تمديد الاكتتاب هل هو مؤشر لفقدان الثقة بسوق الاسهم: خبراء يدعون للاسراع بإنشاء البورصة ووقف الاصدارات الأولية مؤقتا

ت + ت - الحجم الطبيعي

قررت شركة (أسماك) تمديد فترة الاكتتاب في اسهمها الى 4 يناير المقبل. ومن قبل قرر بنك دبي الاسلامي رغم كونه احد البنوك الكبرى المعروفة تمديد الاكتتاب الخاص به ثلاثة ايام . هذه الظاهرة التي يعرفها سوق الامارات للمرة الاولى ماهي الاسباب الحقيقية وراء حدوثها؟ وماهي دلالاتها وانعكاساتها على الاستثمار في السوق الثانوي؟ وماهي الحلول او طرق العلاج لهذه الاسباب؟ الخبراء والمتخصصون اكدوا ان انعكاسات ماجرى في اغسطس الماضي بسوق الاسهم مازالت تلقى بظلالها على السوق وان احد اهم الاسباب الرئيسية لتمديد فترات الاكتتاب هي عدم اكتمال الاكتتاب نتيجة لتخوف المستثمرين وفقدان الثقة بالسوق. واكدوا ان استمرار هذه الظاهرة خاصة في هذه الفترة التي بدأ السوق ينتعش قليلا فيها يهدد بانتكاسة كبيرة وطالبوا بسرعة اصدار القوانين المنظمة لعملية التداول ووقف الاصدارات الجديدة حتى لا تزيد الطين بلة. عدم ثقة د. محسن ناصر خميس استاذ التمويل والاستثمار بجامعة الامارات اكد ان السبب الرئيسي هو عدم الثقة في السوق. فهذا الامر كما سبق وحذرنا يؤثر ليس فقط في السوق الثانوي (سوق الاسهم) وانما يؤثر في السوق الاول وفي عملية التنمية برمتها, فالسوق الثانوي مرآة للسوق الاولى وهو قناة لتسييل الاستثمارات الموجودة بالسوق الاولى, فاذا انعدمت الثقة في هذه السوق سيتأثر بالتأكيد السوق الاولى. وما حدث من تمديد للاكتتابات هو تأكيد لما قلناه ان عدم الثقة سينعكس اثره على الاصدارات الاولية حيث يحجم الافراد عن الاستثمار بها. وتفسيري لما حدث ان الناس مازالت متخوفة من ان تتعرض لكارثة كالتي حدثت في اغسطس الماضي, فلابد اولا من ازالة اسباب هذا التخوف واعادة الثقة للناس في سوق الاسهم واعلان اسباب ما حدث وتوقيع العقوبة على الذين تسببوا في هذا الخسائر الفادحة. وتساءل د. خميس هل يعقل ان (اسماك) رأسمالها 300 مليون درهم غير قادرين على تغطيتها وقد كنا نغطي استثمارات بالمليارات؟ ان هذا معناه ان السوق مازالت في حالة عدم الثقة واذا لم نسارع باجراءات العلاج التي تحدثنا فيها كثيرا فستستمر هذه الحالة حتى مع شركات كبيرة مثل (صناعات) عندما يتم طرحها للاكتتاب في يناير المقبل. واكد ان اول اجراءات العلاج هي وقف الاصدارات الاولية حتى لا تغرق السوق بهذه الاصدارات, فهذه الاصدارات الكثيرة في فترة وجيزة والسوق لا تستوعب مما يلقي بظلال سلبية ويعطي انطباع بفقدان الثقة وعدم الاقبال على الشراء. واوضح ان احد اهم اسباب ما يحدث في السوق هو الممارسات الخاطئة للمحافظ الاستثمارية, فهي تقيم اصولها اعتمادا على قيمة الاسهم التي بحوزتها في السوق وهذا اسلوب خاطىء بتسييل الاصول يؤدي الى تدهور الاسواق. تدخل البنك المركزي وطالب بتدخل البنك المركزي ليضع حدا لادارة المحافظ الاستثمارية بهذا الشكل الخاطىء وبأن يوقف ضغط البنوك على المستثمرين لتسييل اوراقهم. المصرف المركزي هو الذي اعطى التصريح لشركات السمسرة فلابد ان يتدخل وان يتخذ قرارا بوقف هذه الضغوط للمحافظة على السوق. وفيما يتعلق بالاصدارات الاولية ففي في كل الاقتصاديات الاخرى هناك بنوك استثمار هي التي تساعد في ادارة عملية الاصدار من حيث التوقيت ومن حيث تحديد قيمة السهم وخلافه وهذا امر غير موجود عندنا رغم انه في غاية الاهمية ويؤثر تأثيرا كبيرا على السوق سلبا او ايجابا. ووزارة الاقتصاد هي التي تعطي التصريح للشركات بالتأسيس لكنها لا تتدخل مطلقا في عملية الاصدار فمن المسؤول عن طرح الشركات اسهمها للاكتتاب سواء من حيث التوقيت او تحديد قيمة السهم خاصة اذا كانت الشركة حديثة وليس لها منتجات او تاريخ معروف؟ ومن هنا تأتي اهمية بنوك الاستثمار التي تتولى ادارة الاصدارات ويمكن تحديد جهة حكومية مؤقتا لادارة هذه العملية ريثما تتكون هذه الشركات والبنوك او حتى لجنة من غرف التجارة بالدولة ووزارة الاقتصاد. وحول ما اذا كانت الاصدارات الاولية لا يجب ان تتم بعد تأسيس الشركة بعدة سنوات حتى تقيم اصولها ومنشآتها قال د. محسن ناصر خميس ان هذا فهم خاطىء فتوقيت الاصدار لا يرتبط بعمل الاصول كما يقول البعض وانما لابد ان يكون التوقيت مناسبا من حيث حجم السوق وغيره من الاعتبارات التي تؤثر في العرض والطلب على الاسهم اما تأخير الاصدار لحين ان تظهر منتجات الشركة فهذا فهم خاطىء ويتعارض مع قضية تشجيع الاستثمار. وقف الاصدارات الجديدة د. عقيل هادي استاذ ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة الامارات يختلف مع د. ناصر خميس ويطالب بسرعة وقف الاصدارات الاولية لان هذا مؤشر لعدم الثقة في السوق. ويذكر ان معظم الدول لا تسمح بطرح اسهم الشركات الحديثة قبل ثلاث او اربع سنوات تكون قد استطاعت فيها عمل قاعدة وممارسة نشاط معين ونحن نطلب فترة عامين فقط على الاقل تثبت الشركة انها قادرة على تحقيق ارباح ثم بعد ذلك تبدأ الاكتتاب وعلى المؤسسين ان يتحملوا في البداية. وبشكل عام وكحل لما حدث حاليا بالسوق طالب بوقف جميع الاصدارات الاولية لفترة حتى يتحسن السوق. واكد ان التمديد يعني عدم القدرة على اكمال الاكتتاب وهذا في حال استمراره موشر عدم ثقة في السوق كما ان هذا يرجع الى نقص السيولة لدى الافراد نتيجة لما حدث في اغسطس, الان لا يستطيعون البيع لان السعر غير مناسب لاسعار الشراء فليس عندهم سيولة. واكد ان الحل يتضمن عدة اجراءات ضرورية اولها سرعة انشاء البورصة ووقف الاكتتابات الجديدة حتى يستقر السوق وان تعلن الشركات عن خططها وتوفر بعض المعلومات لان الشفافية تشجع وتدعم الاستثمار بالسوق. ليس له تأثير وعلى عكس الآراء السابقة فإن د. خالد الخزرجي يرى ان تمديد الاكتتابات امر راجع للشركة او البنك وانه لا يحمل اي انعكاسات او تأثيرات سلبية على سوق الاسهم. فهذا قرار يستهدف الحصول على اكبر عدد ممكن من الاموال. كما ان عدم الاقبال على الاكتتاب قد يكون ظاهرة صحية وليست سلبية, فهذا معناه ان المستثمر بدأ يتكون لديه الوعي بأن الاستثمار في الاسهم قرار يجب ان يبنى على دراسة متأنية وبدأ المستثمر في تقييم الشركة سواء من حيث الفكرة او المنتجات او من حيث تاريخها ومشاكلها ان كان لها مشاكل ربما هذا يؤدي لتأخر صدور قرار الاكتتاب ويعطي انطباعا بعدم الاقبال على الاكتتاب. (صناعات) السبب واوضح د. خالد الخزرجي انه ربما يكون نقص السيولة في السوق حاليا راجعا الى ان بعض كبار المستثمرين يؤجل الاستثمار في الاسهم حتى يتمكن من الاكتتاب في شركة (صناعات) باعتبار انها شركة كبيرة مدعومة من الحكومة فهذا ايضا ربما كان احد الاسباب وليس معنى عدم اكتمال الاكتتاب فقدان الثقة او انه يلقي بأية آثار سلبية على السوق. ولكن وفي نفس الوقت فإننا لا ننفي ان الناس بدأت تكون حذرة كما ان الاصدارات الجديدة سحبت جزءا كبيرا من السيولة في السوق. وطالب المستثمرين بتقييم الشركة قبل الاكتتاب فيها وان يشمل التقييم كل شيء حتى مجلس الادارة والاشخاص الذين يديرون الشركة. جو نفسي.. غير ملائم واكد عتيق عبد الرحمن عتيق (وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة