أداء متفاوت في الأسواق: سوق الامارات تستوعب 50ألف جهاز كمبيوتر سنويا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا توجد اسرة في دولة الامارات وإلا وأحد أفرادها يجيد التعامل مع جهاز الكمبيوتر او على الاقل لديه فكرة عن تشغيل الكمبيوتر وكيفية فتح وغلق الجهاز) . بهذه العبارة بدأ شوكت مهارتيم مدير قسم المبيعات في احد محلات بيع اجهزة الكمبيوتر وبرامج السوفت وير في حي السطوة بدبي حديثه معي . وعندما بادرته بالسؤال عن (البيزنس) حاليا وحركة البيع, اجاب مهارتيم بسرعة وقال ان السوق هادئة هذه الايام! معقول؟! والسبب؟! (في الواقع جاء اجابته فورية ومفاجئة لي). طلب مني مهارتيم ان اجلس قليلا على الكرسي البعيد في احدى زوايا المحل حتى يرد على احدى الزبائن التي دخلت الى المحل في صحبة طفلتين لا يزيد عمر كل منهما عن عشر سنوات. كانت المرأة تتحدث بلكنة انجليزية غير واضحة (عرفت بعد ذلك انها روسية الجنسية) بينما راحت الطفلتان تتجولان بين اجهزة الكمبيوتر المتراصة في المحل تنتظر من يشتريها. مرت خمس دقائق والمرأة الروسية لا تزال تتحدث الى مهارتيم الذي بدأ عليه التصميم باقناعها بفتح حقيبتها واخراج 4675 درهما ثمنا للجهاز الذي التفت حوله الطفلتان تبحلقان في شاشته وتتحسسان مفاتيح (الكيبورد) . لكن المرأة استدارت وتوجهت نحو الطفلتين وتحدثت معهما دقيقة او دقيقتين ثم امسكت بيد الطفلة الصغرى وسار الثلاثة نحو باب المحل الى الخارج دون شراء. أرأيت؟ تقول ان السعر لا يناسبها. وماذا يمكنني ان افعل؟ لو انزلت السعر 250 درهما كما تطلب لخسرت. انني اكاد اعرضه عليها بسعر التكلفة. وهي لن تجد محلا واحدا يقدم لها هذا الجهاز بهذه المواصفات من حيث الماركة وقوة الذاكرة بسعر اقل من الذي طرحته عليها. انني اخبرتها بأن المحل سيعطيها مجموعة من الديسكات هدية مع الجهاز, ومع ذلك رفضت (كان واضحا ان مهارتيم منفعلا بعض الشيء حتى انني طلبت منه ان يهدأ قليلا لأتمكن من فهمه خاصة وانه يتحدث الانجليزية بلكنته الهندية السريعة فتخرج الكلمات كطلقات المدافع تحمل نفس الصوت والنغمة دون تمييز بين كلمة وأخرى). لكنني كنت أتوقع يا مهارتيم ان السوق ستشهد رواجا كبيرا بعد جيتكس؟ وأنت نفسك تقول ان الجميع هنا في الامارات يعرفون ان الكمبيوتر ومن لا يعرفه فقد سمع عن فوائده واستخداماته المتعددة؟! أمسك مهارتيم بالدفتر الذي امامه ورفعه نحوي وقال: اننا كنا جميعا نعتقد ذلك بعد الاقبال المنقطع النظير الذي شهده جيتكس طوال ايام انعقاده في دبي. انني اذكر في اليوم الثالث للمعرض وفي المكان المخصص لشركتنا, كنا نعمل جميعا في قسم المبيعات حتى نستطيع تلبية أوامر الشراء التي تأتينا. لكن يبدو ان هذه هي طبيعة الاشياء. فبعد فترات الرواج الكبيرة لابد ان يمر بعض الوقت تشهد فيه حركة السوق هدوءا نسبيا ونأمل ألا تطول هذه الفترة. خرجت من عند مهارتيم وأنا غير مصدق لما رأيته وسمعته. فالسوق المحلية في الامارات تعد اكبر اسواق المنطقة من حيث المبيعات في اجهزة الكومبيوتر وبرامج السوفت وير. وبعد ان هبطت درجات السلم (محل مهارتيم كان في الطابق الثاني من المركز التجاري الذي كنت ازوره) وجدت المرأة الروسية امامي تحمل في يديها صندوقا متوسط الحجم من ورق الكرتون وعندما اقتربت منها شاهدت علامة (ويندوز) الشهيرة مطبوعة على الكرتون سألتها عن المحل الذي اشترته منه فأشارت لى احدى طفليتها بيديها الصغيرة نحوه. منذ الوهلة الاولى لدخولي هذا المحل الجديد, ادركت الفارق الكبير بينه وبين محل مهارتيم في الطابق الثاني فالمحل واسع,, كبير, اشبه بشركة كبيرة او مستشفى صغير تبرق فيها الاسقف والجدران, كان المحل مزدحما بالزبائن, ثلاثة رجال يرتدون الزي الوطني في الدولة ومجموعة شباب يبدو انهم من طلبة المدارس ونحو اربعة او خمسة اجانب من شمال اوروبا كانوا جميعا يمرون بين الاجهزة ويتحدثون بصوت منخفض مع بعضهم واكتشفت انه في النصف ساعة التي قضيتها في هذا المحل, باع سامح فراج ـــ وهذا اسم صاحب المحل ـ والفريق الذي معه ثلاثة اجهزة وجهازين (لاب توب) ومجموعة كبيرة من ديسكات الكومبيوتر. قال سامح فراج ان السوق بها عدد كبير من مراكز بيع الكومبيوتر والبرمجيات لكنها تستوعب انتاج المزيد فنحن نبيع بنحو 150 الف درهم في الشهرالواحد صحيح انه قد تمر بعض الاسابيع دون عملية بيع واحدة, لكن هذا لايعني ان هناك ركودا او كسادا والدليل على ذلك ان المحل الاخر التابع لنا في ديرة يبيع يوميا بمعدل جهازين اوثلاثة اجهزة. نفس هذا الكلام تقريبا اكدته لي بعض المصادر الاخرى التي قالت ان سوق الامارات تستوعب سنويا نحو خمسين الف جهاز كمبيوتر ومن المتوقع ان تزداد هذه النسبة بعد الانخفاض المتوقع في سعر الجهاز نتيجة لانخفاض سعره في السوق الامريكية والاسيوية. واضافت المصادر ان جيتكس والحملات الترويجية التي اعقبته واسواق اعادة التصدير التي تشتهر بها دبي كلها عوامل ساعدت على ازدهار سوق الكومبيوتر والبرمجيات في الامارات واشارت المصادر الى ان سعر جهاز الكمبيوتر الشخصي انخفض في السوق المحلية الى الف دولار فقط وذلك من شأنه ان يسمح لشريحة كبيرة من الوافدين بالشراء واستخدامه في المنازل. وذكرت لي مصادر اخرى انه بعد اعلان اتصالات عن تقديم خدمة الاتصال المجاني بشبكة الانترنت, شهدت مبيعات الكومبيوتر زيادة ملحوظة فالجميع هنا سواء من المواطنين او الوافدين يفضلون الاتصال بشبكة الانترنت وهم في منازلهم بدلا من تكبد العناء للفنادق او للذهاب المراكز المتخصصة التي تقدم خدمة الانترنت. كتب طارق فتحي

Email