اتجاهات: القرارات الاقتصادية للقمة ــ قراءة اولية :بقلم- - حسين محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتمدت قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام اعمالها العديد من القرارات الاقتصادية الهامة في مجال دعم اسواق النفط وتوحيد التعرفة الجمركية وتبني استراتيجيات موحدة بشأن السكان وسياسات التنمية المستقبلية والصناعة وغيرها, وفيما يخص توحيد التعرفة الجمركية فقد انتهى الموضوع الى تحديد مارس 2001 كموعد لبدء تنفيذ الاتحاد الجمركي الموحد, اما بقية الموضوعات, فهي لاتزال بحاجة الى برامج زمنية وعملية لتنفيذها نظرا لما تنطوي عليه من مضامين هامة تخدم هدف التكامل الاقتصادي بين دول المجلس. ولاشك ان تناول هذه الموضوعات بشكل معمق بحاجة الى تحليلات مستقلة, الا اننا نود هنا ان نعيد التأكيد على ابعاد ومضامين هذه الموضوعات وضرورة الاسراع في وضع برامج خاصة بتنفيذها ــ كما حدث ــ بالنسبة للتعرفة الجمركية الموحدة, التي اخذ وضع برنامج لها مدة زمنية اطول مما يجب. ففيما يخص استراتيجية التنمية السكانية تشير المؤشرات السكانية لدول المجلس الى ضرورة اجراء مراجعة شاملة للسياسات السكانية بدولها والتي سبق لفريق عمل بمجلس التعاون الخليجي ان وضع خطوطها العريضة, وقد حددها فيما يلي: تحقيق توازن سكاني في دول المجلس لتلافي اي خلل في التركيبة السكانية. تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق في كل دولة بهدف الحد من الهجرة الداخلية الى المدن. تنمية رأس المال البشري من خلال توفير الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم والتدريب بالمستويات الملائمة وزيادة المشاركة الاقتصادية للمواطنين والاناث وتطوير النظام التعليمي بما يتفق مع احتياجات سوق العمل. احلال العمالة الخليجية محل العمالة الوافدة وايجاد الفرص الوظيفية ذات الانتاجية العالية للايدي العاملة الوطنية الداخلة الى السوق بازدياد. توفير وتطوير الاحصاءات السكانية والبيانات عن سوق العمل مع الحرص على دقتها وتحديثها بانتظام. ان الهدف المعلن للاستراتيجية السكانية الموحدة لدول المجلس هو تهيئة اقتصاديات دول المجلس للتكيف مع توجهات (العولمة) ومرحلة ما بعد قيام منظمة التجارة العالمية والتعامل بايجابية مع ما تثيره من تحديات وتتيحه من فرص. وكذلك تطوير اساليب التخطيط بدول المجلس على ضوء المستجدات الدولية والاقليمية والتأكيد على البعد التكاملي والتعاون بين دول المجلس عند التخطيط للتنمية. الا ان تنفيذ هذه الاستراتيجية يواجه دون شك العديد من التحديات, ومن بينها ارتفاع معدلات خصوبة وولادة مرتفعة في الوقت الذي تستمر فيه معدلات الوفيات بين الاطفال في التراجع, ولقد ادى ذلك الى بروز نسب نمو للسكان عالية وبنية سكانية فتية, اذ تشكل الفئة التي تقل اعمارها عن الخامسة عشرة ما يزيد عن 43 في المائة من مجمل السكان, واذا حافظت دول المنطقة على معدل نمو سكاني يبلغ حوالي 3.5 في المائة سنويا فان عدد السكان سيتضاعف في اقل من عشرين عاما, ومن المتوقع ان ترتفع اعداد خريجي المدارس الثانوية خلال السنوات الخمس المقبلة ليصل الى حوالي 8 في المائة في المعدل سنويا, ومع توجه اعداد متزايدة من هؤلاء الخريجين الى سوق العمل بحثا عن وظيفة, ستصبح عندها امكانية العثور على فرص عمل منتجة اكثر صعوبة, وحتى يمكن توفير وظائف لهؤلاء فان الضرورة تقتضى تطوير نظام جيد لاختيار وتدريب واستخدام هذه العمالة, وينبغي ان تعطي سياسة توطين الوظائف دفعة قوية دون التضحية بالكفاءة والخبرة التي توفرها العمالة الوافدة, كما ان النتائج التي قد يؤدي اليها الفشل في ايجاد حلول لمشكلة البطالة في اوساط الشباب تبدو واضحة للعيان في العديد من الدول الاخرى التي تعاني من مشاكل عدم الانتماء للمجتمع في اوساط الشباب العاطل عن العمل.

Email