رياح الاندماج تهب على المصارف، بنوك مركزية عربية تدرس دمج بعض الكيانات الصغيرة في وحدات مصرفية عملاقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن رياح الاندماج ستعرف طريقها إلى الاقتصاديات العربية وتهب على قطاع المصارف حيث تدرس بنوك مركزية عربية20حالة دمج لبعض الكيانات الصغيرة في وحدات مصرفية قوية وذلك خلال السنوات القليلة المقبلة بعد أن ظلت البنوك ترفض فكرة الدمج حفاظا على مكاسبها الذاتية الأمر الذي جعل حالات الدمج نادرة حيث لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة كان أبرزها اتحاد البنك السعودي التجاري المتحد مع بنك القاهرة السعودي عام 1997 تحت مسمى البنك السعودي المتحد برأسمال 4.2 مليار دولار وأصول قيمتها 5.28 مليار دولار وكذا اندماج البنك العقاري المصري مع نظيره البنك العقاري العربي لتكوين وحدة مصرفية برأسمال يتجاوز المليار جنيه واستثمارات 10 مليارات جنيه. ورغم أن حالات الدمج العربية لا تقارن بنظيرتها الأجنبية التي بلغت في العام الماضي فقط نحو 1500 حالة مقابل حالات دمج عام 1995 بقيمة 283 مليار دولار وحوالي 1855 حالة اندماج بأصول استثمارية بلغت 6.108 مليارات دولار عام 1990. ورغم هذا الفارق الواضح والشاسع فإن خبراء المصارف والمسؤولين في سلطات النقد العربية يتوقعون أن تزداد حالات الاندماج بين المصارف العربية وأن تتجاوز هذه الحالات الحدود القطرية لنرى قيام وحدات مصرفية خليجية مشتركة ومصرية ليبية وسعودية ـ مصرية وفي الامارات وسوريا لاسيما بعد أن أصبحت الاندماجات والتكتلات الاقتصادية لغة العصر ليس بين البنوك فقط وإنما الشركات ومكاتب المحاسبة.. وأن أرقام وبيانات البنوك العربية تشير إلى فجوة مخيفة بين المصارف العربية والأجنبية.. وأن القطاع المصرفي العربي مطالب بمواجهة حزمة من التحديات في مقدمتها ظاهرة الاندماج والحجم الكبير للمصارف التي تتجاوز حدود القطرية لتعمل على أساس إقليمي.. وبات على المصارف العربية أن تعمل كأنها فروع لبنك واحد حتى لا تتحول إلى كيان هزيل عاجز عن مقاومة الكيانات المصرفية العملاقة التي تظهر يوميا وستتضاعف أعدادها مع تنفيذ مقررات منظمة التجارة العالمية. وأجمع الخبراء المصرفيون على أن المصارف العربية البالغة 342 بنكا ونحو 87 مصرفا ومؤسسة مصرفية تعمل في مجالات الاستثمار والإقراض الصناعي والزراعي والإسكاني مازالت متواضعة جدا من حيث حجم أعمالها وموجوداتها وحقوق المساهمين بها باستثناء عدد محدود منها.. وانتقدوا تركيز المصارف على الأعمال المصرفية التقليدية من تلقي الودائع وفتح الاعتمادات.. وأشار الخبراء إلى أن البنوك العربية عجزت عن استثمار النمو الكمي الذي حققته في السبعينات في تدعيم مواقعها ومراكزها المالية وتحقيق تطور نوعي يرقى بها لمصاف البنوك العالمية.. وشدد الخبراء على أهمية تعزيز الاتجاه نحو الاندماج لاسيما وأن المصارف العربية مازالت عاجزة عن الانخراط في مستجدات الساحة المصرفية الدولية وأنها ستكون مطالبة بمواجهة كيانات مصرفية عملاقة شرسة تتجاوز أصولها مئات المليارات من الدولارات. الاندماجات قادمة وفي الوقت الذي أوشكت فيه إجراءات دمج بنكي العقاري المصري والعقاري العربي في خطوة تنبئ بانتعاش قطاع الاستثمار العقاري المصري مجددا.. وبدأت إجراءات دمج بنكي مصر اكستريور ومصر الدولي وبدأت الأوساط المصرفية المصرية تتحدث عن احتمالات بامتداد ظاهرة الدمج للبنوك التجارية العامة الأربعة الأهلي ومصر والإسكندرية والقاهرة لاسيما عقب رفض وزارة المالية المصرية زيادة رأسمال البنك الأهلي