رؤية: بين كارثة .. وكارثة:بقلم-علاء حسن

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت لقطة ذكية من صحيفة (الجارديان)البريطانية ان تقارن في عددها الاسبوعي بين كارثتين المسافة الزمنية بينهما أقل من شهر ونصف الشهر, الأولى وقعت في 23 سبتمبر والمتمثلة في أزمة صندوق التحوط المالي في (وول ستريت لونج تيرم كابتيل مانجمنت) والتي هزت أسواق العالم كلها, أما الثانية فبدأت يوم 7 نوفمبر الحالي وتمثلت في الاعصار المروع (ميتش) الذي ضرب دول امريكا الوسطى وقتل 11 ألفا وشرد ملايين واتلف البنية الأساسية في نيكارجوا والسلفادور وجواتيمالا وهندوراس وكلها دول فقيرة. في الأزمة الأولى تجمع عدد من أصحاب القرار المالي في وول ستريت التي تقود أسواق العالم في الطابق العاشر من مجلس الاحتياطي الفيدرالي, وطلب منهم اقرار خطة انقاذ عاجلة بمبلغ 3.5 مليارات دولار فورا من أجل تعويم صندوق لونج تيرم مانجمنت والا فان المؤسسات الأخرى ستواجه ما وصفه الرئيس بيل كلينتون بأكبر خطر يهدد النظام المالي العالمي منذ 50 عاما. واضطر البنك المركزي في أقوى دولة في العالم الى الخبط على الرؤوس من أجل جعل المؤسسات المالية تقف سويا لانقاذ النظام المصرفي من فوضى بسبب مغامرة خطرة قام بها صندوق التحوط هذا عندما راهن رهانا خاطئا على اسعار الفائدة الاوروبية, وعندما انهار الاقتصاد الروسي تكبد خسائر فادحة, والمفارقة انه في حين تتشدد البنوك والمؤسسات المالية في اقراض الاشخاص العاديين ثلاثة أو أربعة أضعاف دخلهم السنوي فان هذا الصندوق سمح له ان يتخذ مراكز في السوق بـ 900 مليار دولار اي 250 ضعف قاعدة رأسماله. وعندما ظهر حجم الكارثة التي يمكن أن تقع لم يكن هناك مفر من نسيان كل النظريات التي تقول انه يتوجب على الحكومات الا تتدخل في الأسواق المالية المفتوحة والسماح لآليات السوق بأن تعدل الوضع, ووضعت خطة الانقاذ التي اشتركت فيها مؤسسات مالية دولية ثم خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي سعى إلى تجنب ذعر في السوق اسعار الفائدة قصيرة الأجل مرتين. ونعود الى الكارثة الثانية وهي حقيقية بينما الأولى كانت نظرية لانه لم يسمح لها بأن تكون حقيقية, فنجد ان دول أمريكا الوسطى التي تركها الاعصار شبه عارية من الخدمات الاساسية لم تجد من يشكل لها غرفة طوارئ, وحتى قرار شطب ديونها التي تأكل اقساطها السنوية ما بين 20 الى 30% من مواردها ما زال محل نقاش ومساومات. وكان بداية خيط الانقاذ مبلغ مليوني دولار اعلن البيت الابيض انه سيقدمه كمساعدة وهو ما يقل عن دخل سمسار أسهم متوسط في وول ستريت, وعندما ظهر حجم الكارثة بشكل أوضح رفعت واشنطن مساعداتها الى96 مليون دولار بينما تراوحت مساعدات الدول الاوروبية بين نصف مليون دولار وثلاثة ملايين دولار, وهي كلها مبالغ لا تشكل سوى قطرة بالنسبة الى حجم الأضرار التي سببها الاعصار الذي لم يحدث مثله منذ 200 عام وترك مليونين بدون مأوى.

Email