تقرير للأمم المتحدة يكشف: 329 مليار دولار إجمالي ديون أفريقيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة ان الديون الخارجية لافريقيا تزيد على 329 مليار دولار, 45% من هذا المبلغ بمصادر ثنائية رسمية و30% لمصادر رسمية متعددة الاطراف و25% لمقرضين تجاريين مشيرا الى ان خدمة هذه الديون تحتاج الى 86.3 مليار دولار سنويا من اجمالي 142.3 مليار دولار هي اجمالي الدخل المتولد من صادرات افريقيا للمانحين والمقرضين التجاريين حيث يمثل هذا المبلغ 60% تقريبا, ومؤكدا ان البلدان الافريقية تدفع سنويا 25.4 مليار دولار سنويا من خدمات اعباء الديون تمثل 17% فقط في حين تترك حوالي 60.9 مليار دولار كمتأخرات متراكمة تضاف الى الدين الاصلي. وقال الامين العام للامم المتحدة في تقرير له اصدره مكتب المنظمة الدولية بالقاهرة تحت عنوان (أسباب النزاع في افريقيا وتعزيز السلام) ان الحاجة تتزايد بشأن اتخاذ اجراءات اضافية في مواجهة التهديدات المستمرة التي تشكلها اعباء الديون الافريقية غير الدائمة على الامن الاقتصادي طويل الاجل حيث دعا عنان المجتمع الدولي الى تخفيف اعباء الديون الافريقية وتشجيع وتعزيز الاصلاحات الاقتصادية بطرق لا تؤدي في المستقبل الى تقويض قدرة افريقيا على جذب الاستثمارات ومؤكدا ان المبادرة التي قدمها المجتمع الدولي بشأن رفع اعباء الديون عن البلدان الافريقية عقب تنفيذها لبرامج اصلاح اقتصادية مقبولة جاءت مخيبة لآمال الجميع لان البلدان الافريقية التي تستوفي جميع الشروط لا تتجاوز اربع دول فقط حاليا. المسؤولية وحمل تقرير الامين العام للامم المتحدة المجتمع الدولي جزءا كبيرا من المسؤولية عن الديون الافريقية حيث كان يجري خلال مرحلة الحرب الباردة الضغط على الحكومات الافريقية لقبول كميات كبيرة من القروض التي لا تحتاج اليها ولا يمكن استخدامها بطريقة منتجة بجانب ربط القروض الثنائية والمتعددة الاطراف بالايدولوجيات السياسية والجغرافية ورحب التقرير بدعوة منظمة الوحدة الافريقية الى ابرام اتفاق دولي لاعضاء الدول الافريقية شديدة الفقر من اصل الديون المتراكمة عليها خلال فترة زمنية قصيرة وذلك للمساعدة في دفع الاصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تجرى في افريقيا حاليا حيث قدم الامين العام للامم المتحدة في سياق تقريره افتراضين يمكن ان يؤدي تطبيقهما الى تخليص الدول الافريقية من مصيدة الديون المتراكمة فقد دعا الدول الدائنة الى تحويل ديونها لدى الدول الافريقية الفقيرة الى هبات لا تسترد كما دعا المؤسسات المالية الدولية الى تيسير حصول البلدان الافريقية على تسهيلات مالية وامدادها بالموارد الكافية لتمكينها من تحقيق معدل نمو اقتصادي مطرد. واوضح التقرير ان المشكلات الاقتصادية المزمنة التي تعاني منها القارة الافريقية يمكن ان يتم معالجتها بشكل مرحلي من خلال فتح الاسواق الدولية بوجه عام واسواق البلدان المتقدمة بوجه خاص امام المنتجات الافريقية وحث الدول الافريقية الى تنويع صادراتها وتخصيص انتاج بعض السلع للتصدير وتفعيل القدرة التنافسية للصناعات الافريقية وتطوير انتاج السلع الصناعية القائمة على الزراعة وكذلك الملابس والمنسوجات وتحسين التعاون الاقليمي بين الاقطار الافريقية من ناحية وبين دول الجنوب الفقيرة من ناحية اخرى لمواجهة اطماع الشمال الغني بالاضافة الى اهمية ادراج قضية ازالة الحواجز التجارية الموجودة امام المنتجات الافريقية على جدول اعمال الاجتماع المقبل لمجموعة الدول الصناعية الكبرى. الآثار المحتملة وطالب التقرير المجتمع الدولي بان يزن الامور بموازين العقل والمنطق وخاصة فيما يتعلق بالآثار المحتملة لخفض التعريفة الجمركية على ايرادات الميزانية الافريقية وحالات العجز المالي وعدم الاستقرار الاقتصادي والمبالغ المرصودة لخدمة اعباء الديون مشيرا الى اهمية تقديم المساعدات المالية لدعم الدول الافريقية في استمرارها في عمليات خفض التعريفة الجمركية والاصلاحات التي شرعت في القيام بها بالاضافة الى الحاجة الافريقية المتزايدة الى مواجهة حواجز غير جمركية جديدة مثل المعايير البيئية والصحية والعمالية الجديدة