خبير نفطي عالمي في حوار مع(البيان):75% زيادة في حجم الاستهلاك العالمي من النفط والغاز خلال الأعوام العشرين المقبلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

صرح خبير النفط العالمي والمسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية أنثوني هـ. كورديسمان أن أسعار النفط العالمية ستشهد انتعاشا ملحوظا في الفترة المقبلة خاصة مع استمرار نمو الطلب العالمي على النفط وزيادة اعتماد الاقتصاد العالمي على صادرات الغاز والمنتجات البترولية الأخرى وأضاف ان دول الخليج العربي يمكن أن تلعب دورا مهما في هذه الناحية . وقال في تصريحات خاصة لـ (البيان) ان انخفاض أسعار النفط العالمية في الوقت الحالي لم يكن نتيجة مباشرة لزيادة حجم المعروض في الأسواق العالمية, مشيرا إلى ان معدلات الطلب العالمي من قبل الدول الصناعية سيبقى متزايدا خلال السنوات المقبلة وان كان بدرجة أقل من مستوياته السابقة, وأضاف ان زيادة الطلب الأمريكي على الطاقة لا يمثل سوى جزء صغير من السياسات العامة التي ترسمها حكومات الدول المصدرة للنفط والغاز خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وأكد الخبير النفطي العالمي الذي كان يعمل سابقا في وزارة الخارجية الأمريكية ثم مسؤولا كبيرا في وكالة مشروعات بحوث الدفاع المتقدمة بالولايات المتحدة انه على الرغم من الأزمات المالية التي تعرضت لها اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا, إلا ان التقديرات السليمة تشير إلى ان هذه المنطقة وحجم الطلب الآسيوي هو الذي سيشكل مستقبل صناعات الطاقة والنفط في العالم خاصة وأن جميع الدراسات المتعلقة بتوقعات أسواق النفط في العالم تشير إلى ان احتياجات الاقتصاديات الآسيوية للنفط تفوق اجمالي حجم الطلب العالمي في جميع بلدان الدول النامية. وأعرب أنثوني هـ. كورديسمان عن اعتقاده بأن الصين والهند والدول المطلة على المحيط الهادي, هي التي ستحصل على النصيب الأكبر من حجم الطلب العالمي, مشيرا إلى ان ذلك يتطلب احداث توسعات هائلة واستخدام تكنولوجيا متقدمة في قطاعات النقل وأنابيب البترول ومصافي التكرير والموانئ من قبل الدول المصدرة للنفط. وفيما يلي نص الحوار: أوضاع السوق كيف ترون أحوال سوق النفط العالمية في الوقت الراهن؟ وهل نحن مقبلون على مزيد من تدني أسعار برميل البترول؟ وما هو تقييمكم للعوامل التي تحدد أو ترسم أسعار النفط العالمية خلال الفترة المقبلة؟ ــ أولا هناك مجموعة من الحقائق ينبغي وضعها في الحسبان والبدء في التفكير في كيفية التعامل معها. ولعل أهم هذه الحقائق يمكن ترتيبها على النحو التالي, وذلك وفقا لحجم آثارها وانعكاساتها المهمة على مستوى سعر برميل النفط ومستقبل الاستثمارات في الصناعة النفطية بصفة عامة. وهذه العوامل هي: هناك أزمة اقتصادية ومالية اجتاحت مجموعة من الدول في منطقة جنوب شرق آسيا. وتتميز أسواق هذه المنطقة بقدرتها على استيعاب نصيب كبير من حجم الصادرات البترولية العالمية, كما تتميز بأنها من أضخم الأسواق البشرية على مستوى العالم. أما الآن فالوضع أصبح مختلفا إلى حد كبير. هناك حالة من عدم الاستقرار في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وذلك