التغيرات الاقتصادية باليمن تؤثر على الوضع المعيشي للمواطنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينظر محمد عبد الله السامعي الموظف الحكومي منذ اكثر من 15 سنة الى السلع والملابس الموجودة في صف طويل في المعارض التي تكاد تخلو من مرتاديها بحسرة مشوبة بأمل ضئيل في ان يفي المبلغ الذي بحوزته لشراء احتياجات اسرته الضرورية. واعتاد محمد السامعي الذي يتقاضى راتبا شهريا يقل عن 80 دولارا على القيام بجولة يومية في عدد من شوارع العاصمة اليمنية صنعاء على امل الحصول على فرصة عمل اضافية تساعده في التغلب على صعوبات الحياة المعيشية فهو واحد من الاف السكان الذين يعانون من مشكلات ارتفاع تكاليف السكن والتنقل والخدمات. ويدرك هذا الموظف مثل غيره قساوة التغييرات الاقتصادية التي طرأت على حياته جراء برامج الاصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة اليمنية منذ قرابة خمسة اعوام والتي يقول انها التهمت نحو 60 فى المئة من دخله الشهري وادت الى تدهور مستواه المعيشي. وتقدر الدراسات الحكومية ان اكثر من خمسة ملايين نسمة من السكان ولاسيما شرائح الموظفين والعمال تأثروا ببرامج الاصلاحات الاقتصادية وانضموا تبعا لذلك الى صفوف الفقراء الذين تضاعف عددهم ليصل الى اكثر من تسعة ملايين نسمة في الوقت الراهن. وتؤكد الدراسات ان سياسة رفع الدعم عن السلع الاساسية ومشتقات النفط والخدمات الاخرى التي بدأت الحكومة بتنفيذها منذ عام 1995 ادت الى حدوث زيادة في اسعارها تقدر بحوالي 300 فى المئة حتى عام 1998. وارتفع متوسط الانفاق على السلع الاساسية من تسعة الاف الى اكثر من 19 الف ريال في الوقت الذي انخفض فيه متوسط الاجر الحقيقي الذي يتقاضاه الفرد بنسبة 70 فى المئة رغم الزيادات التي اعتمدتها الحكومة لرفع معدلات الاجور. ويبدو هذا الموظف الذي تكاد احواله تنطبق على شريحة واسعة من الموظفين واصحاب المهن الحرة الدائمة في ظل ظروفه الحالية متمتعا بمزايا فريدة قياسا بظروف غيره من الفقراء من العمال وفئات المجتمع الاخرى فيما اطلق عليه اقتصاد الرصيف الذي يشغل حاليا مساحة لا بأس بها في خارطة الاقتصادين النظامي وغير النظامي في اليمن. وتعتبر النساء والفتيات والصبية محدودي التعليم الى جانب كبار السن المحرك الاساسي لهذا النمط الاقتصادي حيث تشير التقديرات الى ان المئات من هذه الشرائح تنخرط بصورة دائمة في هذا النمط الاقتصادي وانها غالبا ما تمارس انشطة موسمية وغير منظمة. ولا تبدو هذه الشرائح مقتنعة بالمساعدات المالية التي تقدمها الحكومة لبعضهم شهريا في اطار شبكة الامان الاجتماعي لا سيما وان المبالغ التي يحصلون عليها قليلة للغاية اقل من 15 دولارا للحالة الواحدة وهي لا تسد الحد الادنى من احتياجات الغذاء الاساسية. ـ كونا

Email