المصري إلى 5 مليارات جنيه (قرابة 5 مليارات درهم) وكذا فتور الحديث عن خصخصة أحد البنوك العامة الأربعة.. وعدم الانتهاء من دراسة التقييم الذي يتم على أساسها اختيار البنك الذي سيخصص.. ورغم تشديد البنك المركزي المصري على أن فكرة الدمج بين البنوك العامة غير واردة إلا أنه لا يرفض مبدأ الدمج ويرى أنه مطلوب للكيانات الصغيرة.. وحسبما قال محمد البربري كبير مستشاري محافظ البنك المركزي المصري لـ(البيان) فإن فكرة الدمج داخل الجهاز المصرفي والعربي أصبحت فكرة مقبولة.. وأن قرار الدمج في النهاية تحدده الجمعية العمومية لكل بنك.. مشيرا إلى أن الظروف الاقتصادية الدولية وأجواء المنافسة بعد تحرير تجارة الخدمات تجعل دمج الكيانات المصرفية الصغيرة أمرا مطلوبا.. معتبرا أن الدمج خاصة للبنوك المتخصصة أصبح اتجاها ساريا ومقبولا في ظل المنافسة المصرفية. وأضاف أن البنوك المركزية العربية لا تملك سلطة الدمج بشكل إداري دون الرجوع للبنكين الراغبين في الاندماج.. وكشف أن الاندماج المصرفي أحد الخيارات المطروحة للمناقشة في اجتماعات البنوك المركزية العربية وأن المتغيرات والمستجدات التي تطرأ يوميا على الساحة المصرفية العالمية ربما تحفز بنوك عربية على اتخاذ هذه الخطوة لتعزيز قدرته على المنافسة.. متوقعا أن تشهد السنوات القليلة المقبلة حالات دمج أخرى ربما تتجاوز الحدود القطرية لاسيما على ضوء تدشين بنوك عربية عديدة دراسة إمكانية الاندماج في بنوك عربية مماثلة لتكوين كيانات قوية. حاجة ضرورية للاقتصاديات العربية ويرى سمير القصري رئيس بنك التنمية والتجارة المصري أن عملية الدمج مطلوبة بشدة للكيانات المصرفية الصغيرة التي يقل رأسمالها عن 50 مليون جنيه.. موضحا أن قرار الدمج يتطلب موافقة الجمعية العمومية غير العادية لكلا البنكين المندمجين حيث غالبا ما يواجه عقد هذه الجمعيات صعوبة في حالة البنوك الاستثمارية ونظريتها الخاصة.. مقترحا تأسيس شركات مالية عربية ضخمة جديدة بهدف شراء البنوك الصغيرة ودمجها مع بعضها لتكوين كيان مصرفي كبير.. مشيرا إلى ضرورة أن تتوافر في هذه الشركات الشروط الواردة في هذا الخصوص بالقوانين التي تحكم النشاط المصرفي في كل دولة عربية موضحا أنه يتعين على البنوك المركزية وسلطات النقد العربية دعم وتبني اقتراح إنشاء شركات لشراء البنوك الصغيرة ودمجها مع بعضها.. محذرا من بقاء الكيانات المصرفية الصغيرة في السوق المصرفية العربية بأوضاعها الحالية دون دمج خاصة وأن وجود كيانات مصرفية أجنبية كبيرة سيؤدي لوجود مراكز احتكارية في الأوساط المصرفية العربية على حساب الكيانات البنكية العربية المتواضعة الأمر الذي يدفع باتجاه الإسراع في عمليات الدمج للوحدات المصرفية الصغيرة. وأضاف أن عمليات الدمج المصرفية باتت من أهم احتياجات الاقتصاديات العربية حاليا مشيرا إلى أن البنوك القائمة أكثر من احتياجات السوق واندماجها في كيانات كبيرة أفضل لأنها متواضعة ولا تؤدي أدوارا فعالة في الخدمات المصرفية وتفتقد إلى الآليات والنظم البنكية الحديثة.. مؤكدا أن بقاءها بأوضاعها الحالية محفوف بالمخاطر.. وأن برامج الخصخصة التي تنفذها بعض الحكومات العربية لبيع حصص من البنوك التجارية المشتركة سيؤدي لتقليص البنوك محليا وخارجيا ويساهم في تطوير الخدمات المصرفية لأنه يسمح للبنوك الأجنبية بامتلاك حصة أكبر في رؤوس أموال البنوك المطروحة للخصخصة.. موضحا أن مقررات منظمة التجارة العالمية ستفتح الأبواب أمام البنوك والمصارف الأجنبية لإدخال خدماتها المتطورة وإن لم تكن البنوك الوطنية العربية قادرة على