تحليل اقتصادي: تنمية الصادرات الخليجية: بقلم - حسن العالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

جددت الامانة العامة لاتحاد غرف التجارة والصناعة لدول مجلس التعاون الخليجي دعوتها لدول المجلس الى انشاء هيئة عليا او مركز خليجي مشترك لتنمية الصادرات الوطنية الخليجية, وقالت الامانة العامة ان مثل هذه الخطوة سوف تسهم في نجاح استراتيجية دعم وتشجيع الصادرات الوطنية والذي يتوقف على ايجاد اطار او كيان يسهم في صياغة وتنفيذ سياسة اقتصادية متكاملة لتشجيع الصادرات وتقديم الدعم لها في المجالات التمويلية والتسويقية, ويذكر انه حتى الآن فإن المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان فقط قامتا بانشاء مراكز لتنمية وترويج الصادرات. اما بالنسبة لباقي دول مجلس التعاون الخليجي فهي قد اخفقت في تحقيق هذه الخطوة. اننا نستذكر هنا محاولات جرت في البحرين لانشاء مركز لتنمية الصادرات حيث عقد اجتماع في مبنى غرفة تجارة وصناعة البحرين وحضره نحو 70 من رجال الاعمال والصناعيين البحرينيين ولم يتوصل الى قرار بشأن انشاء المركز. وقد اتسمت الحوارات التي دارت في الاجتماع بالتشتت حتى غاب القاسم المشترك فيما بينها, ومن ثم فقد غاب القرار المشترك. ونذكر اننا قلنا آنذاك ان اخفاق المصنعين البحرينيين في بلورة فكرة انشاء مركز لتنمية الصادرات لا تعود الى خطل الفكرة ذاتها, بل الى عدم وضوح ارضية انشاء هذا المركز سواء في اذهان بعض الذين اشرفوا على وضع المذكرة التي تضمنت تصورات الغرفة لإنشاء المركز او العديد من الذين حضروا الاجتماع. ان فكرة انشاء مركز لتنمية الصادرات سبق ان ناقشت اهميتها الملتقيات الاقتصادية الخليجية وكان آخرها ملتقى الصناعيين الخليجيين الذي عقد قبل عامين حيث اسفرت الحوارات التي دارت خلاله عن الاتفاق على حيوية موضوع دعم وتنمية الصادرات الوطنية. فإلى جانب أهمية انشاء مؤسسات تمويل وضمان الصادرات التي تستوجب مشاركة مباشرة من قبل الحكومات, اقترح الملتقى كذلك تشجيع اقامة اجهزة خاصة بتنمية الصادرات وتطوير السياسات التسويقية والاهتمام ببحوث التسويق في اسواق التصدير الرئيسية والثانوية وتجميع المعلومات الضرورية حول هذه الاسواق وتوفيرها للمصدرين الوطنيين. واذا كانت فكرة انشاء هذا المركز هي حيوية وضرورية, فان ما كانت تحتاجه لتنفيذها وجود أرضية تنطلق منها فكرة انشاء هذا المركز, ولاشك ان ايجاد هذه الارضية كان من مهمة القطاع الخاص ولعل نقطة البداية الصحيحة في انشاء مراكز لتنمية الصادرات هي القيام باجراء من المفترض ان تجري مسح واف للصناعات الوطنية, والاسواق الرئيسية لهذه الصناعات ان كانت محلية او خليجية او عالمية, وكذلك طبيعة المنافسة والمشاكل التي تواجهها, ففي غياب هذا المسح لا يمكن رسم استراتيجية ناجحة لعمل المركز وبالتالي وضع الاهداف القريبة من تطلعات الصناعيين الخليجيين والتي تلامس مشاكلهم الحقيقية. وباعتقادنا فان الغالبية الساحقة من الصناعات الوطنية هي من الصناعات الصغيرة والمتوسطة ذات الامكانيات المتواضعة والتي تستهدف بصورة رئيسية الاسواق المحلية ومن ثم الخليجية. وان قلة من هذه الصناعات تتطلع الى الاسواق العالمية. كما ان منتجات هذه الصناعات تتركز حول السلع الغذائية والاستهلاكية. لذلك فان البدء بتنفيذ فكرة مركز تنمية الصادرات من خلال التركيز على واقع الصناعات الصغيرة وجهودها لتنمية حصصها في الاسواق المحلية والخليجية سوف تكون دون شك بداية صحيحة وان كانت بعيدة نوعا ما عن التصور النهائي لفكرة المركز الخاص بتنمية الصادرات. ونقول انها بداية صحيحة لانها الاقرب لملامسة المشاكل الراهنة لغالبية الصناعات الوطنية ومن شأنها ان تستقطب اهتمام وتعاون الكثير من الصناعيين ومن ثم مساهماتهم المادية المباشرة في انجاح فكرة انشاء المركز وبحيث يأخذ المقترح الخاص بتحديد هذه المساهمات التدرج والتنوع وان يبتعد عن وضع افضليات لمن سوف يستفيدون من خدماته. فمثل هذه الافضليات وان اتخذت مسميات براقة مثل العضوية الممتازة والعضوية من الدرجة الاولى والعضوية من الدرجة الثانية كما ورد في المقترح الذي قدمته غرفة تجارة وصناعة البحرين بشأن انشاء المركز فانها لا تستقيم مع الهدف الرئيسي للمركز وهو خدمة كافة الصناعيين بنفس المستوى من الخدمات في مقابل رسوم وواجبات متكافئة تفرض عليهم جميعا حتى وأن تم هذا الغرض بصورة تدريجية. اننا ندعوا بالفعل كافة دول المجلس التي لم تنشأ مراكز لتنمية الصادرات الى المبادرة الى انشاء هذه المراكز لتأخذ دورها الطبيعي في تنمية الصادرات وستكون الخطوة التالية لتفعيل دور هذه المراكز وتحقيق التنسيق والتكامل بين انشطتها استحداث او انشاء هيئة عليا او مركز خليجي مشترك لتنمية الصادرات الوطنية الخليجية والمساعدة في تسويق هذه المنتجات جماعيا وعلى المستوى العالمي. ومرة اخرى ــ ووفقا لما دعت اليه الامانة العامة للغرف الخليجية ــ فانه ولضمان قيام الهيئة العليا او المركز الخليجي بالدورالمطلوب في تنمية الصادرات الخليجية لابد ان يتم انشاء هذه الهيئة او المركز بالتعاون الكامل بين القطاع الخاص والجهات الحكومية المعنية في دول مجلس التعاون الخليجي او تتمتع الهيئة او المركز باستقلالية مالية وادارية وصلاحيات في رسم وتعزيز سياسة خليجية مشتركة لتنمية الصادرات الوطنية وتوفير الدعم الحكومي ماليا ومعنويا لهذه الهيئة.

Email