مع تزاوج الانترنت والهواتف المتحركة، عمالقة صناعة التكنولوجيا الفائقة يندفعون لأوروبا 50 مليون حجم سوق المستهلكين للهاتف المتحرك الأوروبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

حتى عامين مضيا, كان مؤشر الهواتف المتحركة في مدينة كان الفرنسية من الشئون الأوروبية. كان السويديون والالمان والبريطانيون يتمتعون هناك بشمس الشتاء ويتبادلون الاراء والافكار عن الهواتف المتحركة ومحطات البث والاتصال والأمور الداخلية التي تخص هذه الصناعة. لكن هذه الأيام اصبحت الآن من الماضي, لقد هبت عاصفة الهواتف المتحركة على أوروبا, وتحول الذين يجتمعون في مدينة (كان) لحضور مؤتمر الهواتف المتحركة من كبار نجوم العالم في هذا المجال. ومن هذه النجوم شركة نوكيا, وفودافون ايرتاتشي التي اشترت مانسمان الالمانية لقاء 183 مليار دولار في اكبر صفقة في تاريخ اوروبا والعالم. ليس فقط شركات الهاتف المتحركة التي تتحول في اروقة المؤتمر, بل هناك ايضا شركة ميكروسوفت وديل دسيسكو وسوني. اندفع عالم التكنولوجيا الفائقة كله فجأة وبجنون ليحجز له مكانا فى صناعة الهواتف المتحركة. جبال من المال: لماذا كل هذه الاثارة وكل هذا النشاط؟ تجري الآن عملية التزاوج بين شبكة الانترنت والهواتف المتحركة في اوروبا ولا تزال العملية في مراحلها, الأولى كصناعة عالمية, حيث هناك قليل من المستهلكين الجادين خارج اليابان واسكندنافيا. لكن المستقبل المذهل لوجود شبكة الانترنت والتجارة الالكترونة والبريد الالكتروني على هواتف متحركة تضيع في جيوب مليارات البشر يبشر بأسواق عالمية هائلة لقد حول هذا المشروع شركة كوالكوم في أمريكا من اكبر الشركات التي تتداول أسهمها في البورصة, وشركة ان. تي. تي الياباية للهاتف المتحرك إلى اعلى اسهم على مؤشر نيكي في البورصة اليابانية. لكن مركز هذه الثورة يقع في العالم القديم في أوروبا, ويقول مات ديسن رئيس الخدمات اللاسلكية في مؤسسة نورتل نيتوركس ان اوروبا هي اكبر سوق وحقل الاختيار لبيانات الهواتف المتحركة. لقد انصبت تلال الأموال على مشروع الانترنت على الهاتف المتحرك وتقابلت مع صناعة الاتصالات الاوروبية التي كانت ترقد في سبات من قبل ولا يزال المستثمرون يلهثون وراء اسهم شركات مثل فودافون, حيث يمكن لرئيسها ان يجمع خمسين مليار دولارمن مكالمات هاتفية. لقد اصبح رئيس شركة فودافون يدير الان شركات هواتف في جميع الدول الاوروبية بعدا ن تمت عملية شراء اسهم شركات مانسمان الألمانية, وكذلك يدير شركات هواتف تعمل في الولايات المتحدة, تحت مظلة الشركة الأم, وسوف يجبر نمو هذا المدير منافسيه الأوروبيين في شركات داتش تليكوم وفرانس تليكوم وغيرهم علي ان تحذو حذوه. ويقول بيتر يونفيلد مدير تنفيذي بريتش تليكوم انه لابد ان تكون هناك صفقات اخرى في المستقبل من نوع صفقة فودافون وما نسمان. حتى بالنسبة لعمالقة مثل كريس جنث مدير ورئيس فودافون, الذين يجنون الثمار الأولى لعملية التزاوج بين الانترنت والهاتف المحمول, فإن هناك نوعا من المخاطر. فتكنولوجيا الانترنت التي تدفع بأسهم تلك الشركات إلى مستويات هائلة في الارتفاع, قد تضر هذه الشركات ايضا. ولابد لشركات الهاتف المتحركة, حتى تبقى على القمة, ان تتحول الى شركات انترنت. وهذا احتمال ضعيف, لأنه سوق لا يعرفون عنه شيئا. والحقيقة لا يستطيع احد ان يفهم فعلا الى اي مدى وبأي سرعة سوف تتطور هذه السوق. لكنه مع نمو الشبكة على هواتف متحركة خلال