د. بوحليقة: الاصلاحات الاقتصادية تفشل في غياب القناعة المحلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدر مؤخراً عن منظمة الخليج للاستشارات الصناعية العدد 82 من مجلة التعاون الصناعي, وقد تضمنت المجلة افتتاحية العدد بقلم الأمين العام السابق للمنظمة الدكتور احسان علي بوحليقة, تناول، فيها موضوع العولمة في ضوء التاريخ والحاضر, داعياً دول المنطقة الى تكوين فلسفة محلية متكاملة بغرض الاصلاح الاقتصادي ومن ثم تجنب مخاطرة الوقوع في قبضة الاقتصاد العالمي, وقال بو حليقة ان أدبيات العولمة صريحة في تبجيلها للقوة الاقتصادية, والدول المحبة للعولمة هي: الدول المالكة لتفوق اقتصادي يمكنها فرض مصالحها على العالم, ومع ذلك, فقد شهد التاريخ البشري عبر 6 الاف سنة من التجارة الدولية حروباً طاحنة, لفرض تلك المصالح ولو بالقوة. فقد نكصت قوى العالم ــ في حقب تاريخية متفاوتة ــ على عهود ومواثيق عالمية مرات كثيرة. والقاسم ثابت في كل تجارب التطاحن السابقة التي بدأت في العصر الحجري الحديث في حروب روما وفينيقيا, وتحديداً الحرب الثالثة التي أبيدت على إثرها قرطاجية عن بكرة أبيها.. ان يتأكد للدول الكبرى ان (العولمة) لاتخدم مصالحها. وهكذا.. يمكن القول: ان (العولمة) هي عربات تقطرها مصالح الدول الكبرى, وسيسير القطاع مادامت القوى الدافعة له تحقق مكاسب متوازنة ومقبولة. من وجهة نظر القوى الاقتصادية الكبرى (المتنافسة عادة).. لكن القطار عرضة دائماً للتوقف, بل وللاختطاف, اذا ما اختل التوازن في المصالح (مصالح الدول الكبرى). وأضاف: في وقتنا المعاصر, اكتشف الاقتصاديون العرب ذلك, ونادوا منذ الاربعينيات الميلادية, وقبل ذلك, بجسد اقتصادي عربي واحد, يحقق لنا ميزة في بحر تحركه المصالح الكبيرة, وترهق فيه المصالح الصغيرة.. لكن مسخ المشروع مسخاً, حتى أصبح بعد خمسين عاماً حلماً متواضعاً, بأن تكون لنا منطقة تجارة حرة عربية كبرى.. ليس أكثر, اذاً, لم يبخل جيل الاساتذة من الاقتصاديين العرب في نصح أمتهم, والتنظير لمستقبلها الاقتصادي تنظيراً محكماً, لكن سياسة التسويف عبر نصف قرن من الزمن ادت الى ضياع فرصة تشييد اقتصاد عربي ضخم, وقد لايدرك كثيرون ان المنطقة العربية تمثل أكثر من 10% من مساحة العالم, وأنها تضم أكثر من ربع مليار عربي, لديها قوة عمل تعدادها 80 مليوناً.. وتتعدد أسباب القوة, لكنها ليست منتظمة في حزمة, بل مبعثرة في توجهات متعددة, وأولويات تتعدد من دولة لاخرى. وذكر انه من الانصاف تبسيط امر العولمة, وتغليفه بلبوس من النبل والبراءة, وبالمقابل ليس مناسبا تقديم العولمة على انها المؤامرة الكبرى! اما ما لا يمكن ان نتجاوزه فهو: كيف يمكننا توظيف المتغيرات من حولنا؟.. لعل من الضروري توضيح ان الاقتصاد العالمي يمر بحالة صعبة بالفعل, يصورها بعض الاقتصاديين بالمرحلة التي مهدت للكساد العظيم في الثلاثينات, عندما ارتدت الدول الكبرى (تحديدا الولايات المتحدة وبريطانيا) عن انفتاحها التجاري, واخذت تضع العوائق, فتبعتها الدول الاخرى الواحدة تلو الاخرى.. ومع هذا ـ وبعيدا عن السرد التاريخي ــ فالعالم عانى في السنوات الاخيرة لاسباب تذكرنا بانتهازية شركة الهند الشرقية, التي اسستها ملكة بريطانيا في العام 1600 لكسر الاحتكار الهولندي ــ البرتغالي لتجارة اوروبا مع الهند, ثم ما لبثت ان تحولت تلك الشركة الى حصان طروادة مهد لاستعمار بريطانيا للهند لاحقا. ــ أ.ش.أ

Email