بالنسبة لتحديد سقف الانتاج ومدى الالتزام الفعلي بذلك, وهو ما يؤثر بصورة كبيرة على تذبذب الأسعار وتدنيها وعلى الهامش الاستثماري في هذه الصناعة. هناك نقص واضح في المعلومات والبيانات والاحصاءات الدقيقة المتعلقة بالاحتياطات البترولية الموجودة في منطقة وسط آسيا والخيارات الخاصة بامكانية التصدير. هناك العقوبات الدولية والحظر المفروض على عدة دول في منطقة الشرق الأوسط وهي العراق وإيران وليبيا. هناك قضية استخدام الطاقة النووية. هذه النقاط هي التي تشكل إلى حد كبير أحوال سوق النفط العالمية وتؤتر على سعر برميل النفط سواء بالارتفاع أو بالانخفاض. أما لو سألتني عن القضايا الجيوبوليتيكة متوسطة وطويلة الأجل بالنسبة لبرميل النفط, فيمكنني أن أشير إلى عدة اعتبارات مهمة0 في هذا الشأن. وبقدر ما هي توقعات خاصة, إلا انها تعتمد أساسا على دراسات دقيقة ومتابعة مستمرة لمؤشرات الأسعار ومستويات الانتاج وتطور الاستثمارات العالمية في هذه الصناعة. ولعل من البديهي أن نشير إلى ان استمرار نمو الاقتصاد العالمي يعني أساسا استمرار تزايد الطلب العالمي على مصادر الطاقة المختلفة, مع زيادة الاعتماد على البترول وصادرات الغاز بصفة خاصة. وهنا يمكن لدول الشرق الأوسط ومجموعة الدول العربية في منطقة الخليج أن تلعب دورا هاما من خلال وضع سياسات انتاجية وتصديرية مناسبة, خاصة وان الطلب العالمي على استيراد النفط والغاز من منطقة الخليج العربي سيزداد خلال الفترة المقبلة. انخفاض أم ارتفاع لكن حالة القلق في روسيا حاليا والدول التي استقلت حديثا عن الاتحاد السوفييتي السابق والاضطرابات في أسواق المال الآسيوية, كلها تشير إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط؟! ــ في المقابل هناك عوامل رئيسية أخرى تؤثر على حجم الطلب العالمي على النفط من بينها تزايد احتياجات الدول النامية والمتقدمة على السواء لاستخدام مصادر الطاقة المختلفة. صحيح ان الدول الصناعية سيزداد حجم طلبها على واردات النفط وان كان بدرجات أقل من المستويات السابقة, وصحيح أيضا ان زيادة الطلب الأمريكي على مصادر الطاقة يمثل جزءا صغيرا من السياسات العامة التي ترسمها حكومات الدول المصدرة للنفط والغاز, الا ان كل التقديرات الحالية تشير إلى ان الطلب الآسيوي سوف يشكل مستقبل صناعة الطاقة والغاز في الفترة المقبلة. كما ان عجلة النمو الاقتصادي في بعض الدول ذات الأسواق البشرية الضخمة كالصين والهند تشير إلى ان هذه الدول ستكون في طليعة البلدان التي ستزداد حاجتها إلى الواردات النفطية. الا ان تزايد الطلب الآسيوي يتطلب من الدول المصدرة للنفط ضرورة القيام بتوسيع حجم انشاءاتها النفطية خاصة في قطاعات الشحن والموانئ ومصافي التكرير وأنابيب البترول, والاستفادة من التقدم التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم حاليا. هل يعني ذلك انه على الدول المصدرة للبترول أن تولي اهتماما أكبر بخلق أسواق جديدة لصادراتها غير الأسواق التقليدية في الدول الصناعية والمتقدمة؟ ــ بالطبع, ويكفي أن تعرف أن جميع المصادر البحثية المختلفة تشير إلى ان متوسط الطلب على النفط والغاز من قبل الدول النامية يتراوح بين ضعفين وأربعة أضعاف حجم نمو الطلب في الدول الصناعية ولكن بشرط أن يعتمد ذلك على معدل النمو الاقتصادي في هذه الدول وعلى معدلات الأداء الاقتصادي العالمي بصفة عامة. هل هناك تقديرات رقمية بالنسبة لمعدلات الطلب على النفط ومصادر الطاقة الأخرى بالنسبة للدول الصناعية؟ ــ كما قلت سابقا سيزداد طلب الدول الصناعية واحتياجها للطاقة في الفترة المقبلة ولكن بمعدلات منخفضة, حيث تشير التوقعات إلى ان متوسط حجم النمو السنوي للطلب على الطاقة في دول أمريكا الشمالية سيصل إلى 1.3% خلال الفترة من 1997 إلى ,2015 ويمكن تحديد هذه الزيادة على النحو التالي: 1.3% للنفط, و1.9% للغاز الطبيعي و1% للفحم و1.8% طاقة نووية و2.2% لبقية مصادر الطاقة الأخرى. أما بالنسبة لدول غرب القارة الأوروبية, فتشير التقديرات إلى ان متوسط النمو السنوي خلال الفترة من 1997 إلى 2015 سيصل أيضا إلى 1.3% ويمكن تقسيمها كالتالي: 0.5% للنفط, و3.9% للغاز الطبيعي, و0.4% للطاقة النووية و2.2% لبقية مصادر الطاقة الأخرى في حين ستبقى معدلات الطلب على الفحم دون تغيير. وبالنسبة للدول الصناعية الآسيوية كاليابان واستراليا, فمن المتوقع أن يرتفع متوسط النمو السنوي للطلب على مصادر الطاقة خلال الفترة من 1997 إلى 2015 ليصل إلى 1.5% حيث سيرتفع الطلب على النفط إلى 1.6% سنويا وعلى الغاز الطبيعي 2.6% و0.5% على الفحم و1% على الطاقة النووية و2.2% في مصادر الطاقة الأخرى. الطلب في روسيا وماذا عن توقعاتكم بالنسبة للطلب على الطاقة في روسيا والجمهوريات المستقلة حديثا ودول شرق أوروبا؟ ــ أولا بلدان الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الشرقية لا يمكن تصنيفها على اعتبار انها دول صناعية. وبالاضافة لذلك, فإن الأوضاع الاقتصادية المتردية في هذه البلدان أدت إلى انخفاض حجم استهلاك الطاقة بنسبة كبيرة. ومع ذلك تشير التوقعات إلى ان حجم النمو السنوي للطلب على الطاقة خلال الفترة من 1997 إلى 2015 سيرتفع إلى 2.6% بالنسبة للنفط و2.7% للغاز الطبيعي و1.4% بالنسبة لمصادر الطاقة الأخرى. بينما سينخفض الطلب على الفحم بنحو .3% سنويا و.6% على الطاقة النووية. أما بالنسبة للطلب على الطاقة في دول أوروبا الشرقية, فإن التقديرات تشير إلى حدوث انتعاش طفيف وبنسبة أكبر من الطلب المتوقع على الطاقة في البلدان التي استقلت حديثا عن الاتحاد السوفييتي السابق, ليتراوح معدل النمو السنوي خلال الفترة نفسها بين 1.8% و2%. وماذا عن الدول النامية؟ ــ تشير كل الدلائل الاقتصادية إلى ان معدلات الطلب على الطاقة في الدول النامية ستشهد زيادة حادة في الفترة المقبلة لتتواكب مع التطورات الاقتصادية وتحقيق المعدلات المستهدفة للنمو الاقتصادي. فبالنسبة للدول النامية في القارة الآسيوية, من المتوقع أن يرتفع متوسط معدل النمو السنوي للطلب على الطاقة خلال الفترة من 1997 إلى 2015 ليصل إلى 4.2% سنويا, بحيث يصل إلى 4.1% سنويا في البترول و7.9% في الغاز الطبيعي و3.5% في الفحم و5.1% في الطاقة النووية و4.5% في مصادر الطاقة الأخرى. أما بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية فمن المتوقع أن يرتفع معدل النمو السنوي للطلب على مصادر الطاقة المختلفة إلى 3%, حيث