يبلغ حجم انتاجها300مليون جنيه مصري،صناعة الزجاج تواجه تحديات الاغراق وضعف التسويق الخارجي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعاني صناعة الزجاج في مصر التي يبلغ حجم انتاجها ما يقرب من300مليون جنيه سنوياً, مشاكل عديدة تتمثل في الاغراق والدعم اللذين تمارسهما تمارسه دول من جنوب شرق آسيا وتركيا, بالاضافة الى ايطاليا واسرائيل والصين , وعلى الرغم من السمعة العالمية هائلة الجودة لصناعة الزجاج المصري الا ان اغراق هذه الدولة بمنتجاتها في الاسواق المحلية ساهم في اضرار كبيرة عادت على صناعة الزجاج المصري, حيث تقل اسعار السلع الزجاجية للدول التي تغرق السوق المصري عن مثيلاتها المصرية بنحو 25% وهو ما ادى الى زيادة حجم المخزون بالمصانع, وتخفيض القدرة الانتاجية لها بنحو 60%. المنتجون لصناعة الزجاج في مصر لم يقفوا صامتين حيال هذه المشكلة الخطيرة حيث تقدموا مؤخراً بمذكرة الى رئيس الوزراء د. كمال الجنزوري طالبوه فيها بضرورة فرض حصص استيرادية, وتوحيد المعاملة بين الرسوم الجمركية المرتفعة على الخامات المستوردة والمنتجات كاملة الصنع. وصناعة الزجاج ليست وليدة اليوم, او حتى سنوات مضت في مصر, وانما عرفها المصريون منذ ما يقرب من 3 آلاف عام, وتوارثتها الاجيال لتخرج منها اشكالاً بديعة وقبل 3 اعوام حصلت احدى الشركات المصرية على شهادة النجم الذهبي في الجودة وهي التي تمنح لاحسن 75 شركة عالمية, ورغم كل هذا تواجه هذه الصناعة في مصر الآن مشكلات ربما تؤدي الى فقدها لعرشها العالمي. المذكرة التي تلقاها د. كمال الجنزوري مؤخراً اشارت الى اسماء دول بعينها تقوم باغراق الاسواق المصرية بمنتجاتها الزجاجية, وهي اسرائيل وتركيا, والصين, وايطاليا فضلاً عن دول جنوب شرق آسيا قالت المذكرة: ان هذه الدول تقوم بعمليات تقليدية, فضلاً عن ان الصناعة المصرية تواجه زيادة الضرائب عليها, بالاضافة الى صعوبة التسويق لها. الامر لم يقف عند هذه الخطوة فقط بل ان ابراهيم العناني اشهر تجار هذه الصناعة, يقول انه تقدم بمذكرة اخرى الى وزير التجارة المصري د. احمد جويلي, اشار فيها الى ان صناعة الزجاج بواسطة الفم واليد والتي اتقنها صناع الزجاج في مصر منذ اواخر السبعينات, وقامت بابتكار صناعة الانابيب والدوارق الزجاجية التي تستعمل في المعامل البحثية.. تواجه هذه الصناعة مخاطر كبيرة نتيجة عدم تسويقها ومواجهتها لمنافسات اخرى في الاسواق المحلية. ودعا عناني في كلامه لـ (البيان) الى قيام مكاتب التمثيل التجاري في الخارج الى مساعدة صناع هذه المنتجات في الترويج في الاسواق العربية والخليجية من خلال (الاسابيع المصرية) التي تقوم بتنظيمها هذه المكاتب بشراء هذه المنتجات وتوزيعها على الشركات والسياح الأجانب على سبيل الدعاية لمصر لان هذه المنتجات تتميز بجودة وبراعة فنية عالية تمثل صورة جيدة لمصر وفنونها التراثية البعيدة مقترحاً ان يخصص (ركن مصري) لهذه المنتجات في جميع المعارض التي تشارك فيها مصر. ويحذر العناني من ان دول اسرائيل والصين وتركيا وايطاليا يطرحون في السوق المحلي والعالمي منتجات مقلدة للمنتجات المصرية بجودة تقليدية عالية لانهم يستخدمون احدث التكنولوجيات العالمية في تصنيعها ويطرحونها في الاسواق بأسعار رخيصة للغاية مما يهدد تسويق منتجاتنا في الخارج. ويلفت العناني النظر الى ان تلك الصناعة جذبت انظار العاملين فيها على امكانية استخدام الزجاج (البيركس) في عمل اشكال فنية بديعة لبيعها في اسواق خان الخليلي التي شهدت تدفقاً سياحياً في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات. حيث اخذت هذه الانواع من الزجاج اشكالاً مختلفة تمثلت في الفنون الفرعونية والاسلامية والفارسية والدمشقية, واحتوت على مزيج من الفنون التراثية والعادات الاجتماعية الشعبية المصرية حتى وصل المنتج فيها حالياً الى أرقى ما وصلت اليه هذه الصناعة اليدوية في العالم. يضيف العناني: ان تلك الصناعة تم تطويرها وادخل في مجالها استخدام الكمبيوتر في رسم زخارف غاية الدقة والابداع وكذلك الاستعانة بمخارط حديثة لتشكيل الزجاج وتلوينه بأجود الالوان وتصدير الانتاج الى جميع الفنادق في العواصم العالمية. بينما يشير المهندس جمال فوزي العضو المنتدب لمصنع زجاج (ياسين) بشبرا الخيمة التابع لقطاع الاعمال العام ان الشركة بدأت في اتخاذ سياسات بعيدة المدى وجديدة حيث القيام بتصنيع انواع تماثل المستورد للتغلب على حالات الاغراق والدعم في