اتجاهات: غسيل الأموال

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت البحرين مؤخرا عقد المؤتمر الدولي الثالث لغسيل الأموال, حيث أخذت تأثيرات هذه الظاهرة باستفحال على الاقتصاديات العالمية. ولا شك ان ظاهرة غسيل الاموال من خلال الحسابات المصرفية تعتبر ظاهرة قديمة, الا ان الجديد فيها هو تطور وسائلها وزيادة حجم الأموال (المحرمة) المتعامل معها . ووفقا لاحصائيات صندوق النقد الدولي فإن حجم عمليات غسيل الاموال يتراوح ما بين 590 مليارا الى 5.1 تريليون دولار سنويا, حيث انه يعادل ما بين 2% الى 5% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي العالمي. كا يقدر البعض ان اجمالي الدخل المتحقق من عمليات المخدرات غير القانونية يعادل 688 مليار دولار سنويا منها 5 مليارات في بريطانيا و33 مليارا في أوروبا و150 مليارا في الولايات المتحدة الامريكية و500 مليار دولار أمريكي في باقي أقطار العالم. ومما يزيد الظاهرة خطورة ان كل جهد يبذله القائمون على المكافحة والتصدي لعمليات غسيل الأموال يقابله عمل مضاد, حيث تشهد عمليات غسيل الاموال دخول مجموعات من المهنيين الجدد من حملة الماجستير والدكتوراه من محاسبين وقانونيين ومهندسي أنظمة المعلومات يوظفهم (مجرمو) عمليات غسيل الاموال لمساعدتهم في تبييض الاموال وتحويلها الى أموال قانونية. من هنا فقد أصبحت عمليات غسيل الأموال صناعة لها أطقم عملها المتكاملة بالرغم من انها جريمة, وبحسب تصنيف البعض فتأتي في المرتبة الثالثة بين الصناعات العالمية بحسب القيمة. ان التحدي يزيد يوما بعد يوم في وجه القائمين على محاوطة ظاهرة غسيل الأموال بسبب التسارع التكنولوجي في مجال الاتصالات خاصة ان التعاملات المعلوماتية والمالية تتم في ثوان, كما ان التزايد الكبير في حجم التجارة الالكترونية المنجزة سيكون له تأثير في كفاءة التقنيات الموظفة لكشف الجرائم المالية. ان الجهود الدولية والاتفاقيات التي تحققت في سبيل محاربة عملية غسيل الاموال ومنها توصيات FATF التي تأسست في عام 1989 في القمة الاقتصادية للدول الاوروبية السبع والتي تضم حاليا 26 دولة موقعة عليها ومنها دول مجلس التعاون الخليجي تهدف الى مواجهة غسيل الاموال على المستويين التشريعي والمالي. ان دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر نظيفة وآمنة من انشطة غسيل الأموال, حيث تلتزم المؤسسات المصرفية والمالية العاملة فيها بتشريعات وقوانين للوقاية وللتعامل مع عمليات غسيل الأموال. وعلى الرغم من تزايد عمليات غسيل الاموال, الا ان حصة دول الخليج منها قليل, الا ان ذلك لا يعفي دول المجلس من مواصلة تطوير قوانينها وتشريعاتها بصورة أكثر دقة وشمولية وبما يكفل تجريم ظاهرة غسيل الأموال بصورة واضحة, وتعريفها كجريمة بالشكل المعرّفة به في المراكز المالية والمصرفية الأخرى (مثل الفشل في توفير المعلومات المطلوبة من الأموال المشكوك في أمرها), وتحديد وتعريف الالتزامات عن الافراد والمؤسسات المالية والمصرفية والقانونية وغيرها وذلك ليتمكن هؤلاء من ابلاغ الجهات المعنية بشكوكهم في عمليات غسيل الأموال, واعطاء المزيد من السلطات للجهات المعنية لتجميد العمليات المشكوك في تورطها في غسيل الأموال, وخلق مزيد من السلطات لتتمكن الجهات المعنية من مبادلة المعلومات مع نظرائهم في الخارج عن عمليات غسيل الأموال, بالاضافة الى توفير الحماية ضد مخالفة الاتفاقات وغيرها بالنسبة للأشخاص المتورطين أو المشكوك في تورطهم في انشطة غسيل الأموال. كما ان الاتجاه الحالي يركز على أهمية تدريب الموظفين بهذه القضية. وقد لاحظ المشاركون في المؤتمر ان هذا الجانب لم يحظ بعد بالاهتمام المطلوب ولم يقع على قائمة أولويات المؤسسات المالية الخليجية بعد بالنظر الى ارتباطه بالاهتمام باحتياجات التدريب والتطوير في المؤسسة المالية ذات العلاقة بالتكنولوجيا الجديدة والمنتجات الجديدة والحاجة لتطوير القدرة التنافسية. بالاضافة الى الافتقار للوعي العام لمعرفة وتفهم عمليات غسيل الأموال, اذ تبدو جرائم غسيل الأموال وكأنها جرائم بدون ضحايا. لذلك لابد ان تهتم المؤسسات المالية الخليجية برفع أهمية التدريب في مجال مكافحة غسيل الأموال الى قمة قائمة الأولويات, وان تشمل البرامج التدريبية مستوى مجال الادارة وحتى الكتاب العاديين في المؤسسات المالية وألا يقتصر ذلك فقط على المراقبين الداخليين. ان التحدي الذي يواجه القائمين على مواجهة ظاهرة غسيل الأموال أخذ بالتسارع بسبب التسارع التكنولوجي الذي يتمثل في سرعة الاتصالات وتطور اجهزة الاتصالات من أجهزة الحاسب الآلي والهواتف والأنظمة. حسين محمد

Email