اتجاهات: تطوير الطابع التجاري والعائلي:بقلم- حسن العالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ان جملة التحديات المحلية والعالمية التي تواجه المجتمعات الخليجية تخلق ضغوطا على هذه المجتمعات لاجراء تغييرات جذرية في هياكلها وتركيبتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , ولاشك ان احد ابرز هذه التغييرات هو تطوير الطابع التجاري والعائلي للكثير من انشطة الاعمال لتبني انشطة اكثر قدرة على المنافسة سواء من حيث طبيعة المنتج والتقنية المستخدمة او طبيعة الملكية والتحالفات التي تقوم هذه الانشطة على اساسها, فالمجتمعات الخليجية عرفت تقليديا بانشطتها التجارية كما ان الرعيل الاول من عوائل رجال الاعمال قد شقوا طريقهم لبناء تقاليد تجارية راسخة استطاعوا من خلالها المساهمة في التطور الاقتصادي والاجتماعي, ولعل الرأسمال التجاري اكتسب قوة دفع جديدة خلال السبعينات بعد طفرة اسعار النفط الاولى, حيث شهدت الانشطة الاستيرادية وتيرة متسارعة من النمو والتوسع الافقي والعمودي, صاحب ذلك اتساع نفوذ ومصالح اصحاب الوكالات التجارية الرئيسية مما عزز الحاجة لدى هؤلاء ببقاء الدور المهيمن للنشاط التجاري والتوسع من خلاله الى انشطة خدمية وعقارية ومالية مكملة ومساعدة. ومع بروز وتنوع الانشطة الصناعية بهدف الاحلال محل الواردات للعديد من السلع والمنتجات خلال الثمانينات تولد شعور لدى العديد من اصحاب الانشطة التجارية بأن هذه الانشطة الوليدة والتي تحظى بدعم وحماية حكوميتين قد تؤثر بشكل او بآخر على انشطتهم التجارية وخاصة الاستيرادية, خصوصا ان بعض بلدان دول المجلس لجأت الى اسلوب منع استيراد بعض السلع لفترة زمنية محددة لاعطاء المجال امام المنتج المحلي المماثل لتثبيت مكانه في الاسواق. ولعل هذا الخوف هو ماجعل بعض الفعاليات التجارية ان تظهر عدم التحمس للتوجهات الصناعية المبذولة والامتناع عن المشاركة فيها. الا انه ومع تبلور واشتداد التحديات التي تواجه نماذج التنمية بدول المنطقة وخاصة بعد تزايد التوجهات نحو التحرر الاقتصادي والعولمة, فان جهود تنويع مصادر الدخل آخذت الاولوية وباتت الحاجة اليها مسلمة مما يستدعي وجود تنسيق اكبر واقوى بين انشطة القطاعات الاقتصادية المختلفة, وفي مقدمة هذه القطاعات قطاعا الصناعة والتجارة نظرا للترابط الوشيج بين مستلزمات نجاح كليهما وبالتالي نجاح جهود تنويع مصادر الدخل نفسها, فمن الجانب الاقتصادي المحلي نجد ان الازدهار التجاري لايمكن ان ينمو ويستمر اذا ما اقتصرت التجارة على النشاط الاستيرادي وبالتالي على جانب واحد من انشطتها او انها اكتفت لتصدير المواد الخام, فكلا الاحتمالين يضعان البلد في موقع ضعيف ويجعلاه اكثر ارتباطا بالتطورات الخارجية والدولية ويصبح معهما متعذرا اتخاذ القرارات الاقتصادية بمعزل عن تلك التطورات. لذلك فإن التكامل والتنسيق بين القطاعين الصناعي والتجاري يعتبر من الضرورات الثابتة لبلوغ مرحلة من النمو الاقتصادي المتوازن والمستديم فالقطاع الصناعي الذي يسعى لتسويق منتجاته محليا وخارجيا بحاجة الى قطاع تجاري نشط بجانبه يساعده على تحقيق هذه المهمة, ويعمل على تحسينها وملاءمتها للمتطلبات المتغيرة كونه اكثر اطلاعا وارتباطا بأموال الاسواق المحلية والخارجية والانماط الاستهلاكية للمتعاملين فيها.

Email