المساعد السابق للشؤون الاقتصادية) ضرورة التريث في الاصدارات الجديدة ودراسة السوق بشكل جيد قبل الشروع في طرح اي اصدار جديد مشيرا الى ان اسباب عدم تغطية الاكتتاب في اسهم شركة اسماك وكذلك زيادة رأسمال بنك دبي الاسلامي ترجع اساسا الى قلة السيولة وعدم وجود الرغبة من قبل المستثمرين في الاكتتاب في الشركات الجديدة. واضاف ان الجو النفسي العام حاليا لدى المستثمرين غير ملائم لطرح اسهم جديدة وذلك بسبب التدهور الكبير الذي شهدته الاسهم المحلية خلال الشهور الثلاثة الماضية والذي ادى الى تكبد شريحة كبيرة من المساهمين خسائر غير مسبوقة لذلك فقد كان توقيت طرح هذه الاسهم الجديدة غير مناسب. من جانبه قال زياد الدباس مدير دائرة الاسهم المحلية ببنك أبوظبي الوطني ان ظاهرة تمديد الاكتتاب التي بدأ سوق الاسهم المحلية يشهدها تعد سلبية للغاية وتدل على ان نسبة كبيرة من المساهمين بالسوق خلال الفترة الماضية كانوا من المستثمرين الراغبين في الاستثمار قصير الاجل والمضاربين مشيرا الى ان شركة اسماك وبنك دبي الاسلامي من الشركات والبنوك الجيدة التي ينتظهرها مستقبل جيد وسيكون لهما ارباح جيدة للمستثمرين على المدى الطويل. واضاف الدباس ان الظاهرة الملفته للنظر ان معظم المساهمين تعودوا على شراء الاسهم عند اصدارها في البداية وبيعها بعد فترة قصيرة وعدم الاحتفاظ بها على الرغم من ان سوق الاسهم يعد من المنافذ الاستثمارية الهامة على المديين القصير والطويل الا ان الملاحظ في الفترة الاخيرة ان سوق الاصدار الاول اصبح الهدف منه الاستثمار قصير الاجل فقط. * أولوية لصغار المستثمرين واشار الى انه في الاصدارات السابقة كانت تعطي الاولوية لصغار المستثمرين ليكونوا المساهمين الاساسيين في الشركات الجديدة لعدم وجود فرص لهم للاستثمار في الشركات والبنوك القديمة القائمة كذلك اعطيت لهم الاولوية في الاكتتابات الجديدة ولكن ما حدث عند طرح اسهم (اطارات) ونتيجة الضعف العام في السوق قام بعض صغار المساهمين بعرض بيع اسهم الشركة مع محدودية الطلب مما ادى الى انخفاض سعر السهم في السوق عن قيمته الاسمية البالغة عشرة دراهم حيث تم تداول السهم بما يتراوح بين 8.7 دراهم وهذه ظاهرة جديدة وتعد مؤشرا غير ايجابي. واضاف زياد الدباس ان هذا الانخفاض في اسهم (اطارات) ومع تعود معظم صغار المساهمين بيع اسهمهم بعد الخصيص مباشرة وتخوفا من انخفاض اسعار اسهم (اسماك) مثل اطارات بعد التخصيص نتيجة ذلك انخفض الطلب وقل حجم الاكتتاب عن الاكتتابات السابقة ونفس الشيء حدث في اسهم زيادة رأسمال بنك دبي الاسلامي مما يظهر ان الاستثمار قصير الاجل والمضاربة هما المسيطران على السوق. وقال انه طالما ان السوق ضعيف حاليا فانه اصبح من الصعب نجاح الاصدارات الجديدة الا اذا تمت دراسة وضع السوق جيدا وحجم السيولة فيه وحجم الطلب ومعنويات المستثمرين لان كل هذه العوامل يجب ان توضع في الاعتبار عند طرح اسهم اي شركة جديدة خصوصا الشركات ذات رأس المال الكبير التي تحتاج لسيولة كبيرة من كبار وصغار المستثمرين. أمر متوقع وقال زهير الكسواني المدير الشريك لمكتب الشرهان للأسهم في الشارقة ان هذه الظاهرة تحدث لأول مرة في أسواق الاسهم في الامارات وهي شيء متوقع في سوق يتسم بالضعف وبانخفاض القوة الشرائية الى أدنى مستوياتها. فقد جرت العادة وعند معظم المكتتبين إقدامهم على البيع مباشرة بعد الاكتتاب وقد أصبح من المؤكد في هذه الظروف استحالة تسويق السهمين المذكورين بسعر أعلى من سعر الاكتتاب, وكان لظاهرة انخفاض سعر سهم اطارات عن سعر الاكتتاب البالغ 