دراسة مهمة لمؤسسة الخليج للاستثمار: الازمة الآسيوية انعكست على الدول العربية المصدرة للنفط

ت + ت - الحجم الطبيعي

اكدت مؤسسة الخليج للاستثمار ان الازمة الآسيوية كانت اشد تأثيرا على الدول العربية المصدرة للنفط حيث ان ضعف النمو في دول الازمة الاسيوية قد اثر سلبا على الطلب على البترول وبالتالي ادى الى انخفاض الاسعار في الوقت الذي كانت فيه توقعات نمو الطلب تعتمد اعتمادا اساسيا على توقعات النمو في آسيا . وقدرت الدراسة التي اعتمدت في هذا الصدد على توقعات وكالة الطاقة الدولية حجم انخفاض الطلب العالمي على النفط في عام 1998 بحوالي 400 الف برميل يوميا نتيجة للازمة الآسيوية وتوقعت ان تتأثر صادرات اخرى مثل البتروكيماويات فيما سينعكس انخفاض الطلب على الغاز وعلى بعض المشاريع الرئيسية لتصدير الغاز في كل من قطر وعمان. ترشيد الانفاق واشارت الدراسة التي اعدها الدكتور خالد الفايز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الخليج للاستثمار الى ان انخفاض دخل الدول العربية المصدرة للنفط سوف ينعكس في محاولات لترشيد الانفاق في هذه الدول وبالتالي انخفاض النمو المتوقع لهذه الدول في العام الحالي الا ان الدراسة قد اوضحت ان انخفاض عملات دول الازمة الآسيوية وتواجد الطاقة الانتاجية الفائضة سوف تزيد من حدة المنافسة العالمية على الاسواق وبالتالي سوف يؤدي الى انخفاض الاسعار والحد من التضخم العالمي. ووفقا للدراسة فان الدول العربية قد استوردت ما قيمته 31 مليار دولار من الدول الآسيوية خلال عام 1996 وكانت دول الأزمة الاسيوية مصدرا لما قيمته حوالي تسعة مليارات دولار من هذه الواردات والتالي فان بعض الصادرات العربية المنافسة للصادرات الآسيوية سوف تتأثر بالمنافسة المتوقعة على الاسواق. بيد ان مشاريع بعض الدول العربية قد تستفيد نتيجة لمنافسة الشركات الآسيوية على انشاء المشاريع في المنطقة العربية وبالتالي قد تنخفض تكلفة هذه المشاريع. الاسواق المالية العربية وفيما يتعلق بتأثير الازمة الآسيوية على الاسواق المالية يرى الفايز ان تأثر الاسواق المالية العربية بالازمة الآسيوية كان محددا ولم تنتقل لها العدوى مثل بعض الدول النامية الاخرى وارجع ذلك الى عدة عوامل اهمها: - ان السوق العربية لاتزال منعزلة عن السوق العالمية الى درجة كبيرة ولم تشارك الى حد كبير في عولمة سوق رأس المال. ومع ان هنالك انفتاحا جزئيا لبعض الاسواق العربية الا ان رأس المال الاجنبي لا يلعب دورا يذكر في هذه الاسواق. - حرصت السياسة النقدية في العديد من الدول العربية على وضع حد للتعامل بعملاتها في الخارج ووضعت القوانين التي تحد او تمنع الاصدارات الدولية بالعملات المحلية. ومازال استثمار رأس المال الاجنبي في اسواق الاسهم العربية مقيدا لدرجة كبيرة, ومع ان هذه القيود قد حمت السوق المالية العربية من التقلبات في السوق الدولية الا انها في الوقت نفسه حرمت الاقتصاد العربي من الاستفادة من دور رأس المال الاجنبي في توسيع القاعدة الانتاجية. لقد وصل مجموع رأس المال الاجنبي الذي حصلت عليه الاسواق الصاعدة 295 مليار دولار في عام 1996 الا ان نصيب الدول العربية من هذا المبلغ قد كان 2.3 مليار دولار او ما يعادل اقل من 1% ويرجع ذلك الى عدم انفتاح الاسواق العربية وعدم الشفافية في هذا الاسواق ومحدودية تطورها بشكل يسهل حركة رأس المال. ومع ان عدوى الازمة الآسيوية لم تنتقل مباشرة الى سوق رأس المال العربية الا ان انخفاض اسعار البترول وتأثيره على ميزانيات الدول العربية المصدرة للنفط وبالتالي على السيولة في هذه الدول قد اثر بدوره على اداء اسواق الاسهم في هذه الدول حيث كان الاداء سالبا في معظم دول مجلس التعاون الخليجي خلال الربع الاول من العام الحالي. كما ان اداء الاسواق العربية الاخرى كان