السنوات الخمس المقبلة لابد لشركات الهواتف الأوروبية ان تقلب نشاطها رأسها على عقب. وقد حققت كثير من هذه الشركات الثراء خلال السنوات القليلة الماضية من خلال بيع دقائق المحادثات الهاتفية في القارة الاوروبية التي كانت جزرا هاتفية منفصلة. والآن مع تزايد المنافسة فإن تعرفة المكالمات لابد وان تنخفض كثيرا, لذلك يتعين على جنت واقرانه ان يبنوا الانترنت على الهاتف المتحرك, فضلا عن تحقيق أرباح طائلة من وراء ذلك. ويقول جنت ان الانترنت والهواتف المتحركة سوف تكون أكبر قوة دفع لأرباح شركته والصناعة بكاملها. أين ينظر الاوروبيون لتحقيق هذه الرؤية التكنولوجية في حيز الوجود؟ قد يكون الزعماء الاوروبيون على معرفة كاملة بخبايا الهواتف المتحركة, لكن الامريكيين يسيطرون على الانترنت. ومع تزاوج النوعين من التكنولوجيا, فإن شركات الهواتف ونجوم الانترنت مثل ياهو وامريكا اونلاين سوف يركضون وراء الثمار في هذه الصناعة, الجميع يأملون في قطف أفضل الثمار كل لنفسه, مثل الاعلانات. وسمسرة التجارة الالكترونية انهم يهدفون الى تحويل منتجات الآخرين من هواتف وخدمات الى مجرد سلع, تحصل على قيمتها من ارتباطها بالانترنت. تعديل المواقف هذه هي النتيجة التي يجب ان يتجنبها جنت (مدير فودافون) فسوف يكون لديه مشتركن يصل عددهم الى ضعف عدد المشتركين في امريكا أونلاين, أكبر شركة خدمات انترنت في العالم, مع وجود 50 مليون مستهلك في سوق الهواتف المتحركة. وهو يتعامل مع مجموعة من شركات التقنية الفائقة مثل اي.بي.ام ونوكيا لوضع الانترنت على هواتف متحركة بحلول نهاية العام الجاري. الفكرة ان شركة فودافون على عكس شركات الهواتف الامريكية, سوف تسيطر على شبكة الانترنت الى توضع على منتجاتها من الهواتف. لكن امريكا أونلاين التي تتمتع بخبرات أكبر في مجال خدمات الانترنت, تعمل ايضا مع شركة نوكيا لانتاج منتج مماثل. وتعتزم شركة امريكا أونلاين ان تتوسط بين شركات الهاتف وعملائها وتستفيد من هذا المجال التجاري الخصب, كما يقول مديرها الدولي مايكل لينتون, وليست أمريكا أونلاين هي الوحيدة التي تحاول ذلك, فشركات التكنولوجيا جميعا تتجه أبصارها الى اوروبا. وتقيم شركة ميكروسوفت مشروعات مشتركة مع بريتش تليكوم في لندن ومع اريكسون في السويد. وتصنع انتل رقائق الذاكرة لهواتف الانترنت في ستوكهولم. وتغازل شركة سيسكو شركات الهواتف المتحركة. ويرى جورما أوليلا مدير شركة نوكيا تغيرا في الموقف الأمريكي, فكان الامريكون لسنوات طويلة يشكون في احتمالات ظهور الانترنت على شاشات صغيرة مثل شاشات الهواتف المتحركة, وفجأة بدأوا جميعا يعزفون نفس اللحن. ويدفع الاتجاه نحو هواتف الانترنت تلال الاموال التي تتدفق على الصناعة فضلا عن المخاوف من ان تتخلف الشركات عن المسيرة التكنولوجية الجديدة, فسوف تظهر شركات جديدة واستراتيجيات تسويق جديدة وتكنولوجيا جديدة مع جنون الابتكار الاكيد الى جانب تطور الانترنت على الهواتف المتحركة, ويمكن للبعض ان ينافس عمالقة مثل نوكيا وفودافون. ويقول جاك مكماستر مدير تنفيذي شركة كويست ان التاريخ علمنا ان زعماء التكنولوجيا يقعون في الفخ. الغزو الجديد في الوقت الذي يتفوق فيه الاوربيون في الهواتف المتحركة فإن الآسيويين هم ملوك الالكترونيات الاستهلاكية, ومع دخول الانترنت على أجهزة الفيدو والاستريو يحتمل ان تكشف شركات سوني وماسوشيتا وسامسونج عن ثورة في الهواتف متعددة الوسائط. والاحتمال الاكبر ان