نظرة على الاقتصاد الاسلامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصف أحد كبار المفكرين الاقتصاديين فى الغرب المسلمين على زمن ازدهار الدولة الاسلامية خلال الفترة من منتصف القرن الثامن الميلادى وحتى نهاية القرن الحادى عشر بأنهم (عباقرة الشرق، الذين قدموا للحضارة الانسانية مآثر عظمى ابتداء من كتابة اعظم المؤلفات والدراسات قيمة واصالة وعمقا باللغة العربية.. ومرورا باقامة دول اسلامية فى اطراف الجزيرة العربية على شواطىء بحر العرب وفى بلاد الرافدين والشام وفى شمال افريقيا حتى وصلت الى الاندلس الى جنوب فرنسا فى اوربا). وحمل المسلمون رسالة ذات طابع يبلغونها الى العالم اجمع.. فاقترن قيام اول دولة اسلامية برسالة انسانية عبرت عن خصائص الاسلام كمفهوم متجدد فى اتجاه التقدم من اجل الانسانية.. حيث لايقتصر الاسلام على العبادات فقط (الصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد) وانما يدعو ايضا الى حماية المجتمع والدفاع عن استقلاله وصيانة كرامة الانسان والتصدى لاى نهب للثروات الطبيعية للدول الاسلامية.. كما يحارب التخلف والتبعية والشعور بالنقص تجاه الدول المتقدمة. ويتصف الاسلام بأنه نظام شامل وكامل يعالج جميع شئون الانسان ويتدخل فى سائر المجالات الحياتية ويحاول ان يضع حلولا مناسبة للمشكلات والصعوبات التى تعترض مسيرة المجتمع نحو الخير والعدل والمساواة. ويمكن تحديد العلوم الاسلامية وملامح الفكر الاقتصادى الاسلامى بالاعتماد على المصادر الرئيسية التالية: القرآن الكريم ان الذى أخصب الفكر الاسلامي هو (القرآن الكريم) الذى يشكل حدثا خطيرا فى تاريخ العرب بشكل خاص والامم بشكل عام حيث جاء بنظرة كونية سماوية ووحد المسلمين فى امة لها رسالتها وخصائصها.. ومن بين اهم اسباب انتشار الاسلام وضوح مبادئه التى تؤكد على العدل والمساواة والاحسان وتهذيب النفوس والتسامح.. وينعكس ذلك ايضا على التفسير.. اذ كان النبى عليه الصلاة والسلام اول شارح للمعانى التى وردت فى القران ليوضح لاصحابه معانى القرآن واهدافه.. ولعب المفسرون دورا كبيرا فى الفكر الاسلامى الاقتصادى.. فاشتهر عدد غير قليل من الصحابة فى تفسير القران.. وجاء التفسير ليحدد العديد من ملامح الفكر الاقتصادى والمعاملات بين الناس وبخاصة مايتعلق بالكسب الحلال وتحريم الربا والغش. الحديث وكان للحديث (وهو كل ماورد عن الرسول واهل بيته من قول او فعل او تقرير) اكبر الاثر فى نشر العلوم والثقافة فى العالم الاسلامي وفى تغذية الفكر بشكل عام حيث ازدهرت العلوم التطبيقية والعلوم الانسانية ومنها الفكر الاقتصادى الاسلامى وذلك عكس مايروج له الفكر الاقتصادى الغربى الذى يرى ان بداية الافكار الاقتصادية ظهرت عند اليونان ثم قفزت الى العصور الحديثة فى اوربا. التشريع (الفقه) لم يقتصر الفقه الاسلامي على بيان اصول الدين والدعوة اليه والامر بمكارم الاخلاق والنهى عن الفواحش بل تعرض التشريع للمسائل المدنية والاحوال الشخصية من بيع وايجار ونحو ذلك. ويقوم الهيكل العام للاقتصاد الاسلامى على ثلاثة مبادىء رئيسية تميزه عن سائر المذاهب الاقتصادية الاخرى.. وهذه المبادىء هى.. الملكية المزدوجة.. والحرية الاقتصادية ضمن نطاق الشرع.. والعدالة الاجتماعية. ولايتفق المذهب الاسلامي مع من يعتنق مبدأ الملكية المزدوجة اى الملكية ذات الاشكال المتنوعة.. فهو يؤمن بالملكية الخاصة للافراد والملكية العامة للدولة فى حدود ضيقة ويخصص لكل منها حقلا خاصا تعمل فيه.. ولهذا كان من الخطأ ان يسمى المجتمع الاسلامى مجتمعا رأسماليا وان سمح بالملكية الخاصة لعناصر من وسائل الانتاج ورؤوس الاموال.. وان كانت الملكية الخاصة عنده هى القاعدة العامة. كما ان من الخطأ ان يطلق على المجتمع الاسلامي اسم المجتمع الاشتراكى وان اخذ بمبدأ الملكية العامة او ملكية الدولة فى بعض الثروات لان الشكل الاشتراكى للملكية ليس هو القاعدة العامة فى رأيه. وكذلك من الخطأ ان يعد مزيجا مركبا من هذا وذاك لان تنوع الاشكال الرئيسية للملكية فى المجتمع الاسلامي لايعنى ان الاسلام مزيج بين المذهبين الرأسمالى والاشتراكى.. وانما يعبر ذلك التنوع عن اشكال الملكية عن تصميم مذهبى اصيل قائم على قواعد فكرية معينة وموضوع ضمن اطار خاص من القيم والمفاهيم تناقض تلك التى قامت عليها الرأسمالية الحرة والاشتراكية الماركسية. ــ ق.ن.أ

Email