10 دراهم الاثر الاكبر في عدم التغطية للاصدارات التالية إذ أن سعر إطارات لا يتجاوز 9 دراهم رغم أنه سعره الاساسي هو عشرة دراهم. يضاف الى ذلك ان هناك فرصا استثمارية جيدة في أسهم قوية انخفضت اسعارها عن مستوياتها الاقتصادية مثل إعمار واتصالات واسهم كثيرة أخرى. كما أن هناك أسبابا خاصة بسهمي أسماك وبنك دبي الاسلامي فشركة أسماك أعلنت من خلال دراسة الجدوى الخاصة بها أنها ستحقق خسائر تشغيل في السنوات الثلاث الاولى لم تجن أرباحا قبل خمس سنوات على الاقل, أما سهم بنك دبي الاسلامي فقد أدرك المكتتبون ان علاوة الاصدار البالغة خمسة دراهم للسهم وهي علاوة مرتفعة الى حد ما ستذهب لتسديد خسائر البنك السابق. ويضيف الكسواني أن من تأثير تلك الظاهرة توقف الاصدارات الأولية حتى تعود الأمور الى طبيعتها وهذا أمر ايجابي وكأنه دعوه صريحة للقائمين على تأسيس الشركات الجديدة بتأجيل اصدارها حتى يتعافى السوق ويصبح بامكانه استيعاب أية اصدارات جديدة. كما أن من شأن ذلك توجيه المستثمرين الى ان الاكتتاب في الاصدارات الجديدة سيكون من أجل الاستثمار طويل الأمد وليس قصيره وهو ما يصنع الاستثمار في سوق الاصدارات الاولى في مكانه الصحيح. ويقول محمد أبو قلبين مدير مركز دار التوظيف للوساطة المالية في أبوظبي من الملاحظ ان السوق قد تشبع من كثرة الاصدارات الجديدة وعمليات زيادة رؤوس الاموال للشركات والبنوك القائمة والتي شهدها السوق هذا العام وكان أبرزها زيادة رأسمال اعمار وجلفار وسيراميك رأس الخيمة وبنك رأس الخيمة الوطني والشارقة المحدود والاتحاد الوطني والخليج الاول وشركة الوثبة للتأمين ودبي الوطنية للتأمين وابوظبي الوطنية للتأمين وجمعية ابوظبي التعاونية. فهل يعقل ان يتحمل السوق المحلي هذا الكم الهائل من هذه الزيادات في رؤوس أموال الشركات والبنوك والتي ما كان منها زيادة عمل شكل أسهم منحه او اكتتاب خاص بقيمة أسمية مضافا اليه علاوة اصدار مما أرهق المستثمرين ولم يتمكنوا من أخذ قسط من الراحة لمعاودة الاستثمار مرة اخرى وكانت كل هذه الاصدارات تمتص السيولة من بين أيدي المستثمرين ولم يستفد منها السوق المحلي باعادة استثمارها في السوق وبناء عليه يجب ان يكون هناك فترات كافية بين كل اصدار وآخر لكي تكون عملية الاصدار ناجحة بكل المقاييس. علما بأن السوق كان متعطشا لمثل هذه الاصدارات في السنوات السابقة ولكن ليس بمثل هذا التدفق الرهيب. ودعا محمد ابو قلبين وزارة الاقتصاد الى عدم السماح باصدارات جديدة الا بعد التأكد من نجاحها وتغطيتها بالكامل وليس عن طريق تمديد فترة الاكتتاب ويحبذ لو سمحت بثلاثة اصدارات جديدة فقط كل عام, كما يحدث حاليا فهذه سابقة خطيرة على سوقنا المحلية وعواقبها وخيمة وتؤدي الى زعزعة الثقة بالاصدارات وقد بدا واضحا من خلال الاكتتاب في اسهم اطارات التي بدأ المستثمرون في عرض أسهمها للبيع بعد الانتهاء من الاكتتاب وبأقل من درهمين لذا يجب مراعاة التوقيت الجيد والمناسب والعمل من قبل لجنة المؤسسين لاي شركة على اختيار الموعد المناسب لطرح الاكتتاب, فلو نظرنا الى تمديد فترة الاكتتاب في أسهم أسماك وزيادة رأس مال بنك دبي الاسلامي وذلك لعدم تغطية الاكتتاب خلال الفترة المعلنة عنها نجد أن التفسير الوحيد لذلك هو اختيار توقيت غير مناسب حيث جاء في وقت قلت فيه السيولة لدى المستثمرين بالاضافة الى انهم مازالوا يعانون من آثار الخسائر التي تعرضوا لها خلال الفترة الحالية, ولعله من المفيد ان يكون هناك فترات كافية بين كل اصدار وآخر. لضمان نجاح كل الاصدارات. القاهرة ــ حسين عبدالهادي

Email