إندماج الشركات الايجابيات والسلبيات ، الخلاف بين الادارتين قد تعرقل نجاح المؤسسة الاندماجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان اندماج سيتي كورب وترافلرز هو أغرب اندماج بين شركتين أو كان يبدو كذلك عام ,1998 حيث كان الاندماج بين مؤسستين ماليتين كبيرتين هو الأكبر لأن اجمالي القيمة السوقية لهما كان 84 مليار دولار أمريكي عندما أعلن عن الاندماج. الفكرة وراء اندماج المؤسستين لايجاد سيتي جروب المؤسسة الجديدة هو انشاء مجموعة عالمية تقوم بانشطة تجارية واسعة النطاق تشمل الخدمات المالية والبيع من خلال سلاسل السوبر ماركت التي توفر كل الخدمات المالية للأفراد والهيئات والحكومات في كل انحاء الكرة الأرضية. كان الاندماج بين ندين كبيرين أو هكذا يقال دائما من أجل ارضاء مدير المؤسسة التي تباع أسهمها للأخرى. في هذه الحالة كانت الاجراءات المتبعة بالفعل تفيد بأن المؤسستين ندين متساويين لأن مديري المؤسستين أصبحا رئيسين بالتعاون للمؤسسة الجديدة ومديرين تنفيذيين بالتعاون ايضا. لكن الحظ لم يكن كما تهوى السفن, وقال ساندي ويل رئيس ترافلرز انه اعتاد على الشراكة في الرئاسة لأنه متزوج منذ 43 عاما, ربما تكون هذه العبارة الاستعارية قد سببت حرجا لجون ريد رئيس سيتي كورب الذي طلّق زوجته منذ عام 1991 وتزوج بأخرى عاملة في شركته. ولم يمض أكثر من 15 شهرا على الاندماج حتى اتفق الرئيسان على الفصل بين مناصبهما تحت ضغط من اصحاب الاسهم. ثم ترك ريد المؤسسة وتقاعد نهائيا في ابريل من العام الجاري بناء على طلب مجلس الادارة وترك المنصب بالكامل لويل. ولا ينكر أحد حتى الآن نجاح سيتي جروب, حيث حصلت على المركز الأول عالميا من حيث حجم الارباح خلال الربع الأول من العام الجاري, لكن الصراع على السلطةفي المستويات الادارية العليا أدى الى تأخير التكامل واحبط بيع الخدمات المالية الشاملة بين كل منهما, رغم ان هذا كان الهدف الرئيسي من عملية الاندماج. كما منع هذا الصراع وضع استراتيجية قوية للاستفادة من الانترنت. ويعترف ويل بأن المسئولين أخذوا وقتا طويلا من اجل ترتيب المناصب, والحقيقة ان الثمن كان أكثر مما قد تشير اليه الشواهد, ليس فقط في فقدان الفرص التجارية. يسيطر على ادارة سيتي كورب الآن مسئولون من ترافلرز وقد يشكل خسارة خبرة سيتي بنك الادارية مشكلات خاصة خارج الولايات المتحدة. وقد لا تصل المؤسسة الجديدة في مستوى الاداء حسب ما يتوقع منها سوق الأسهم. دخلت سيتي كورب وترافلرز عملية الاندماج دون خبرة سابقة بها, لقد تحولت سيتي كورب في التسعينيات من الاشراف الى الافلاس الى بنك استهلاكي رائد في العالم. ويذكر ان تاريخ الشركة يرجع الى عام ,1812 لكن الاندماج الكبير لم يكن له دور في ذلك النجاح. الحقيقة ان عملية الاندماج لم تكن على ما يرام خاصة شراء شركة كوثرون لبيانات الاوراق المالية. بل على العكس مكن العدو وراء الاندماج ساندي ويل من انشاء شركة شيرسون لويب رودز للوساطة التي اندمجت مع امريكان اكسبريس عام 1981. ثم تقاعد عام 1985 بعد خلاف مع جيمس روبنسون رئيس امريكان اكسبريس وبالتالي تعلم درسا هاما هو ألا يكون الشريك الصغير في عملية اندماج. وفي عام 1986 اشترى ساندي ويل شركة كوميرشيال كريديت, التي تحولت الى ترافلرز من خلال عمليات الاندماج, وتقوم مجموعة ترافلرز بنشاط التأمين والوساطة. وعند اعلان الاندماج بين سيتي كورب وترافلرز, كان بنك سالمون براذرز لايزال مندمجا مع سميث بارني شريك ترافلرز. وفي يونيو 1998 اشترى ساندي ويل أسهما أخرى في شركة نيكون