الانترنت محرك رئيسي للنمو باقتصاد كوريا الجنوبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترتفع كوريا الجنوبية الى مستوى شهرتها بأنها أكثر الدول الآسيوية المعتمدة على الانترنت والتي تتمتع بأكبر انتشار لاستخدام الشبكة الالكترونية في المنطقة الآسيوية والطلب على خدمات الموجات الواسعة في ارتفاع. وهناك توقعات بأن يرتفع عدد المشتركين في الانترنت الى ثلاثة ملايين أو 25% من العائلات في كوريا الجنوبية التي يبلغ عددها 12 مليون أسرة, وسوف يصل معدل الاشتراك في الانترنت بهذه النسبة في نهاية العام الجاري, حسب التوقعات, مقابل 5% فقط بالنسبة للعائلات الامريكية. الموجة الواسعة تمكن المشتركين في الانترنت من الحصول على الخدمة بسرعة مليون بايت في الثانية الواحدة, وتسمح بعرض صور الفيديو بالسرعة العادية لأجهزة الفيديو, مقارنة بـ 56 الف بايت في الثانية, المستخدمة في خطوط الهاتف العادية. يقول بول بريسلر محلل الانترنت في سيول ان هناك مستخدمين للموجات الواسعة في كوريا الجنوبية أكثر من عدد المستخدمين الاجمالي في شرق آسيا باستثناء اليابان مما يعطيها أعلى نسبة في العالم في هذا المجال. حتى في سنغافورة التي تصل مستويات استخدام الموجات الواسعة فيها الى المستويات العالمية هناك 35 الف مستخدم فقط في هذه الخدمة بسبب ارتفاع الرسوم. وتعد رسوم استخدام الانترنت في كوريا الجنوبية الأقل مقارنة بالدول المتقدمة, ويصل سعرها الى نصف الرسوم في اليابان وفقا لاحصاءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتجاهد الشركات في كوريا الجنوبية من اجل زيادة انتشار الاشتراك في الموجة الواسعة, وشركتا ثرونت (أول شركة كورية مسجلة في مؤشر ناسداك الامريكي) وهانارو تيليكوم من رواد سوق مشتركي الموجة الواسعة للانترنت وحققتا 615 مليار وون كوري (551 مليون دولار أمريكي) من هذه الخدمة. لكن هناك تهديدات لسيطرة هاتين الشركتين على هذه السوق من جانب شركة كوريا تيليكوم, مجموعة الاتصالات الكبيرة التي تديرها الدولة. تأسست شركة ثرونت عام 1996 وهي مملوكة لشركتين رئيسيتين من حيث نسبة الاسهم هما تريجوم كمبيوتر (الشركة الرائدة في تصنيع الحاسب الآلي الشخصي) وشركة كوريا الكتريك باور المملوكة للدولة صاحبة شبكة الكوابل الكثيفة. أما شركة هانارو فقد أسستها مجموعات الشركات الكبيرة في كوريا التي تسمى شركات الشايبول, من أجل توفير الخدمة التليفونية عندما أصيب سوق الاتصالات بركود في منتصف التسعينيات. وأعطى دخول شركتي ثرونت وهانارو المبكر في سوق الموجات الواسعة لتوفير خدمة الانترنت السريعة للشركتين نصيب بلغ 75% من السوق, وتقتسم الشركتان هذه الحصة بالتساوي تقريبا. لكن شركة كيه.تي التي تسيطر على 17% من السوق تحقق أعدادا من المشتركين بمعدل أسرع خلال الأشهر القليلة الماضية. ويعتقد المحللون ان شركة كيه.تي تتمتع بعدد من المزايا التي ستجعلها قوة رئيسية في السوق في فترة وجيزة. والأهم من ذلك ان كيه.تي تعتمد على خطوط تليفون نقل الرسائل رقميا, تسمى خطوط المشتركين الرقمية, التي يحتمل استطاعتها توصيل هذه الخدمة الى نحو 20 مليون مشترك. لكن شركة ثرونت تعتمد على خطوط كوابل من الالياف الزجاجية لا تستطيع الوصول الا الى 6 ملايين مشترك فقط, تستخدم شركة هانارو خليطا من الخطوط الرقمية والكوابل الزجاجية. يقول تيم لي المحلل في شركة بارينجز في سيول ان الارقام تفصح عن القصة بكاملها, فسوف تسيطر خطوط المشتركين الرقمية مقارنة بخطوط الكوابل بما يعني ان شركة كيه.تي سوف تكون سيطرتها اكثر احكاما على سوق الموجات الواسعة في وقت قريب. الخطوط الرقمية هي الوسيلة المفضلة في توفير خدمات الموجات الواسعة للمجمعات السكنية التي يعيش فيها نصف سكان كوريا الجنوبية, لأنها ارخص سعرا مقارنة بنظام الكوابل, فقد تركزت المجمعات السكنية في أربعة تجمعات رئيسية في كوريا الجنوبية, هي: تاريجو وبوسان وتايجون وسيول على سرعة انتشار خدمة الموجات الواسعة. يعتقد المحللون ان الميزة الهامة الأخرى لدى شركة كيه.تي هي ان غالبية سكان كوريا يستخدمون بالفعل الخطوط التليفونية من مجموعة تيليكوم, وهذا يعني ان رسوم الموجات الواسعة التي توفرها كيه.