تصل النسبة في البترول إلى 3.3% وفي الغاز الطبيعي 5.3% وفي الفحم 2.6% وفي الطاقة النووية ومصادر الطاقة الأخرى إلى .4%. بينما سيشهد متوسط معدل النمو السنوي للطلب على الطاقة خلال الفترة من 1997 إلى 2015 زيادة تصل إلى 1.9% في منطقة شبه الصحراء الافريقية موزعة كالآتي: 3.2% في النفط و2.5% في الغاز الطبيعي و.3% في الفحم و2.1% في مصادر الطاقة الأخرى, بينما سينخفض معدل النمو السنوي للطلب على الطاقة النووية بحيث يصل إلى .9% سنويا. وأين منطقة الشرق الأوسط من توقعاتكم؟ ــ ارتفاع معدل الأداء الاقتصادي في معظم دول الشرق الأوسط مع تطبيق سياسات الاصلاح الاقتصادي وتطبيق الخصخصة عوامل تشير إلى ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي لمصادر الطاقة. ومن المتوقع أن يصل متوسط النمو السنوي للطلب على الطاقة إلى 1.5% خلال الفترة من 1997 إلى 2015. ومن المتوقع أيضا أن يرتفع معدل النمو السنوي للطلب على البترول إلى 1.9% خلال الفترة نفسها وإلى .7% في الغاز الطبيعي وإلى .6% في الفحم وإلى 4.1% في بقية مصادر الطاقة الأخرى. بينما لن يشهد الطلب على الطاقة النووية أي زيادة تذكر خلال الفترة نفسها. زيادة الأسعار إذن هذه الأرقام تشير إلى امكانية زيادة سعر برميل النفط خاصة وان معظم المناطق الاقليمية في العالم تقريبا ستشهد زيادة درجة اعتمادها على مصادر الطاقة وتحديدا على البترول والغاز الطبيعي خلال السنوات العشرين المقبلة؟ ــ الأمر المؤكد في الاجابة على سؤالك هو ان حجم الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي والنفط خلال السنوات العشرين المقبلة سيشهد زيادة هائلة تصل إلى 75%. كما ان الولايات المتحدة الأمريكية والدول الصناعية ستصبح خلال نفس الفترة أكثر اعتمادا على استيراد النفط والغاز الطبيعي لتلبية احتياجات أسواقها المحلية. ورغم ذلك يمكنني القول ان الطلب على واردات النفط والغاز الطبيعي من قبل الدول الصناعية والولايات المتحدة الأمريكية لن يكون بمثابة العامل الأكثر أهمية في تحديد مدى نمو الطلب العالمي على هاتين السلعتين الرئيسيتين.. وإليك بعض الأمثلة التي تؤكد لك ما أقول: لقد قفز معدل الطلب الآسيوي على النفط والغاز الطبيعي بخطوات واسعة منذ حقبة الستينات. بحلول عام 2010 ستصبح القارة الآسيوية أكبر منطقة في العالم لاستهلاك موارد الطاقة المتعددة. ستزداد واردات الدول الآسيوية من النفط والغاز الطبيعي لمواكبة حركة الأداء الاقتصادي بها وتغطية حاجات أسواقها المحلية. ستبزغ الصين باعتبارها المنافس النشط في (اللعبة الكبرى) في منطقة وسط آسيا وستتجاوز احتياجاتها أنصبة الولايات المتحدة من الطاقة. دول الخليج العربي والدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط مرشحة بقوة لتكون مصدر الامداد الأول لمصادر الطاقة خاصة وان ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط والغاز الطبيعي يكمن تحت رمال ومياه دول الخليج العربية. وبغض النظر عن الاحتياطيات العالمية الأخرى من النفط, وبغض النظر عما نسمعه من اكتشافات بترولية جديدة في مناطق مختلفة من العالم, فلا تزال دول الخليج العربي تملك كل الأوراق في يديها. كتب - طارق فتحي

Email