الشراكة المصرية الأمريكية... الواقع والطموحات: واشنطن تستهدف الانطلاق الى الأسواق الافريقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من الزوابع التي هبت على العلاقات المصرية الامريكية في الفترة الاخيرة, الا ان المسار الاقتصادي بين البلدين يحاول تثبيت وسائله... حيث انتهت اجتماعات لجنة المشاركة المصرية الامريكية في واشنطن التي شارك فيها أربعة وزراء مصريين ومحافظ البنك المركزي, والتي تأتي في اطار اهتمام الولايات المتحدة الامريكية, بتنشيط علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع مصر والدخول كشريك في عملية التنمية الاقتصادية التي تم على اثرها اعلان جور ـ مبارك في سبتمبر 1994. حملت اللجنة المصرية مقترحات كانت تستهدف انجازها, ابرزها انشاء منطقة التجارة الحرة بين البلدين ومحاولات زيادة فرص التصدير المصرية الى الاسواق الامريكية وتطوير الموانىء. وحسب ما قاله الدكتور احمد جويلي وزير التموين والتجارة لـ (البيان) فان المباحثات بين الجانبين حققت نجاحا على بعض الاصعدة اهمها زيادة نسبة السلع المصرية المسموح باعفائها من الجمارك الى 7% بدلا من 4% والاتفاق على تطوير نظام الافضلية الممنوحة لمصر باضافة سلع جديدة... وقال جويلي: ان المباحثات شملت تشجيع الاستثمار في مجال الكمبيوتر وتخفيض الجمارك عليها الى 5%. وبرغم تصريحات الوزير الا ان ما تم التوصل اليه من زيادة نسبة السلع المصرية المسموح باعفائها لن يحقق المستهدف لزيادة الصادرات المصرية الى السوق الامريكية حيث لم تزد قيمة الصادرات خلال عام 97 عن 700 مليون دولار وهو مستوى التصدير نفسه للعام السابق باستثناء الصادرات المصرية من السلع غير البترولية التي حققت خلال العام نفسه زيادة بلغت 27% الامر الذي امكن معه احتواء اثر الانخفاض الشديد في قيمة صادرات البترول ومنتجاته الذي بلغ حوالي 58% والذي يعود جزء منه الى انخفاض اسعار البترول عالميا. في المقابل بلغ حجم الواردات المصرية من الولايات المتحدة في العام الماضي حوالي 3.8 مليارات دولار بزيادة 22.6% عن العام السابق له ليبلغ حجم التجارة بين البلدين حوالي 4.5 مليارات دولار بزيادة نسبتها 18.5% لتمثل الولايات المتحدة مصدرا رئيسيا لتوفير احتياجات مصر من السلع الرأسمالية والاستثمارية اللازمة لعملية التنمية. وكانت الولايات المتحدة قد استهدفت من خلال الشراكة فتح السوق المصرية امام السلع الامريكية, وايجاد افضل مناخ للاستثمارات الامريكية للتوطن في مصر للانطلاق الى التصدير للدول العربية وافريقيا بقدرة تنافسية عالية مستمدة من التكنولوجيا الامريكية المتطورة والعمالة المصرية المخفضة الاجر نسبيا وموقع مصر في قلب الاسواق العربية والاوروبية والافريقية... في المقابل تريد مصر من امريكا تجارة عادلة فالعجز التجاري المصري مع امريكا يمثل نسبة ضخمة فضلا عن الحواجز الكمية للسلع التي تعرقل تدفق الصادرات المصرية التي تملك مصر فيها ميزات نسبية مثل المنسوجات والملابس الجاهزة الى السوق الامريكية... دراهم ما حرصت عليه مصر هو ضمان حكومي امريكي للاستثمارات الامريكية في مصر وازالة كل القيود التي تعوق نقل التكنولوجيا الحديثة