للأوراق المالية اليابانية. كان أسلوب ساندي ويل في الاندماج يقوم على استراتيجية واضحة تشمل التخلص من بعض العاملين في النشاط الاداري وبسرعة كبيرة. وحاول ان يخفف من غموض فرص المستقبل عن طريق اختيار فريق اداري لادارة الشركة الاندماجية في اسرع وقت ممكن, غالبا على اساس كفاءة الفريق ودرجة ولائه له. وضع مختلف لكن عند اندماج سيتي كورب مع ترافلرز لم تكن العملية بهذا الوضوح, فلن تكن سيتي كورب تفتقر الى الادارة, او على الاقل لا ترى ذلك نقيصة لديها. وكان هناك احتمال الا توافق السلطات التنظيمية على الاندماج وهو الخطر الذي ادى الى وجود نوع من التردد في العملية. وساعد اندماج سيتي كورب مع ترافلرز على ضمان التخلص من قانون جلاس سيتجال الأمريكي الذي كان يقضي بانفصال البنوك التجارية عن شركات التأمين والبنوك الاستثمارية. لكن بقيت مشكلة ان الاندماج هو بين ندين متكافئين تلوح في الافق. رئيسان أفضل من رئيس واحد اسرع المسئولون في الشركة الاندماجية الجديدة بالعمل على ضمان حيازة المناصب, بحيث يكون كل منصب له شخصين متكافئين. كما كان ويل وريد رئيسين للشركة الجديدة, اصبح نصف اعضاء مجلس الادارة من سيتي كورب والنصف الآخر من ترافلرز. ورأس بوب لبب من ترافلرزو ويليام كامبل من سيتي كورب قسم المستهلكين الدولي. وكان هناك ثلاثة رؤساء لقسم الشركات العالمية هم فيكتور مينزس من سيتي كورب وديريك موجان من سالمون سميث بارني وجيمي ديمون من ترافلرز. ونتيجة ذلك اصبح كل قرار يتخذ يستغرق مناقشة فلسفية طويلة, وانعكس ذلك ايضا على شخصية الرئيسين التنفيذيين. ريد يحب مناقشة المسائل الادارية مع الاكاديميين. وكان معتادا على ادخال الكثيرين في الشئون الادارية الداخلية ثم يطردهم بعد قليل وكان ويل يتمتع بشجاعة غريزية تفوق قدرته على قراءة الاوراق ويعتمد على دائرة ضيقة من الاداريين الذين يدينون له بالولاء. ثم ادت صعوبة اتخاذ القرار على المستويات العليا الى مشكلات في قسم الشركات الدولية والبنوك الاستثمارية اي العلاقة مع سالمون سميث بارني التابع لترافلرز وبنك سيتي. والاندماج لم يصبح كاملا. وبدأ المصرفيون في سالمون سميث بارني يرون زملاءهم الجدد على انهم مجرد موظفي شركات. لكن العاملين في بنك سيتي كانوا فخورين بأن لهم عملاء من الشركات العالمية يصل عددهم الى 1500 وينظرون من اعلى للعاملين في سالمون سميث بارني لأن عملاءهم هم من طبقة دنيا. وكانوا يريدون ان تظل خدماتهم تقدم تحت اسم سيتي بنك وألا تتغير الى اسم سالمون سميث بارني. وكانوا يخشون الخسائر الكبيرة التي منى بها سالمون سميث بارني خلال ازمة السوق المالية عام 1998, عندما اعرب المديرون التنفيذيون عن شكواهم من كيفية سير عملية الاندماج. وتحطمت همزات الوصل. وكان رد فعل الرئيسين التنفيذيين حسما غير معهود. بعد اسبوع واحد تم تعيين فريق اداري جديد. وترك ديمون الشركة حيث ان طموحه كان يسبب قلقا لويل. وتم تعيين مايكل كارينتر مديرا لقسم الشركات العالمية والبنوك الاستثمارية الى جانب مينزس, بسبب ولاء الأول لويل. وبدأ ان الرجلين يتجهان نحو الاندماج الكامل واختارا فريقا اداريا جديدا وتعاملا مع عدد من القضايا التي كانت تحتاج الى تصرف سريع. ثم تحدث الأمير الوليد بن طلال, اكبر المساهمين في المجموعة في يوليو عن الخلافات بين رئيس الشركة. فتولى ويل النشاط اليومي للعمليات, وتولي ريد وضع الاستراتيجيات. وفي اكتوبر العام الماضي تم تعيين روبرت روبين وزير الخزانة السابق وأحد مديري جولدمان ساكس, في منصب رئيس الشركة, فيما يبدو ليكون