اتجاهات: أسواق العمل الخليجية:بقلم-حسين محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أما فيما يخص الموضوع الثاني المتعلق بمناقشة موضوع أسواق العمالة, فلا شك ان موضوع فتح أسواق دول المنطقة أمام مواطني دول المجلس يعتبر من العوامل الحيوية لتعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي كما لا شك فيه ان دولة مثل البحرين تنظر الى هذا الموضوع بأهمية كبيرة نظرا لما تعاني منه من وجود أعداد متزايدة من الأيدي العاملة الوطنية التي تبحث عن وظائف . بالاضافة الى ذلك, فأننا نرى وجود عامل محوري آخر وهو ما يكشف عمق العلاقة بين ايجاد فرص عمل للمواطنين في دول المجلس وضرورة فتح أسواق عمل هذه الدول أمام مواطني الدولة العضو, وهذا العامل يتمثل في الاشارة المتكررة من قبل أصحاب الأعمال في القطاع الخاص إلى نقص وجود الأيدي العاملة الوطنية التي تمتلك المؤهلات المطلوبة, سواء الفنية أو الأكاديمية, لتحل محل الأيدي العاملة الأجنبية. وللموضوعية فإن هذه الاشارة تملك أساسا من الصحة في أحيان عديدة, وليس جميع الأحيان الا ان الحكم فيما اذا كانت هذه الأحيان تمثل أقلية الحالات أو أغلبيتها سوف يعتمد بصورة كبيرة على ما اذا كانت نظرتنا الى اسواق العمل الخليجية هي نظرة مجزأة, أي تنظر الى هذه الأسواق لكونها منفصلة وقائمة بذاتها أو متكاملة وواحدة. ان طبيعة نظرتنا الى أسواق العمل بدول المجلس سوف تحد أو توسع من آفاق وامكانات برامج احلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية وبالتالي التسريع في ايجاد فرص عمل للمواطنين في دول المجلس. كما ان صاحب العمل الخليجي الذي يجد بمقدوره ان يختار بحرية وعلى الاسس نفسها من معايير التوظيف بين عشرات أو مئات الآلاف من الأيدي العاملة المعروضة للعمل في أسواق دول المجلس سوف يبدي دون شك مقدارا أكبر من التجاوب والتعاون في التخلي عن الأيدي العاملة الأجنبية مقابل توظيف الأيدي العاملة الوطنية. وحرية الاختيار هذه سوف تقلص بدرجة كبيرة اذا ما وجد صاحب العمل هذا نفسه مجبرا على الاختيار من الأيدي العاملة المعروضة في سوق عمل بلده فقط. وبالتالي فإن مقدار تجاوبه وتعاونه سوف يتقلص هو الآخر. ونخلص من هذا الى اعادة المطالبة بضرورة الاسراع في تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون والعمل على اتخاذ الاجراءات التنفيذية لهذه القرارات ومن بينها ازالة المعوقات امام حرية التنقل والعمل ومن ضمنها استثناء مواطني دول المجلس من كافة القيود والاجراءات المقررة على استخدام غير المواطنين وبصفة خاصة استثنائهم من نظام تصاريح العمل واتخاذ كافة الاجراءات لتسهيل توظيفهم وفقا للحاجة المتوافرة والعمل على استفادتهم من نظم التأمينات الاجتماعية عن تنقلهم للعمل في دول اخرى من دول المجلس. كما يتطلب الامر توحيد وتقريب نظم وتشريعات العمل والتأمينات الاجتماعية في دول مجلس التعاون, والاستمرار في انجاز المرحلة الثانية للمشروع الاسترشادي الموحد للأحكام المنظمة لعلاقات العمل في دول مجلس التعاون, الذي اشتمل على نصوص نموذجية ترتبط بعقد العمل الفردي والأجور, كما يوصي البرنامج بوضع الأساس لمركز المعلومات الخليجي وتبادل معلومات سوق العمل ورصد متغيراته. وغني عن التنويه أخيرا ما سوف يحققه توحيد أسواق العمل بدول المجلس من مزايا اجتماعية واقتصادية استراتيجية وحاسمة بالنسبة لمستقبل التكامل الاقتصادي بين دول المجلس, خصوصا على صعيد انجاح برامج تنويع القاعدة الاقتصادية. فهذه البرامج تتعرض لفقدان الكثير من فاعليتها كون جزء هام من القيمة المضافة المتولدة عن الأجور الاضافية التي تنفق على فرص العمل التي توفرها الأنشطة الاقتصادية الجديدة تتسرب خارج بلدان دول المجلس عن طريق الأيدي العاملة الأجنبية, وبالتالي وجود تسرب هام في دورة التشغيل والاستثمار على مستوى الاقتصادات الكلية بدول المجلس. الا ان هذا التسرب يمكن مجابهته من خلال توظيف مزيد من الأيدي العاملة الوطنية في البلدان الخليجية.

Email