الاندماج هو الطريق لخفض التكاليف ورفع مستوى الكفاءة،العولمة تفرض تحديات جديدة على النظام المصرفي السعودي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تطرح مرحلة العولمة على النظام المصرفي السعودي تحديات كبيرة اهمها الاندماج المصرفي لخفض التكاليف ورفع مستوى الكفاءة. وتفرض التحديات المقبلة ضرورة التطوير المتواصل لأساليب الرقابة المصرفية التي تديرها لجنة بازل في وجه المخاطر المالية غير التقليدية الناجمة عن تعامل البنوك في أدوات مالية مركبة أو مشتقة والاستفادة من خبرة الازمات المالية في جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية في حماية النظام المصرفي من الأزمات الزاحفة عن طريق تفعيل مراقبة السلطات النقدية للتدفقات الرأسمالية ومراقبة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاعات غير المنتجة في الاقتصاد والمراقبة والتقييم المستمر لسعر الريال السعودي. وعلى الرغم من التطورات التي لحقت الصناعة المصرفية السعودية سواء على مستوى البيئة المصرفية أو التغيير الهيكلي أو الأداء المالي فإن القطاع المصرفي السعودي لا يزال يشكوا نقاط ضغف في بنياته, علاجها والخلاص منها يعزز امكاناته في التكيف مع دواعي التغيير في البيئة المصرفية الدولية ويقوي قدرته التنافسية في الاسواق المالية المحلية والعالمية ويشحذ فعاليته لمغالبة تحديات العولمة واقتناص الفرص التي تبشر بها. وتشكو البنوك السعودية من هيمنة نظم الأعمال المصرفية التقليدية على نشاطها, وتركز معظم الودائع والتسهيلات الائتمانية في شريحة محددة من العملاء الذين تقتصر معاملاتهم على الودائع والعمليات الجارية قصيرة الأجل أو تمويل التجارة والصفقات العقارية وهما النشاطان اللذان يستأثران بأكثر من نصف التسهيلات الائتمانية للقطاع المصرفي وذلك على حساب التمويل متوسط وطويل الأجل للقطاعات الانتاجية والخدمية الذي ستزداد الحاجة اليه في السنوات المقبلة مع ظهور (فجوة تمويلية) قد يجد النظام المصرفي صعوبة في تجسيدها اذا ظل معتمدا على أساليب العمل التقليدية التي طبقها في ظروف الوفرة النفطية وتعاظم الايرادات العامة للدولة, وما اذا لم ينجح في ابتكار توليفات مناسبة تمزج بين الاقراض المصرفي التقليدي والتمويل التنموي. وباستثناء عدد قليل من المصارف يتسم النظام المصرفي السعودي بوجود وحدات مصرفية صغيرة الحجم في معظمها ومحدودة رأس المال وذلك على الرغم من صدور قوانين لتسهيل الاندماج المصرفي وتكوين وحدات مصرفية كبيرة الحجم. الكثافة المصرفية وتعاني السوق المصرفية السعودية من (تمصرف مفرط) (Over Bankikg) من حيث عدد البنوك أو فروعها أو حجم اعمالها ويؤدي ذلك في الغالب الى تنافس حاد على جذب الودائع ومنح التمويل على نحو يعرقل تطور العمل المصرفي ويقاس (التمصرف المفرط) بنسبة الكثافة المصرفية ونصيب الفرد من موجودات المصارف التجارية ونسبة الودائع الى الناتج المحلي الاجمالي وقد بلغت نسبة الكثافة المصرفية في السوق السعودية 0.68 في عام 1995 وهي نسبة مرتفعة اذا ما قورنت بمثيلتها في الدول النامية أو الدول العربية الاخرى 0.38 وهي تعبر عن عدد الوحدات المصرفية لكل عشرة آلاف من السكان فإذا كانت هذه النسبة اقل من 0.5 دلت على كثافة منخفضة وإذا زادت عن واحد صحيح اعتبرت الكثافة المصرفية مرتفعة جدا. أما نصيب الفرد من موجودات البنوك التجارية الوطنية في المملكة فيقدر بحوالي 5100 دولار مقابل 7.7 آلاف دولار في دول مجلس التعاون الخليجي وتعتبر نسبة الودائع الى الناتج المحلي مؤشرا آخر على الكثافة المصرفية وهي تناهز في المملكة 42% من الناتج المحلي الاجمالي في عام 1995. ويؤدي استمرار ارتفاع الكثافة المصرفية في المملكة في الأجل الطويل الى