اصلاحات هيكلية بتركيا لجذب استثمارات أجنبية في مجالي الغاز والبترول

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد تصبح تركيا محط انظار العالم من حيث الاستثمارات العالمية للطاقة, وان تكون اكبر منطقة لجذب هذه الاستثمارات بعد كل من الصين والهند والبرازيل. لقد بدأت تغيرات كبيرة في تركيا سوف تجعل من السهل على الشركات والمستثمرين تأمين التمويل واختصار المسافات والزمن. لقد حقق برنامج الاصلاح الاقتصادي في تركيا بدعم من صندوق النقد الدولي ردود فعل ايجابية وتتوقع الحكومة التركية ان ترفع المؤسسات العالمية مكانتها على قوائمها من حيث الملاءة المالية. وادى ارتفاع الديون التركية منذ عام 1994 إلى تدهور ترتيب تركيا على قوائم مؤسسات التقييم العالمية والمؤسسات الاستثمارية والمالية. وسوف يؤدي تحسين ترتيب تركيا على هذه القوائم إلى سهولة حصولها على كميات اكبر من القروض وباسعار اقل تكلفة. وهناك ترحيب كبير بمنح القروض للحكومة التركية, مما يعد فألاً حسناً بالنسبة لتمويل المشروعات الاستثمارية. وقد حصلت تركيا نحو نصف حجم القروض التي تحتاجها خلال العام الجاري وحجمها ستة مليارات دولار خلال الربع الاول من العام. وطبقت تركيا آلية من التحكيم الدولي في حالة النزاع بشأن الشئون المالية والقروض, وكان غياب هذا النظام يسبب قلقاً كبيراً بالنسبة للهيئات والدول المقرضة والمانحة. وتوصلت تركيا إلى اتفاق شامل مع صندوق النقد الدولي سوف يعزز الاطار القانوني, ويؤدي إلى انشاء هيئة تنظيمية في مجال الطاقة, وإلى وقف صفقات كانت تتم بلا قيود او ضوابط في هذا القطاع. وافق مجلس ادارة البنك الدولي على هذه الاتفاقية من اشهر مما ادى إلى صرف 750 مليون دولار من القروض التي تحتاجها تركيا لتعزيز الاصلاح الاقتصادي. ويقول ممثل البنك الدولي في تركيا اجاي شاهبير ان اهم جوانب هذا الاتفاق هو ان تركيا وافقت على تطبيق نماذج اقتصاد السوق الحقيقية في مجال الطاقة بحلول عام 2005. وهناك جانب آخر هام في الاتفاق هو الغاء صفقات مخالفة لهذه النماذج, اما الصفقات المبرمة بنظام الـ بي.أو.تي فسوف توفر الطاقة المطلوبة حتى عام 2005. ويقول شاهبير ان اهم تطور حدث في مجال توزيع الطاقة وكانت الدولة قد اعلنت عام 1997 عن مناقصات لتوزيع الطاقة الكهربائية في المناطق الرئيسية بقيمة 6.2 مليار دولار وتلقت عروضاً بالفعل, لكن حقوق الشركات لم تمنح من جانب الحكومة ولم يكن هناك حتى شركات تستطيع القيام بذلك بسبب الافتقار إلى التمويل. ويضيف ممثل البنك الدولي ان مصادر التمويل سوف تكون متعددة بما فيها القروض المصرفية والتمويل طويل الاجل الذي توفره هيئات ضمان الصادرات. ويقول احد المسئولين سوف يكون هناك اتجاه نحو شركات التأمين الخاصة لتغطية المخاطر السياسية, وسوف يكون هناك ايضا اتجاه نحو اصدار سندات الشركات, وهو ما لم يحدث في تركيا من قبل. وهناك حاجة إلى ذلك الآن لأن المرافق تحتاج إلى تمويل لمدة 20 عاماً لا تستطيع البنوك ان توفره. تمويل المشروعات يقول على البجار نائب رئيس بنك تيسيس منهاتن في اسطنبول ان مرحلة جديدة بدأت في مجال تمويل المشروعات وسوف تكون هناك مراحل جديدة اخرى خلال عام او عامين. فهناك انتشار كبير للمشروعات التي تضمن تمويلها الخزانة, مما يجذب جهات تمويل ومستثمرين. ويقول ظافر قرطول نائب مدير عام تمويل المشرورعات في البنك ان الخزانة تحدد سعر الفائدة الذي تراه مناسباً, اضافة إلى 5.1 ـ 5.2% رسوم عقود, لكن اتفاقنا مع المقاولين كان هو السعر السائد اضافة إلى 12% رسوماً. وكان المقاولون يعرفون هذا الفارق واعلنت الخزانة مؤخراً انها ستقبل سعر الفائدة السائد اضافة إلى 6% فقط, لأن اسعار الفائدة انخفضت ايضا. ويضيف ان السوق هي التي تقرر صلاحية المجموعة او الشركة التي تقوم بتمويل المشروع فسوف تحتاج هذه الشركات إلى مديرين اكفاء والا لن يكون هناك دعم تمويلي. ويعتقد على البجار في تشيز منهاتن ان جميع المشروعات التي تتم بطريقة الـ بي.أو.