يماني يحذر من انخفاض اسعار النفط لمستويات مخيفة في 1998

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر الشيخ احمد زكي يماني وزير النفط السعودي الاسبق ورئيس المركز العالمي لدراسات الطاقة في لندن من مغبة تجاهل العوامل والظروف المؤثرة حاليا على اسعار النفط في السوق العالمية موضحا ان هناك اربعة عوامل تضغط بشدة على الاسعار هي بترول العراق والظروف الجوية والطلب العالمي على البترول وانتاج الدول خارج اوبك . وقال يماني في ندوة سنوية نظمها المركز العالمي لدراسات الطاقة للبحث عن اتجاهات اسعار البترول للعام 1998 الجاري ان الامر جد عسير فهناك عوامل مختلفة تتحكم في مسار السعر لا نستطيع ضبطها او التكهن بها, وهناك عامل واحد امكننا الآن تحديده, وهو انتاج اوبك, وذلك بعد قرارها الاخير في اندونيسيا بزيادة سقف انتاجها, وهو قرار ادى الى استرداد السعودية ومعها الكويت والامارات العربية المتحدة بعضا من حقوقها في اسواق البترول, ولكنه في الوقت نفسه سيؤدي الى ضعف ملحوظ في اسعار البترول بدأت مسيرته منذ الآن, وسببه الحقيقي هو تجاوز كثير من دول اوبك حصتها المقررة لها مثل فنزويلا وقطر وغيرهما, وسقف انتاج اوبك يكون في حدود القرار وهو 27.5 مليون برميل بل يتجاوز 28.5 مليون برميل يوميا كما يتضح من الجدول رقم (1) فهناك دول تحافظ على تعهداتها ولا تتجاوز سقف انتاجها كالسعودية وهناك دول لن تستطيع انتاج حصتها مثل ليبيا واندونيسيا وايران وهناك الدول التي تتجاوز حصتها بكثير او قليل كما يتضح ذلك من الجدول المذكور, ويقول بعض المحللين الاقتصاديين ان السعودية سوف تتغاضى عن حقوقها وتخفض انتاجها فلا تنتج حصتها حرصا منها على حماية اسعار البترول من الانهيار رغم ان المسؤولية تقع على غيرها, ولا ادري لم تكون السعودية وحدها حاملة لتلك المسؤولية؟ ولم لا يشاركها الاخرون ذلك الاحساس؟ وفيما يلي اهم العوامل التي ستؤثر في السعر صعودا او هبوطا. 1) بترول العراق: وهو اهم عامل على الاطلاق, ومعرفة ماذا سيحدث للتصدير الجزئي للبترول العراقي هو ضرب من التخمين, فلو قامت امريكا بضربة عسكرية تشل حركة تصدير البترول فترة من الزمن تغطي سنة 1998 او معظمها, فسوف يتوقف انهيار السعر والضربة العسكرية امر محتمل ولا يمكن تجاهله, ولو قام صدام حسين بايقاف التصدير في واحد من تصرفاته الغريبة والمألوفة, فسوف نصل الى نفس النتيجة دون اراقة دماء, وفي غير هذا الاحتمال فإنه من الصعب للسعر ان يبقى حيث هو, الا ان يأتي الله بكارثة في مكان ما, تحجب عن سوق البترول كمية تكفي لايقاف مسيرة الهبوط, ومن المحتمل ان يستمر تنفيذ تصدير البترول العراقي جزئيا على نفس مستوياته السابقة وهذا هو الاحتمال الاكبر في السوق حاليا وهو احتمال لن يوقف مسيرة الهبوط ولكنه لن يسبب انهيارا كبيرا للاسعار, اما اذا زيدت المبالغ التي تتأتى من مبيعات البترول العراقي بنسبة 50% كما اقترح الروس في اجتماع جنيف بين وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية, ولمحت امريكا رسميا الى قبول الزيادة من حيث المبدأ, فسوف تنخفض اسعار البترول لمستويات متدنية ومخيفة مالم تأت كارثة تخفف من انتاجه في بعض المناطق بالقدر الكافي لمنع الانهيار. 2) الشتاء: فإن كان قارسا فسوف يزداد الاستهلاك في النصف الشمالي من الكرة الارضية وخصوصا في شرق امريكا وفي المناطق الاوروبية ذات الكثافة السكانية, اما اذا كان معتدلا كما تدل كل التوقعات حتى الآن فستبقى في مخزون الشركات كميات كبيرة تكون عبئا على اسواق البترول واسعاره. 