اليها... الا ان اقدام الشركات الامريكية على الاستثمار في مصر ما زال متباطئا واقل تعثرا فمعظم المشروعات التي وفدت الى مصر مؤخرا قد اتجهت الى مجالات غير انتاجية مثل الآيس كريم, الهامبورجر, البيتزا, ماكدونالد مما يجعل الحديث عن نقل التكنولوجيا الامريكية الى مصر امرا يبعد عن المصداقية فضلا عن ان حجم الاستثمارات الامريكية في مصر لم يصل الى ملياري دولار. الشراكة استهدفت الشراكة دعم القطاع الخاص ومجتمع رجال الاعمال في مصر والولايات المتحدة وتعزيز التعاون بينهما وهو ما تبلور في انشاء المجلس الرئاسي المصري الامريكي الذي تتحدد مهمته في توضيح مجالات الفرص التجارية والاقتصادية وتحديد العوائق القائمة حتى يمكن تذليلها ويضم المجلس 15 عضوا منتخبا عن الجانب المصري, و15 عضوا عن الجانب الامريكي وتقدم اللجان تقريرها الى الرئيس حسني مبارك والى الرئيس الامريكي ونائبه وقد ساهم اعضاء المجلس في الفترة من عام 95 ـ 97 في دفع عجلة الاقتصاد المصري وتحسين المناخ الاستثماري من خلال متابعة زيادة حجم الاستثمارات الامريكية في مصر ووضع تصور كامل لزيادة الصادرات المصرية الى السوق الامريكية. وساهم اعضاء المجلس بعدد ثلاثة عشر مشروعا للاستثمار في مصر, وانشاء منطقة تجارة حرة شمال خليج السويس على نسق هونج كونج وسنغافورة على ان يقوم القطاع الخاص بتنفيذ البنية الاساسية اللازمة لهذا المشروع برأسمال مليار دولار وتقوم الحكومة المصرية حاليا بدراسته. وكان المجلس قد بدأ في عام 96 في تحديد ثلاثة برامج تضم ثلاثين مشروعا تتكلف 150 مليون دولار يتولى القطاع الخاص في مصر والولايات المتحدة تنفيذها بالتعاون مع الجمعيات الاهلية. أربع لجان بجانب المجلس الرئاسي تم تكوين أربع لجان فرعية من بينها لجنة للسياسات الاقتصادية والتجارية والاستثمار والتمويل يرأسها وزير المالية د. محيي الدين الغريب وعضوية وزيري التجارة والاقتصاد وتعمل اللجنة بالتعاون مع الجانب الامريكي على تدعيم سياسات الاصلاح الاقتصادي حيث تطور من السياسة النقدية للبنك المركزي وتحسين استراتيجية ادارة الدين المحلي وقامت بتوقيع مذكرة تفاهم بين هيئة سوق المال في كل من مصر والولايات المتحدة في عام 96 ويتم بمقتضاها تبادل المعلومات والخبراء الاستشاريين والمعرفة الفنية وتشجيع الاستثمار الاجنبي في سوق المال المصري, ويقوم الجانب الامريكي بالتعاون مع البنك المركزي لاعداد قادة من المصرفيين في مصر وهناك برامج تدريبية لنحو 50 مشاركا من الولايات المتحدة كما تناقش اللجنة بالتنسيق مع الجانب الامريكي حول قضية حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع في مجالات الكمبيوتر وذلك لتوفير التمويل اللازم لتدريب كوادر لمتابعة وضبط اي مخالفات في هذا المجال. نقل التكنولوجيا وتعمل اللجنة الفرعية الثانية لنقل التكنولوجيا على تحسين مستوى المنتجات المصرية والوصول الى شهادة الايزو 9000 وامداد اتحاد الصناعات المصرية بالمساعدات الفنية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن طريق تحديث مراكز التكنولوجيا وربطها بمراكز التكنولوجيا في الولايات المتحدة حيث تم توقيع خطاب نوايا خاص باقامة علاقات