جعل حجم البنوك التجارية صغيرا وبالتالي انخفاض كفاءتها التشغيلية وارتفاع تكاليفها وعدم مقدرتها على تطوير اعمالها أو تبنيها للمفاهيم المصرفية الجديدة بما يتفق وطبيعة التحديات المصرفية للعولمة. هذه التحديات لا يمكن مواجهتها أو التكيف مع تداعياتها ونتائجها بغير تعديل في بنية النظام المصرفي السعودي وتطوير بيئته المؤسسية والتشريعية وتنمية قواه البشرية والادارية والتقنية وتحسين البيئتين المحلية والاقليمية اللتين يعمل فيهما. التدفقات الرأسمالية ويقول مدير مركز دراسات المستقبل, الدكتور محمد إبراهيم منصور انه رغم انفتاح الاقتصاد السعودي على العالم الخارجي عبر تيارات التجارة الخارجية الا ان اندماجه في العولمة ليس بالدرجة التي تجعله عرضة للأزمات المالية اذ ما زال حجم التدفقات الرأسمالية الداخلة الى المملكة في حدود لا تكاد تذكر لكنه اتجاه قد يتغير في الاجل القريب بعد اقرار قانون رأس المال الاجنبي وتوفير مزيد من الحوافز للاستثمار الخارجي يسمح للمقيمين الاجانب بالاستثمار في سوق الأسهم السعودية. ودعا السلطات المالية والنقدية في المملكة الى ضرورة مراقبة اتجاه التدفقات الرأسمالية مستقبلا حتى لا تصل الى المستوى الذي ينذر بأزمة مالية وان تكون مستعدة للتدخل عند الضرورة في سوق الذهب والتأهب لتقييد حركة دخول رؤوس الأموال الاجنبية عن طريق فرض ضرائب لفترة مؤقتة نظرا لأن الاستثمارات الاجنبية كانت ضمن الأسباب الهامة التي ساقت المكسيك والبرازيل والدول الآسيوية الى الأزمة. وطالب هذه السلطات بضرورة مراقبة مؤسسة النقد للتسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك السعودية لقطاعات الاستثمار العقيم كقطاع التجارة والعقارات. والتأكد من قيام النظام المصرفي بمراعاة المواءمة بين آجال القروض واستخداماتها بحيث لا تستخدم المصارف موارد قصيرة الأجل في تمويل استخدامات طويلة الأجل مما يترك آثارا سلبية على النظام المصرفي برمته. المراقبة والتقييم المستمران لسعر صرف الريال السعودي حيث ثبت ان سعر الصرف اذا كان متوقعا بأكثر من قيمته الحقيقية فإنه يكون ضمن الأسباب التي تقود الى أزمات مالية وعلى الرغم من ثبات سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي منذ فترة طويلة ووصوله الى سعر التوازن في الوقت الراهن الا انه بين الحين والآخر يجب اعادة تقييمه خصوصا وان السنوات المقبلة ستشهد درجة أكبر من الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي وستتغير كثير من المؤشرات والمعطيات الاقتصادية كالطلب على الريال وحجم الاحتياطات ومركز الميزان التجاري وميزان المدفوعات ويتعزز هذا الاجراء في ظل شرطين: عدم وجود سوق للمضاربة على الريال ووجود احتياطي كبير من النقد الاجنبي يتيح لمؤسسة النقد العربي السعودي التدخل في السوق لمنع انهيارها. وقال ان البقاء القوي والفاعل للبنوك السعودية في الاسواق المالية يرتهن ليس فقط على قدرتها على تفادي الآثار السلبية وانما على التكيف مع متغيراتها واقتناص الفرص الايجابية التي تلوح من ورائها بما في ذلك تنويع خدماتها وتخفيض تكاليفها وتبني المفاهيم المعرفية الجديدة كمفهوم البنك الشامل وتحديث الاطار التنظيمي والتشريعي وتطوير سوق المال وتحقيق الانتشار والتوسع محليا وإقليميا وعالميا والانفتاح والتعاون مع السوق المصرفية العربية. الاستثمار الرأسمالي وتلعب البنوك العربية دورا هاما في النهوض بالتنمية في العالم العربي من خلال توفير الاموال الموجهة نحو الاستثمار الرأسمالي مما يؤدي الى زيادة النمو الاقتصادي ورفع مستويات المعيشة, وقد ركزت البنوك الخليجية في السنوات الأخيرة على عمليات الاقراض المحلية والاقليمية. ويتبوأ 25 مصرفا عربيا من بينها ثمانية بنوك