هذه الصناعة في السوق المحلي على ان يتم طرح هذه المنتجات بأقل نحو 10% من سعر المستورد من دول جنوب شرق آسيا. ويضيف: ان حالات الاغراق التي نعاني منها حالياً تؤثر سلباً على ارباح الشركات المتخصصة في صناعة الزجاج والبلور, مما يهددها بالخسارة مطالباً ضرورة تدخل الحكومة لاتخاذ اجراءات لمواجهة ظاهرة الاغراق. ويقول ان اجمالي الانتاج المحلي من منتجات الزجاج بمختلف انواعه يقترب من 300 مليون جنيه بينما في الاسواق منتجات مستوردة تقترب من 220 مليون جنيه رغم ان حاجة السوق المحلي من الطلب على الزجاج لا يتعدى 200 مليون جنيه سنوياً مما يؤدي على حسب قوله الى اهدار النقد الاجنبي في شراء سلع متوفرة بالسوق المحلي وبأسعار وجودة مناسبة. اما المهندس احمد حمزة العضو المنتدب للشركة الوطنية للزجاج يقترح تطبيق السعر الحكومي على المنتجات تامة الصنع المستوردة اسوة بالخامات (الصودا والامبولات الزجاجية) حيث تطبق مصلحة الجمارك المصرية سعر حكومي على الصودا 165 دولاراً للطن مقابل 138 دولاراً للمستورد. والشيء نفسه على باقي الخامات المستخدمة في صناعة الزجاج وينتقد حمزة بيع الزجاج المسطح بسعر 600 جنيه للطن في مصر في الوقت الذي لا توجد اي دولة تبيعه بهذا السعر. ويتساءل حمزة من اجل من نسمح للمستوردين بالاستمرار في اغراق السوق, واهدار احتياطي النقد الاجنبي تحت مسمى آليات السوق مشيراً الى اعداد مذكرة لتقديمها الى جهاز منع الدعم ومكافحة الاغراق عبر اتحاد الصناعات المصرية حتى يتسنى لاجهزة وزارة التجارة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمواجهة الاغراق خاصة ان منتجي الزجاج سيكونون شعبة جديدة, تحت مظلة اتحاد الصناعات لبحث شكواهم ومواجهة المعوقات التي تهدد الصناعة الوطنية بعد فتح الاستيراد. ويعلق محمد شكري مدير المبيعات بالشركة المصرية للزجاج على ما يواجه هذه الصناعة قائلاً: انه بالرغم من ان شركته هي احدث مصنع في هذا المجال بطاقة استثمارية تبلغ 450 مليون جنيه, الا ان الشركة تعاني من ارتفاع نسبة المخزون الامر الذي ادى الى تخفيض سعر طن الزجاج المسطح من 1300 الى 820 جنيهاً بخسارة تقترب من الـ 500 جنيه حتى نتمكن من تصريف الانتاج الذي لا يقل جودة عن نظيره المستورد بل ويفوقه علما ان الطاقة الانتاجية للشركة تصل الى 120 الف طن سنوياً من الزجاج المسطح, ويشير الى ان المستوردين يدخلون منتجاتهم للأسواق المحلية بأسعار غير حقيقية عبر تقديم فواتير غير حقيقية تمكنهم من الهروب من فرق الرسوم الجمركية, وضريبة المبيعات في الوقت الذي يلتزم المنتجون المحليين بسداد مستحقات الضرائب والجمارك مشيراً الى ان الكوب الزجاجي الاندونيسي يباع حالياً في السوق المصري بمائة قرش مقابل 150 قرشاً لنظيره المحلي. وعلى المسار نفسه يقول ايمن عبدالغفار صاحب ورشة يدوية لانتاج الزجاج ان موسم الرواج يكون في الصيف حيث يقبل السائح العربي على شراء هذه المنتجات كعبوات الروائح والعطور بينما يقبل السائح الاجنبي على شرائها طوال فصول السنة لكن ونظراً لانخفاض موسم السياحة منذ 3 اعوام ماضية لذا فإن الاعتماد حالياً يكون على السائح العربي خصوصاً القادمين من الامارات والسعودية والكويت الذين يحتاجون تلك النوعية من هذه الاشكال الفنية البديعة مثل طيور الزينة كالنورس, والبط والأوز والاسماك بأشكالها وألوانها المختلفة والحيوانات علاوة على تقديم الشاي والغازات والشيشة والشمعدان والمكاحل وبايب السادات التي تقوم بانتاجها 100 ورشة تنتشر في منطقة خان الخليلي الا انها تعاني من الركود واوشكت على الاغلاق بعد انخفاض فرص التسويق. ويضيف ايمن ان غالبية تلك الورش بدأت في الاستغناء عن نسبة من العمالة او تخفيض الاجور الى ادنى معدل لها مما يهدد بانقراض هذه المهنة التي تمتعت بسمعة عالية. وعلى الرغم من هذه الشكاوى الصارخة الا ان الامر يختلف في قطاع التجارة الخارجية, حيث يقول سيد ابو القمصان رئيس القطاع ووكيل اول وزارة التجارة لـ(البيان) انه لم يثبت لنا بعد حدوث اغراق في قطاع المنتجات الزجاجية من قبل اي دولة لكنه يضيف: من الطبيعي ان تشهد السوق بعد تحرير التجارة العالمية استيراد انواع مختلفة من الزجاج من دول العالم, وعلى المنتجين في مصر تخفيض تكاليف انتاجهم وتقديم ابداعات في صناعة واشكال الزجاج تجذب المستهلك وتنافس المستورد, وقال: لم يعد هناك في العالم صناعة تعتمد على الحماية والدعم. الاغراق يهدد صناعة الزجاج المصرية

Email