تحليل اقتصادي : الامن الاقتصادي : بقلم - سعيد سويد النصيبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدخل في اطار الامن الاقتصادي العديد من العناصر والمعايير, ومفهوم الامن الاقتصادي يمكن ان نعرفه بأنه قدرة الاقتصاد على مواجهة الازمات الاقتصادية والقضاء عليها وهناك العديد من الوسائل والطرق الاقتصادية التي يمكن من خلالها المحافظة على الاقتصاد المحلي وتحصينه ضد حدوث اية ازمات اقتصادية قد تؤدي الى انهياره, ومن اهم هذه الطرق والوسائل اتباع سياسات اقتصادية تأخذ في الاعتبار جميع النواحي المرتبطة بالاقتصاد سواء كانت سياسية او اجتماعية او تجارية, كذلك يتحقق الامن الاقتصادي من خلال سن القوانين والانظمة المنظمة للنشاط الاقتصادي, ومن خلال تعاون العديد من الجهات والهيئات الاقتصادية والسياسية والتنسيق فيما بينها من اجل المحافظة على اقتصاد الدولة, لذلك فان موضوع الامن الاقتصادي يأخذ اهمية كبرى في اي دولة من دول العالم وهو مسؤولية عامة تقع اعباءها على الحكومات من خلال اجهزتها الحكومية وحتى على الافراد والقطاع الخاص. ان اي دولة اذا لم يكن اقتصادها مؤمنا فمن الطبيعي ان يتعرض اقتصادها لحدوث الازمات الاقتصادية سواء كانت صغيرة او كبيرة, واذا لم تبادر الى القضاء على هذه الازمات في بدايتها فانها سوف تستفحل وتفقد السيطرة عليها مما يؤدي في النهاية الى انهيار الاقتصاد, وان الازمة الاقتصادية سوف يتبعها ازمات اخرى اجتماعية او سياسية. ان العديد من الدول التي حدثت بها ازمات اقتصادية وانهيار اقتصادها كان السبب الاساسي لها هو عدم اهتمام هذه الدول بتأمين اقتصادها او ان نظام الامن الاقتصادي بها لم يكن بالمستوى الذي يمكنه من ان يمنع حدوث ازمات اقتصادية وذلك من خلال اتباع سياسات اقتصادية خاطئة او وضع قوانين غير كافية مما ادى الى تعرض اقتصادها الى هزات عنيفة وازمات متتالية يحتاج القضاء عليها ومعالجتها الى فترات زمنية كبيرة . ان ما يحدث الان في دول جنوب شرق آسيا والازمة الاقتصادية التي تمر بها هذه الدول, نرى ان اسبابها تدخل في اطار ما نتحدث عنه هنا حيث ان هذه الدول لم تتبع سياسات اقتصادية صحيحة, وان نظام امنها الاقتصادي كان ضعيفا مما ادى الى تدهور الاوضاع الاقتصادية بها بالاضافة الى عدم تداركها لما يحدث فخرج الامر من بين يديها وفقدت السيطرة على الاوضاع الداخلية مما ادى الى استفحال الازمة والمشاكل حتى وصلت الى درجة الاستسلام وطلب المساعدة من جهات خارجية مثل صندوق النقد الدولي والدول الاخرى. اذن الامن الاقتصادي هو عبارة عن سياسات اقتصادية يتم العمل على تطبيقها لتحول دون حدوث ازمات ومشاكل اقتصادية وهذه السياسات متعددة ومختلفة ولكن من المهم ان تختار الدولة السياسة المناسبة التي ترى من خلال تنفيذها انها سوف تحقق امنها الاقتصادي, وهذا الامر يخضع طبعا للعديد من الاعتبارات فالسياسة الناجحة هي السياسة التي تتعامل مع جميع التغيرات كذلك يجب ان يكون من ضمن هذه السياسة خطة طوارىء لمجابهة اي ازمة قد تبدأ في الظهور. ونود ان نذكر هنا بأن اي سياسة اقتصادية لابد من ربطها مع السياسات الاخرى سياسية او اجتماعية وذلك حتى تسير في اتجاه واحد لتحقيق الاهداف الوطنية العامة سواء كانت اقتصادية او سياسية بحيث لا تفصل سياسة عن سياسة اخرى لتجنب حدوث تعارض فيما بينها وفي النهاية نصل الى نتيجة مهمة ألا وهي ان الامن الاقتصادي يدخل في اطار الامن الشامل او العام وهو جزء لا يتجزأ منه, ولكن هناك خصوصية ومميزات للامن الاقتصادي يجب مراعاتها. ان الامن الاقتصادي هو من المواضيع المهمة التي يجب ان تعطيه الدول الاهتمام الاكبر لأنه من خلال تحقيق هذا الامن فان الدولة سوف تحافظ على استقرارها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي, والاستقرار الاقتصادي من اهم اسباب التطور والنمو الذي يدخل في اطار التنمية الشاملة, فالدولة اذا ارادت تحقيق ذلك لابد ان تتحكم في اقتصادها وتؤمنه ضد اية ازمات وعليها ان تضع سياسات وقوانين تحمي بها اقتصادها فالحروب اليوم ليست حروبا عسكرية او قتالية بل اصبحت حروبا اقتصادية تنتصر فيها الدول التي امنت اقتصادها وحافظت عليه ضد اي تدخلات اجنبية او ظروف خارجية قد تؤدي الى حدوث ازمات اقتصادية قد يكون الهدف منها تدمير اقتصادها والعبرة لمن يعتبر.

Email