في مصر: دراسات الجدوى بلا جدوى!20 ألف دراسة تقدم سنوياً ينفذ منها40%فقط

ت + ت - الحجم الطبيعي

دراسة الجدوى الاقتصادية, اولى الخطوات التي يتبعها رجال الاعمال والمستثمرون والذين يتقدمون كل عام في مصر بما يزيد على 20 ألف دراسة جدوى لاقامة مشروعات استثمارية, ولكن لا يدخل دائرة التنفيذ منها سوى40%,والباقي يتعثر والسبب هو عدم جدية هذه الدراسات . والمعروف ان ضعف دراسات الجدوى يعتبر سبباً مهماً من أسباب فشلها, وتختلف دراسة الجدوى من مشروع الى آخر حسب طبيعته ومعظم المشروعات المقدمة للهيئة العامة للاستثمار تغفل دراسة الجدوى ولا تعطيها أهمية, وكثير من رجال الاعمال لا يهتمون باعداد دراسة جدوى للمشروع بجميع ابعاده والظروف المحيطة به ومن ناحية اخرى لا توجد مكاتب استشارية متخصصة في اعداد هذه الدراسات بجدية.. هذا ما اكده الخبراء والاقتصاديون. في البداية يلقي محمد فتح الله المحامي المتخصص في القضايا التجارية الضوء على المكاتب الخاصة بعمل دراسات الجدوى, فيؤكد ان اية مؤسسة اقتصادية ناجحة تحتاج الى ادارة قانونية سليمة وكذلك ادارة مالية, وقد انتشرت في الآونة الاخيرة مكاتب مستحدثة لاعداد دراسات الجدوى او قد تستعين الشركة بمحاسب خاص بها لاعداد هذه الدراسة وتشمل الدراسة المعدة كل ما يخص المشروع من حيث موقع اقامته, وتكاليف تأسيسه, الارباح والخسائر المتوقعة.. مقدار الهالك اثناء التصنيع, والعمالة والاجور والتأمين والضرائب. الخ, وتختلف اسعار دراسات الجدوى من مكتب لآخر او من مشروع لآخر واحياناً تكون هناك دراسة مجهزة مسبقاً يتم بيعها ويتراوح ثمن الدراسة ما بين 10 الى 20 الف جنيه ويصل الرقم احياناً الى نصف مليون جنيه. ويختلف الأمر من دراسة خاصة بمشروع انتاج سيارات مثلاً الى مشروع لانتاج عسل النحل.. فلكل سعره, وقد تقوم هذه المكاتب باقتراح المشروعات لمن يرغب ولذلك يتجه اليها صغار رجال الاعمال والذين يملكون رأسمالا ولا يعرفون كيفية استثماره لذلك لا يتجه الى هذه المكاتب سوى صغار رجال الاعمال وغير الخبراء في مجال الاستثمار, ويسهل على اي شخص الآن ان يفتتح مكتباً لدراسات الجدوى, وهناك مكتب تابع لأحد البنوك يقوم بتنظيم هذا الموضوع للشباب الذين يحصلون على قروض منه. دراسات صورية وتوضح د. هناء خير الدين أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة ان معظم المشروعات المقدمة للهيئة العامة للاستثمار تغفل دراسات الجدوى ولا تعطيها الاهتمام الكافي,ومشيرة الى ان هناك شروطاً يجب توافرها في دراسة جدوى فلا بد ان تشمل تحديد ارخص وافضل اسلوب فني لتنفيذ المشروع وتحديد التدفقات النقدية المتوقعة, ومدى استيعاب السوق لهذا المنتج, واغفال هذه العناصر قد يترتب عليه اقامة مشروع فاشل وغير مقبول من الناحية الفنية, وكثير من رجال الأعمال لا يهتمون باعداد دراسة جدوى للمشروع بجميع ابعادها والظروف المحيطة بالمشروع, ويرجع ذلك الى عدم الوعي بأهمية الدراسة او عدم الانفاق عليها, او عدم جدية المستثمرين لاقامة المشروع حيث يقدمون دراسات صورية بهدف الحصول على تخصيص اراض