في محاضرة نظمتها (البيان) بعنوان المكانة الاقتصادية للمناطق الحرة ـ دراسة مقارنة (2)، الدعوة لتعظيم الاستفادة من خبرات الشركات القائمة بالمنطقة الحرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في اطار طرحها للقضايا المهمة والاستراتيجية الاكثر الحاحا للبحث والنقاش بهدف اثراء الحياة الاقتصادية والاجتماعية بدبي والدولة بشكل عام, نظمت (البيان) الاربعاء الماضي محاضرة للدكتور محمد احمد الزرعوني مدير الشؤون الادارية والبحوث بادارة المنطقة الحرة في مطار دبي الدولي حول (المكانة الاقتصادية للمناطق الحرة ـ دراسة مقارنة) . تعرض الباحث في محاضرته للمناطق الحرة تاريخيا وانواعها واهميتها الاقتصادية في التنمية وتحريك عجلة التجارة وخلق فرص عمل ودورها في اعمار المناطق غير الآهلة بالسكان, ثم عقد المحاضر مقارنة بالارقام بين المنطقة الحرة لجبل علي والمناطق الحرة في كل من (تايوان) و (كوريا) منتهيا الى اهمية جبل علي كنقطة تنمية فريدة حققت نجاحات على المستويات التجارية والخدمية والصناعية. ونواصل اليوم نشر تفاصيل ما عرضه د. الزرعوني. جبل علي ويتعرض الدكتور محمد الزرعوني للمنطقة الحرة بجبل علي قائلا ان اجري بحث مع 83 شركة وطرحت سؤالا في الاستبيان هل الشركات جلبت تكنولوجيا الى المنطقة ذكرت 24 شركة لم تجلب تكنولوجيا 17 منها تعمل في مجال التكنولوجيا و7 في مجال التجارة. ومن الشركات السبعة عشر تأكدت من جلب شركتين مكائن وصناعات الى المنطقة الحرة... ووجدت ان شركات تعمل في مجال التجميع ووجدت ان اغلب الشركات (12 شركة وطنية) و4 شركات هندية وباكستانية, وشركة واحدة اوروبية, ضمن شركات التجميع تستخدم تكنولوجيا وشركة واحدة تعمل في مجال الكمبيوتر واستنتجت ان 20% في مجال التجميع و80% تجارة وخدمات. وقال اذا انتقلت للهدف الثاني تدريب الايدي العاملة الوطنية ففي الحقيقة نجد 1250 شركة لا يوجد مواطن واحد فيها... ولهذا يجب ان نكون دقيقين معها خاصة ان الانتفاع متبادل. واشار الى ان بعض الشركات بدأت تخرج من جبل علي وهذا لا يؤثر على الوضع الاقتصادي, فهي ذهبت لمناطق اخرى وذلك بسبب ارتفاع اسعار الايجارات. وهذا يحدث في اية منطقة في العالم. وبالنسبة لتايوان هناك 66 الف عامل يعملون في المنطقة الحرة, وكان العدد 107 آلاف عامل ولكن نظرا للتطور التقني انخفض العدد. ووفقا للارقام المقارنة نجد في جبل علي 1250 شركة وعدد العمال 45 الف عامل وفي تايوان 238 شركة وعمالها 66 الف عامل وفي (ميسان) بكوريا نجد 76 الف شركة ويعمل بها 13 الف عامل وبتحليل هذه الارقام ــ حسبما يقول د. الزرعوني سنجد الفرق واضح بين جبل علي وتايوان, ولكن العمالة الوطنية في تايوان وكوريا ولكن في جبل علي ايدي عاملة اجنبية... ومن الصعب وفي الوقت الحاضر ان تكون هناك فرص عمل بايدي عاملة وطنية, ولكن اذا جلسنا مع الشركات وناقشنا معهم وذلك بناء على تجربة امكانية الاستعانة بالمواطنين فكان رد الشركات ليس هناك مانع وطلبوا تحديد نسبة, ولكن رفضنا تحديد نسبة... وقلنا للشركات ان الاستفادة من المواطن اسرع في التحرك... بعكس غير المواطن الذي يحتاج لتأشيرة عمل وهناك جنسيات عليها مشاكل. واضاف منذ ايام طلبت شركة الاستعانة بمواطن