سعودية ضمن قائمة اكبر 500 مصرف في العالم, ونمت هذه المصارف بمعدل 5.3% عام 1998 رغم الازمة المالية والاقتصادية في الاسواق الناشئة وعدم استقرار الاسواق المالية وتراجع اسعار النفط, وبلغت اجمالي موجوداتها 287 مليار دولار, كما زادت ودائعها بمعدل 6.7% في حين زادت جملة القروض التي قدمتها بمعدل 4.4%, كما زادت ربحيتها نحو 3% وهي ربحية عالية مقارنة, بما تحققه البنوك في مناطق اخرى من العالم. ويرجع وزير المالية والاقتصاد الوطني السعودي د. ابراهيم العساف ذلك الى ان هذه البنوك تتبع سياسات اقراضية حكيمة, فقد تراجعت نسبة القروض الى اجمالي الودائع الى 61.8% العام الماضي وهو معدل منخفض مقارنة بالمقاييس الدولية, كما انها تحرص على زيادة رؤوس أموالها لتفي بالمتطلبات الدولية. وقال د. العساف ان أداء البنوك التجارية السعودية العشرة في الفترة الأخيرة كان جيدا برغم تأثر الاقتصاد السعودي بانخفاض أسعار النفط, وتعتبر ربحيتها جيدة مقارنة مع البنوك في المناطق الأخرى, وقد ارتفع اجمالي موجوداتها بمعدل 6.4% في العام الحالي حتى نهاية ابريل من هذا العام وارتفعت الودائع بمعدل 5% والقروض بمعدل 15%. ويرى د. العساف بأن على البنوك العربية ان تبذل المزيد من الجهد للمحافظة على هذا المعدل من الارباح, ولاسيما انها ستواجه منافسة أشد في ظل زيادة انفتاح الاسواق المالية, وانتشار الخدمات التجارية والمصرفية عبر الشبكات الالكترونية, مشيرا الى اتفاقية بازل والتعديلات المقترحة عليها القاضية بزيادة نسب رؤوس أموال البنوك التجارية بهدف زيادة اهتمام البنوك بمخاطر الاقراض وما تتضمنه من مقتضيات اخرى. وقال ان التحدي يولد الفرص, وان بوسع البنوك التي أعدت نفسها اعدادا جيدا الاستفادة من هذه الفرص, معربا عن ثقته بأن تلعب المصارف العربية دورا رئيسيا في زيادة الازدهار الاقتصادي في الأيام المقبلة, ولن تكون رهينة التحدي الراهنة. ووصف الأوضاع المالية والاقتصادية العربية انها تسير في طريق ايجابي وان ما يواجهها من تحديات هو الاختلال المستمر بين معدلات النمو السريع في السكان والنمو المعتدل في الداخل وقد بدأت الدول العربية في برامج اصلاحية وبالذات تلك المتعلقة بالشؤون المالية والخصخصة وتحرير الاسواق. وزاد طلب القطاع الخاص على الائتمان المصرفي بشكل ملحوظ حيث ارتفعت مطلوبات المصارف على القطاع الخاص بحوالي 1.10 مليارات ريال أو نسبة 2.8% الى 7.133 مليار ريال في عام 1997 مقابل ارتفاع نسبته 2% عام 1996. وحققت قاعدة رأسمال المصارف مزيدا من المتانة خلال عام ,1997 فقد زاد رأسمالها واحتياطاتها بحوالي 3.1 مليار ريال أي بنسبة 6.3% الى 4.38 مليار ريال, وبذلك بلغت نسبة رأسمال واحتياطيات المصارف في ودائعها واجمالي موجوداتها 17% و10% على التوالي, وبلغت نسبة ملاءة رأس المال الى موجودات المصارف 8.10% بنهاية عام 1997 وهي نسبة ممتازة مقارنة بالنسب السائدة في الدول الاخرى أو النسبة الدنيا البالغة 8% التي حددتها لجنة بازل لبنك التسويات الدولية. وحقق ادخال النظام الآلي في الأعمال المصرفية مزيدا من التقدم, فقد زاد عدد اجهزة الصرف الآلي من 1359 جهازا في نهاية ديسمبر 1996 الى 1591 جهازا في نهاية ديسمبر ,1997 أي بزيادة نسبتها 1.17%, وارتفع عدد بطاقات اجهزة الصراف الآلي من 5.2 مليون بطاقة الى 1.3 ملايين بطاقة, أي بزيادة نسبتها 23% خلال الفترة نفسها. وزاد صافي ارباح المصارف من 1.6 ملايين ريال في عام 1996 الى 5.6 مليارات ريال في عام ,1997 ويعكس هذا بشكل رئيسي توسع تسهيلات الائتمان وزيادة دخل الاستثمار وارتفاع الدخل من رسوم الخدمات والمحافظة على النفقات غير الخاضعة للعائد بمستوى العام السابق. وتجدر الاشارة الى انه لم تكن لأزمة اقتصادات