اتجاهات مالية: المساومة ملح التجارة: بقلم- أوزموند بلامر

ت + ت - الحجم الطبيعي

التقط أيا من كتيبات الترويج السياحي في الشرق الاوسط او الادنى ولن تخطئ العنوان, فكلها بلا استثناء تزف البشرى للسائحين بأن احد ابهج المتع التي تنتظر زوار هذه الدول انما هي التسوق ولاتغفل هذه الكتيبات تضمين فقرة موجزة عن المساومة باعتبارها اسلوبا من اساليب عقد الصفقات او البيع و الشراء وهناك في اسواق معظم هذه البلدان اربعة اسعار لكل شيء: السعر الابتدائي, والسعر السياحي, وسعر للمغترب المقيم, وآخر للمواطنين من أهل البلد. وليس ثمة اعتراض لدي على هذه الفكرة بحد ذاتها فجوهر الامر يحوم حول المعركة (الازلية) بين البائع والمشتري على اي صعيد تجاري ولاريب ان الكل يسعى لما هو خير له الا ان الامر يتجاوز حده بين الفينة والاخرى في هذا الجزء من العالم وفي جعبتي مثالان يغنيان عن الخوض في الشرح المطول. زرت البحرين مؤخرا وقادني بحثي عن نوع معين من الساعات التي نالت اعجابي من عهد بعيد الى احد محلات البيع سألت عن سعر ساعتي المفضلة , وأخبرت بأنه 3600 دينار بحريني غير ان البائع استدرك قائلا: (هذا بالطبع قبل الخصم ياسيدي) ورسا السعر بعد الخصم على 2600 دينار, ولم اكن قد امضيت في المحل اكثر من خمس دقائق. كما وصلتني مؤخرا باقة من الاعلانات التي تروج لواحد من الفنادق الجديدة التي افتتحت في دبي, والتي تسرد اسعار الغرف ثم تبادر فورا لعرض خصم يصل 40% في خطاب الترويج التعريفي, هذا في حال اخترت حجز الغرفة لاقامة مديدة علما بأني لم اطلب هذه المعلومات بل أرسلت لي واعتقد ان الكثيرين غيري تلقوا مثل هذه المعلومات دونما طلب منهم . و هل لي ان أسأل في هذا المقام عن الحكمة من تحديد قائمة بالأسعار لايلتزم بها احد في الحقيقة؟ يكمن احد الاسباب في ان الخصم خلال موسم التخفيضات يبدو اعظم قيمة. ومن ناحية اخرى فلست الوحيد الذي مضى لشراء سلع خلال مهرجان التسوق ليكتشف بأن السعر قد ارتفع . صحيح ان السعر على البطاقة انخفض بنسبة 20% الا ان سعر الخصم كان قبل المهرجان 25% وعلى هذا الاساس فالسعر الرسمي ماهو الا مجرد مدخل للمناورة التي من شأنها اسدال ستار من التعتيم على السعر الحقيقي للسلعة مما يدع المشتري في حيص بيص لايدري كيف يقيمها. والسبب الآخر الذي من أجله نرى السعر على البطاقة يتضخم هو ان بعض الناس والسياح بصفة خاصة, يسارعون بدفعه بحذافيره دون نقاش ليحصد البائع بهذا ربحا فاحشا ومع مايبدو من ان هذا السبب اكثر وجاهة, فإن الدرس المستقى من صناعة السياحة في هونج كونج لاينبغي ان يمر دون تدبر فقد اضمحلت افواج السياح اليها بشكل ملحوظ مؤخرا واحد اكبر اسباب هذا التدهور السياحي ان السياح اليابانيين احجموا في الآونة الراهنة عن زيارتها لان الصحافة اليابانية قد اماطت اللثام وبعناوين بارزة وضجة مدوية, عن ان الفنادق وسائقي سيارات الاجرة واصحاب حوانيت البيع وكل من هب ودب وكان يستغل اولئك السياح ويزيد فيما يتقاضاه منهم من أجر وذكرني هذا بنادل في مطعم وكان سئل عن (البقشيش) الذي كان يحصل عليه في (المتوسط) فأجاب : عشرة دولارات وما كان منه حين قبض الدولارات العشرة من الزبون وبعد ان لهج بالشكر على هذه الاريحية, ان قال: (أنت أول من ينفحني بهذا (المتوسط) منذ شهور) . ومهما اتسمت عادة المساومة بالجاذبية واحاط بها هالة من السحر, الا انها تفتح الباب على مصراعيه لابتذال لب الفكرة, وتؤدي بنهاية المطاف الى اذكاء نار المنافسة القائمة على السعر, وليس على الجودة, ونكرر هاهنا القول المأثور: (فأنت تحصل من السلع على مادفعت ثمنه) . نائب رئيس لويدز بنك*

Email