المقاومة ستنهار وتتعرض للابتلاع. وتابع أنه لا مانع من أن يشتري بنك أوروبي أو أمريكي أو ياباني أحد البنوك العربية غير أنه من الأفضل إقامة تلك الشراكة بين البنوك العربية للمساهمة في تعظيم حجم المبادلات التجارية البينية ودفع التدفق الاستثماري والتمويل لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.. موضحا أن عمليات الدمج العربية بدأت غير أنها مازالت متواضعة ومحددة ولا تتجاوز تسع حالات ولم تصل لحد الدمج الإقليمي ومن المتوقع حدوث مثل هذه الحالات في المستقبل القريب لاسيما مع تسارع وتيرة الاتجاه نحو تعزيز ومضاعفة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري العربي. الفرصة متاحة حتى 2005 ويؤكد الدكتور على لطفي رئيس الوزراء المصري الأسبق إن مسألة دمج البنوك أو الشركات بصفة عامة هي ظاهرة عالمية لاسيما في الدول المتقدمة.. محذرا أنه بعد عام 2005 لن يستطيع الصمود في السوق المصرفية إلا البنوك القوية.. وإذا كان البنك قويا برأسماله الضخم فسيمتلك القدرة على المنافسة ويستطيع فتح فروع له في الخارج ويجذب الاستثمارات وبالتالي يقوي مركزه المالي والاستثماري ويتمكن من مناطحة الكيانات المصرفية الضخمة القادمة.. مشيرا إلى أنه عند دمج صغير في آخر كبير يتكون كيان اقتصادي ناجح والقطاع المصرفي العربي يعاني من تضخم سببه البنوك الصغيرة والهامشية التي لن تستطيع الاستمرار بإمكانياتها المتواضعة ورؤوس أموالها المحددة خاصة بعد تحرير أسعار السلع والخدمات وفي مقدمتها الخدمات المصرفية وكذا اتجاه العالم كله نحو إقامة الكيانات الاقتصادية الأقوى القادرة على اختراق الأسواق الدولية في ظل العولمة. الدمج الاختياري واعترف محمود عبد العزيز رئيس اتحاد المصارف العربية بأن الاندماج الاختياري بين البنوك والمصارف العربية الذي تفرضه معطيات المرحلة المقبلة مرهون بأهواء مصالح شخصية تحول دون تنفيذه وأن الوسيلة الوحيدة للاندماج هي منح الحوافز للبنوك المندمجة من ناحية. وقيام السلطات النقدية العربية بمضاعفة الحدود الدنيا لرؤوس أموال البنوك بشكل يتناسب والأوضاع الاقتصادية والمالية والمصرفية العالمية مشيرا إلى أن الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك في مصر لا يتجاوز 100 مليون جنيه مقابل نحو 30 مليون دولار في الأردن و8 ملايين دولار في لبنان.. وأن الجهاز المصرفي العربي يعاني تخمة بنوك معظمها صغيرة لا تملك مراكز مالية قوية حيث ولدت متواضعة ومحدودة واستمرت هكذا لتحقيق المصالح الشخصية للقائمين عليها. أبرز التحديات ووصف محمود عبد العزيز بناء وحدات مصرفية كبيرة ورفع كفاءة الخدمات المصرفية وتطويرها أكبر تحديات المصارف العربية في القرن المقبل الذي لم يتبق عليه سوى شهور قليلة.. مشددا على أن بناء هذه الوحدات العربية المصرفية العملاقة يأتي استجابة لحاجات ملحة فرضتها التغيرات والتطورات السريعة والمتلاحقة في عالم البنوك والمصارف.. مشيرا إلى أنه رغم تطور أداء الجهاز المصرفي العربي إلا أنه مازال بحاجة إلى إجراءات أخرى تؤهله لمواجهة تحديات مصيرية تتعلق بالعولمة والاندماج والتشريعات المنظمة لعمل البنوك والحجم الكبير للمصارف التي تتجاوز حدود الدولة القطرية لتعمل على أساس إقليمي وأحيانا تتجاوز الحدود الإقليمية. وأشار إلى أن التغييرات التي يجب إدخالها على القوانين المصرفية العربية لرفع النمو في القطاع المصرفي العربي وتعزيز معطيات الاندماج يجب تطويرها ابتداء من رفع رأسمال البنوك إلى إعادة تطوير هياكلها وأنظمتها أمام البنوك الأجنبية وانفتاح السوق في ظل آفاق