دول شرق آسيا أي تأثيرات حادة على ربحية المصارف السعودية, حيث اقتصرت مخاطر تعاملها بشكل رئيسي على المصارف الرئيسية والعملاء من الدرجة الأولى في تلك المنطقة. معدل النمو النقدي وتشير البيانات المتاحة للربع الأول من عام 1998 الى اعتدال معدل النمو النقدي بحيث زادت بنسبة 9.1% بالمقارنة بنسبة 4% خلال الفترة المقابلة من عام ,1997 ويعكس هذا بصورة رئيسية ترشيد صافي الانفاق الحكومي بسبب انخفاض ايرادات النفط نتيجة لهبوط اسعار الزيت خلال الربع الثاني, وعن توزيع وسائل الدفع الى النقد خارج المصارف فقد زاد بنسبة 7.6% وارتفعت الودائع تحت الطلب بنسبة 3.2%, والودائع الزمنية والادخارية بنسبة 1.2% خلال هذا الربع, ومن جهة اخرى انخفضت الودائع الاخرى شبه النقدية بنسبة 2.4%. وزادت المصارف مطلوباتها من القطاع الخاص بحوالي 6.2 مليار ريال الى 3.136 مليار ريال خلال الربع قيد الثاني بالمقارنة بانخفاض مقداره 4.0 مليار ريال خلال الربع المقابل من العام السابق, وارتفعت نسبة هذه المطلوبات الى اجمالي الودائع المصرفية من 1.59% الى 7.59% خلال الربع الأول. وواصلت المصارف زيادة رأسمالها واحتياطاتها خلال الربع الأول من عام ,1998 وتحسنت نتيجة لذلك نسبة ملاءة رأس المال في الاصول لتصل الى 3.21% بنهاية شهر مارس ,1998 وتحسنت نتيجة لذلك نسبة ملاءة رأس المال في الاصول لتصل الى 3.21% بنهاية شهر مارس 1998. وبلغ اجمالي موجودات النقد بالصندوق والارصدة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في 30 يونيو الماضي ما مجموعه 690.14 مليار ريال. وجاء في بيان اصدرته المؤسسة حول المركز المالي الموحد للبنوك المحلية في منتصف العام الجاري ان اجمالي الارصدة لدى البنوك المحلية في خارج المملكة ما مجموعه 82.55 مليار ريال. وبلغ اجمالي الارصدة في داخل المملكة لدى هذه البنوك ما مجموعه 714.17 مليار ريال. وبلغ اجمالي القروض والسلف للبنوك المحلية 051.173 مليار ريال. ووصل مجمل الاستثمارات المالية للبنوك المحلية الى 17.144 مليار ريال. وظهرت أخيرا في الموجودات المجمعة موجودات اخرى بلغت 4329.41 مليار ريال للبنوك المحلية. وبذلك وصل مجموع الاداء العام لموجودات البنوك المحلية في 30 يونيو ما مجموعه 730.541 مليار ريال. وظهر في المركز المالي الموحد للبنوك المحلية اجمالي مطلوبات 024.447 مليار ريال والتي توزعت على 028.42 مليار ريال كرأسمال واحتياطيات للبنوك المحلية و451.27 مليار ريال كأرصدة للبنوك في الخارج. كما ظهر مبلغ 723.20 مليار كأرصدة للبنوك المحلية و465.265 مليار ريال اجمالي الودائع الجارية والتوفير الآجل ومبلغ 7660.8 مليارات ريال على هيئة ودائع اخرى و596.82 مليار ريال جاءت على هيئة مطلوبات اخرى حتى نهاية يونيو 99. وبذلك تصل الحسابات بمجموعها لدى كل من الموجودات والمطلوبات على حدة 730.541 مليار ريال. والجدير بالذكر ان مجموع عدد البنوك المحلية التي تشرف عليها ادارة مؤسسة النقد العربي السعودي يبلغ تسعة بنوك بعد الاعلان عن دمج البنك السعودي المتحد بالبنك السعودي الامريكي تحت اسم البنك السعودي الامريكي والذي كشف خططا لدخول السوق الاماراتية والمصرية كأول مرحلة للتوسع الخارجي. وتعد الامارت ومصر الاكثر جاذبية لمثل هذه الخطوة في المنطقة بسبب جدوى العمل المصرفي فيهما طبقا للمؤشرات والدراسات الاقتصادية الحديثة اذ تؤكد قابلية السوق الاماراتية والمصرية استيعاب دخول (السعودي الامريكي) والنمو فيه بشكل متواصل خلال الفترات المقبلة. ويعكس توجه البنوك السعودية للتوسع الخارجي ما تتمتع به من قدرة مالية وخبرة مصرفية تمكنها من المنافسة في الاسواق الخارجية وتحقيق الاهداف الاساسية من عملية التوسع. جدة ـ البيان

Email