رؤية اقتصادية: أزمة الاقتصاد ،وفراغ القيادة:بقلم-علاء حسن

ت + ت - الحجم الطبيعي

مهمة اي بنك مركزي في العالم هي الدفاع عن العملة الوطنية والاشراف على السياسة النقدية في بلده وفقا لظروف السوق المحلية. والمشكلة انه في احيان كثيرة لاتنظر البنوك المركزية بعناية كافية الى العواصف القادمة من الخارج حتى تأتي بالفعل ويكون قد فات اوان الوقاية . وينطبق ذلك على حالة بعض البنوك المركزية في الدول الصناعية في الوقت الراهن, فهذه البنوك تتمتع باستقلالية عن القرار السياسي, واذا رأى السياسيون ان احد مهامهم هي انقاذ العالم فان البنوك المركزية لاترى ان مهمتها تتعدى السهر على الاقتصاد المحلي. ولذلك فانه بينما يضغط السياسيون في الولايات المتحدة وفي بريطانيا من اجل خفض اسعار الفائدة بغرض وقف انتشار الازمة الاقتصادية العالمية, فان الآن جرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الامريكي , وعلى عكس التوقعات قال انه لايرى ان هناك حاجة ملحة الآن لخفض اسعار الفائدة. وفي بريطانيا لايريد البنك المركزي الحاصل على استقلالية حديثا ان ينظر اليه على انه استسلم لضغوط الحكومة وخفض الفائدة. وهو سعيد طالما ان هدفه عدم تجاوز معدل التضخم نسبة الـ 2.5 % يتحقق. وتنطبق كذلك قضية الاغراق في المحلية على الكونجرس الامريكي ايضا, فقد رفض طلب الادارة الامريكية توفير 18 مليار دولار الى صندوق النقد الدولي من اجل مواجهة الاعباء المالية المترتبة على انقاذ الاقتصاديات في آسيا وروسيا, واستباق الازمة التي تلوح في امريكا اللاتينية. وقد يكون للكونجرس عذره لان اداء الصندوق كان مخيبا فيما يتعلق بتوقع الازمة في آسيا والبطء في التصدي لها في حين ان عشرات المليارات التي ضخت في الاقتصاد الروسي ذهبت ادراج الرياح, لكن رفض التمويل مع عدم ايجاد بدائل امر لن يقود سوى الى ازمة كارثة. ومع كل هذا فان الاقتصاديين يعتقدون انه لن يكون هناك امام مجلس الاحتياط الفدرالي الامريكي سوى قيادة موجة تخفيضات في اسعار الفائدة في الدول الصناعية. من اجل تحريك الدورة الاقتصادية وتفادي دخول الاقتصاد العالمي في ركود عميق كما تنبأت منظمة مؤتمر التجارة والتنمية التابعة للامم المتحدة (الادنكتاد) فحسب (الادنكتاد) فان ترافق الازمة في آسيا التي قدرت خسارتها حتى الآن بـ 260 مليار دولار مع تدهور في بقية الاسواق الناشئة وتباطؤ اقتصادي شديد في امريكا الشمالية واوروبا الغربية سيقود الاقتصاد العالمي الى ركود عميق لن يخرج منه قبل سنوات. ويدرك الجميع ان مسألة افتعال الازمة الى قلب النظام المالي في الولايات المتحدة واوروبا الغربية ليست سوى قضية وقت مالم تتخذ اجراءات عاجلة فمن الآن لوقف التدهور الحادث في الاسواق الناشئة. وقد جاءت المبادرة من واشنطن بالدعوة الى اجتماع للدول الـ 22 الصناعية الاعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الدولية في نيويورك في اوائل اكتوبر المقبل لدراسة ما يمكن عمله, وهناك تقارير عن استعداد بريطانيا باعتبارها رئيسة مجموعة الثماني (امريكا وبريطانيا وفرنسا, وايطاليا والمانيا وكندا واليابان وروسيا) الى قمة طارئة ستكون الاولى منذ تشكل مجموعة السبع في السبعينات وذلك لدراسة خطوات منسقة من اجل انقاذ الاقتصاد العالمي. والخطوات معروفة في هذا المجال وعلى رأسها خفض اسعار الفائدة العالمية. ودفع اليابان الى انعاش اقتصادها وحل مشكلة بنوكها ولد عن طريق الاموال العامة, وتقديم خدمة مساعدات مالية كبيرة الى بلدان جنوب شرق آسيا تشمل برامج خاصة لمكافحة الفقر هناك مع تعمد هذه الدول بسياسات اصلاح اقتصادي صارمة. لكن المشكلة هي ان اوقات الازمات تحتاج الى قيادة, ويبدو ان العالم يواجه فراغا حاليا, فالرئيس الامريكي في ازمة داخلية واي خطوة يقدم بها في السياسة الخارجية ينظر اليها على انها محاولة لصرف الانظار عن ازمته الداخلية, والمستشار الالماني يواجه معركة انتخابات غير مضمونة هذا الشهر, والرئيس الروسي في ازمة سياسية عنيفة بيما القيادة اليابانية لم تظهر علاقات قوة حتى الآن.

Email