تحرير الخدمات المالية والمصرفية داخل منظمة التجارة العالمية. اقتراح بدمج المصارف الصغيرة وكشف علي نجم محافظ البنك المركزي الأسبق أن القطاع المصرفي العربي يضم عشرات البنوك التي تحتاج إلى الاندماج وأن مصر لديها حوالي 10 بنوك تجارية صغيرة في حاجة ضرورية للاندماج في كيانات أكبر.. مشيرا إلى أن ظاهرة الاندماج البنكية تعتبر من أهم القضايا المطروحة على الساحة الاقتصادية حاليا.. وأن ما حدث من دمج للبنكين العقاري العربي والمصري سيشكل كياناً اقتصادياً واستثمارياً قوياً تتجاوز استثماراته 10 مليارات جنيه وسيكون نقطة انطلاق لاندماجات مصرفية أخرى موضحا أن بعض البنوك المصرية تدرس مسألة الاندماج بشكل متأن ومن المتوقع أن تشهد السنوات القليلة المقبلة العديد من حالات الاندماج المصرية وربما العربية. واقترح علي نجم تجميع المصارف العربية لبعضها البعض وإعادة تنظيمها إداريا لتكوين وحدات مصرفية كبيرة قادرة على الاستمرار لاسيما في الأسواق الخارجية.. وزيادة رأس المال واندماج البنوك الأصغر والأضعف فيما بينها لتكوين وحدات أكثر فعالية.. والسعي لإنشاء كيانات مصرفية عربية قوية خاصة في أوروبا لحماية الاستثمارات العربية في الخارج. هوس الاندماج العالمي ورصد الدكتور حمدي عبد العظيم عميد مركز البحوث بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أبرز حالات الاندماج المصرفية العالمية مشيرا إلى أنها تجاوزت 1500 حالة بقيمة 153 مليار دولار وذلك في عام 1996 مقابل 1855 حالة اندماج بأصول استثمارية بلغت 6.108 مليارات دولار عام1990 موضحا أن العالم شهد منذ عدة أسابيع أكبر صفقة اندماج بين ثلاثة بنوك يابانية كبرى هي البنك الصناعي الياباني وفوجي بنك وداي ايستي كانجيو بنك وأن هذه البنوك الثلاثة تبلغ إيراداتها حوالي 54 مليار دولار وصافي أرباحها 1700 مليون دولار وأصولها 1027 مليار دولار الأمر الذي سيجعل هذا البنك الياباني العملاق الجديد يتربع على قمة البنوك العشرة الكبرى في العالم قبل بنك دوييشه الألماني (865 مليار دولار) والذي دشن مفاوضات مع ثالث البنوك الألمانية (درسدند بنك) لتوحيد نشاطاتهما في مجال الأعمال المصرفية.. كما بدأ بنك ناشيونال دي باري الفرنسي مفاوضات مع بنكي باريباس وسيوسيته جنرال للاندماج, الأمر الذي يؤكد أنه لن يكون هناك مكان للضعفاء والكيانات الصغيرة والهزيلة وسط هذه الديناصورات البنكية. وأضاف أن معظم حالات الاندماج القليلة التي تمت على النطاق المصري والعربي كانت لأسباب اضطرارية غير أن الاندماجات الأجنبية تهدف تكوين كيانات ضخمة تسيطر على السوق وتخفض تكاليف التشغيل وتضاعف الخدمات المصرفية المتميزة لجذب عملاء جدد وتحقيق أرباح وإيرادات أعلى.. مشيرا إلى أن قائمة البنوك المصرية تضم بنوكاً يمكنها الاندماج فيما بينها لتكوين كيانات افضل, منها البنك التجاري الدولي مع البنك العربي الدولي وبنك مصر الدولي وبنك قناة السويس وبنك الدلتا الدولي.. كذا يمكن دمج البنك الوطني المصري مع كل من البنك الوطني للتنمية وبنك التجارة والتنمية وبنك النيل. ويمكن اندماج البنك المصري لتنمية الصادرات مع كل من بنك الإسكندرية التجاري والبحري وشركة تنمية الصادرات.. مؤكدا أن القطاع المصرفي العربي يضم العديد من البنوك التي يمكنها الاندماج.. وأن البنوك المركزية وسلطات النقد العربية مطالبة بإجراء دراسات سريعة ودقيقة في هذا المجال وتعديل التشريعات المصرفية بما يشجع على الاندماج ويحول دون الاحتكار ويحقق الفائدة من عمليات الاندماج. د. علي لطفي د. علي نجم محمود عبدالعزيز

Email