اتجاهات مالية: (القطاع) في فلسفة الاستثمار: بقلم- بلامر اوزموند

ت + ت - الحجم الطبيعي

لايكاد يمر اسبوع هذه الايام الا وتسجل الاسواق المتطورة في الغرب قفزات قياسيةو ولقد بلغت مؤشرات السوق هناك مستويات ما كانت فيما مضى تخطر على بال أحد, وبات السؤال على كل لسان: (متى ينفض مهرجان الصعود هذا ؟ مهلا! قبل الخوض في بحر التكهنات فالناس يميلون عادة لنسيان أمر هام وهو طبيعة أسواق الأسهم, كما يغفلون عن حقيقة عجز المؤشرات الرئيسية عن وصف حال تلك الاسواق بدقة. والمسألة الأخرى التي صادفت تجاهل كثير من الناس هي ان اسعار السوق غدت في واد بينما الواقع في واد آخر. ويزخر السوق حاليا بحشد ضخم من القوى الفاعلة, وهناك كذلك عدد مهول من المدراء يكافح كل منهم لاستقراء مستقبل السوق, وثمرة هذا كله ان اضحت الاسعار لايربطها بالقيمة الحقيقية سوى خيط واهن. ولعل القضية تستدعي جولة من الايضاحات فسعر أي سهم معين انما يحدده من الناحية النظرية النمو المتوقع للأرباح المضطردة للشركة والتي يمكن الحفاظ على معدلها العام, وينضم الى هذا العامل الحاسم تقديرات السوق لحجم المخاطر المحدقة بتلك الشركة. وحقيقة الأمر ان سعر السهم يقوم أساسا على الاجماع في المزاج العام, المعبر عن شعور الناس تجاه اجماع المحللين الاقتصاديين, وما يتكهنون به من قيمة السهم لسنة مقبلة في غضون ستة أشهر, هي المهلة التي تحتدم خلالها التوقعات فالجميع يجاهد لاستنباط اشارة ما تضيء الرؤية المستقبلية. فاذا اضفنا الى هذا كله حقيقة ان اداء الاسواق التي تعج بمئات الاسهم لا يجري قياسه غالبا الا من خلال الاسهم الثلاثين الكبرى فيها, يظهر لنا جليا ان هذا المعيار لا يعكس في الحقيقة واقع الحال بالدقة الكافية, فالمؤشرات من خلال تعريفها ذاته يفوق أداؤها أداء السوق وكبريات الشركات هي التي يتكون منها المؤشر فاذا تراجع أداء احداها فإنها تفقد وصفها بأنها (كبرى) وبذا تسقط من المؤشر لتحتل مكانها شركة اخرى كبيرة سريعة النمو. لذا فإن الاسواق لا تعكس الواقع بالضرورة والمؤشرات التي نقيس أداء الاسواق من خلالها ليست هي الاخرى مرآة صادقة لواقع السوق. فأين نذهب بأموالنا في غمرة هذه المتاهة اذا؟ حسنا فإن انظار معظم مدراء الاستثمار تتجه هذه الايام صوب اوروبا, ويكاد اجماعهم ينعقد على ان السبيل الامثل للاستثمار لا يتاح بالجري وراء فرادى المؤشرات او الاسواق, بل طغى اليوم مفهوم الاستثمار في القطاعات وليس في دولة او شركة بعينها فما عليك سوى استعراض شركات الخدمات المالية الاوروبية واكتشاف ايها اقدر على الصعود بالربحية, وأيها يمكن دمجها وتملكها, ومن ثم بناء محفظة استثمارية من مثل هذه الاصناف من الشركات. وانت انما تفعل هذا بسبب نشاطات الشركة (أ) والشركة (ب) اللتين سوف تتحدان مثلا, ولأن هذا القطاع ينظر اليه على انه عالي الربحية على مدى السنوات القليلة المقبلة, كما لابد ان يتمتع بالقدرة على الاحتفاظ بمعدل النمو المضطرد في المداخيل. وينسحب الامر ذاته على بقية القطاعات والامر رهن بما اذا كنت تحبذ قطاعا ما او تنفر منه, والبلد هنا ليس بذي اهمية في هذا السياق, وفي بعض الحالات الاستثنائية ووفقا لرؤية بعض المدراء فإنه حتى الشركة لايعود لها تلك الدرجة من الاهمية, الا ان من المؤكد على اية حال ان ذاك النمط من الاستثمار الذي يركز على القطاع بشكل شامل من شأنه ان ينشىء شركات اكبر واكبر فيما تنمو نشاطات الشركة (أ) و الشركة (ب) في قطاعات معينة, وسوف يتمخض عن هذا بنهاية المطاف ان تتغير العناصر المكونة للمؤشر بحيث تعكس واقع هذه الشركات الجديدة ذات النمو السريع القوي والتي تنجح في تقليص النفقات, وعند ذلك سوف تشهد المؤشرات الامواج المتلاحقة من الصعود, او هذا هو ما توحي به على الاقل الفرضية الجدلية. وبالطبع فإن باقي السوق ربما يظل بمنأى عن هذه التأثيرات الا أنك لن تعثر على مثل هذه الحقائق بين الركام الكثيف المواد التي تقرأها. نائب رئيس لويدز بانك *

Email