اقتراحات لمواجهة الاقتصاد السوري تحديات الألفية الثالثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

دمشق ـ البيان: في دراسة اقتصادية حديثة يرى باحث الاقتصاد السوري المعروف الدكتور ممتاز نحاس انه على العالم العربي ان يعدل من خططه الاقتصادية ويبني خططاً اقتصادية جديدة على ضوء الوضع الاقتصادي، العالمي والا فإنه سيواجه مشاكل اقتصادية متعددة تجعله يفقد تدريجياً موقعه السياسي والاقتصادي في عالم اصبح فيه الاقتصاد المعيار الاساسي للقوة. ويقترح الباحث الاقتصادي عدة اقتراحات للتغلب على المشكلات الاقتصادية التي استقبل بها العالم العربي القرن الواحد والعشرين من خلال الاهتمام بوضع المناهج التربوية والعلمية المواكبة للحضارة الحديثة ودراسة الواقع الصناعي والتجاري والبحث مع كافة الشرائح العاملة لربط الخطط التنموية وخاصة الخطط الهادفة إلى احداث صناعات انتاجية وفق المعايير العالمية لصفة الانتاج والاختيار الافضل لاستخدام المواد الاولية والقيام باعداد مراكز ابحاث متخصصة بكل نوع والاعتناء بالتدريب والتأهيل لليد العاملة حسب متطلبات المواصفات العالمية إلى جانب الاعتماد في فرض الضرائب على اساس اتساع الاعمال افقياً وليس هرمياً والعمل على ايجاد موارد اضافية منه خارج فرض الضرائب لتغطية الانفاق اللازم لتحسين مستوى الدخل الفردي السنوي واعتماد زيادة الموارد السياحية والعمل على الاستخدام الامثل للموارد الطبيعية ضمن الشروط العالمية التسويقية المطالبة لذلك. والعمل على ترشيد الانفاق العام واعادة توزيع العمال وتشجيع عمليات الاستثمار من خلال تعديل قوانين الاستثمار وجعلها تتفق مع القوانين المعمول بها في البلدان المتقدمة بالاضافة إلى انشاء بورصة للاسهم واحداث مصارف عربية والغاء بعض القوانين التي تحد من نقل الاموال والعمل على تشكيل لجان وجمعيات للتصدير خاصة بكل مهنة منفصلة عن غرف التجارة واعتماد لجنة خاصة تقوم بالنقل المرحلي ما بين الواقع الاقتصادي والاقتصاد المطمح اليه حتى لا تحدث اختناقات ومشاكل اقتصادية على ان تضم اللجنة اعضاء فنيين مختصين يتمتعون بصلاحيات تنفيذية واسعة. ويرى الدكتور ممتاز نحاس ان انشاء منطقة حرة للتجارة العربية موضوع صعب التحقيق في ظل الانظمة الاقتصادية المتعددة لذلك من الافضل ان يتم هذا الموضوع على مراحل يتفق عليها كالبدء بتطبيق السوق العربية المشتركة والبدء بالتكامل الاقتصادي العربي الذي يشمل استفادة العالم العربي من الامكانات الاقتصادية المتواجدة عربياً والعمل على انشاء المصارف ووضع عملة موحدة مع رفع الحواجز الجمركية والحدودية إلى جانب وضع استراتيجية تجارية صناعية فيما بينها من خلال تقاسم الاسواق الداخلية والخارجية. بعد ذلك يمكن التفكير بافتتاح منطقة حرة عربية للتعامل الخارجي كمنفذ للعالم العربي بحيث تظهر قوة الاقتصاد العربي من خلال المناطق الحرة العربية والتي يمكن ان يكون مجال المنافسة فيها بين العارضين العرب اضافة إلى جعل هذه المناطق مخازن لتخزين البضائع الاجنبية التي تحتاج اليها البلاد المجاورة وهو الامر الذي ينعكس ايجابياً على اعمال الترانزيت. وعن آثار السلام الموعود مع اسرائيل فإن الدكتور نحاس يرى بغض النظر عن صعوبة تحقيق هذا السلام الذي سيؤثر على اقتصاديات العالم العربي حيث ستبدأ مرحلة الغزو الاقتصادي للصهيونية الصناعية العالمية للعالم العربي وهذا ما يشكل اخطاراً كبيرة تتمثل في اضعاف القدرات الاقتصادية وجعل كلمة العالم العربي تضعف تدريجياً تجاه الشروط الاسرائيلية التي تهدف إلى الاستيلاء على مقدرات الشعب العربي. اما فيما يتعلق بالسياسة الناجحة للاستثمار فيرى الباحث الاقتصادي السوري انها تنقسم إلى قسمين الاول يتناول دراسة واقع الاقتصاد الحالي فيما يشبه اعادة تنظيم القوى الاقتصادية والثاني يرتكز على كيفية انشاء الصناعات بمختلف اشكالها وانواعها وطرق انشاء وعلى اعداد القوانين والبحث عن مصادر تمويل مناسبة إلى جانب