الدولة تتحمل 50%من ثمن مستلزمات الانتاج: المنظمة العربية للتنمية الزراعية تشيد بسياسات الامارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشارت المنظمة العربية للتنمية الزراعية بأنظمة وسياسات تمويل التنمية والمشاريع الزراعية بدولة الامارات العربية المتحدة , وأكدت المنظمة ان هذه السياسات تنسجم مع خطط التنمية الاقتصادية التي تتبعها الدولة والتي تحرص على دعم وتشجيع الانتاج الزراعي والحيواني والسمكي وتوفر للعاملين في هذه المجالات القروض, كما تتحمل الامارات 50% من ثمن مستلزمات الانتاج من خلال الدور الذي تلعبه وزارة الزراعة والثروة السمكية بدولة الامارات. جاء ذلك في دراسة موسعة أصدرتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية تحت عنوان (سياسات التمويل ودورها في التنمية الزراعية في الدول العربية) وعرضت المنظمة لعدد من التجارب القطرية في مجالات تمويل التنمية الزراعية ومنها الامارات ومصر, وسوريا والسودان كما عرضت الدراسة بشكل عام لأبرز مشكلات تمويل الاستثمار الزراعي في الوطن العربي. وخرجت بمجموعة من التوصيات لصانعي القرار في الدول العربية لاعطاء المزيد من التسهيلات والمزايا لزيادة الاستثمارات الزراعية وتشجيع المشاريع فيها. المشكلة الغذائية بدأت الدراسة برصد واقع التنمية الزراعية في الوطن العربي فأشارت إلى مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الاجمالي بأكثر من 16% ويوفر هذا القطاع فرص عمل لنحو 40% من القوى العاملة العربية ويحقق قيمة مضافة تناهز الـ50 مليار دولار سنويا. وانتقدت دراسة المنظمة رغم ذلك تضاؤل دور القطاع الزراعي في الاقتصاد العربي خلال عقدي الثمانينات والتسعينات وهو ما انعكس على تناقص مساهمته في تكوين اجمالي الناتج المحلي بالمعدلات المنشودة, هذا فضلا عن تراجع القوى العاملة فيه الأمر الذي ساهم في تفاقم حدة المشكلة الغذائية وزيادة فجوتها فخلال مرحلة الستينات والسبعينات كانت مساهمة القطاع الزراعي على سبيل المثال في الناتج المحلي الاجمالي (العربي) تزيد عن 25ــ30% ولكن هذه المساهمة بدأت في التراجع تدريجيا خلال مرحلة الثمانينات والتسعينات حتى أصبحت لا تزيد عن 17,6% في أحسن الأحوال كما ان حجم العمالة الزراعية من اجمالي القوى العاملة قد تراجع خلال المراحل المذكورة من أكثر من 60% إلى أقل من 40%. يزيد من هذه المؤشرات السلبية تفاقم مشكلة الأمن الغذائي في الوطن العربي وهي ناجمة بصفة رئيسية عن الزيادة السكانية والميل المطرد للاستهلاك نحو الارتفاع, مما أدى إلى زيادة الفجوة إلى نحو 150 مليار دولار, أي ما يعادل نحو ثلث الناتج المحلي الاجمالي للوطن العربي, كما ان معدل الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية لا يزال في حدود 50%. الاحتياجات التمويلية وأرجعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية تراجع دور القطاع الزراعي على صعيد الوطن العربي إلى مجموعة عوامل من بينها اعتماد غالبية المحاصيل الزراعية بصورة أساسية على هطول الأمطار المتذبذبة وعدم قدرة المزارعين على مواكبة مستحدثات التقدم التكنولوجي الزراعي ذات التكلفة المرتفعة, وزيادة السكان التي لا يقابلها زيادة في الانتاج حيث تشهد مساحة الأراضي المخصصة للزراعة تناقصا مضطردا نتيجة الزحف والتوسع العمراني والتجاري, وتواضع وعدم تنوع المهن الحرفية فضلا على اعتمادها واتخاذها الطابع الفردي أو العائلي