تطرح هذه الهواتف أولا في اليابان التي تتمتع بأكثر واكبر شبكات الهواتف المتحركة تقدما في العالم. وفي الوقت نفسه تحرك قوى وادي السليكون الاجهزة الرقمية الصغيرة الى هواتف متحركة. وتتجه كبريات الشركات في الاسواق العالمية الى مجال الهاتف المتحرك ايضا. فقد دخلت شركة فيرجين البريطانية في مجال الهواتف المتحركة دون ان تبني حتى برج ارسال واحداً, فقد استغلت الشركة ببساطة شديدة قسم الهواتف المتحركة. في فيرجين تليكوم وحصلت على 150 ألف مشترك خلال ستة أسابيع من التشغيل, وسوف تقوم شركات اخرى أيضا بنفس الخطوة, فقد يعطى البنك للعملاء مثلاً هواتف متحركة مجانية ليربطهم بخدماته المالية, ويساعد ذلك في جذب العملاء ويسرق حصة من السوق من شركات كبيرة مثل فودافون. وهناك تحديات اخرى قد تأتي من الابتكارات للهواتف نفسها, فالشركات التي تدخل المجال حديثاً مثل إنتل يجرون الان أبحاثاً على الابتكارات في الهواتف, فإذا استطاعت إنتاج رقائق الكترونية بالذكاء الكافي, سوف يحولون الهواتف الى مجرد سلعة مكملة, كما يفعلون الان بالنسبة للحواسيب الآلية. حتى مصانع البطاقات الذكية يحولون الرقائق الالكترونية الى أدوات ذات قيمة كبيرة, ومع تعمق شركات الهواتف الأوروبية في بحار التكنولوجيا, لابد ان تواجه أيضا المارد الكبير فيما بينها, وهو شركة فودافون التي تتمتع بالميزة النسبية على الشركات الأصغر منها. فهى تستطيع ان تساوم على التعرفة العالمية, أي المكالمات الخارجية (خارج الحدود) وسيكون هذا ميزة كبيرة بالنسبة لمن يسافرون الى الخارج لأعمال تجارية أو غيرها, كما يساعد كبر حجم شركة فودافون على ان تحصل على أفضل الصفقات على الهواتف ومحطات الارسال من موردين مثل شركة نوكيا. هل حجم الشركة أمر هام؟ برغم حجم شركة فودافون الان, فإن مديرها جنت لايزال يحتاج الى خوض المعارك لاكتساب السوق تلو الاخرى في أوروبا. وفي اسبانيامثلاً يحارب جنت ضد بي.تي. من أجل السيطرة على ايرتل, ثاني أكبر الشركات هناك, لكن إيرتل لا تستطيع ان تنافس تليفونيكا, التي تتمتع بضعف حجم السوق مقارنة بالأولى, كما ان تليفونيكا لها باع أطول في مجال الانترنت مقارنة بفودافون. وتحولت تليفونيكا الى أكبر مساهمة في أوروبا بحجم 30 مليار دولار بين عشية وضحاها في العام الماضي عندما باعت أسهم تيرانتورك, فرعها الذي يعمل في مجال الانترنت في أمريكا اللاتينية, وتتمتع تيرانتورك بسوق يصل الى حجم سوق أمازون كوم. ويحتمل ان تفعل شركات الهواتف المتحركة الأوروبية كما فعلت تليفونيكا من أجل حماية نفسها في سوق أصبحت صفقات بحجم 50 مليار دولار أمراً عادياً فيه, وتأمل هذه الشركات في جمع مليارات الدولارات من خلال بيع أسهم أقسام الانترنت بها أو حتى اجزاء من نشاط الهواتف المتحركة نفسها, كما ان بيع أسهمها في هذه الشركات النشطة سوف يزيد من حصتها في الأسواق, فقد اعلنت دتش تليكوم عن عزمها بيع تي. اونلاين, أكبر شركة خدمات انترنت في المانيا, ومن المتوقع ان تفعل فرانس تليكوم نفس الشىء ببيع أسهم اي.اس.بي وما دام المستثمرون يثقون ان شركات الهواتف الأوروبية هي التي تسيطر على مفاتيح الانترنت على الهواتف المتحركة, سوف يرفعون الأسعار (الاسهم) الى عنان السماء, ولابد ان يوفر ذلك للشركات مزيداً من الأموال لاستخدامها ضد منافسيها, وقد لا يستغرق الأمر أكثر من أشهر قبل ان تعبر هذه الشركات الاطلنطي لتعد للمرحلة القادمة من هواتف الانترنت في أمريكا.

Email