اتجاهات : مشكلة السكان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كل مرة تتراجع فيها الأحوال المالية والاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي, وما ينجم عنها من تراجع في معدلات النمو الاقتصادي الذي يؤدي بدوره الى تراجع فرص العمل المتوفرة , ترتفع الاصوات المحذرة من معدلات النمو السكاني الحالية. بل ذهب البعض الى القول بان هذه المعدلات سوف تؤدي الى انفجار سكاني. يؤتى على كافة مكتسبات الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية المحققه بدول المجلس. ولا ندري اذا كان هذا الوضع يخص دول بعينها في مجلس التعاون الخليجي او جميع دول المجلس. ونحن لا نستطيع ان نجزم بصحة أو خطأ هذه التصورات والمعتقدات , خصوصا ان الاستراتيجية السكانية الموحدة التي وضعتها دول مجلس التعاون الخليجي لم تشر الى ذلك الخطر على الرغم من ان هناك اتفاقا بأن معدل النمو السكاني بدول المجلس والبالغ نحو 5ر3% يعد معدلا عاليا بالمقاييس العالمية. على اية حال وفي كل الاحوال, فلكي نستطيع التوصل الى استنتاج واضح حول مدى خطورة او صحة معدلات النمو السكاني الحالية ببعض دول المجلس او جميعها , فانه لا بد من التوصل اولا الى وضع استراتيجية واضحة وشاملة للتنمية. ان هذه الاستراتيجية سوف توضح ماهية وتركيبة التنمية, والقطاعات الاقتصادية الرئيسية المعتمد عليها لتحقيق تنمية مستقلة ومستدامة0 وعلى ضوء تشخيص ماهية وطبيعة القطاعات الاقتصادية المستهدفة لتحقيق التنمية المرجوة , يتم العمل من ثم على التخطيط لتوفير الموارد اللازمة لتحقيق اهداف التنمية, ومن بينها الموارد البشرية. أي حينئذ يمكن التخطيط للتنمية البشرية بكل جوانبها سواء من ناحية النوع او الكم. ايضا يمكن حينئذ وضع التصورات العامة لمعدلات النمو السكاني المرغوب بتحقيقها. ومن الواضح ان دول المجلس لم تتوصل بعد الى وضع استراتيجية شاملة واضحة للتنمية كما ذكرنا, وبالتالي فان الحديث عن خطورة معدلات النمو السكاني يبقى حديثا عاما ومرتبطا بطبيعة واتجاهات النمو الاقتصادي الراهنة والتي تتأثر بدورها بمردودات النفط الراهنة , وليس مرتبطا بالتوجهات المستقبلية والمرغوبه لانماط التنمية. اننا نعتقد ان التحدي الرئيسي الذي سوف يواجه تنفيذ الاستراتيجية السكانيه الموحدة هو تنمية الموارد البشرية الوطنيه بدول المجلس , خصوصا ان القوى العاملة الوطنية لا تمثل حاليا سوى نسبة تتراوح ما بين 25% الى 45% من اجمالي قوة العمل 0 ان الحديث عن خطورة معدلات النمو السكاني الراهنة سيكون اكثر صحة اذا ما تراخت دول المجلس في مواجهة تحديات التنمية البشرية التي تواجهها, اما نجاحها في مواجهة هذه التحديات سوف يقلل من خطورة ذلك الحديث , وربما يثبت عدم صحته ايضا. ان من شأن ايجاد استراتيجية شاملة لتنمية الموارد البشرية بدول المجلس أن يؤدي الى خلق الكثير من المزايا الاقتصادية لهذه الدول. وفي دراسة اجراها احد الباحثين البحرينيين, شدد على توفير الكوادر الوطنية المدربة وتفعيل دور القطاع الخاص والعمل على احلال العمالة المحلية بنسبة تتراوح بين 3% الى 5% سنويا مما يحقق مشاركة فعالة للقطاع الخاص في عملية الاعداد والتطبيق. كما من المؤمل أن يسهم ذلك في ربط النظام التعليمي ومخرجاته بحاجات الدولة الاقتصادية الحالية والمستقبلية وبالتالي توفير الكوادر الوطنية المدربة الامر الذي سوف يشجع المستثمرين المحليين والاجانب على الاستثمار في البلاد. ان التنمية المستديمة والاستراتيجية للموارد البشرية سوف ترفع من مستوى الرفاهية الاجتماعية والمستوى المعيشي لدول المجلس وبالتالي سوف يعمل هذا الوضع على التقليل من نسبة البطالة . كما ان ارتفاع مستوى الرفاهية الاجتماعية سوف يوفر استقراراً سياسياً واقتصادياً. حسين محمد

Email