أجندة جاكرتا الاقتصادية: بقلم - كامل يوسف

ت + ت - الحجم الطبيعي

ايا كان الاتجاه الذي سيمضي فيه الرئيس الاندونيسي الجديد دكتور يوسف حبيبي, فان اجندة المرحلة المقبلة من العمل في جاكرتا ينبغي ان تمر بحشد هائل من الجهود والخطوات الاقتصادية, التي ربما تتوقف عليها التطورات المقبلة لا في اندونيسيا وحدها وانما في ماليزيا وكوريا الجنوبية كذلك . هنا لابد ان تبرز على الفور مجموعة من الحقائق التي تعترض حضورها بقوة سواء في فهم تطورات الاحداث التي شهدها قصر ميرداكا الرئاسي وخروج سوهارتو او في رصد التطورات المحتملة في العاصمة الاندونيسية. ومن المؤكد ان في مقدمة هذه الحقائق مايلي: - لا موضع لانكار ان رصيد المنجزات الاقتصادية التي حققها حكم سوهارتو على امتداد ثلاثة عقود هو رصيد كبير سواء على مستوى البنية الاساسية او الخدمات او اعادة الهيكلة الاقتصادية او اجتذاب رؤوس الاموال الاجنبية او زيادة متوسط الدخل الفردي من دولارات قليلة سنويا الى ما يزيد على 900 دولار. - ان جذر المشكلة التي اطاحت بسوهارتو ويمكن ان تودي بحبيبي اقتصادي في المقام وانه يتفاقم على نحو لابد له من المبادرة بمعالجته بقوة وفعالية سواء أصحب ذلك برنامج للاصلاح السياسي ام لم يصحبه. - ان حبيبي لم يوضح بأي شكل من الاشكال الاتجاه الذي سيأخذه على المسار الاقتصادي بعد ادائه اليمين كرئيس لاندونيسيا, وان كانت طروحاته في السابق تثير قلق دوائر المستثمرين, ويكفي في هذا الصدد ان نعرف انه لدى اختيار سوهارتو له شريكا في القائمة الانتخابية في يناير الماضي هبطت الروبية الاندونيسية الى مستوى بالغ الانخفاض لم تهبط اليه خلال اسبوع التظاهرات الطلابية التي انتهت بخروج سوهارتو من السلطة كما يشير المراقبون الى ان اداءه كوزير للتقنية والعلوم وكمسؤول عن ادارة 10 أهم مشروعات في اندونيسيا كان في مقدمة اسباب الازمة الاندونيسية الراهنة وباختصار فلا يمكن القول بأن الرجل يعد الخيار الاول للمستثمرين في اندونيسيا. - على الرغم من ان حبيبي يتمتع بالشرعية الدستورية وبدعم المؤسسة العسكرية القوية في اندونيسيا الا ان الكثيرين من المراقبين الاقتصاديين يرون انه جزء من الآلية التي ادت الى الازمة الآسيوية وانه من شبه المستحيل تقريبا ان يكون في مقدمة آلية الخروج منها. اذا استقرت في الاذهان هذه المجموعة من الحقائق فإننا ينبغي ان نمضي الى الخطوة المنطقية التالية, فالازمة الاندونيسية تتداخل في حالة من الاشتباك المعقد مع باقي الاطراف الاخرى التي تحلق فوق سمائها سحابة الازمة المالية الآسيوية. والامر لا يقف عند هذا الحد وانما هو يمتد الى التأثيرات العالمية العميقة للازمة في اندونيسيا ومن ثم في آسيا على باقي اقتصادات العالم. هنا يلفت نظرنا التحذير الذي اطلقه آلان جرينسبان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الامريكي من ان الازمة المالية في آسيا لا تزال رغم كل المؤشرات الى العكس على تغلبها ويمكن ان تنتقل الى مناطق اخرى حاملة معها تأثيراتها السلبية. هذا التحذير يمتد ليشمل امكانية الانتقال لا داخل آسيا وحدها من اندونيسيا الى تايلاند وكوريا الجنوبية وربما اليابان وانما الى آفاق ابعد كثيرا قد تشمل امريكا اللاتينية والولايات المتحدة. ربما لهذا على وجه الدقة, فإن العيون ينبغي ان تتركز بقوة على كل المؤشرات التي تشهدها الساحة الاندونيسية وكل تغير اقتصادي يطرأ هناك ينبغي ان يكون موضعا للرصد والمتابعة والتحليل بأقصى قدر ممكن من الدقة, فالكثير يتوقف على المرحلة الراهنة.

Email