للعمل بالشركة... وعرضت عليهم الراتب الذي يحصل عليه المواطن سواء متزوج او غير متزوج وتم توضيح الصورة بأن المرتب في حدود 12 الف درهم ولم تعترض الشركة. واكد الزرعوني على ان الشركات الكبرى لا تظن الى قضية الراتب فهناك موظفين ومدراء لديها من العرب يتقاضون رواتب تتراوح بين 20 الفا و80 الفا و 120 الف درهم فمدير شركة (اي. بي. ام) و(ريكو) و(دل) هم عرب . وهذا يؤكد وجود امكانية لتوظيف المواطنين في المنطقة الحرة, ولكن المسألة ستحتاج الى وقت. وطرح د. الزرعوني السؤال هل المنطقة الحرة جربت تلك الفكرة... خاصة ان هناك 1250 شركة في جبل ليس فيها مواطن واحد ولم تستفد من خيراتها بالنسبة للمواطنين تثير علاقة استفهام كبيرة؟ (شانون) وعن (شانون) قال انه عندما بدأ التفكير في اقامة منطقة حرة ثم التفكير في انشاء جامعة قريبة, لتزويد المنطقة الحرة بالايدي العاملة, فمجرد حصول الطالب على الثانوية العامة يحددون رغبة الطالب في العمل بأي شركة... ثم يتخصص بعد ذلك في مجاله ويقوم بالتدريب في الشركة لمدة تسعة اشهر مقابل راتب وبعد ذلك يحصل على الشهادة ويلتحق بالشركة. ويطرح السؤال نفسه هل هذا النظام مطبق عندنا... وهل هذا مطبق في الدول العربية رغم وجود جامعات بالدول العربية متخصصة. تايوان وعن تايوان يقول د. الزرعوني يوجد ادارة مختصة بالنسبة لجلب التكنولوجيا والخبراء وتم جلب 73 خبيرا فنيا من دول العالم المختلفة و3 آلاف اداري وبعد فترة من الزمن تم الاستفادة منهم وحل محلهم العنصر المواطن... وهذا يمثل استثمارا صحيحا للمناطق الحرة في تنمية الموارد البشرية. واضاف في ماليزيا بان عددا كبيرا من الشركات الامريكية التي جاءت للمناطق الحرة ارسلت ماليزيين الى امريكا للتدريب في الشركات الام وعادوا بعد ذلك للعمل بالمنطقة الحرة. وهناك عنصر آخر يتعلق بالايدي العاملة, فما زالت المناطق الحرة بالعالم نسبة العنصر الرجالي اقل من العنصر النسائي, ما عدا جبل علي فالعكس هو القائم وقال ان هذا يرجع الى ان النشاط الاكبر هو الالكترونيات والملابس الجاهزة والكمبيوتر ويقال ان السبب ان النساء ادق في وضع الاشياء والمكونات في وضعها الصحيح. ويقول الباحث ان هذا ليس السبب الرئيسي ولكن لان النساء ايدي عاملة رخيصة وتبلغ نسبة النساء بالمنطقة الحرة لجبل علي 33% وماليزيا 85% وكوريا 74% والمكسيك 77%. واوضح د. الزرعوني ان نتائج دراسته كانت عام 1994 وربما لا تختلف كثيرا عن الوضع الحالي حيث اجريت على 83 شركة تعمل بجبل علي وكانت النتائج كالتالي ان قيمة استخدام المواد الخام بلغ 77.7 مليون دولار في 40 شركة من اجمالي 83 شركة والاجور بلغت 52.5 مليون دولار, وكلها لغير المواطنين اما بالنسبة لاستخدام المعدات فأجابت على السؤال 58 شركة و25 شركة لم تجيب وبلغ مجموع قيمة المعدات 8 ملايين و92 الف دولار وبالنسبة للايجارات فأجابت 65 شركة وبلغت قيمة الايجارات 3 ملايين و778 الف دولار وقيمة والوقود 3 ملايين و539 الف دولار وتكاليف التراخيص 193 الف دولار والمدفوعات الاخرى بلغت مليون و860 الف دولار. ويصل مجموع تلك التكاليف والمشتروات حوالي 147 مليونا و666 الف دولار ولكن الغريب ان شركة واحدة تشتري 51 مليون من المجموع