بمعالجة الخلل في التركيبة السكانية.

Email