تي تقل بنسبة 20% عن الرسوم التي تتقاضاها شركة ثرونت لأن الأولى غير مضطرة لانشاء شبكات جديدة. ويرى المحللون ان ثرونت وهانارو سوف تتنافسان على المركز الثاني في سوق الموجات الواسعة, الى جانب شركة (دريم لاين) التي تملكها مجموعة شيل جيدانج التي تسيطر حاليا على نسبة 6% من السوق. وتعد شركة ال.جي لشراء هانارو من المجموعة المالكة لها والاندماج بينها وبين شركة داكوم التي تملكها ال.جي وهي شركة هواتف من أكبر شركات كوريا الجنوبية في توفير خدمة الانترنت. الانترنت واقتصاد كوريا الجنوبية سجل اجمالي الناتج المحلي الكوري الجنوبي معدل نمو 8.12% خلال الربع الأول من العام الجاري مقابل الفترة نفسها من العام الماضي, مما يثير جدلا حول امكانية ان تقوم الحكومة بتهدئة سرعة النمو الاقتصادي. ويستمر الاقتصاد في تحقيق معدلات نمو سريعة جدا عقب الانكماش الذي حدث عام ,1998 حينما سجل نموا بنسبة 7.6%, وسجل اجمالي الناتج المحلي نموا بمعدل 7.10% خلال العام الماضي. وساهم في هذا النمو المرتفع ارتفاع استثمارات رأس المال بنسبة 6.63% وارتفاع الصادرات بنسبة 1.25%. وهناك اشارة أخرى على انتعاش النمو الاقتصادي ظهرت في احصاءات وزارة العمل, حيث قالت ان معدل البطالة انخفض الى 1.4% في ابريل الماضي مقابل 7.4% في مارس, وهناك قلق بين بعض المحللين الاقتصاديين بأن سرعة النمو الاقتصادي سوف تشكل ضغوطا تنذر بارتفاع التضخم ويقولون ان الحكومة تدعم أسعار الفائدة أو تسمح بارتفاع قيمة العملة للمساعدة في السيطرة على الأسعار. وقال نيل ساكر الخبير الاقتصادي في سنغافورة ان معدل التضخم قد يصل الى 5% بحلول نهاية العام الجاري, رغم ان متوسط المعدل قد يكون 3% على مدار العام. وأضاف ان هناك ضغوطا بدأت وتتزايد على معدل التضخم وان الحكومة ينبغي ان تبدأ في مكافحة التضخم من الآن حتى نهاية العام. غير ان المسئولين في الحكومة وخبراء اقتصاديين آخرين مستقلين لا يشعرون بنفس القلق ويقولون ان معدل النمو الاقتصادي بطيء. وكان الاقتصاد قد سجل معدل نمو خلال الربع الأول من العام بنسبة 8.1% مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي, وهو أقل معدل نمو بين ربع عام وآخر منذ عام 1998. وكان معدل التضخم خلال النصف الأول من العام 4.1% على أساس نمو سنوي. وقال لي تشول هوان مدير قسم السياسات الاقتصادية في وزارة المالية والاقتصادية انهم يتوقعون ان يهدأ معدل النمو الاقتصادي. ولايزال جراهام كورتني الخبير الاقتصادي في طوكيو يقول ان الحكومة الكورية تحتاج الى ان تكون سياساتها أكثر فعالية حتى اذا كان معدل التضخم منخفضا, ويضيف ان البنك المركزي في كوريا الجنوبية لابد ان يرفع أسعار الفائدة لتصل الى 6% مقابل 5% حاليا. وقال مسئول في البنك المركزي ان السياسة الحالية تجعل سعر الفائدة مستقرا. وقال كورتني ان الكوريين ينبغي ان يهدئوا من معدل النمو الاقتصادي الحقيقي. واذا كان كورتني على حق, فقد تكون الحكومة مضطرة لأن تفعل ذلك, وسوف يؤدي ارتفاع اسعار الفائدة الى ضغوط على الشركات والمؤسسات المالية, وكثير منها يقوم حاليا بعملية اعادة هيكلة. وارتفاع سعر العملة المحلية الكورية قد يضر بالصادرات, وتشعر الحكومة بالقلق بشأن تقلص الفائض في الحساب الجاري, وقالت الحكومة في وقت سابق انها تشجع زيادة الصادرات من منتجات مثل السيارات وأشباه الموصلات مع القيام بحملة كبيرة للتخفيف من الواردات وخلص استهلاك الطاقة حتى تحقق المستهدف من الفائض في الحساب الجاري الذي تريد ان يصل الى 12 مليار دولار (26.13 مليار يورو) خلال العام الجاري. ومن المتوقع للنمو الاقتصادي خلال العام الجاري, حتى مع سياسات تهدئة النمو الاقتصادي, ان يكون قويا ليسجل إجمالي الناتج المحلي نموا بنسبة 8.8% خلال العام الجاري بما يفترض ان تكون العملة المحلية قوية. لكن الانباء الاقتصادية عن النمو في كوريا لم تساهم في رفع الاسعار في البورصة المحلية التي تعاني انخفاضا, حيث انخفض المؤشر الرئيسي لها 7.1% من نسبة الانخفاض التي سجلتها بنسبة 36% منذ الأزمة الآسيوية عام 1997.

Email