ضعيفا بالمقارنة بالعام الماضي. - مازال حجم سوق رأس المال العربية صغيرا نسبيا وما تزال درجة تطور هذه السوق محدودة وخاصة فيما يتعلق بالنشاطات خارج الميزانية مثل المشتقات المالية والمعاملات الآجلة والخيارات. - لا تزال التجارة البينية العربية وحركة رأس المال بين هذه الدول محدودة جدا. وعليه فان امكانية انتقال الازمات المالية في احدى هذه الدول الى الدول المجاورة كما حصل في آسيا هي امكانية ضعيفة على ان ارتباط القطاع المصرفي وخاصة في دول مجلس التعاون هو ارتباط وثيق ولقد ادركت السلطات النقدية في هذه الدول ضرورة تنسيق السياسات النقدية والتشريعات التي تحكم عمل المصارف حيث ان امكانية انتقال العدوى بين المصارف هي اكبر منها بالنسبة للنشاطات الاقتصادية الاخرى. دروس وبالنسبة للدروس والعبر من الازمة الاسيوية اوضح الفايز ان هامشية السوق العربية قد حمت هذه السوق من انتقال عدوى الازمة لها. وينطبق على هذا الوضع القول المأثور (رب ضارة نافعة) ان الدرس الذي يجب ان نستوعبه هنا ليس القبول بانعزال الاسواق المالية العربية عن العالم وانما اعداد هذه الاسواق للمشاركة في عولمة السوق الدولية. ان انفتاح السوق المالية العربية على العالم امر لا مفر منه حيث ان بعض الدول العربية قد انضم الى اتفاقية التجارة الدولية (WTO) كما ان البعض الآخر يحاول الانضمام. اعداد الاسواق واكد ان اعداد السوق المالية العربية للمشاركة في العولمة يتطلب: تقوية القطاع المصرفي حيث ان هنالك تشبعا في السوق المصرفية العربية ويزيد عدد المصارف العربية على حاجة الاقتصاد العربي. كما ان العديد من هذه المصارف صغير الحجم ولا يستطيع المنافسة في سوق مفتوحة. ان مجموع موجودات القطاع المصرفي العربي وكذلك مجموع رأس مال هذا القطاع لا يكاد يعادل رأسمال وموجودات احد البنوك الرئيسية في الدول الصناعية. لابد من تشجيع هذا القطاع على الاندماجات والتكتلات, كذلك لابد من الاصرار على تقوية ميزانيات العديد من المصارف وخاصة مصارف القطاع العام التي تشكل القروض الغير مؤدية قسما كبيرا من موجوداتها. كما يجب الاصرار على شفافية المعلومات التي يقدمها القطاع المصرفي والاستمرار في تعزيز وتقوية التشريعات التي تحكم عمل المصارف. ان الحماية الصحيحة للقطاع المصرفي تكمن في الاصرار على ان تقوم المصارف باعداد نفسها للمنافسة العالمية عن طريق تقوية اداراتها ونظمها ورأسمالها وسياساتها. كما تكمن هذه الحماية باتخاذ القرار الشجاع بالتخلص من المؤسسات الهزيلة في ظروف تستطيع بها السلطات النقدية التحكم بالنتائج قبل ان يضطر السوق في هذه المؤسسات للسقوط في ظروف قد لا تقدر فيها السلطات النقدية على التحكم بالنتائج مما سوف ينعكس سلبيا على القطاع المصرفي بكامله. تطوير السوق لابد من اعداد السوق الرأسمالية للمشاركة التامة في عولمة السوق الدولية. ويكون ذلك في سن التشريعات التي تسمح بانفتاح السوق الرأسمالية العربية على الاسواق العالمية وتتحكم في حركة رأس المال لطريقة تحد من التقلبات المفاجئة. في هذا المجال يجب اعادة النظر في القوانين التي تحكم استثمار رأس المال الاجنبي بهدف تشجيع الاستثمار المباشر وفتح المجال لرأس المال الاجنبي بالمشاركة في مختلف القطاعات الاقتصادية والحد من الاقتراض قصير الاجل. كما يجب سن التشريعات التي تحكم التعام في العديد من الخدمات المصرفية الاستثمارية والنشاطات خارج الميزانية وتعزيز القوانين التي تسمح بتداول اسهم الشركات في البورصات العربية والاصرار على شفافية المعلومات التي تقدمها الشركات. كذلك لابد من تشجيع قيام المؤسسات المتخصصة في خدمة سوق رأس المال. السياسة الاقتصادية شهدت السياسة الاقتصادية لعدد من الدول العربية تطورا ايجابيا خلال السنوات القليلة الماضية. على انه لابد من الاستمرار