ومعايير نظم الجودة الشاملة وازالة القيود المحلية التي تحد من قدرة الاقطار الافريقية على الاستفادة من الفرص المتاحة من خلال اتفاقية اورجواي وتعزيز قدرة الصناعات الافريقية على المنافسة. ثلاثة مجالات وحدد التقرير المطلوب من البلدان الافريقية والمجتمع الدولي لدفع عمليات التنمية وبناء قاعدة راسخة لازدهار الاقتصاد الافريقي فبالنسبة للدول الافريقية طالب التقرير بضرورة توافر الارادة السياسية وتحويل العبارات الانشائية الطنانة الى واقع ملموس لانه بدون وجود ارادة قوية لن يكون هناك اية فرصة للنجاح حيث ذكر التقرير ثلاثة مجالات تستحق الاهتمام بشكل خاص. الاول هو ضرورة ظهور الارادة الافريقية اللازمة للاعتمادات على الاستجابات السياسية لحل المشكلات وليست الاستجابات العسكرية وحماية القنوات الديمقراطية للسعي وراء المصالح المشروعة والتعبير عن الاختلافات واحترام المعارضة السياسية وضمان وجود مكان لها في نصوص الدستور. والثاني هو ان تستجمع الدول الافريقية الارادة اللازمة لتطبيق مبدأ الحكم الرشيد الذي يحترم حقوق الانسان وسيادة القانون وتدعيم التحول الديمقراطي وتعزيز الشفافية والقدرات في مجال الادارة العامة. اما المجال الثالث فينحصر في ضرورة شروع الاقطار الافريقية في تنفيذ الاصلاحات اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي مع الالتزام بهذه الاصلاحات لان النجاح طويل الاجل يحتاج الى امتلاك الحكومات الافريقية للارادة السياسية اللازمة لوضع سياسات اقتصادية سليمة والمثابرة في تنفيذها لحين انشاء قاعدة اقتصادية راسخة. وحول ماهو مطلوب من المجتمع الدولي تجاه افريقيا طالب التقرير بأهمية استجماع المجتمع الدولي للارادة السياسية اللازمة للتدخل في الحالات التي يمكن ان يؤثر فيها بشكل ايجابي والاستثمار الجاد في المجالات التي تحتاج الى موارد وتوفير مصادر جديدة للتمويل وتحسين استخدام وكفاءة الموارد المتاحة واتخاذ تدابير حاسمة بشأن التجارة والديون ودعا التقرير مجلس الامن الدولي الى معاودة الاجتماع على المستوى الوزاري مرة كل سنتين لتقييم الجهود التي يتم اتخاذها حيال المشكلات الافريقية وانعقاد المجلس على مستوى القمة خلال خمس سنوات لهذا الغرض. وذكر التقرير ان القارة الافريقية شهدت منذ عام 1970 وحتى الآن 30 حربا مدمرة كان معظمها حروبا اهلية وشهد عام 1996 وحدة نشوب نزاعات مسجلة داخل 14 دولة افريقية اسفرت عن تشريد ثمانية ملايين شخص مشيرا الى ان القادة الافارقة والمجتمع الدولي والامم المتحدة قد اشتركوا جميعا في خذل الشعوب الافريقية من خلال عدم نجاحهم في تفادي المآسي الانسانية الفظيعة التي نجمت عن الحروب. خلافات وحصر التقرير اسباب تعدد النزاعات داخل القارة الافريقية في تركة الخلافات الموروثة منذ الاستعمار والتي سعت القوى الاستعمارية على اختلاف جنسياتها الى زرع بذور الخلاف بين الاقطار الافريقية وبين فئات الشعب الافريقي الواحد لضمان الحفاظ على وجودها بدون عناء حيث تعتبر عملية الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها احد اهم مصادر النزاع لان الفائز دائما في النزاع على السلطة كان يحصل على كل شيء ونظرا لعدم وجود مساءلة كافية للقادة فان الشفافية كانت معدومة بجانب عدم سيادة القانون وانعدام الوسائل السلمية لتغيير القادة او استبدالهم. كما كانت العوامل الخارجية احد اسباب استمرار التوتر والنزاع في افريقيا لان الدولتين العظميين اثناء الحرب الباردة كانتا تلعبان دورا كبيرا في تدعيم سلطة بعض الحكومات او تقويضها حسب مصالحها كما تسببت بعض الدوافع الاقتصادية في اشعال فتيل النزاعات داخل افريقيا لان هناك بعض الفئات كانت تستفيد من الفوضى والخراب الذي تحدثه الحروب ويأتي على رأس هذه الفئات سماسرة وتجار الاسلحة الدوليون وبعض الطامعين في الثروات الافريقية من الماس والمعادن والثروات الطبيعية الاخرى. وذكر التقرير بعض الحالات الخاصة التي تسببت في حدوث النزاعات الافريقية منها الصراع على الارض وموارد المياه الشحيحة في مناطق ذات كثافة سكانية كما حدث في رواندا وبورندي وافريقيا الوسطى. القاهرة ـ محمد عبدالجواد

Email