حمامة السلام بين الرئيسين التنفيذيين. والآن اصبح الخلاف في الادارة العليا علنيا. وقال ريد انه غير متأكد اذا كان الاندماج سوف يحقق نجاحاً بنسبة 100% وظل يعقد مقارنات بينه وبين ساندي. ويقول ان العاملين في المؤسسة ينظرون اليهما نظرة مختلفة وان زميله غير راض عن ذلك لكنه لا يدري ماذا يفعل من اجله. الحقيقة ان اتباع ساندي كانوا يتولون المناصب العليا بسرعة كبيرة واتباع جون يتركون العمل. وسيطر ويل بعد قليل على سيتي بنك. وانتهت عملية الفصل بين المديرين المتشابين في يوليو العام الجاري. واصبح كارنبتر هو الرئيس الوحيد لقسم الشركات الدولية والبنوك الاستثمارية واصبح مينزنس رئيس قسم البنوك الاستهلاكية في الاقتصاديات الصاعدة, وهو آخر المديرين من سيتي بنك الذين ظلوا في المؤسسة. وانضم ليب, الموالي لويل رئيس البنوك الاستهلاكية إلى مكتب رئيس المؤسسة على ان يقوم بتنسيق المبيعات. وقال ويل ان الاندماج في نشاط البنوك الاستثمارية والشركات حدث بشكل اسرع لانه كان لابد ان يحدث ذلك. ويقول اذا كان الامر اكثر بطئاً لفقدت المؤسسة كثيراً من العملاء. فهناك تحديات تكنولوجية كبيرة مثل انظمة الكمبيوتر غير المتوافقة. ولا يزال سيتي بنك يعتقد ان المبيعات المشتركة للتجزئة وخدمات المستهلك سوف تحقق نتائج افضل لكن التقدم بطىء. وكان من الصعب تكامل الانظمة وتحيرت الوحدات التابعة للمؤسسة حول اى الاسمين تبيع تحته خدمات المبيعات. ومما زاد من تعقيد المشكلة استراتيجية المجموعة بخصوص الانترنت. يعتقد ريد الذي تولى الرئاسة المنفردة في يوليو العام الماضي ان امكانات استفادة سيتي بنك من الانترنت سوف تتحقق بالتطوير من الصفر للخدمات المالية. وتم انفاق اكثر من 500 مليون دولار لتطوير إي ـ سيتي او بنك سيتي الالكتروني, وهو مثال كلاسيكي على استراتيجية مبتكرة طنانة يتبعها ريد من عقود عندما وضع آلافا من ماكينات الصرف الآلي في فروع سيتي بنك وغير الطريقة التي يتعامل بها العملاء مع البنك. لكن البنك الالكتروني لم يجذب كثيراً من العملاء ويتعرض لانتقاد وكراهية من انشطة سيتي بنك الاخرى. ومنذ تقاعد ريد, تم تحويل البنك الالكتروني إلى مجرد شركة مستثمرة وتم نقل 1400 من العاملين فيه إلى انشطة اخرى تابعة لسيتي بنك. الآن استراتيجية الانترنت متروكة للمديرين التنفيذيين في كل نشاط على حدة. قد يكون هذا الحذر نوعاً من الخطأ. فقد قال ريد في يونيو رداً على سؤال اذا كان ويل يستطيع نقل سيتي بنك إلى عصر الانترنت, ان هذا ليس من اساسيات استراتيجياته. وقال انه لن يصمم بنفسه شركة انترنت لتفعل ذلك. وقد تكون شجاعة ريد حققت نتائجها, كما حدث في انفاقه على ماكينات الصرف الآلي, التي سببت في الواقع خسائر كبيرة. وبرغم الصراع الداخلي والكبوات الاستراتيجية وتأخر عملية الاندماج, ازدهرت مؤسسة سيتي كورب من حيث الارباح واسعار الاسهم. فقد قام ويل كالعادة بخفض التكاليف وارهق العاملين في الطبقات الدنيا من المؤسسة وقام المديرون الجدد من ترافلرز بادخال استراتيجية جريئة في المبيعات في افرع سيتي بنك. لكن التابعين لترافلرز يديرون اسواق سيتي بنك الخارجية حيث الافرع التي تفتقر للخبرة لكنها هي الاسواق التي يتوقعون منها الربح الوفير. لقد ذهبت ذاكرة سيتي بنك الادارية التي وفرت بعض الحماية ضد اقراض قروض غير مضمونة, وكذلك رؤية ريد. ويتمتع ويل بمهارة في اصلاح الامور ثم توسيع الشركات ذات الادارة الضعيفة. لكن عليه ان يثبت انه يستطيع اصلاح وتوسيع المؤسسة العملاقة بالفعل, سيتي كورب. كتب المحرر الاقتصادي

Email