3) زيادة الطلب العالمي على البترول لعام 1998: وهذا عامل اخر له تأثره في توازن العرض والطلب, والمؤسف الآن ان التوقعات المتفائلة التي قدمت لاوبك في مؤتمر جاكرتا الاخير بدأت تصيبنا بخيبة امل نظرا للاضطرابات الاقتصادية التي تعاني منها دول شرق اسيا, واصبح من المتوقع انخفاض تلك الزيادة في الاستهلاك بنصف مليون برميل يوميا على الاقل, وهذا يشكل عبئا ثقيلا على الاسعار يدفعها الى الانخفاض. 4) انتاج الدول خارج اوبك وكانت وكالة الطاقة الدولية تقدر زيادة انتاج تلك الدول بمليوني برميل يوميا, واثبتت خطأها في التقدير للسنتين الماضيتين اذا كانت الزيادة لاتتجاوز المليون برميل يوميا الا قليلا, وفي هذه السنة قدرت الوكالة مرة اخرى زيادة الانتاج لعام 1998 بمليوني برميل يوميا, وقدرها المركز العالمي لدراسات الطاقة بمليون ومئتي الف برميل يوميا, فلو اصابت الوكالة هذه السنة بعد ان اخطأت اكثر من مرة, فسيكون لذلك نتائج سلبية على الاسعار لم ندخلها في الاعتبار, تزيد المستقبل ظلمة فوق ظلماته, وتجعل من الصعب التكهن بحجم المعاناة التي سوف تلقاها كثير من الدول المنتجة. ونظرا لان الطلب على البترول واستهلاكه يختلف من فصل الى آخر من فصول السنة, كما ان شراء الشركات للبترول الخام بغرض التخزين لمواجهة زيادة الاستهلاك يتم في اوقات معينة اثناء السنة, ونظرا لان دولا معينة داخل اوبك يزداد انتاجها خلال السنة كلما زادت طاقتها الانتاجية مثل فنزويلا شأنها شأن الدول المنتجة خارج اوبك, من اجل ذلك كله, واذا انتجت اوبك حسب التوقعات وبلغ انتاجها 28.400 مليون برميل يوميا في الربع الاول من سنة 1998, فإن السعر لم يهبط كثيرا, وذلك حتى نصل الى الربع الثاني من السنة اذ يزداد الهبوط, ثم يستمر بشكل مزعج في الربعين الثالث والرابع, ولن يفيد عندئذ ان تقوم الدول التي يتجاوز انتاجها حصتها المقررة باحترام حصتها فالضرر يكون قد حل, والتخفيض الى مستوى الحصص عمل غير مجد اذ قد فات اوانه. ويبين الجدول رقم (2) انتاج اوبك حسب فصول السنة الاربعة مع مراعاة ان الطلب على بترول اوبك هو سبعة وعشرون مليون واربعمائة الف برميل يوميا على مدار السنة يضاف اليه معدل مئة الف برميل يوميا على مدار السنة ايضا ولكن تخزينه يتم في اوقات معينة ويتوقف في احيان اخرى, وهذا يعني انه لو احترمت كل دول اوبك تعهداتها باحترام حصصها, كما تفعل السعودية, لما كان هناك خوف او فزع, وان الضرر سيأتي نتيجة انتهاك دول كثيرة في اوبك لحصصها وسوف يلاحظ القارىء فرقا مقداره تسعين الف برميل يوميا بين التقدير في الجدول رقم (1) وهو تقدير اميل اليه شخصيا, وبين التقدير المفصل في الجدول رقم (2) وهو ما اجراه قسم الانتاج في المركز العالمي لدراسات الطاقة, ويمكننا بسهولة اغفال هذا الفرق البسيط لانه لن يغير من الصورة القاتمة التي يوضحها الجدول رقم (3) الذي يتكهن بمستويات الاسعار حسب الفصول الاربعة ويتوقع هذا الجدول ان اوبك ستعود الى الانضباط في النصف الثاني من السنة بعد فوات الاوان, فالسعر سيستمر في الانهيار رغم الانضباط المتأخر, وهذه الصورة القاتمة التي اردت ان اخفف من حدتها باحتمال ان تعود بعض دول اوبك الى الانضباط متأخرا, هي صورة لم تأخذ بعين الاعتبار زيادة الانتاج العراقي, طبقا لاتفاقية النفط مقابل الغذاء, ولكن تتضح صورة العرض والطلب تماما لكل فصل على حدة والحاجة الى انتاج اوبك بأقل من انتاجها الحقيقي, مما سيؤدي قطعا الى هبوط السعر, وضعت الجدول رقم (4). واختتم يماني بانه لايريد كتابة هذه التوقعات القاتمة, لولا ان الواجب يقضي بان انقل ما اعرف حتى لانفاجأ به, فقد يكون من الممكن تلافيها او التخفيف من حدتها, فان كانت هناك كوارث قد تنزل, لتغير من ظلمة الصورة ليكسوها الضوء.

Email