تحليل نفطي: هل تتجاوز(أوبك)اتفاق يونيو

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبرز الحاجة ماسة جدا فى هذا الوقت الى التزام دول أوبك بتخفيض انتاجها من النفط الخام لدعم أسعار النفط التى شهدت تراجعا كبيرا خلال الفترة الاخيرة مما يترك تأثيرات سلبية على عائداتها النفطية واقتصاداتها بشكل عام , فقد تراجعت أسعار النفط الى أدنى مستوياتها الامر الذى حمل أوبك للوصول الى اتفاق على مرحلتين فى مارس ويونيو الماضيين يقضى بتخفيض انتاج اللمنظمة بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا . ورغم المؤشرات المشجعة على التزام غالبية الدول الاعضاء بالاتفاق وتخفيض انتاجها وفق النسب التى التزمت بها فى اطار الاتفاق الاخير فان الالتزام حتى الان غير كامل الامر الذى يؤثر على مصداقية المنظمة فى أسواق النفط العالمية ويشكل ضغطا على الاسعار, فقد اعترفت احدى دول أوبك بأنها مازال أمامها بعض الوقت لتنفيذ التخفيضات فى انتاجها المتفق عليه فى اتفاق أوبك الاخير وهذا يعنى بشكل واضح أنها لم تنفذ التزامها كاملا بالاتفاق . غير أن الامر لا يتوقف عند هذا الحد ولكن يتعداه الى تقارير توكد أن دولا أخرى فى أوبك لا تلتزم بالاتفاق وهذا بدوره يشير بشكل واضح الى أن خرق الاتفاقيات من أكثر من جهة ومن هنا تبرز أهمية الدعوة التى أطلقها معالى عبيد بن سيف الناصري وزير النفط والثروة المعدنية الى التزام جميع دول أوبك بالاتفاق الاخير للمنظمة . صحيح أن معالى وزير النفط والثروة المعدنية أطلق هذه الدعوة فى اطار رؤيته الشاملة لتصيح أسعار النفط الخام والاسباب المساعدة الاخرى ومن أبرزها حدوث شتاء بارد وتحسن الاقتصادات الاسيوية وبالتالى ارتفاع الطلب على النفط الخام الا أن الرؤية الشمولية للوزير وهو الرئيس الحالى لمنظمة أوبك تشمل عدة عناصر هامة لتصحيح أسعار النفط غير أن ما يخص منظمة أوبك ينحصر فى الالتزام بتخفيض الانتاج واستعدادها من الان لدخول العراق الى السوق النفطية العالمية وهو ما يستدعى الوصول الى سقف انتاجى جديد للمنظمة . أن امكانية الوصول الى السقف الانتاجى الجديد يتطلب أساسا الالتزام باتفاق يونيو حتى تكون الاوضاع مهيأة لاتخاذ قرار جديد بتغيير سقف الانتاج . أن اتفاقى مارس ويونيو الماضيين تولدا من خلال قاعدة تشكلت أساسا من اتفاق ثلاث دول من داخل أوبك وخارجها وهى المملكة العربية السعودية وفنزويلا والمكسيك فى الرياض وأمستردام على التوالى الامر هيأ الساحة لوصول أوبك الى اتفاق من مرحلتين تؤيده مجموعة من الدول من خارج المنظمة ليصل مجموع التخفيض فى الانتاج من المجموعتين الى حوالى 302 مليون برميل يوميا, ولذلك فأن عدم اتفاق الدول الثلاث على عقد جولة جديدة كان متفق على عقدها فى نهاية أغسطس الماضى يؤشر على وجود صعوبات تحول دون عقد جولة جديدة بين الدول الثلاث حتى الان خصوصا وأن كلا من فنزويلا والمكسيك تؤكدان أنهما لن تخفضا انتاجهما من جديد ولذلك يبدو ضروريا منذ الان التحضير بشكل جدى لاجتماع أوبك المقبل من خلال الالتزام أولا بتخفيض الانتاج حسب اتفاق يونيو الماضى وبالتالى اجراء اتصالات مكثفة مع الدول المنتجة الاخرى خارج أوبك للاتفاق معها على جولة جديدة من التخفيض فى الانتاج يكون أساسا لاتفاق جديد فى اجتماع أوبك المقبل فى نوفمبر المقبل فى فيينا . فأي اتفاق جديد فى الاجتماع القادم لمنظمة أوبك يتطلب بالدرجة الاولى الالزام الكامل بالاتفاق السابق والوصول الى تفاهم مع الدول الاخرى المنتجة بشأن دعم الاسعار . فمنظمة أوبك لا يمكن لها فى ظل الاوضاع السائدة حاليا أن تتحمل وحدها مسؤولية استقرار الاسواق العالمية ودعم أسعار االنفط التى تراجعت الى مستويات متدنية لم تصلها منذ منتصف الثمانينات وتساوى فى قيمتها الفعلية أسعار بداية السبعينات فالمسؤولية عن تصحيح الاسعار واستقرار الاسواق النفطية العالمية تتحملها جميع الدول المنتجة للنفط لانها جميعا فى قارب واحد غير أن أوبك تتحمل مسؤولية خاصة باعتبارها أكبر تجمع نفطى عالمى يتعين عليه فى هذه المرحلة بالذات اثبات وجوده وتحمل مسؤولياته كاملة وتبدأ هذه المسؤولية بالالتزام الكامل بالانتاج ومن هنا تأخذ دعوة معالى وزير النفط والثروة المعدنية لجميع الدول الاعضاء فى أوبك للالتزام بحصصها الانتاجية أهميتها وهو الامر الذى سيؤدى الى دعم أسعار النفط الخام ويهيىء للوصول الى تفاهم مع المنتجين الاخرين بشأن التعاون المستقبلى وتحمل المسؤوليات المشتركة بشأن استقرار الاسواق النفطية والاقتصاد العالمى الذى يمر حاليا بمراحل صعبة جدا انعكست اثارها على مختلف المناطق فى العالم وبشكل خاص على الدول النفطية نتيجة تراجع معدلات الطلب على النفط الخام. والاهم فى دعوة معالى وزير النفط والثروة المعدنية التزام دول أوبك باتفاق يونيو الماضى أنها تهىء للوصول الى اتفاق جديد يسمح بولادة سقف انتاجى جديد و أنها تشير بشكل واضح الى تفكير المنظمة باجراء تخفيض جديد فى انتاجها رغم أن اتفاق يونيو الاخير يمتد لمدة عام كامل. فحديث معالى وزير النفط والثروة المعدنية يشير بشكل واضح الى أن أوبك ربما تتجاوز اتفاق يونيو ولكن ذلك يستدعى بالدرجة الاولى الالتزام بتخفيض الانتاج الى المستويات التى حددها الاتفاق الاخير. ــ وام عبيد بن سيف الناصري

Email