الكلي. المشتروات المحلية واضاف ان نتائج الدراسة حول مشتريات الشركات من السوق المحلية بلغت 77 مليونا و723 الف دولار منها بترول بقيمة 52 مليونا و35 الف دولار والتغليف ثلاثة ملايين و344 الف دولار والمواد الغذائية مليونين و112 الف دولار. التكامل الاقتصادي ويستنتج الباحث ان العلاقة بين المنطقة الحرة خاصة بالامارات والسوق المحلية ليست قوية جدا, حيث 6% فقط من مستلزمات الانتاج من السوق المحلي و94% من مستورده. ويوضح الباحث ان 34 شركة تستثمر 161.5 مليون دولار تشتري من السوق المحلية بقيمة 14.8 مليون دولار وتستورد من الخارج 129.2 مليون دولار وذلك لعدم وجود مستلزمات انتاج محلية. تلبي حاجة المصانع ولعدم وجود مصانع محلية تغذي المناطق الحرة باحتياجاتها من السلع الوسيطة ويؤكد الباحث ضرورة خلق مناخ من التكامل والتعاون الاقتصادي والصناعي بين الشركات المحلية والشركات الصناعية بالمنطقة الحرة. مشيرا الى ان هذا الاتجاه نجحت فيه بعض دول جنوب شرق آسيا... وذلك بانشاء مصانع تمول الشركات الكبرى بمستلزماتها والسلع الوسيطة, والغريب ايضا ان تمويل الشركات الصغيرة يتم من الشركات الكبرى وبأيدي عاملة وطنية وهناك تكامل بين الداخل والخارج. واضاف بشكل عام حتى نكون واقعيين فان التكامل الاقتصادي والعلاقة بين الداخل والخارج ليس بالقدر الكافي من دولة الى اخرى. ففي ماليزيا 95% من المستلزمات يأتي من الخارج لان النشاط الرئيسي في الالكترونيات وتايوان الوضع يختلف فحوالي 25% من المستلزمات يأتي من السوق المحلية وفي كوريا اكثر من ذلك حيث ان بها اقوى المناطق الحرة في التكامل مع السوق المحلي. جذب رأس المال ويؤكد د. محمد الزرعوني ان نقطة جذب الاستثمارات من الخارج اهم مافي البحث, فكثيرا نتحدث عن حجم الاستثمار في المناطق الحرة بالارقام ولكن السؤال هل نحن مستفيدين من هذا الاستثمار؟ فالارباح يتم تحويلها للخارج... ولتوضيح هذا الرقم فقد اجريت بحثا عن 34 شركة من الشركات الصناعية للوقوف على القيمة المضافة فاستثماراتها 161.5مليون دولار والرواتب المدفوعة 14.8 مليونا والمواد المستوردة 129.2 مليون دولار والمشترى من السوق المحلي 14.7 مليون دولار... وتصرف على الخدمات 6.6 ملايين وتصدر للخارج 228.2 مليون دولار والمصدر للسوق المحلية 147.9 مليون دولار. واضاف ان القيمة المضافة في النهاية 36.1 مليون دولار, وهي ليست عالية جدا فهي تمثل حوالي 18%, رغم اضافة الرواتب التي تذهب الى غير المواطنين وباستبعادها ستصل نسبة القيمة المضافة 9% والمطلوب ان تصل الى 35% و40% ويتضح ان الشركات الصناعية هي الاكثر انفاقا محليا بنسبة 25% ثم الشركات التجارية 24% والخدمات تنفق 70% لان نظامها الاقتصادي وطبيعة عملها مختلف. الاستثمار والجنسيات ويوضح الباحث انه ومن خلال بحثه الميداني في المنطقة الحرة بجبل علي تبين ان نسبة الشركات الوطنية المستثمرة توازي 44% والشركات الهندية والباكستانية 22% و 18% للدول المتقدمة صناعيا. وبمقارنة ذلك مع المناطق الحرة بالدول الاخرى فان اجمالي الاستثمارات في جبل علي اربعة مليارات دولار وفي تايوان ثلاثة مليارات و 185 مليون دولار, وفي كوريا 900 مليون دولار .. اما بالنسبة لعدد الشركات فهي 1250 