اتحاد اقتصادي يحل محل الاتحاد السوفييتي: بقلم - د. مغازي البدراوي

ت + ت - الحجم الطبيعي

حدث بسيط في شكله وقوي وهام في مضمونه هذا الذي وقع في اواخر شهر ابريل في قصر الكريملين في موسكو حيث التقى زعماء أربع جمهوريات من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق وهم: روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان وقرغيزستان في اطار ما يسمى (مجلس دول الاتحاد الجمركي) وهي المنظمة التي تلقى اهتماما وان كان غير ملحوظ من دوائر كثيرة وخاصة في الغرب وواشنطن بالتحديد. ورغم انه في اليوم التالي لهذا الاجتماع وفي الكريملين ايضا انعقد الاجتماع السنوي لزعماء دول الكومنولث أو ما يسمى (رابطة الدول المستقلة) والذي يضم احدى عشرة دولة من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق إلا انه لم يسفر عن اية نتائج ايجابية, وحتى لم يصدر عنه بيان ختامي رسمي, ولم تهتم الدوائر الغربية بلقاء زعماء رابطة الدول المستقلة بينما اعطوا اهتماما ملحوظا للقاء (مجلس دول الاتحاد الجمركي) هذه المنظمة الاقتصادية التي تأسست منذ عامين بالتحديد الا انها تخطو خطوات ثابتة وتحقق نتائج ايجابية وفعالة جعلت بعض المراقبين الدوليين وخاصة في واشنطن يقولون عنها انها نواة لاتحاد اقتصادي قوي سوف يتسع ليشمل اراضي الاتحاد السوفييتي السابق, وتأتي أهمية هذا الاجتماع بالتحديد حيث ينضم للاتحاد الرباعي دولة جديدة هي (طاجكستان) ليصبح اتحادا خماسيا. ولم تخف الدوائر الغربية قلقها من هذا التطور وكتبت بعض الصحف الامريكية تحذر من توغل موسكو اقتصاديا في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق, وتحذر من ان الاتحاد الجمركي هذا سوف ينمو ويتسع ليضم باقي الجمهوريات, وسوف تكون لروسيا السيادة فيه, ولن يستطيع احد ان يزحزحها عن هذا خاصة وانها تسعى لربط هذه الجمهوريات بها اقتصاديا والغاء الحواجز الجمركية بينها وبينهم والسماح للسلع والمنتجات من هذه الجمهوريات بدخول السوق الروسية بلا اي قيود أو شروط مثلما كان قائما في زمن الاتحاد السوفييتي, وهذه الجمهوريات بلاشك في امس الحاجة للسوق الروسية الكبيرة والقريبة منها, وكذلك في حاجة إلى السلع والمنتجات الروسية وخاصة المواد الخام ومواد الطاقة من النفط والغاز, إلى جانب حاجتها للتكنولوجيا الحديثة والخبرة العلمية التي سوف توفرها لها روسيا دون قيود أو شروط في اطار التحالف من خلال الاتحاد الجمركي, وتحرص روسيا بشكل ملحوظ داخل هذا الاتحاد على عدم املاء شروط أو قيود أو طرح مسائل تتعلق بالاستراتيجية والسياسة الدولية, وان كان كما يعتقد البعض ان هذه الامور كلها سوف تأتي في وقتها في المستقبل بعد ان ترتبط المصالح الاقتصادية لهذه البلاد بمصالح روسيا ارتباطا وثيقا. ومن علامات نجاح هذا الاتحاد الاقتصادي الجمركي, بخلاف انضمام طاجيكستان اليه, ان رئيس كازاخستان, وهي ثاني اكبر واغنى دولة في الاتحاد بعد روسيا حتى الان, طالب بعقد اتفاقية في اطار الاتحاد لاقامة كيان اقتصادي موحد, ودعا الرئيس (نور سلطان نزاربايف) إلى التعجيل في وضع وثيقة التكامل الاقتصادي القائم على تبادل المنفعة بين الدول الخمس أعضاء الاتحاد الجمركي. وصرح رئيس (بيلوروسيا) الكسندر لوكاشنكا بأن هذا الاتحاد سوف يعيد التقارب الذي كان موجودا بين مواطني هذه الجمهوريات من زمن الاتحاد السوفييتي السابق, وصرح رئيس طاجيكستان (علي امام رحمانوف) انه قرر انضمام بلاده للاتحاد بعد ان لمس جوانب نجاحه ونتائجه الايجابية وقدرته على تعميق التعاون والتكامل بين اطرافه. وأعرب الرئيس الروسي يلتسين عن سعادته بنجاح وتقدم الاتحاد الجمركي وقال أن هذا الاتحاد سوف يكون له شأن عظيم في المستقبل وانه يأمل ان تنضم إليه كل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.

Email