ايجاد مشاريع اقتصادية تثبت صلاحيتها من خلال ابحاث علمية متطورة ولا يعتبر المشروع الصناعي ناجحاً انتاجياً الا في حالة تحقيق شرطين اساسين الاول الحد من تهريب السلع المماثلة الانتاج إلى داخل البلاد والثاني امكانية تحقيق قصب المنافسة العالمية لمنتجاته. وهنا لابد من الاشارة الى العلاقة القوية مابين تأمين القطع الاجنبي اللازم لدعم الاقتصاد الوطني وبين نوعية المشاريع الصناعية المحدثة. لذلك لابد من النظرة القومية في هذه المشاريع لتحقيق المنفعة الكاملة للامة العربية. وعن المطلوب من الحكومة السورية في هذه الآونة لتجاوز الوضع الاقتصادي القائم آنيا يقول الدكتور ممتاز نحاس انه لابد للحكومة السورية من اعادة تقييم كامل وشامل لكافة مقدراتها الاقتصادية الحالية والعمل على تحسين استثمارها تصنيعاً وتصديراً واستهلاكاً وربط كل ذلك بالخطط التنموية التي تحتاج الى تغذية مستمرة سواء عن الفائض من العمليات الاقتصادية أو من خلال القروض والمعونات وأموال المغتربين والسياحة ومن ثم وضع العلاجات المناسبة استناداً الى رأي أهل الخبرة الاقتصادية المتوفرة على أن يتم مراقبة تنفيذ العلاجات ونتائجها لضمان بأن وصف العلاجات كان صحيحاً وان المرض الاقتصادي قد استفاد منه فعلاً. وعن كيفية استقطاب الاستثمار في سوريا فان هذا عائد لنجاح الاقتصاديين السوريين في تسويق هذا الاستثمار من خلال تقديم عدد من المشاريع الصالحة والمدروسة دراسة جيدة ليتم عرضها على المستثمرين العرب والأجانب ومنحهم الوقت الكافي للدراسة ومن ثم العمل على الغاء كافة العقبات التي تحد من تحقيق غاية الاستثمار الاساسية وهي استعادة المال المستثمر في أقل فترة ممكنة وهذا يعني ان يحقق المستثمر ربحاً سنوياً صافياً لايقل عن1 5% أي انه يستطيع المستثمر أن يسترد رأسماله خلال فترة سبع سنوات وهو ما يدعى الاستثمار القصير الاجل. اما فيما يتعلق بالاستثمار طويل الأجل فيرى الباحث الاقتصادي ممتاز نحاس ان هذا الاستثمار يحتاج الى أموال أكثر كما ان احتمال تعرضه للمخاطر أكبر مما هو عليه الاستثمار قصير الاجل وبالتالي اذا استطاعت الحكومة السورية النجاح في كسب تأييد المستثمرين الصغار فإنها بلاشك ستستطيع كسب تأييد المستثمرين الكبار. وعن رؤيته للعلاقات الاقتصادية الخليجية ــ السورية يرى الدكتور نحاس ان هذه العلاقات لم تنم الى الدرجة التي يطمح اليها كلا الطرفين. فهناك الأسواق الحرة في دول الخليج التي تأمها السلع من كل جنب وصوب ومن المعروف ان نجاح أي سلعة يحتاج لتحقيق شرطين أساسيين السعر والجودة واذا ارادت السلع السورية الدخول الى هذه الأسواق فعليها التقيد بالوضع العالمي للسلع المنتجة وهي الوسيلة الوحيدة التي تساعد على زيادة التعامل التجاري مع دول الخليج. كما ان الوسيلة الاخرى المساعدة على هذا الدخول هو اقناع دول الخليج العربي بالتخفيض التدريجي على الرسوم الجمركية المدفوعة على البضائع السورية المصدرة حتى تصل الى درجة الاعفاء الكامل وهو الأمر الذي يمنح السلع السورية ميزة اخرى وهي المساعدة على تجاوز محنة المنافسة التي تعاني منها هذه الصادرات بشكل من الاشكال. أما عن تقييم الوضع الاقتصادي الحالي لدول الخليج العربي فيقول الدكتور ممتاز نحاس انه اقتصاد يرزخ تحت عبء الديون الضخمة التي ترتبت عليه نتيجة حرب الخليج الثانية بعد ان كانت موازينه التجارية تحقق فائضاً اقتصادياً. لهذا فان الاضعاف الاقتصادي غير المباشر الذي خضعت اليه دول المواجهة مع اسرائيل بدأ فعله من دول الخليج العربي, اضافة للخلافات العربية التي يستفيد منها الطامعون باقتصاد دول الخليج. لذلك فان خير ما تفعله هذه الدول هو دعم التضامن العربي والمصالحة العربية حتى تفوت على الطامعين في اقتصادها فرصة تصريف اسلحتهم وبالتالي استخدام الأموال الفائضة والناجمة عن الاستخراج النفطي في تحسين اقتصادها وتطويره بالشكل الذي يساعدها على الاستمرار في نهوضها الاقتصادي الذي تشهده حالياً.

Email