شركة في جبل علي و 238 شركة في تايوان و 76 شركة في كوريا ... ولكن الشركات القائمة في تايوان وكوريا هي شركات ضخمة جدا فالعبرة ليست بالعدد هنا. وتحدد الارقام ان معدلات الاستثمار في الشركات ثلاثة ملايين دولار بجبل علي و 13 مليونا في تايوان و11 مليونا في كوريا. وقال انه حسب الاستثمار حسب الجنسيات في المنطقة الحرة (ميسان في كوريا) تجد ان 24% شركات كورية واليابانية 72% والباقي 4%. وفي تايوان يتضح ان الشركات اليابانية 44% والتايوانية 28% والاوروبية 6% والامريكية 7% والباقي جنسيات اخرى. ويعقد الباحث مقارنة بين المناطق الحرة الثلاث (جبل علي وتايوان وكوريا) من حيث نوعية المشروعات ويخرج بنتيجة ان الخدمات تمثل 3% والتجارية 35% والصناعية 62% بالنسبة لجبل علي , اما بالنسبة لتايوان فهي 0.2% للخدمات و 0.2% للتجارة و 99.8% للصناعة ... وفي كوريا 99% للصناعة. اما بالنسبة للمساحة فهي 58 الف كيلو متر في جبل علي وكيلو مترين للمنطقة الحرة في تايوان و 1.2 كيلو متر بالنسبة لكوريا, وتلك الدول تعتمد على التوسع الرأسي. وقال د. الزرعوني ان 37 كيلو مترا مربعا مساحة جبل علي للايجار وبالنسبة لتايوان 1.5 كيلو متر مربع وفي كوريا كيلو متر واحد للايجار . الخدمات المستفيد الاكبر ويقول الباحث انه بالنسبة للامارات فان قطاع الخدمات هو القطاع المستفيد والاكبر من المنطقة الحرة فمعنى وجود 1250 شركة في المنطقة يعني انهم يسكنون في 1250 فيلا ... ولو حسبنا اربعة موظفين من كل شركة فهناك اربعة آلاف شقة مؤجرة ... ووجود شركات التأمين والبنوك والمواصلات والتأجير كلها استفادت , علاوة على حركة البناء. وقال ان الارقام تشير الى ان صادرات جبل علي 11.6 مليار درهم, وصادرات دبي 20 مليار درهم اي ان اجمالي صادرات الامارة 31.6 ملياراً, وهذا يعني ان نسبة جبل علي 37% من تجارة دبي. وهذا يؤكد ان وجود الشركات في جبل علي حركت الميناء ولعبت دورا رئيسيا وجوهريا في تحريك الميناء .. علاوة على انه ساهم في تحريك المطار. وهذا ما لعبته المناطق الحرة في الشارقة والفجيرة وام القيوين. ولو نظرنا الى الرواتب التي يتم دفعها للموظفين فهي تصب في صالح الاقتصاد المحلي, لان 40% منها على الاقل يتم انفاقها محليا ... ولكن كان يفضل ان تكون الايدي العاملة وطنية. والسؤال المطروح لماذا لم تستقطب الشركات تكنولوجيا جديدة؟ الاجابة ليست باللوم لمسؤولي المناطق, فتجربة جبل علي 10 سنوات وهي مدرسة لباقي المناطق .. ولكن هناك ظروفا وراء ذلك, منها عدم وجود خامات محلية اضافة لعدم وجود الايدي العاملة المدربة. وهذا يطرح ضرورة خلق تعاون مكثف بين الشركات والمعاهد وكليات التقنية لخلق عمالة وطنية مدربة, نحن بحاجة للتحرك نحو ايجاد فرص عمل للمواطنين في المنطقة الحرة. واكد د. الزرعوني ان المناطق الحرة لها ايجابياتها فهي لعبت دوراً في تطوير القطاع الصناعي, داخل المنطقة الحرة لجبل علي, ولكنها لم تلعب نفس الدور خارج المنطقة الحرة. كما انها نجحت في تعميق اهمية تلك المنطقة, وتعميرها بعدما كانت صحراء .. وهو نفس الشيء الذي كان وراء تعمير المنطقة الصحراوية بالقرب من مطار دبي الدولي اقامة المنطقة الحرة بالمطار. تغطية محمود الحضري

Email