في اتباع سياسات اقتصادية ومالية توازن بين دخل الدول ومصاريفها - وتقليص الحاجة الى الاقتراض الى ادنى نسبة وترشيد الانفاق الحكومي كذلك لابد من اعادة هيكلة الاقتصاد والاسراع في عملية تخصيص الاقتصاد والذي يكمن بالدرجة الاولى في تحرير الاقتصاد من العديد من العوائق البيروقراطية. لقد بنيت العديد من القوانين التي تحكم الدورة الاقتصادية في عالمنا العربي على ان الاصل في الامور (المنع) ولابد من تغيير هذه النظرة الى ان الاصل في الامور (الاباحة) مالم يكن هنالك سبب جوهري ومنطقي يتطلب المنع. الدرس الاساسي لابد من التركيز على الدرس الاساسي من الازمة الآسيوية وهو ان تواجد الاحتياطي الاجنبي وتواجد السعر الثابت للعملة المحلية مقابل الدولار ليس بالضرورة دليل على صحة الاقتصاد او ضمان لتجنب الازمات. ولابد من التركيز على حركة ميزان المدفوعات الجاري وميزان لحركة رأس المال. لقد برهنت الازمة الآسيوية على ان مستوى الاحتياطي في الاقتصاد المفتوح قد يكون دليلا على مدى اعتماد الاقتصاد على رأس المال الاجنبي الذي اختفى عندما تعرض الاقتصاد لبوادر الازمة. الخوف المفاجيء وكان الدكتور الفايز قد اشار الى ان الدور الذي قام به رأس المال الاجنبي في الازمة المالية لدول آسيا قد جعل العديد من المحللين ينحون باللائمة على عنصر الخوف المفاجيء لتفسير اساسي للازمة وذكر انه من المؤشرات السلبية الاخرى ضعف النمو في صادرات دول الازمة التي نتج عن عاملين اساسيين. اولهما قوة العملات المحلية الناتجة عن حركة رأس المال العالمي والذي بدوره اضعف القوة التنافسية لصادرات هذه الدول, وثانيهما ان العائد على الاستثمارات الجديدة قد بدأ بالتدني نظرا الى اتجاه الاستثمارات الى مجالات اقل جدوى ان لم تكن غير مجدية مثل المضاربات في العقار. العملات المحلية وقد شجع ارتفاع قيم العملات المحلية بالنسبة للدولار بما يعادل 25% وارتفاع الاحتياطي الاجنبي الاعتقاد بعدم احتمال تخفيض قيم هذه العملات ولم يدرك المتعاملون نظرا لعدم الشفافية في المعلومات ان مصدر الزيادة في الاحتياطي قد كان الاقتراض من الخارج عن طريق التسهيلات قصيرة الاجل ولو ادرك المتعاملون في وقته ان هذه القروض تفوق بدرجة كبيرة هذه الاحتياطيات وخاصة في بعض هذه الدول لما كان من السهل ابقاء مراكزهم بالدولار مقابل العملة المحلية بدون تغطية. ويجب التأكيد هنا على ان مستوى الاحتياطي في الاسواق المفتوحة ليس بالضرورة مقياس لمتانة الوضع الاقتصادي كما كان الاعتقاد بالسابق بالنسبة للاقتصاد المغلق. حيث ان هذه الاحتياطيات قد تختفي فجأة اذا كان مصدرها رأس المال الاجنبي قصير الاجل. كما اظهرت الازمة الآسيوية النتائج السلبية لعدد من العناصر ومنها عدم توفر المعلومات وضعف القطاع المصرفي مع تشابك الملكية بين القطاع الصناعي والمصرفي وكذلك تشابك العلاقة بين القطاع المصرفي والحكومات وضعف الضوابط التي تحكم حركة رأس المال الاجنبي. دور الصندوق واشار الفايز الى ان صندوق النقد الدولي تعرض لانتقادات شديدة بسبب طريقة معالجته للازمة وان مجرد ظهور صندوق النقد الدولي على المسرح قد اصبح مؤشرا على درجة خطورة الموقف مثله مثل سيارة الاسعاف, ان ظهور سيارة الاسعاف امام احد المنازل ماهو الا دليل على خطورة وضع المريض وبالتالي فقد زاد الدور الذي لعبه صندوق النقد الدولي من تخوف المقرضين وخاصة في المراحل الاولى للازمة . كما ان خطأ التشخيص للازمة التي تعاني منها اقتصاديات دول الازمة الآسيوية ادى الى محاولة تطبيق نظم اصلاح استعملت في دول تعاني من مشاكل تختلف جوهريا عن المشاكل الآسيوية مما ادى الى التخبط في الحلول الذي اشرت اليها آنفا ويعتقد البعض ان الدور الذي قام به الصندوق قد ادى الى زيادة حدة الازمة في مراحلها الاولى. أبوظبي - مكتب البيان

Email