والهجرة الواسعة للعاملين من الأرياف إلى المدن, وضعف البنية الأساسية في الأرياف وضعف الخدمات البحثية والارشادية والتسويقية ولعل أهم من هذه العوامل جميعا التقصير الواضح في تلبية الاحتياجات التمويلية والاستثمارية للقطاع الزراعي في ظل محدودية قدرة المصارف على تمويل المشروعات الحرفية والزراعية. أيضا هناك مشكلة حقيقية كما تشير دراسة المنظمة وهي مشكلة توفير التحويل اللازم لصغار المزارعين والعاملين بالقطاع الزراعي. كما يواجه القطاع الزراعي العربي مشكلة أساسية تتمثل في عدم تنوع مصادر الائتمان الموجهة له من قبل الجهاز المصرفي وفي مقابل ذلك تزايد أنواع الضمانات المطلوب تقديمها للحصول على مصادر تمويلية مناسبة, فالقروض التي تمنح للمزارعين والحرفيين في الأرياف الزراعية العربية تتصف بأنها قصيرة الأجل وهي في الغالب قروض موسمية أو محصولية, والملاحظ ان معظم صغار المزارعين والحرفيين لا تتوافر لديهم الضمانات اللازمة للحصول على تمويل من الجهاز المصرفي وتتخذ هذه الضمانات أنواعا متعددة منها الضمان التقليدي المتمثل في رهن الأموال المنقولة والضمانات التي تتمثل في الآلات والمعدات والجرارات والحيوانات وغيرها. تجربة الدولة وعرضت دراسة المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالتفصيل لتجربة دولة الامارات العربية المتحدة من ناحية دور التمويل الزراعي في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة فأشارت إلى ان وزارة الزراعة والثروة السمكية في الدولة تقوم بدعم المزارع بنصف قيمة مستلزمات الانتاج أي حوالي 50% من ثمن مستلزمات الانتاج كالتقاوي والبذور والأسمدة والمبيدات, كما تقوم الوزارة بتوفير قوارب الصيد ومستلزمات الانتاج السمكي للصيادين, بالاضافة إلى توفير العلاجات والمواد البيطرية للحيوانات والدواجن. وذكرت الدراسة ان قطاع الزراعة والثروة السمكية من القطاعات الحيوية الهامة التي أولتها دولة الامارات اهتماما خاصا باعتبارها عنصرا من عناصر الدخل الوطني, فعملت على تطوير هذا القطاع بكافة مجالاته النباتي والحيواني والسمكي وذلك عن طريق وضع خطط شاملة للتنمية الزراعية لاستخدام كافة الموارد المقامة بطاقتها القصوى من ناحية, وبأقل تكلفة ممكنة من ناحية أخرى ولذلك قامت الدولة بتمويل المشاريع التنموية, بالاضافة إلى توفير فرص الاستثمار المناسبة في هذا المجال والتي تحسن من الوضع الزراعي في الدولة وتدفعه نحو مستقبل أفضل. قفزة الانتاج الزراعي وتطرقت المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى تطوير الانتاج الزراعي في دولة الامارات منذ النصف الثاني من الثمانينات وحتى مرحلة التسعينات فقالت ان قيمة الناتج المحلي الزراعي قفزت إلى 1444 مليون درهم عام 1989 أي بنسبة زيادة نحو 11,4% عما كانت عليه عام ,1986 ثم ارتفعت إلى 1540 مليون درهم عام ,1990 وتطورت هذه النسبة إلى 1660 مليون درهم عام ,1991 ثم 1862 مليون درهم عام ,1992 وإلى 2025 مليون درهم عام 1993 ثم توالت نسب الارتفاع في الناتج الزراعي في السنوات التالية بمعدلات 18,8%, و28,1% و43,7% و56,3%. الاستثمارات الزراعية وتحت عنوان أهمية توفير الاستثمارات الزراعية في السنوات المقبلة وبحلول القرن الجديد أوضحت دراسة المنظمة العربية للتنمية الزراعية ان هناك علاقة ارتباطية وثيقة في تجربة دولة الامارات بين التطورات في السياسات والنظم والهياكل المؤسسة التمويلية الزراعية وبين