اتجاهات: التخصيص:بقلم- حسن العالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يواجه تنفيذ برامج التخصيص اربع قضايا أساسية يجب التعامل معها عند وضع الخطوات والسياسات الخاصة بهذا التنفيذ, ففيما يخص القضية الأولى هناك انطباع عام ان الكثير من المؤسسات والأنشطة الاقتصادية التي تملكها وتديرها الدولة يعمل بها عدد من الموظفين والعمال اكبر من الحجم المطلوب وهو ما يسمى احيانا بالبطالة المقنعة, وتلجأ الدولة لمثل هذا الاسلوب لتحقيق هدف اجتماعي هو توفير فرص العمل للايدي الوطنية حتى وان كان احيانا على حساب المردود الاقتصادي, لذلك فان التخوف هو ان يؤدي تنفيذ برنامج التخصيص الى فقدان ايد عاملة وطنية لوظائفها في المؤسسات المخصصة, وقد لجأت الكثير من الدول التي تبنت هذه الخطوة الى تنفيذ عدد من الوسائل لتجاوز ذلك التخوف مثل اعادة استثمار حصيلة المشروعات المخصصة في انشاء مشروعات جديدة توفر فرص عمل للعمالة الفائضة او استخدام جزء من تلك الحصيلة لوضع برامج تشجع على التقاعد المبكر بالنسبة للرجال والتفرغ بوقت اكبر لتربية الاطفال بالنسبة للنساء, كما يجب التذكير هنا ان هذا التخوف ينحصر في المرحلة اللاحقة مباشرة لتنفيذ برنامج التخصيص, اما على المدى البعيد فيفترض ان يؤدي هذا البرنامج الى توفير فرص عمل أكبر. والقضية الثانية وهي التخوف من ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي تقدمها المؤسسات المخصخصة, وهنا يبرز دور الدولة في الرقابة على هذا الموضوع والحيلولة دون ادخال زيادات كبيرة ومفاجئة على تلك السلع والخدمات وذلك من خلال فرض مرحلة انتقالية تسمح بحدوث زيادات تدريجية يمكن استيعابها من قبل مجهود المستهلكين خصوصا عندما يترافق معها تحسين مستويات معيشتهم في جوانب أخرى ستنال عناية أكبر من قبل الدولة. أما ما يخص فقدان السيطرة على المؤسسات المخصخصة, فلقد اتضح من برامج التخصيص ان الدولة عادة ما تقوم بتقسيم تلك المؤسسات وفقا لاهميتها وحساسيتها بالنسبة للاقتصاد الوطني, وقد قامت عدة دول باختراع ما يسمى بـ (الاسهم الذهبية) التي يحق للدولة وحدها تملكها في المؤسسات المخصخصة وتخولها الحق في الموافقة على بعض القرارات والسياسات الهامة الخاصة بتلك المؤسسات سواء من خلال تعيين ممثلين لها في مجالس ادارات هذه المؤسسات أو بالطلب من هذه المؤسسات الرجوع الى الوزارة المختصة قبل تنفيذ تلك القرارات والسياسات, ان (الاسهم الذهبية) لا تمثل حقا ماليا للدولة في هذه المؤسسات, بل انها تعطيها دورا رقابيا واشرافيا على السياسات والقرارات الهامة لهذه المؤسسات. وفيما يتعلق بالقضية الرابعة وهي تسعير اسهم أو قيام بيع المؤسسات المخصصة, فلا شك ان طريقة وآلية تسعير هذه المؤسسات سوف يتم اختيارها لكل حالة على حدة ووفق اعتبارات كثيرة, فهناك بعض المؤسسات الخدمية التي يمكن بيعها الى قطاع عريض من المستثمرين والجمهور من خلال سوق الاوراق المالية في حين ان هناك مؤسسات تقوم بأنشطة تخصصية لا يعنى بها سوى نفر معين من المستثمرين الذين ستدخل معهم الدولة في مفاوضات مباشرة للتوصل الى صفقة وشروط البيع, كذلك هناك الاعتبارات الخاصة بجنسية المستثمرين الذين سوف يسمح لهم بالمشاركة في الاستثمار في المشروعات المخصخصة وطبيعة هذه المشروعات وحجمها ومدى أهميتها. بطبيعة الحال هناك عدد من الملاحظات الأخرى مثل طبيعة وحجم المزايا التي سوف تقدم للمستثمرين في المشروعات المخصخصة, وكذلك التأكد من مقدرة هؤلاء المستثمرين على توفير مستلزمات انجاح تلك المشروعات في المرحلة اللاحقة للتخصيص, وهي كما ذكرنا ملاحظات يجب أن تحظى باهتمام ودراسة من قبل هؤلاء الذين يقومون حاليا بوضع ومراجعة برامج التخصيص في دول المنطقة.

Email