آفاق اقتصادية: إعلان أبوظبي للتعليم التقني والمهني العربي:بقلم- د. محمد ابراهيم الرميثي

ت + ت - الحجم الطبيعي

المؤتمر التحضيري الاقليمي العربي حول المؤتمر العالمي الثاني للتعليم التقني الذي سيعقد في سيئول العام المقبل عقد في مدينة أبوظبي في مطلع هذا الشهر حيث يتم خلاله مناقشة العديد من الأبحاث وأوراق العمل المتخصصة خلال أربعة أيام متتالية (2 ــ 5 نوفمبر 1998). ولقد شارك في المؤتمر نخبة متميزة من الباحثين والعلماء والمتخصصين من مختلف الجهات المتخصصة وخرجوا بنتيجة تضمنها (اعلان أبوظبي بشأن التعليم التقني والمهني في الدول العربية للقرن الحادي والعشرين). ولقد ركز الإعلان عن الاستراتيجيات والخطط والبرامج والمناهج والأنظمة حيث دعى إلى ضرورة تحديثها وتوطينها وتعريبها. كما ركز الإعلان على ضرورة تحديث وتطوير الكتب والمناهج والأنظمة حيث دعى إلى ضرورة تحديثها وتوطينها وتعريبها. كما ركز الإعلان على ضرورة تحديث وتطوير الكتب والمناهج لتواكب المستجدات والمتغيرات التي نلحظها جميعها على الساحتين الدولية والاقليمية, وطالب الاعلان كذلك بضرورة توفير الدعم المالي الكافي لتمويل البرامج والخطط الحديثة ووضعها موضع التنفيذ. وأشار الإعلان كذلك إلى ضرورة الاهتمام بالفئات الخاصة بكافة أشكالها من معاقين ومهمشين وكبار السن والسجناء وغيرهم لينالوا حظهم من التعليم التقني والفني. ان مثل هذه المؤتمرات يجب ألا تمر علينا مرور الكرام, بل لابد لنا من ان نقف على نتائجها وتوصياتها ونوليها الأهمية التي تستحقها ونضعها في المقام الذي تستحقه, فالدول العربية جميعها ودول الخليج العربي بشكل خاص لم تكن في يوم من الأيام أحوج إلى التعليم الفني والتقني والمهني مما هي عليه اليوم ومستقبلا, وذلك من منطلق تبنيها لاستراتيجيات التوطين في قطاع الصناعات التحويلية والصناعات الأساسية. ولا يكاد يختلف اثنان على ان المهندسين والفنيين بكافة فئاتهم وتخصصاتهم يشكلون عصب الصناعة في كافة أشكالها ومستوياتها, وبما ان دول الخليج العربي قد تبنت استراتيجيات التصنيع سواء كان ذلك الصناعات الأساسية مثل النفط والغاز والبتروكيماويات أو الصناعات التحويلية المتوسطة والخفيفة فهي بحاجة ماسة إلى تطوير التعليم التقني والمهني. بيد أن تطوير التعليم التقني والمهني يحتاج إلى وضع استراتيجيات محكمة ومدروسة تشارك فيها كافة الأجهزة والمؤسسات المعنية لتصل بالتالي إلى تحقيق الأهداف المرجوة. ان ما نشاهده اليوم من تباين شاسع وهوة كبيرة بين متطلبات سوق العمل وبين مخرجات التعليم بشكل عام لابد وان يستوقفنا لنفكر جيدا ونعيد النظر في السياسات التعليمية برمتها, أي لابد من ان نعيد النظر في المناهج والكتب الدراسية, وفي نوعية المدرسين وطرق تأهيلهم وتدريبهم المستمر, وفي الادارات المدرسية وادارة التعليم بشكل عام, وفي طرق التقويم والامتحانات, وفي طرق تقويم المدرسين والاداريين والموجهين, ونعيد النظر كذلك في المختبرات العلمية, وطرق اكتشاف وتنمية المبدعين والموهوبين, والخدمات المتصلة بالتعليم, كما لابد من اعادة النظر بكل المؤثرات الخارجية الايجابية منها و السلبية التي تؤثر على الطلاب وتحدد توجهاتهم وتوجه قراراتهم في تحديد واختيار تخصصاتهم, ومن تلك المؤثرات الحوافز والرواتب التي تمنحها بعض المؤسسات والجهات لمن يترك المدارس ويذهب للعمل في تلك المؤسسات, وبرامج القنوات الفضائية والانترنت وغير ذلك. والحقيقة ان ما نريد التأكيد عليه في هذه العجالة ان موضوع الاهتمام بالتعليم التقني والمهني يحتاج منا إلى التركيز ليس فقط على التعليم التقني والمهني ذاته, وان كان ذلك هو حجر الأساس, ولكن أيضا على المؤثرات الخارجية التي تؤثر على الشاب فتصرفه على التعليم التقني. ومن تلك المؤثرات العادات والتقاليد الموروثة التي تقلل من أهمية تلك التخصصات فتؤدي بالتالي إلى التأثير السلبي على الشباب وتصرفهم عنها, وكذلك الرواتب والأجور العالية التي تمنحها المؤسسات العسكرية للشباب في سن مبكرة مما يجعلهم يهجرون التعليم العام والتقني والمهني والانصراف إلى المدارس والكليات العسكرية. ونحن نرى ضرورة التركيز على الموازنة بين الطلب على العمل في سوق العمل وبين الخطط والبرامج التعليمية, أي ضرورة الربط بين الكليات والمعاهد العلمية وبين حاجة السوق. ونشير هنا إلى ضرورة الاستفادة من بعض البرامج المطبقة في دولة الامارات في مؤسسة اتصالات التي أنشأت كلية خاصة بها وشركات النفط كذلك. ان مثل تلك التجارب قد نعممها على الكثير من الجهات والمؤسسات وهي بحاجة فعلية إلى دعم وتمويل من الحكومات حيث سيكون عائدها الاستثماري كبيرا على المدى البعيد, وذلك من منطلق الإيمان بأن الاستثمار في الموارد البشرية هو أفضل أنواع الاستثمارات على الاطلاق.

Email