تأخي بين معهد المعايرة المصري ومعهد المعايرة الامريكي لتحديث مستوى الجودة في الانتاج ليضاهي الانتاج الدولي واتفق الجانبان على تقديم منحة تدريبية بـ 50 الف دولار تقدم الى الفائزين من الباحثين المصريين والامريكيين في مجالات بحثية يتفق عليها الجانبان وقام الجانب الامريكي بانشاء مركزين للتطوير التكنولوجي بالقاهرة والاسكندرية وتم تمويلهما بـ 20 مليون دولار ويعدان بمثابة بيوت خبرة امريكية لتقديم النصائح والخبرة للمنتجين المصريين, هذا بجانب اللجنة الثالثة للبيئة والتنمية المستدامة في مجال السياحة البيئية وفي مجال مكافحة التلوث في القاهرة الكبرى حيث بدأ العمل في ترميم اربعة مواقع اثرية في دير سان انطونيو, ودير القديس بولس, القلعة الاسلامية في الاقصر ثم الاعداد لمشروع ترميم مواقع الفسيفساء الاثرية في مصر بجانب سبل تنمية ساحل البحر الاحمر فضلا عن اعداد خطة لتنمية بحيرة ناصر كما وافقت اللجنة على بحث مقترح لتحويل سيارات الاجرة الى استخدام الغاز الطبيعي باعتماد ما قيمته 40 مليون جنيه بفائدة قدرها 5% كمنح وقروض تقدم الى مالكي عشرة آلاف سيارة اجرة, 15 الف سيارة ميكروباس لتحويلها للغاز الطبيعي للحد من التلوث الصادر عن عادم السيارات بجانب عقد ورش العمل للتوعية البيئية. كانت التعريفة الجمركية احد المطالب التي طرحت على مائدة المفاوضات حيث اشار الجانب الامريكي الى ان متوسط التعريفة الجمركية في مصر الآن يصل لحوالي 30% وهي نسبة تفوق بدرجة كبيرة دول اسيا التي يتراوح مستوى التعريفات فيها الى ما بين 4% , 9% وقد اكد الجانب المصري وفقا لتصريح وزير المالية محيي الدين الغريب ان الحكومة المصرية تسير قدما في خفض التعريفات الجمركية وانه يتم حاليا وضع خطة للاصلاح الجمركي حتى يتواكب مع متطلبات السوق العالمية مشيرا الى ان مصر خفضت التعريفة على الواردات من الكمبيوتر والبرمجيات من 30% الى 5% حرصا على استفادة مصر من التقنية الحديثة في مجالات التعليم. وتضمنت المفاوضات ايضا تحديث الموانىء حيث يتم حاليا تطوير خدمات الموانىء وتحسين البيئة الاساسية ودعم مشاركة القطاع الخاص وخصخصة بعض الشركات التي تعمل في هذا المجال وصرح اللواء هاني حسن مستشار وزير المواصلات بانه لا قيود حاليا على ملكية السفن والتخزين واصلاح وانشاء السفن وخدمات الشحن بعد ان سبق ورفض مشروع تقدمت به هيئة المعونة الامريكية يتضمن خطة التطوير ويتضمن ان تقوم احدى الشركات الاجنبية بادارة الموانىء المصرية واعتبر ذلك وقتها تعديا وتشكيكا في الادارة المصرية والآن يتم تنفيذه في اطار الشراكة المصرية الامريكية وشملت المفاوضات حماية حقوق الملكية الفكرية وتقوم مصر حاليا بجميع الاجراءات التي من شأنها حماية حقوق الملكية الفكرية بالنسبة للسينما وصناعة البرمجيات باستثناء صناعة الدواء التي يحرص الجانب المصري على اجراء دراسات جيدة بشأنها لحساسية هذه الصناعة حيث يطالب الجانب الامريكي بالوصول لتسوية معينة قبل انتهاء فترة الــ 10 سنوات سماح حتى يمكن تحفيز الشركات العالمية التي ستتجه الى الدول الاخرى التي ستقوم بتحرير هذه الصناعة قبل انشاء فترة السماح. القاهرة ـ مكتب البيان

Email