تي سوف تضمن الحصول على تمويل, لكن المشروعات الحالية لن يكون تمويلها سهلاً بالنسبة لحقوق توزيع الطاقة, لأنها مشروعات يكتنفها كثير من المشكلات ورغم انه لا يوجد مخاطر في الانشاءات الا ان هناك تساؤلات حول كيفية عمل النظام, فليس هناك سوابق في ذلك وكيف ستكون اسعار الكهرباء, فربما لا يكون التمويل لشركات التوزيع الصغيرة, بل للشركة الام التي تملك الترخيص. دبلوماسية خطوط الانابيب يقول علي كوج منسق المشروعات الجديدة في شركة كوج القابضة عن سياسة الحكومة بشأن خطوط انابيب البترول والغاز ان هذا المجال هو الذي وضعت فيه الحكومة استراتيجية واضحة مقارنة بمجالات اخرى. ويضيف ان الطلب السنوي على الغاز الطبيعي وحده من المتوقع ان يرتفع إلى خمسة اضعاف او 50 مليار متر مكعب بحلول 2010 وهذا يجعل من تركيا اكبر اسواق الاستثمارات المحتملة في قطاع الغاز. كما ان انشاء خطوط انابيب غاز جديدة لنقل غاز بحر قزوين وبتروله إلى الغرب خلال اراضيها سوف يدعم تركيا كقوة اقليمية نظراً لوضعها الجغرافي الذي يتوسط اوروبا والشرق الاوسط والقوقاز ووسط آسيا, مما يجعلها هدفاً استراتيجياً لشركات البترول والغاز. كما أن هذه المشروعات تتمتع بقوة دفع وتأييد كبيرين من الولايات المتحدة, اقوى حلفاء تركيا لأسباب جغرافية سياسية. ترى واشنطن ان انشاء خط أنابيب من باكو عاصمة اذربيجان إلى ميناء جيهان التركي وخط انابيب عبر بحر قزوين من تركمانستان انه دعم للجمهوريات السوفيتية السابقة, وكذلك الابتعاد عن إيران وافغانستان اللتين تحيط بهما مخاطر سياسية وامنية. وبرغم ان هناك اتجاهاً لاستغلال استراتيجية انابيب البترول والغاز كوسيلة لعزل ايران, فإن الولايات المتحدة لا تزال تقول ان محاولاتها الاخيرة للتقارب مع طهران لن يغير تأييدها لخط انابيب باكو ـ جيهان. ويقول يوراكال اجينجودين المسئول التركي على مدى ثلاث حكومات سابقة حتى الآن ان مشروعات انابيب البترول والغاز لها الاولوية بالنسبة لتركيا, وهي تحرز تقدماً في هذا المجال. غير ان التقدم في مجال انابيب البترول والغاز بطيئ حتى الآن, خاصة في مجال الحصول على موافقة الدول المعنية التي يفترض انها سنستفيد من هذه الخطوط. وقد اعلنت اذربيجان وجورجيا بعد فترة طويلة من البحث والنقاش انهما اتفقتا على حل وسط حول رسوم عبور الخطوط المزمعة لجمهورية جورجيا. وادى ذلك إلى ازالة اهم العقبات التي تمنع شركات البترول الدولية المعنية بتصدير بترول اذربيجان من تحديد هدف تجاري مشترك لتتمكن هيئات ومصادر التمويل من بحثه. وهناك قلق بين الشركات الغربية بشأن الجدوى التجارية من المشروع لكن الضغوط من الولايات المتحدة قد تؤثر في هذا المجال عن طريق تشجيع الشركات والبنوك لتمويل خطوط البترول والغاز المزمعة. ويقول احد المصرفيين الاوروبيين ان هذه المشروعات هي امتداد لسياسة الولايات المتحدة الخارجية, ولذلك سوف نرى البنوك الامريكية تشارك فيها بقوة. وفي الوقت نفسه حاولت تركيا بقوة ان تجعل هذه المشروعات جذابة للممولين, حيث قررت ان تضمن اي تمويل يزيد على 4.2 مليار دولار, وهو تقدير لتكلفة المشروع الذي يشمل تكلفة 4.1 مليار داخل الاراضي التركية. وأعرب جوكان يارديم رئيس شركة بوتاس )التركية( المسئولة عن انشاء الجزء الراقع داخل تركيا من الخط, عن ثقته في ان الجزء هذا سيتكلف 4.1 مليار دولار او اقل. ويقول ان الخلافات سوف تكون حول ارباحنا. ويقول مسئول بوزارة الطاقة ان اسعار الصلب هي العامل المتغير في تكلفة اقامة الخط, ويؤكد على الاهمية الاستراتيجية لخط الغاز عبر بحر قزوين من تركمانستان إلى تركيا, لكنه يقول انه لابد ان يكون مربحاً ايضا. ويشكل الخط المقترح منافساً كبيراً لمشروع بلوستريم او (التيار الازرق) الروسي الايطالي من اجل تصدير مزيد من الغاز الروسي عبر بحر البلطيق إلى اوروبا. وتتنافس كل من روسيا والولايات المتحدة على ان يخرج مشروع كل منهما اولاً إلى حيز الوجود, ويقول مسئول روسي ان البادىء اولاً في هذا السياق هو الذي يفوز. واعلنت شركة جازيروم الروسية التي تحتكر قطاع الغاز في وقت سابق العام الجاري ان خط بلوستريم قد بدأ الانشاء فيه بالفعل. وتقول تركيا انها تستطيع ان تستوعب الغاز من الخطين رغم انه ليس سراً انها ترى ان هناك منافسة بين المشروعين اللذين قد لا ينجحان في آن واحد. لكن تركيا بذلت كل ما في وسعها من اجل تأمين نجاح المشروع الامريكي حيث ابلغت اذربيجان انها لن توقع على اتفاقية لشراء الغاز منها دون الانتهاء من تفاصيل انشاء الخط. كما اعلنت تركيا انها لن تشتري غازاً من تركمانستان يعرض عن طريق روسيا, اذا باعت اكثر من 50 مليار متر مكعب من الغاز لموسكو. كما سعى الرئيس التركي إلى التوسط بين اذربيجان وتركمانستان وصور لهما الفوائد العظيمة التي يسجنياها من الاتفاق على انشاء هذا الخط.

Email