السياسات الاقتصادية العامة للدولة والتي توضع وتنفذ خططها من خلال النظام الاقتصادي السائد. ومن هنا فإن الوضع الاستثماري الزراعي في دولة الامارات العربية المتحدة تحركه وتشجعه تلك الظروف الاقتصادية والأوضاع التي تدعم مسارات التنمية الزراعية, كما وان البرامج والسياسات المالية التي وضعتها دولة الامارات تؤثر تأثيرا مباشرا في البرامج والمشروعات الاستثمارية الزراعية. وفي هذا الاطار نوهت المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالتجربة الايجابية التي نفذتها دولة الامارات في مجال الاستثمارات في الأنشطة الزراعية حيث تلاحظ المنظمة ان هذه الاستثمارات على اختلاف أنواعها (زراعية, ونباتية وحيوانية وسمكية) تابعة لوزارة الزراعة والثروة السمكية بالدولة ويتم تمويلها بشكل كامل عن طريق وزارة المالية والصناعة بالدولة وبواسطة الجهاز المصرفي للدولة. القطاع الخاص الزراعي وذكرت الدراسة ان هناك بعض المشروعات الزراعية التي يقوم بتنفيذها القطاع الخاص بالدولة سواء شركات أو أفراد, وكذلك يوجد بعض المشروعات التي تساهم فيها المصارف والصناديق المحلية بعد اجراء دراسات الجدوى اللازمة لها, ومثال لذلك ما يقوم به مصرف الامارات الصناعي وصندوق أبوظبي للانماء الاقتصادي والاجتماعي. في نفس الوقت تساهم بعض المنظمات الدولية بتقديم العون والاستشارات الفنية وايفاد الخبراء مثل المنظمة العربية للتنمية الزراعية ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) وذلك بتمويل من المخصصات التي تدفعها الدول للمشاركة في تلك المنظمات, كما تجدر الاشارة إلى ان دولة الامارات تقوم بتقديم المساعدات المالية اللازمة للعديد من الدول العربية والإسلامية لتمويل مشروعات التنمية الزراعية. وتخلص دراسة المنظمة العربية للتنمية الزراعية عن التمويل الزراعي بدولة الامارات إلى عدد من التوصيات الجديرة بالاهتمام والتنفيذ منها: 1 ــ دعوة الدولة إلى المزيد من الاستثمارات الزراعية لدفع عملية التنمية الزراعية وللحفاظ على ما تحقق من نمو وازدهار في دولة الامارات العربية المتحدة. 2 ــ توصية لدى الصناديق العربية الانمائية والبنوك الوطنية بالدولة لتقديم المساهمة التمويلية الفعالة للمشروعات الاستثمارية الزراعية, وتشجيع القطاع الخاص ليقوم بدوره في تمويل المشروعات الانتاجية بدرجة أكبر وكفاءة اقتصادية أعلى. 3 ــ توفير الكوادر المحلية أو الوطنية المدربة للعمل في كافة مجالات الاستثمارات الزراعية, وتحديث وتطوير القوانين والتشريعات المتعلقة بالاستثمار الزراعي وتذليل أي عقبات تواجه هذا النوع من الاستثمارات, مع العمل على تنسيق قوانين الاستثمار وتنقيتها مع العوامل المثبطة للاستثمار وتخليصها من النصوص التي تحمل أكثر من معنى مع اتخاذ الاجراءات الخاصة بتيسير تنفيذ هذه القوانين واللوائح. 4 ــ تحديد أولويات مجالات الاستثمار والفرص المتاحة, والتخطيط السليم للنواحي الاستثمارية, والترويج لفرص الاستثمار في المجالات الزراعية وبناء قاعدة من المعلومات المتعلقة بأنشطة الاستثمار في المجالات الزراعية. 5 ــ بذل كل الجهود المتاحة للحفاظ على القدرات الانتاجية المحلية أو حماية الانتاج المحلي من منافسة المنتجات الخارجية والمستوردة والتي تتمتع بدعم من بلد المنشأ, مع تخطيط السياسة المالية والنقدية للدولة لتكون أكثر تحفيزا وتشجيعا للاستثمار الزراعي على وجه الخصوص. القاهرة ــ صلاح الشرقاوي

Email