شل تنذر باستراتيجية أوروبية جديدة تجاه الدول النفطية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مفاجأة غير متوقعة قرر مجلس ادارة شركة شل الهولندية ـ البريطانية الملكية للبترول في روتردام اغلاق المراكز الرئيسية في هولندا, بريطانيا, المانيا, فرنسا, وذلك في اول رد فعل جاد على انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية, والازمة الاقتصادية الدولية التي تبعتها , واعلن مصدر رسمي باسم شركة شل عدم تفاؤله لما ستسفر عنه التقارير المالية بشأن النصف الثاني من هذا العام والتي ستعلن مع بداية يناير المقبل وان الارباح من يوليو 98 ستكون اقل بكثير من نصف العام الاول مشيرا الى توقعاته بخسائر كبيرة, الامر الذي يعود على صغار وكبار المستثمرين في اسهم شل بخسائر وتراجع في الارباح اكثر مما كان متوقعا, وستشهد مختلف القطاعات الانتاجية في الشركة خسائر تشمل مجالات الصناعات النفطية والكيماوية, سيتم وفقا لذلك الاستغناء من حيث المبدأ عن 450 موظفا من مقر الشركة في روتردام ونقلهم لاماكن عمل اخرى, ستكون في مواقع قريبة من الزبائن مباشرة. يذكر انها المرة الاولى التي تواجه فيها شركة شل مثل هذه المشاكل الاقتصادية منذ مقاطعة البترول العربية ابان حرب اكتوبر 73. والمرة الاولي التي تعلن فيها عن حقائق الازمة بدون تحفظات, وقد اسفر هذا بالامس عن ردود فعل في بورصة امستردام شملت انخفاضا ملحوظا في اسعار الاسهم لشركة شل, وكذلك اسهم الشركات الصغرى التي تتعامل معها والتي ترتبط تعاملاتها المالية بها في الاسواق العالمية, وقد انخفض سعر سهم شل في الساعات الاولى عقب اعلان الازمة بقيمة 10 فلورينات هولندية. وقد تزايدت في الايام الاخيرة شكوك بيوت المال الدولية والشركات الاستثمارية الكبرى حول توقعات بحدوث ازمة اقتصادية على مستوى العالم, وعلى الرغم من ان هذه الشكوك حتى الآن لم تتأكد, ولا توجد في نفس الوقت ايضا مؤشرات حقيقية تنفيها تماما, لكن الامر المؤكد هو ان شيئا ما يجري على ساحة الاقتصاد الدولي, المرجح هو تدبير لعبة اقتصادية مالية كبيرة يقوم بها كبار اصحاب الاستثمارات الكبيرة, فلم يحدث في تاريخ الصناعة والتجارة الدولية خاصة في مجالات النفط ان تعلن شركة كبرى مثل شل, وبدون اية مقدمات معلومات رسمية تسبب زلزالا من هذا النوع, ومن الواضح انه ثمة ضغوط من نوع ما تمارس على شركة شل, ولا يرجح ان تكون انخفاضات اسعار النفط الاخيرة هي السبب الوحيد او الرئيسي في ذلك القرار الخطير الذي يهز مستقبل اكبر شركة من شركات النفط العالمي, خاصة في الوقت الذي اعلنت فيه مراكز الارصاد الجوية في غرب اوروبا بان المنطقة الاوروبية ستشهد فصل شتاء بارد جدا, وجرت العادة ان ترتفع اسعار النفط في الشتاء. في ذات الوقت اشارت التكهنات التي وردت على لسان المتحدث الرسمي لشركة شل بانه لا يتوقع تحسنا في اسعار البترول خلال الثلاث سنوات المقبلة, وانه يوجد ثمة احتياطات وبدائل تؤدي لعدم الاحتياج الكبير للنفط كما كان يحدث في الماضي, وتعد هذه التصريحات رسالة لدول انتاج النفط تحمل في طياتها اهدافا اقتصادية استراتيجية جديدة يبدو ان اوروبا في طريقها لفرضها على دول العالم المنتجة للبترول وفي مقدمتها دول الخليج العربي. ومن المثير للشكوك ايضا حول وجود استراتيجية واهداف اخرى خفية لقرار شركة شل هو كيف تحتفظ الشركة بعدد 4200 من موظفيها داخل الشركة, حقا في اماكن اخرى, لكن الرواتب وكافة التكاليف التي تتعلق بعملية اعادة التنظيم والهيكلة الوظيفية سوف تتحملها الشركة. فاذا كانت التوقعات التي اعلنتها الشركة نفسها تفيد بانه حتى عام 2001 سوف لا تحدث تحسنات, فلماذا تتحمل الشركة كل هذه التكاليف المالية العالية لمدة ثلاث سنوات؟ ولقد ثار بالفعل هذا التساؤل الذي يدعو للشكوك عقب اعلان البريطاني (مودي ستيوارت) رئىس مجلس ادارة شركة شل, والذي ثارت معه تكهنات حول ممارسة ضغوط كبيرة على الدول المنتجة للنفط جراء هذا القرار. يذكر ان سعر برميل النفط الخام انخفض منذ بداية هذا العام حوالي 2.5 فلورين هولندي, وقد كانت كل تصريحات خبراء شركة شل تفيد بان ازمة جنوب شرق آسيا سوف لا تكون لها أثار سلبية على سوق انتاج وبيع النفط, غير ان كل هذا تغير بالامس فقط وتغيرت معه لهجة التصريحات بحثا عن اسباب في ازمة آسيا, والامر الذي يثير الدهشة انه بالرغم من ان سعر سهم شركة شل في بورصة امستردام انخفض في الساعات الاولى بقيمة عشرة فلورينات هولندية كأول رد فعل على تصريحات مسؤول شركة شل, الا انه عاد وفي فترة قصيرة ليعوض نسبة الانخفاض بنسبة 50% حينما ارتفعت قيمة السهم مرة اخرى 4.80 فلورينات, ووصل سعر السهم حاليا 88.50 فلورينا, ويذكر ايضا انه خلال النصف الاول من هذا العام ادى انخفاض اسعار البترول الى تراجع ارباح شركة شل بنسبة 21% (مايعادل 6.5 مليارات فلورين) وانخفض الدخل العام الى 99.3 مليارا اي حوالي 25%, غير ان تراجع الارباح لم يعني في الواقع وجود خسائر مالية, ومن ناحية ثانية ان شركة شل نفسها هي مصدر التوقعات التي تعلنها بخصوص نسب وقيمة الارباح,و عندما تقل هذه النسبة عن توقعاتها يحدث قلق في بورصات العالم وتتأثر اسعار الاسهم, حول هذه المعادلات السيكولوجية والحرب النفسية التي تؤدي لخسائر حقيقة المتأثر باحتمالات ازمة عالمية اقتصادية مقبلة. وصرح صباح اليوم (للبيان) خبير سوق المال ببورصة امستردام, بانه لا يتوقع حدوث ازمات اقتصادية عالمية مشيرا الى ان النمو الاقتصادي في معظم الدول الصناعية الكبرى يبشر باستمرار حالة مستقرة في الاسواق العالمية, وان اسعار النفط الخام لا يمكن بأي حال من الاحوال ان تستمر في الانخفاض اكثر مما هي عليه الان بسبب الجهود التي تبذلها منظمةاوبك لتخفيض الانتاج. روتردام ــ سعيد السبكي

Email