والتربح منها. متخصصون بلا خبرة اما عماد الجوهري صاحب شركة للاستيراد والتصدير, فيقول: مكاتب دراسة الجدوى لا يلجأ اليها رجال الاعمال الا اذا كان المشروع كبيراً ومتشعباً وهذه المكاتب تحتاج الى متخصصين لكن للأسف فمعظمهم بلا خبرة ومعلوماتهم سطحية, كما انهم يغالون في اسعار دراسات الجدوى.. ويضيف: معظم دراسات الجدوى لا تنجح في اعداد تصور كامل للمشروعات الكبرى خاصة السياحية, لذلك اتجهت معظم المكاتب الى مجال تسويق الاعلانات, مما يضطر بعض رجال الاعمال الى اللجوء الى مكاتب اجنبية لاعداد هذه الدراسات بأسعار باهظة, ويقترح الجوهري ان يكون لكل بنك شركة مصرية تابعة له تقوم باعداد دراسات الجدوى, خاصة البنوك الوطنية وبنوك الاستثمار التي تمنح القروض لصغار رجال الاعمال ليكون كل الامر في يد البنك حيث تقوم الشركات التابعة للبنوك باقتراح مشروعات لهؤلاء الشباب او تمنحهم الفرصة لطرح افكارهم ثم تقوم بعمل الدراسة اللازمة لها. دراسة لأي شيء!! ويفجر د. حمدي عبدالعظيم (الخبير الاقتصادي) مفاجأة حينما يقول: نظراً لارتفاع تكلفة اعداد دراسة الجدوى والتي قد تصل الى 2% من اجمالي رأس المال, يفضل المستثمر دفع مبلغ بسيط لمكتب الاستشاري, واذارفض المكتب يقول له المستثمر (اعمل لي دراسة جدوى عن اي شيء ينفع لأي شيء) . ويتلقى السوق المصري سنوياً ما يزيد على 20 ألف دراسة جدوى, منها نحو 10 آلاف دراسة يتم تقديمها للهيئة العامة للاستثمار ومصلحة الشركات الى جانب 10 آلاف دراسة اخرى يتقدم بها صغار المستثمرين للصندوق الاجتماعي وهيئة التصنيع وجهاز بناء وتنمية القرية, ولا ينفذ من هذا الرقم سوى 40% فقط, لان الباقي دراسات صورية وشكلية وافتراضية وجزافية ولا تعتبر دراسة جدوى بالمعنى السليم, ولذلك فحوالي 30% من مشروعات هذه الدراسات تتعثر وقد تواجه حالات افلاس خاصة في مجال الصناعات الصغيرة. الأجانب أهم ومن ناحيته يستبعد المهندس احمد عز وكيل اتحاد الصناعات وجود دراسات جدوى وهمية, خاصة للمشروعات العملاقة والكبرى والتي يتم عرضها على مؤسسات مالية وحكومية, لأن هناك جهات مصرية واجنبية تشارك في اعداد تلك الدراسات ويؤكد ان الاستعانة بالخبرة الاجنبية المتخصصة في مجال دراسات الجدوى امر مهم وضروري عند انشاء مشروع لانتاج سلعة بهدف التصدير, كما تتضح اهمية الجانب الاجنبي في اعداد دراسات الجدوى فيما يتعلق بالبعد الفني مدى ملاءمة التكنولوجيا وكفاءتها وسلامتها, ورغم وجود مجموعة استشارية مصرية مؤهلة في هذا المجال, الا ان الامر يتطلب الاستعانة بالخبرة الاجنبية, اما من حيث الشق المالي في دراسات الجدوى فلدينا بالفعل خبراء متخصصون في هذا المجال وكذلك الحال بشأن الشق القانوني ومدى توافق المشروع مع الهيكل التشريعي بمصر. ويحذر وكيل اتحاد الصناعات من خطورة تقليد المشروعات الناجحة بدون دراسة جدوى حتى لا تتعرض لنتائج وخيمة, ويطالب بضرورة ان تعتمد هذه الدراسات والمشروعات على قاعدة من المعلومات الاقتصادية السليمة, والمفترض ان ينتهي اتحاد الصناعات من اعداد قاعدة معلومات للاستفادة منها خلال عامين.

Email