تحليل نفطي: انعكاسات برودة الشتاء على سوق النفط:بقلم-د. نقولا سركيس

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما كان من المتوقع أن تقوم منظمة الأوبك باتخاذ قرار ما أو أية خطوة من شأنها وقف الانخفاض الحاد في أسعار النفط, وذلك أثناء الاجتماع الوزاري الذي عقدته المنظمة في فيينا في يومي 25 و26 من نوفمبر الماضي , إلا أن الاجتماع جاء مخيبا لجميع الآمال, وفشل المجتمعون حتى في الوصول إلى أي اتفاق بشأن أي اقتراح تم التقدم به أثناء الاجتماع, خاصة ذلك الاقتراح الذي ينادي بمد الفترة التي يتم فيها خفض الإنتاج لمدة ستة أشهر إضافية. وفي اليوم الذي افتتح فيه الاجتماع, انخفض سعر البرميل الخام إلى 98.9 دولارات, ويعد هذا أقل مستوى وصلت إليه الأسعار منذ أغسطس 1986. وبعد أن خيبت الدول الكبرى في المنظمة, أمثال السعودية وإيران وفنزويلا, جميع الآمال بفشلها في التوصل إلى أي اتفاق, فإن المنظمة الآن تبني آمالها على فصل الشتاء, حيث تأمل أن يأتي هذا الفصل قارس البرودة حتى يزداد الطلب ويتم التخلص من الفائض الحالي من البترول المعروض. وقد توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يزيد الطلب على النفط إلى 3.67 مليون برميل يوميا في الفترة من أكتوبر 1998 إلى مارس ,1999 وهو ما يشكل زيادة تقدر بنحو 7.2 مليون برميل مقارنة بالربع الثالث لهذا العام. وفي الوقت نفسه كانت التوقعات تشير إلى أن إنتاج الدول غير الأعضاء سيزداد بما يتراوح بين 700 ألف برميل و8.44 مليون برميل, وذلك في الربع الأخير من هذا العام, ويزيد بما يتراوح ما بين 700 ألف برميل و5.45 مليون برميل في الربع الأول من العام المقبل 1999. وفي هذه الحالة فإن الإقبال على البترول الخام لأعضاء المنظمة كان سيبلغ في المتوسط 6.28 مليون برميل في اليوم, وذلك أثناء الفترة الحالية, وكان سيبلغ 9.27 مليون برميل في الربع الأول من العام المقبل. وإضافة إلى ذلك فإن الأعضاء في المنظمة سوف ينتجون 9.2 مليون برميل من المكثفات البترولية, وأثناء فترة الستة أشهر هذه فإن الطلب على نفط الأوبك سيكون أعلى من إنتاج المنظمة في أكتوبر, والبالغ 27 مليون برميل يوميا. هذا يعني أنه في حال أن تكون الظروف المناخية في الشتاء المقبل في المستوى المتوسط وحافظ أعضاء المنظمة على إنتاجهم البالغ 27 مليون برميل يوميا, فإن الدول المستهلكة ستكون لديها فرصة جيدة لسحب ما لديها من مخزون بمقدار نحو مليون برميل يوميا حتى تستطيع الاستجابة للطلب على المنتجات البترولية حينذاك, وستكون هناك حينذاك إمكانية في أن تحدث زيادة ملحوظة في الأسعار. وإذا جاء الشتاء المقبل قارس البرودة, فإن الطلب سيزداد بمئات آلاف البراميل يوميا, وإذا تم وقف الصادرات العراقية لمدة طويلة أثناء المرحلة الانتقالية التي تسبق المرحلة الجديدة من تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء, فإن الأسعار يمكن أن ترتفع بمقدار 3 دولارات للبرميل في الفترة ما بين المرحلة الحالية وشهرمارس المقبل. وحتى تكون هناك إجابات للقروض السابق ذكرها, نجد أن أعضاء المنظمة الآن يعانون من مرحلة خطيرة من انعدام الوزن.. فهل سينجحون في مؤتمرهم المقبل في مارس 1999 بأن يوافقوا على خفض نسبة كبيرة من الإنتاج قبل الربع الثاني من العام المقبل, وهي الفترة التي من المتوقع أن يهبط الطلب العالمي فيها إلى 6.73 مليون برميل يوميا؟ ولكن في ضوء المناخ المخيف الذي سيطر على الاجتماع السابق فإن هناك القليل من الأمل في أن تنجح هذه الدول في تحقيق ذلك. ومهما كانت النتائج, فإن جميع الدول المصدرة للنفط قد بدأت تعاني من الآثار السيئة لانخفاض الأسعار, حيث أصبحت هذه الدول مضطرة لإعادة النظر في الكثير من مشروعاتها الاستثمارية ونفقاتها. رئيس مركز الدراسات البترولية العربية ــ باريس*

Email